بشار الاسد: الأميركيون والغرب في حالة ضياع كاملرأى الرئيس السوري بشار الاسد ان المرحلة التي نعيش فيها مشوّشة، لكنها “تتضح” شيئاً فشيئاً، وخصوصاً لدى الغرب، واضاف: “مرحلة مفصلية، لا خيار وسطاً فيها فإما المضي باتجاه الهاوية بالنسبة للمنطقة كلها، وسيدفع الغرب ثمنها، وإما المضيّ باتجاه الحل”.
وتابع الرئيس السوري في حديثه المفتوح في لقاء مع كوادر حزب البعث، بحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية ان المرحلة الحالية فيها تناقضات شغّالة ليس لها حتى الآن مُستَقرّ و” جبهة الأعداء مفككة”، مشيراً الى ان الدول الداعمة للإرهاب متخاصمة في ما بينها؛ لكنها “متفقة على إلحاق الضرر بسوريا، إسقاط الدولة، وإسقاط سوريا”.
واشار الاسد الى ان الاصطفاف الدولي المعادي لسوريا “مرتبك، بكل معنى الكلمة، وفاقد للرؤية، ولا يملك تصوراً للذي يحصل”، واضاف: “حتى اللحظة الاتجاه العام إيجابي، فأوروبا غير موجودة، والإدارة الأميركية منقسمة على نفسها، الخارجية في اتجاه، والجيش في اتجاه آخر، والبيت الأبيض في اتجاه ثالث”.
وبالمحصلة يتحكم بالنقاش الأميركي الشعور بالوقوع في “الخديعة” من قبل حلفائهم، بحسب الاسد الذي قال: “يتحدثون علناً بأنهم خُدعوا من قبل قطر، ثم تركيا، ثم السعودية، أولاً، صوّروا للأميركيين أن قضية سوريا بسيطة مجرد الضغط لإطاحة النظام، لصالح نظام ديموقراطي عميل للغرب، ثانياً حين أدركوا استحالة اسقاط الدولة السورية، طرحوا الإبقاء عليها مع تغيير الرئيس، هنا جاءت الانتخابات الرئاسية لتشكل صدمة شديدة لهم، وإنْ كانوا لا يعترفون بها في العلن، فإنهم يعترفون بها سراً”.
واعلن الرئيس السوري أن الأميركيين والغربيين وحلفاءهم، في حالة ضياع كامل وقد أخذتهم نحو الاستدارة، “لكنه تحوّل بطيء جداً”، كونهم صعدوا أشجاراً عالية “وذهبوا بعيداً في إقناع الرأي العام الغربي بأن سوريا دولة شيطانية”.
وقال: “التراجع، إذاً، يحتاج إلى وقت. ومع ذلك البطء في التحول الغربي، فقد بدأ الغربيون بالتواصل معنا واللقاءات لا تنقطع وهي تتم بإشراف من أعلى المستويات؛ رؤساء ورؤساء وزارات ومدراء استخبارات…”.
واكد الأسد أننا أمام تحوّل في الغرب إزاء الموقف من الصراع في سوريا، “إنما لا يعني ذلك أن الأمور سلسة أو ذاهبة بالاتجاه السهل، فواشنطن مهما تحولت يبقى هدفها في النهاية أن تسيطر علينا وتفرض ما تريد بمعنى أنهم لا يريدون اليوم داعش، ويريدون ضربها لتحل محلها ما يسمونها (القوى المعتدلة) فمن أين يأتون بها؟ مَن يحارب على الأرض قوى متطرفة تحت تسميات مختلفة الفارق بينها بسيط، ربما يتعلق بالرواتب التي تدفعها التنظيمات”.
وتطرق الاسد الى الموضوع الكردي مشيراً الى ان الأميركيين سيدعمون المخططات الفدرالية واللامركزية في سوريا، هذه ستكون القضية المستقبلية المعدة للضغط على سوريا.
وقال: “واقعياً، هذه الورقة ليست صالحة للاستخدام الفعلي على الأرض، ولن تنجح لأنها غير منطقية فالأكراد في أكبر منطقة يتجمعون بها، وهي الحسكة لا يشكلون سوى 36 بالمئة من السكان”.
