نبيه البرجي: انه الصراع الإستراتيجي

نبيه البرجي: انه الصراع الإستراتيجي

20 يناير 2015

نبيه البرجي

اخذنا علما منذ اندلاع الازمة في سوريا بأن قواعد النظام العالمي الجديد تتشكل هناك. في وقت لاحق، ومتأخر، لاحظنا ان قواعد النظام الاقليمي الجديد تتشكل على الارض السورية ايضا…
ذات يوم وصف هنري كيسنجر الشرق الاوسط بأنه حوض استراتيجي واحد مثلما هو حوض لاهوتي واحد. على حد السكين تتقاطع المصالح كما تتقاطع الايديولوجيات، ودون ان تكون هناك ضوابط لا للتفاعلات ولا لاوقات الجنون مادام هناك من لا يزال يلعب على تخوم الغيب.
الثابت ان اسرائيل لعبت تركياً، ولعبت عربيا، ولعبت اسرائيليا، بالدرجة الاولى، في سوريا التي يفترض ان تتفكك وان تتفتت. التوراة قالت ذلك. لنكن اكثر دقة. يهوه قال ذلك، ولطالما كان انبياء التوراة او ملوك التوراة الناطقين باسم يهوه. ولا ندري لماذا جعلوا يهوه يتقيأ كل هذا الدم مع انه لم يتعرف على الميتولوجيا الاغريقية. ربما تأثر كثيرا بالميتولوجيا السومرية. هذا يبدو بجلاء اذا ما اجرينا مقارنة بين المرثيات السومرية الكبرى ومرثيات ارميا. ايضا لنلاحظ التماثل في الميكانزم الخاص بانتاج الخليفة…
هذا جعل ارنولد توينبي يتحدث عن الخلفيات الدرامية لكآبة الشرق الاوسط. حتى عندما يهبط المخلص من السماء يفترض ان يحمل السيف ويقطع الرؤوس او على الاقل يطأ الرؤوس…
من يستطيع الآن صياغة توصيف دقيق للمشهد العام، وللاحتمالات العامة، في المنطقة الملتبسة استراتيجيا مثلما هي ملتبسة لاهوتيا. هل نحتاج الى ادلة لكي ندرك الى اي مدى تعاونت حكومة بنيامين نتنياهو مع جبهة النصرة؟ علناً قالت ان المستشفيات الاسرائيلية استضافت 1200 جريح من الجبهة التي يتحرك عناصرها، بكامل عتادهم، وفي المنطقة العازلة، تحت انظار الاسرائيليين..
اكثر من ذلك. حين تسقط قذيفة اطلقتها الجبهة خطأ في الجولان المحتل، يرد الاسرائيليون بضرب مواقع النظام. المعادلة باتت جلية، ولا ريب ان هناك توجساً حاداً، وعاصفا، من الدور الذي تضطلع به اسرائيل في سوريا. وكان ثمة قرار بضبط ذلك الدور واستيعابه. المجابهة لم تخرج الى الضوء الا لماماً. يوم الاحد اضيء المسرح بالكامل…
لماذا «حزب الله» هناك. لا يغرينا كثيرا مصطلح «القوة الاقليمية» في اقليم لا يعلم احد كيف يتدحرج والى اين يتدحرج. لكنه ليس هناك للحماية العشوائية للنظام، وان كانت القنيطرة، ومنذ حرب 1973، تتسم برمزية خاصة. الحزب ذهب الى هناك لضبط او تفكيك الدور الاسرائيلي الذي لو نجح لباتت سوريا اثراً بعد عين. هذا ينطبق، تلقائيا، على لبنان…
اكثر بكثير من ان يُنظر الى ما حصل من زاوية معينة، تحديدا عبر السؤال: ألا يكفي الحزب انه يقاتل في القلمون وفي مناطق محورية اخرى، فلماذا اللعب بالنار في الجولان، وجها لوجه مع اسرائيل؟ لا احد سأل: هل ينظر الاسرائيليون الى سوريا بمعزل عن لبنان؟ وهل ينظرون الى لبنان بمعزل عن سوريا؟
هم الذين يستخدمون مصطلح «الجبهة الشمالية» بعدما تمت ازاحة الجبهة الجنوبية باتفاقية كمب ديفيد وما اعقبها، وبعدما ازيحت الجبهة الشرقية باحتلال الضفة الغربية وباتفاقية وادي عربة، ثم ان التوراة تتحدث عن خروج بني اسرائيل من مصر. اما الشمال فهناك مستودع الذئاب. قال موشى دايان «يكفي الدبابات السورية ان تقطع جسر بنات يعقوب لكي تصل الى المتوسط وتصبح اسرائيل نصفين».
وراء الضوء صراع ميداني بين «حزب الله» واسرائيل. ثمة احاديث وتقارير استخباراتية حول اكثر من خطة وضعتها حكومة نتنياهو. العمل داخل سوريا و الذي قد يصطدم بعوائق يفرضها الاشتباك الاقليمي والدولي، ومحاولة الالتفاف على الحزب في جنوب لبنان عبر السفوح السورية لجبل الشيخ…
وهنا تتردد معلومات موثوقة الى حد كبير وتشير الى ان تل ابيب كانت وراء الايحاء لتنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، وعبر قيادات سورية معارضة تعمل لحساب الموساد، باشتراط فتح ممر آمن امام المسلحين في جرود عرسال للانتقال الى تلك السفوح، ثم التسلل منها برعاية اسرائيلية، الى منطقة العرقوب اللبنانية والتي تعتبر مثالية، لجهة الحساسية الجغرافية، في استنزاف «حزب الله» بل وفي ضربه.
مأسوية الحدث، ونوعية الاشخاص الذين غابوا، لا تعنيان ان الرد سيكون انفعاليا او تكتيكيا. ثمة صراع استراتيجي، وبما تعنيه الكلمة. من هنا يُقرأ المشهد…
الديار

» نبيه البرجي: أشباح !!
» نبيه البرجي: عام المائة عام
» نبيه البرجي: فانتازيا !!
» نبيه البرجي: انا الخليفة !
» نبيه البرجي: أصابعنا المحترقة