الكشف عن النشأة والجذور الحقيقية لـ«داعش»ألقى جيفري شتاينبرغ المحرر البارز ومدير مكافحة التجسس الذي يتمتع بخبرة 40 عاماً من العمل مع لا روش باك وهو عضو فعال في معهد شيلر ومقره فيسبيدن- ألمانيا، الضوء على تاريخ نشوء داعش وعلاقتها بآل سعود وتركيا في لقاء صحفي. وقال: علينا العودة إلى عام 1979حيث أقنع بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر آنذاك للتوقيع على تفويض سري لبدء العمليات السرية في أفغانستان.
وقبل ستة أشهر من احتفال السوفييت بعيد الميلاد عام 1979، وضعت الخطة المعروفة بخطة برنارد لويس وانطوت على تعزيز الأصولية الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية لدول الاتحاد السوفييتي بشكل نهائي، وأصبحت الأمور تتركز على بناء الجهاز الإرهابي (الإسلامي) برعاية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية وفرنسا وإسرائيل، وكانت الفكرة بمجملها تدور حول لعب الأصولية الإسلامية ضد الاتحاد السوفييتي، لكن هذه المشكلة أدت إلى نشوء مجموعات مثل القاعدة، حيث ذهب أسامة بن لادن بنفسه إلى بيشاور شمال غرب باكستان- قرب الحدود الأفغانية، كجزء من المشروع الأنكلو- أميركي/ السعودي لخلق منظمة إرهابية ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان ونجحت تلك الجهود إلى حد ما، لكن العواقب الناجمة عن ذلك كانت عبر ولادة جهاز إرهابي دولي يطارده العالم اليوم، وتم تأسيس تنظيم القاعدة في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وانتشرت بعض تلك الشبكات من باكستان وأفغانستان إلى مناطق أخرى وأصبح بعض من عناصرها زعماء قياديين للقاعدة. وهذا بدوره أدى إلى ظهور القاعدة في العراق وفي شبه الجزيرة العربية وبلاد المغرب الإسلامي والعديد من التنظيمات التي انقسمت مثل الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، ودعم الفرنسيون والبريطانيون تلك الشبكات بهدف الإطاحة بالقذافي، والآن وكنتيجة لذلك لدينا حالة من الفوضى في شمال أفريقيا.
وأضاف شتاينبرغ: كنت في الكابيتول هيل مراراً في منتصف الثمانينات وكنت أرى شخصيات معروفة جيداً الآن بالمحافظين الجدد يقومون بجولات مع ما يسمى المقاتلين من أجل الحرية والذين أصبحوا يعرفون فيما بعد بالشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة، وهذا عبارة عن تواطؤ طويل الأمد بين أجهزة الاستخبارات الغربية والشبكات الجهادية المتطرفة.
وعن توسيع داعش نطاق سيطرتها على الأراضي وما مدى شرعية أهدافها وماذا هم يحاولون بالضبط تحقيقه؟ وهل يسيطر عليهم الغرب أم أن هناك شيئاً أكثر شراً، يقول شتاينبرغ: السعودية هي مملكة تتوزع السلطة بين آل سعود ومشايخ الوهابية الذين هم من الأصوليين الأكثر تطرفاً، في الستينات وخلال حملة الرئيس المصري جمال عبد الناصر ضد جماعة الإخوان المسلمين هرب الكثير منهم إلى السعودية وانضموا إلى الوهابيين ثم انتشروا في دول الخليج الأخرى وفتحوا المدارس الإسلامية الخاصة في باكستان وأفغانستان وأجزاء من أفريقيا في وقت مبكر في عام 1963، وعملوا على تكوين شكل من أشكال الإسلام الأصولي مع أيديولوجية الخلافة المتعصبة تحت ما يسمى بالسلفيين الجدد الذين تلقوا الدعم من قوى الخليج العربي بالإضافة إلى أجهزة الاستخبارات البريطانية والأميركية ليتم استخدامهم ضد السوفييت والصين، البغدادي وهو زعيم ما يسمى بداعش التزم