كيف يجند التكفيريون الشباب اللبناني؟بعد ورود معلومات ونشر وبثّ تقارير صحافية حول التحاق بعض الشباب اللبناني بالتنظيمات التكفيرية المسلحة المنتشرة في دول المنطقة، ولأن غالبية هؤلاء الشباب قادمون من طرابلس والشمال، يُطرح السؤال: كيف ينتقلون من مناطقهم إلى مقارّ المجموعات التكفيرية؟ ومن يسهّل لهم ذلك؟
يؤكد مصدر إسلامي طرابلسي واسع الاطلاع، عدم وجود غرفة عمليات خاصة لتجنيد الشباب في “المنظمات الجهادية” في عاصمة الشمال، لافتاً إلى أن معظم حالات الالتحاق بالتيارات المتشددة تمّت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً “فايسبوك”، حيث يتواصل من خلاله “سماسرة التكفير” مع الراغبين بـ”الجهاد”، مشيراً إلى أن عرسال وجرودها هي المحطة الأولى للشباب، حيث تتم تشكيلاتهم إلى سورية أو العراق، أو البقاء في “الجرود”؛ وفقاً لما تدعو الحاجة.
وعن توزيع “الجهاديين” بين تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” وسواهما، يعتبر المصدر أن “المايسترو” واحد، كاشفاً عن دور كبير للاستخبارات الأردنية والتركية في هذا الشأن، لاسيما في المرحلة الفائتة.
كذلك يشير المصدر إلى أن عمليات انتقاء “الشباب الجهادي” تحصل في المساجد، وتحديداً من خلال الدروس الدينية، حيث يراقب “سماسرة التكفير” حماس الشباب واندفاعهم، وبالتالي إمكان تجنيدهم لمصلحة الجماعات الأصولية المتشددة، يتبع ذلك التواصل مع الشباب الراغبين بالقتال عبر وسائل التواصل الاجتماعي في معظم الأوقات، وتقديم التسهيلات لهم.
ويرجّح المصدر وجود خلايا تكفيرية نائمة “غب الطلب” في “طرابلس” وبعض مناطق الشمال، مستفيدة من وجود بيئة حاضنة لها، لاسيما في استمرار صراع المحاور، وشعور الشباب السُّني بحالة من الضياع بعد إخفاق المملكة السعودية في سياستها حيال التطورات التي تحدث في المنطقة، الأمر الذي يحفّزهم للانضواء في التيارات “الوهابية” التي تدّعي “نصرة أهل السنة”.
وفي سياق متصل، يؤكد المصدر استقرار الوضع الأمني في “الفيحاء”، لاسيما بعد الإجراءات الامنية التي يتخذها الجيش اللبناني، وملاحقة المشبوهين والمطلوبين، إضافة إلى استمرار الحوار بين “تيار لمستقبل” وحزب الله، وانطلاق حراك سياسي جديد في المدينة، بعد تململ الشارع الطرابلسي من أداء “التيار الأزرق” وتناقضاته في التعاطي مع المستجدات الأخيرة، كالحوار مع حزب الله، ومكافحة الإرهاب، برز ذلك جلياً بعد خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير في “البيال”، فقد حاول استنهاض جمهوره وشد عصبه بحضوره الشخصي في ذكرى والده، وانتقاد دور الحزب في حربه على الإرهاب، ومد اليد للحوار مع المقاومة في آن!
لاريب أن هذا التناقض، إضافة إلى إهمال “الحريريين” لثاني أكبر المدن اللبنانية إنمائياً، أسهما في بداية بلورة حالة سياسية جديدة فيها، كانطلاق “حركة المحرومين” بقيادة توفيق سلطان، و”انتفاضة” وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وإعلانه الامتناع عن توقيع أي قرار إلا بعد تعيين الحكومة لمجلس إدارة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في مرافأ طرابلس،ما يعزز تململ الطرابلسيين.
ومما يؤشر إلى إمكان إقبال “الفيحاء” على مرحلة سياسة جديدة مختلفة عن الراهنة، المرتكزة على التحريض والمال السياسي، هو خفض ميزانية “تيار العزم” بقيادة الرئيس نجيب ميقاتي، المخصصة للشؤون الاجتماعية في المدينة إلى النصف، بانتظار تبلور المرحلة المذكورة، على ما تؤكد مصادر عليمة.
* الثبات