«أمير القوقاز» يتحدى البغداديreعبدالله سليمان علي – السفير
تكشفت مدى أهمية المبايعات الأخيرة التي حصل عليها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش» من بعض قادة حركة «طالبان» الباكستانية، في الوقت الذي دقّ فيه «أمير القوقاز» أبو محمد الداغستاني إنذار الخطر، بسبب سعي «داعش» إلى تفريق صفوف «المجاهدين»، متحدياً زعيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي أن يثبت أنه «خليفة» كل المسلمين.
ولاية «خراسان» تتوّج البيعات الباكستانية لـ«داعش»
فلم يعد مستغرباً أن يتداول أنصار «الدولة الإسلامية» اسم «ولاية خراسان»، وإطلاقه على المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، بعد «البيعات» الأخيرة التي استحصل عليها البغدادي من عدد من كبار قادة «طالبان الباكستانية» التي تتخذ من المنطقة الحدودية معقلاً لها.
وبدأت البيعات المتفرقة منذ بداية الخلاف بين «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» في نيسان العام 2013، لكنها لم تتخذ طابعاً جماعياً إلا أواخر العام الماضي، وتحديداً في تشرين الأول الماضي، عندما فاجأ المتحدث باسم حركة «طالبان باكستان» شاهد الله شاهد (وهو لقب يطلق على أي متحدث رسمي باسم الحركة والمقصود هنا هو أبو عمر مقبول الخراساني الذي عزل من منصبه بعد البيعة) الجميع، وأعلن عن مبايعته للبغدادي مع خمسة من «أمراء» الحركة. وأكد شاهد الله حينها أن بيعات «الأمراء» هي بيعات فردية لا تشمل كل جماعاتهم.
ويبدو أن الخشية من ردة فعل الجماعات الأخرى، وعلى رأسها تنظيم «القاعدة»، دفعت بالمبايعين إلى الاستمهال قليلاً، ريثما يستكملون تنظيم صفوفهم واستقطاب المزيد من «الأمراء»، ويكون بمقدورهم مواجهة من يعتقدون أن البيعة ستسبب له ضرراً. وهذا ما حصل بالفعل، حيث ظهر المبايعون في مقطع فيديو أمس الأول، وهم يجددون بيعتهم للبغدادي ويعلنون الاتفاق على تعيين أحدهم، ويدعى حافظ سعيد خان أميراً عليهم، وهو ما يعني أن «الدولة الإسلامية» صار لها إمارة أو ولاية هناك.
والمبايعون هم أبو عمر مقبول الخراساني، و «أمير حركة طالبان» باكستان في منطقة أوركزاي حافظ سعيد خان، وأمير الحركة في منطقة كرم حافظ دولت، و«أمير» منطقة خيبر الفاتح كل زمان، و«أمير» منطقة بيشاور مفتي حسن، و«أمير» منطقة هنجو خالد منصور. وهؤلاء هم من بايع في تشرين الأول الماضي. وانضم إليهم خلال الأشهر الماضية خمسة «أمراء» جدد، أبرزهم القاضي المعروف ملا طوفان الذي ظهر في مقطع الفيديو الأخير وهو يشرف على قطع رأس جندي باكستاني كان مختطفاً لديه، وذلك في إشارة منه إلى تعميد بيعته بالدم.
وقد اتفق المبايعون، الذين ظهروا بين العشرات من المسلحين التابعين لهم، على تعيين حافظ خان «أميراً» عليهم. ويعتبر خان من أبرز قادة «طالبان باكستان»، وما زال يقود اشتباكات عنيفة ضد الجيش الباكستاني في منطقة أوركزاي شمال غرب البلاد.
من جهة أخرى، اتهم «أمير القوقاز» أبو محمد الداغستاني زعيم «داعش» البغدادي بالسعي إلى تفريق صفوف «المجاهدين» في القوقاز، وذلك بعد تمكنه من الاستحصال على مبايعات من كبار قادة «الإمارة»، على رأسهم «والي داغستان» و «والي شامل قلعة».
وقال الداغستاني في تسجيل صوتي، بُثّ الأحد الماضي وهو الثاني له خلال أسبوعين، إن أهم مآخذه على «الدولة الإسلامية» هي «التكفير والتساهل في سفك الدماء، والامتناع عن التحاكم إلى الشرع وإعلان الخلافة من دون مشورة». وغمز من قناة خلفه الراحل عثمان دوكوف الذي أمر المقاتلين الملتحقين بـ«جبهة الشام» بتأسيس «إمارة القوقاز» هناك، مشيراً الى أنه كان يعارض ذلك، وأن رأيه كان انضمام المقاتلين إلى أقدم الجماعات التي تسير على نهج «أهل السنة والجماعة»، وهي «جبهة النصرة».
ورسم الداغستاني صورة بائسة لتنظيمه بسبب قلة العدد، والافتقار إلى علماء الدين وبساطة السلاح بالمقارنة مع السلاح الروسي الحديث، مقراً بفقدان الحاضنة الشعبية نتيجة «قصر نظر بعض المجاهدين» و «البطش الشديد من قبل الروس»، لكنه أكد، مع ذلك، امتناعه عن مبايعة البغدادي ولو بقي وحده.
وكان لافتاً أن يخرج الداغستاني عن هدوئه المعتاد، ويوجه تحدياً صريحاً إلى البغدادي، بقوله «أتحداك يا بغدادي أن ترسل لنا جندياً واحداً لمساعدتنا، فإذا كنت لا تستطيع ذلك فبأي شيء تطلب منا المبايعة». وأضاف «أنت تزعم أنك خليفة لكل مسلم، وتطلب لنفسك البيعة من المسلمين جميعاً، لكنك لا تريد أن تعطي شيئاً بالمقابل». ورفض الداغستاني اتهام المبايعين للبغدادي بأنهم فعلوا ذلك بسبب المال وحب الرياسة، معتبراً أنهم خدعوا بمشروع «الدولة» واعتقدوا أنهم يفعلون الصواب.