ما هي دلالات نشر الحرس الثوري لأسماء ورتب شهدائه في سورية؟لماذا سارعت وكالة أنباء إيرانية إلى الإعلان عن أسماء ورتب ضابطين من قدامى الحرس الثوري, استشهدا في درعا, نهار الخميس الماضي؟
ليس في إيران مصادفات، خاصة حين يتعلق الأمر بعمل الحرس الثوري, وفيلق القدس على وجه التحديد.
تبدو سورية في الوقت الحالي وكأنها “أرض الميعاد” بالنسبة للتيار الإسلامي الملتزم بولاية الفقيه في إيران. خاصة بعد فتوى الخامنئي التي سمحت الدولة الإيرانية بموجبها لمواطنيها بالمشاركة في القتال في سورية, وفقاً لشروط خاصة, منها استثناء الوحيد, والطلاب الذين يتابعون دراستهم, وغير المدربين ممن لم يخدموا عسكريتهم بعد, وشروط أخرى. الأفضلية هي لمن يملكون خبرات عسكرية سابقة.
ليس سراً أن عشرة إلى اثني عشر ألف إيراني يشاركون الجيشين السوري والعراقي قتال الارهابيين في البلدين، وهم من فيلق القدس – مقر العمليات الخاصة – فرقة القوات الخاصة (الكومندو).
لكن الجديد سيكون مفاجأة إيرانية لداعش والنصرة وأمثالهما, ومن خلفهما الدول التي تمولهم وتسلحهم, وتعطي ممراً للمدد بالمقاتلين والسلاح والمال عبر أراضيها, مثل تركيا والأردن وبعض من في لبنان.
قائد الثورة الإسلامية في إيران, السيد علي الخامنئي, بقراره السماح لفئات شعبية إيرانية بالمشاركة في القتال ضد الإرهاب, وضع الثقل الإيراني السكاني خلف الحكومتين السورية والعراقية.
إيران ذات الثمانين مليوناً يمكنها ضخ عشرات آلاف المتطوعين إلى البلدين خلال أشهر قليلة, دون أن تعلن نفيراً, ولا تحرض ولا تستجدي شعبها ليشارك في القتال, لكن الإعلان بسرعة عن أسماء شهداء لهم تاريخ من الخبرة العسكرية في الحرب الإيرانية العراقية, وأحدهم ليس ضابطاً قتالياً, بل ضابط أمن ذو خبرة طويلة في العمليات الأمنية لا العسكرية, تطوع من نفسه للقتال, بعد أن شفعت له لغته العربية المتقنة, فجاء إلى سورية قبل أسابيع ليستشهد الخميس الماضي في درعا, مع رفيق له من القوات الخاصة (الأول من فرع المعلومات في فيلق القدس).
ما هي دلائل الإعلان الإيراني السريع عن رتب الشهداء وأسمائهم؟
إنها الحرب….إيران تقول لشعبها إنها ستقاتل بكل ثقلها, وإن على الشعب الاستعداد للمزيد من الشهداء, حتى القضاء على داعش وعلى النصرة, مهما كان الثمن البشري إيرانياً كبيراً.
هل تحتاج سورية لمقاتلين؟؟
وهل تقاتل سورية سوريين إرهابيين؟؟
عشرات آلاف الإرهابيين الدوليين يقاتلون في سورية, وكلما قتل الجيش السوري منهم ألفاً, ضخت تركيا عبر أراضيها بمقاتلين أجانب, يعوضونهم شهرياً, ويزيدونهم خمسمئة, إذ تقول مصادر تركية معارضة إن معدل ضخ المقاتلين عبر الأراضي التركية يبلغ ألف وخمسمئة مقاتل إرهابي شهرياً, يعبرون تركيا إلى سورية.
(تقول السيدة بثينة شعبان في آخر مقابلاتها إن المقاتلين الأجانب في سورية حالياً هو ستون ألفاً, أغلبهم يملك رؤية وحيدة للحرب هي الموت).
ماذا عن الإرهاب المحلي؟؟
ضعفا الأجانب هو من المقاتلين السوريين، ناهيك عن أعداد غير معروفة من الأتراك (يقال هناك ٢٢ ألف تركي يقاتلون في سورية, بينهم عدة مئات من القوات الخاصة التركية) والأردنيين والفلسطينيين والعراقيين.
إعلان الحرس الثوري عن شهدائه أمر يماثل التعبئة العسكرية, لكن الطوعية هذه المرة.
يمكنكم دائما متابعة المزيد من الاخبار على الصفحة الرئيسية لوكالة اوقات الشام الاخبارية
سقط للحرس الثوري الإيراني العديد من الشهداء في إطار المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، ولم يعلن الحرس حينها عن أسماء شهدائه, مع أنهم ربما وصلوا إلى العشرات وأكثر في أحد الاعوام من عقد التسعينات. وقبل ذلك عند وصول القوات الخاصة في الحرس الثوري إلى لبنان عبر دمشق, عام اثنين وثمانين, سقط للإيرانيين شهداء في القتال ضد العدو الإسرائيلي, لكن إيران لم تعلن عن شهدائها في حينه.
لكن ما إن أعلن ما يسمى “ألوية الفرقان” التابع لـ “جبهة النصرة” في درعا عن أسر مقاتليه لجثث اثنين من المتطوعين الإيرانيين الذين يشاركون قوات الجيش السوري القتال ضد الجماعات المسلحة في سوريا في الفترة الأخيرة, حتى سارعت وكالة إيرانية إلى تسمية الشهيدين, وإلى تسمية مواقعهم التي شغلوها في الحرس.
في ذلك الوقت لم يتعرف مقاتلو الفرقان على أسماء ورتب الإيرانيين.
حيث ورد في خبر نشرته وكالة أنباء فارس “أن الضابطين علي سلطان مرادي, وعباس عبد اللهي, قد استشهدا أثناء قتالهما ضد الإرهاب في منطقة كفرسانج في درعا”.
وزعمت مصادر ألوية الفرقان في حديث لمراسل وكالة أنباء آسيا في درعا أن القتيلين هما “عنصران من حزب الله, ثم عادوا ليعلنوا أنهم من الحرس الثوري في سورية” .
الرجلان قتلا أثناء مشاركتهما في المعارك في كفر نساج غرب درعا جنوب سوريا، ولم يكونا من النظاميين, بل تطوعا, وأحدهما (علي سلطان مرادي, عمل في فرع المعلومات في فيلق القدس, وكان من قبل مسؤولاً في قسم الإعلام في الفيلق, وهو شارك في الحرب العراقية الإيرانية في شبابه, لكنه ليس عسكرياً بالمعنى التقني للكلمة. ويعرفه أصدقاؤه متحمساً بشدة لقتال الإرهابيين في سورية, حيث يعتبر أنهم “حماة إسرائيل, وأتباع الشيطان الوهابي”.
علي سلطان مرادي, ضابط معلومات يحلل المعطيات الاستخباراتية من مصادر علنية و معروفة في عالم الأمن “بالمصادر العامة” (ليس ضابط أمن ميداني بل مكتبي) وزميله عباس عبد اللهي, متطوعان, جرى الإعلان عن استشهادهما ليشكلا بدمائهما في سورية رسالة إلى الشعب الإيراني مفادها “تعودوا على قوافل الشهداء, وشاركوا بأعداد كبيرة للقتال, فالجبهة واسعة, وتحتاج للمزيد حتى يجري حسمها عسكرياً ضد الإرهاب, لتمكين الشعبين العراقي والسوري من التفرّغ للمصالحة والإصلاح والبناء ….
انباء اسيا