بتأسيس خلافة عالمية تحت شعار (الدولة الإسلامية) لهذا السبب هناك قلق بين السعوديين من شبكة الدولة الإسلامية في احتمال تجاوز السعودية والاندماج في نسختهم من الخلافة، هناك اندماج في السعودية لجماعة الإخوان المسلمين والوهابيين، لكن مؤخراً عندما فاز الإخوان المسلمون في الانتخابات في مصر لم يرق ذلك للسعوديين على الإطلاق وهذا خلق انقسامات بين مختلف الفصائل الجهادية، داعش داخل العراق وضم أعضاء قاتلوا على مدى أكثر من عقد وهم من الشيشانيين واليوغورث والأفغان والسعوديين والليبيين والعراقيين ممن سافروا في جميع أنحاء العالم في هذه المعركة المستمرة واكتسبوا مهارات في حرب غير متكافئة. ويقول شتاينبرغ إنهم ليسوا خارج السيطرة، فالسعوديون داعمون بقوة لداعش، وهو غير مقتنع بأنها تشكل تهديداً لآل سعود، في التسعينات احتج بن لادن ضد القوات الأميركية في السعودية بعد حرب العراق الأولى، وبعد ذلك فتح رئيس الاستخبارات السعودية تركي الفيصل اتصالات مع أفغانستان وبدأت الأموال تتدفق بحرية إلى تنظيم القاعدة، وبالنتيجة آل سعود قادرون تماماً على التفاوض مع داعش، الأمور قد تتغير لكنني لست مقتنعاً بأننا وصلنا إلى هذه النقطة بعد؟
وعن تركيا ورغبتها بالتوسع في الاتحاد الأوروبي والناتو وأهداف رجب طيب أردوغان المتعلقة بهذه الجبهات الثلاث، قال شتاينبرغ: لقد لعب الأتراك دوراً رئيسياً في صعود داعش وقدموا لها المعابر الحدودية وسمحوا لها بالتدريب على أراضيهم، وتركيا متواطئة مع شبكات التهريب التي تعمل في شمال العراق وسورية، وهم أيضاً مندمجون في حزب العدالة والتنمية الحاكم وماساتشوستس للتكنولوجيا الموازي للـ CIA، وهاكان فيدان وهو واحد من أكثر الرجال ثقة والذراع الأيمن لأردوغان وإذا ما نظرنا إلى حزب العدالة والتنمية فهو الشكل غير الرسمي للإخوان المسلمين وينضوي تحت لوائه معظم الساسة الأتراك ومنهم الرئيس السابق عبد الله غول وأحمد داوود اوغلو ورجب طيب أردوغان، ويلعبون لعبة خطيرة ولديهم سيوف متقاطعة مع الولايات المتحدة، عندما عقد اجتماع للقادة العسكريين للتحالف ضد داعش لم تشارك تركيا في الاجتماع وإنما نفذت حملة قصف ضد حزب العمال الكردستاني على طول الحدود مع سورية والعراق قبل ذلك بيوم، واشنطن وبعض الزعماء الأوروبيين على يقين تماماً من أن تركيا لم تحصل على مقعد في مجلس أمن الأمم المتحدة والخلافات أصبحت على أشدها، ويتساءل بعض كبار الشخصيات في الجيش الأميركي لماذا تركيا عضو في الناتو إذا كانت لا تزال على الجانب الآخر، هم يحاولون الاستفادة من تلك المجموعات الإرهابية كورقة رابحة بيدهم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وهذه هي تطلعات العثمانيين الجدد ويتم الترويح لذلك من قبل أحمد داود أوغلو.
لقد أعلن العديد من الشخصيات الروسية أمثال السفير السابق فينيامين بوبوف أنه إذا كانت الولايات المتحدة جادة حول شن حرب ضد داعش إذاً عليها أن تشكل تحالفاً مع الدول ذات المصالح المشتركة، وهذا يشمل بشكل قاطع دول بريكس ولاسيما روسيا والصين لأسباب عدة منها استهداف القوقاز ومقاطعة شينجيانغ غرب الصين حيث اليوغورث هم جزء من (جهاديون بلا حدود)، هناك على الأقل 1000 شيشاني يقاتلون مع داعش في سورية والعراق ومنهم بعض القياديين المحنكين في التنظيم، وهؤلاء خاضوا قتالاً على مدى عقد من الزمن منذ حروب الشيشان.
عن “البرافدا” الروسية