واضاف: “نحن قمنا، في بداية الأزمة، بمنح مئة ألف كردي الجنسية، وسمحنا بتدريس اللغة الكردية. وهذا منطقي. لكنهم يريدون النص الدستوري على القومية الكردية قلنا لهم هذا يلزمنا بذكر كل الأعراق والطوائف الموجودة في سوريا، وهذا يسهم في تفتيت البلد”.
وفي سياق متصل شدد الاسد على انه “قلنا للمبعوث الأممي الجديد، تريدون أن نذهب إلى جنيف 3 و4؟ سوف نذهب! لكن إذا كنتم تريدون نتائج؛ فالنتائج داخل سوريا وأجدى لدينا أن نتفاوض مع مسلح محلي يرفع السلاح في وجهنا، من التفاوض مع عميل للقوى المعادية لسوريا”.
وتابع: “نحن بدأنا بالمصالحات، وضع دمشق جيد نسبياً، وفي حمص تم انجاز الجزء الأساسي من المصالحة؛ وفي حلب، بدأنا مفاوضات لكي يتم اخراج المسلحين على طريقة حمص”.
وعن العلاقات مع روسيا قال الاسد : “الروس معنا بشكل ثابت، ولا يتغيّر والموقف الروسي صلب، ويتجسد بالدعم السياسي في مجلس الأمن، وعلى الساحة الدولية، وبالدعم العسكري لقواتنا المسلحة، لكنه لا يصل إلى مستوى أن يتدخل الروس عسكرياً؛ ففي النهاية، نحن مَن يجب أن ندافع عن أنفسنا”.
اما عن ايران فهي بحسب الرئيس السوري: “معنا في التوجه الاستراتيجي العام لكن يجب أن نفهم، أيضاً، أن سبب نجاح إيران على المستوى الدولي هو في الطريقة البراغماتية التي يمارسونها، عملياً هم صامدون في الملف السوري، ويجب أن نعلم أن العلاقة بين سوريا وإيران هي علاقة استراتيجية”.
كما وصف الاسد الدور المصري بالإيجابي وقال: “علاقاتنا مع الأجهزة الأمنية المصرية ـ حتى في أيام الرئيس السابق محمد مرسي ـ كانت جيدة، والآن تطورت، أولاً بفعل مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وثانياً بفعل الضربات التي تلقاها الإخوان المسلمون في مصر. وهذا ما جعل التقارب كبيراً”.
كما اثار الاسد موضع حزب البعث في سوريا فقال انه رغم مضي نحو أربع سنوات على الأزمة، لم يظهر بديل حقيقي من الحزب، مشيراً الى ان البعث أقدر على تغطية مساحة العلاقة بين الإسلامي والعروبي.
واشار الاسد الى ان سقوط الإسلام السياسي سيدفع نحو الأحزاب العلمانية بشكل طبيعي كذلك ارتفاع مستوى التسيّس، وتزايد قوى الاعتدال في المجتمع السوري؛ كل ذلك يعطي الحزب فرصة لتفعيل دوره، لكن ينبغي تغيير الآليات الحزبية؛ نحتاج إلى أسلوب جديد ولغة جديدة.
واضاف الاسد: “نحن لم ننجح في الماضي نفّرنا الناس، نفّرنا البعثيين قبل غيرهم؛ أنا، شخصياً، لم أكن أحضر الاجتماعات الحزبية في الجامعة، لأنها كانت غير مقنعة وغير منتجة”.
وتابع: “ما سموه انشقاقات كانت عملية تنظيف جيدة جداً! إذا طهرنا الحزب من الانتهازيين، حتى لو أصبح لدينا، بدلاً من 3 ملايين عضو، 100 ألف عضو؛ فالحزب سيقوى؛ نريد رفاقاً عقائديين مقتنعين”، مشيراً الى ان هناك تيارات سياسية صاعدة منها تيارات موالية للدولة لا بد أن نتواصل معها.