هل أصبح العرب نماذج؟

هل أصبح العرب نماذج؟

كانون الأول 30, 2014

شهناز صبحي فاكوش

اجتاحت الريح الصفراء الأمة… اختلف فعل الساحات.. والتعامل معها عربياً وإقليمياً ودولياً.

القاسم المشترك بين كلّ الأقطار كان التخريب الذي أحدثه خروج فئات من الناس بطلب الحرية والديمقراطية… خروج ابتدأ بالحرق والتكسير وتخريب المنشآت العامة بحجة أنها تتبع النظام القائم.

كانت العقول مغيّبة تحت تأثير أقلّ ما يُقال فيه الوقوع تحت سلطة مخدّر ما لا يعرف كنهه… السائد إلغاء لغة العقل في تغييب الحكمة، والسير خلف من ادّعوا أنهم رموز لما دُعي خطأ بـ«الثورة».

ثبت هذا الخطأ في جميع البلدان العربية، بدلالة استلاب «الإخوان المسلمين» لمقاليد الأمور، بالتفاف جماعاتهم على الحراك في معظم الساحات، تبعاً للحاضن الاجتماعي أو النزوع إلى الحالة الدينية، ظنّ المعظم أنّ فيها الخلاص بفعل التركيب النفسي.

لم يصمد في وجه هذه الريح الصفراء كاشفاً أبعاد المؤامرة منذ الأيام الأولى، إلا الشعب السوري… الذي فضح ما حيك للعرب والمتآمرين عليهم… باستغلال الأخطاء القائمة، والتهميش في الحياة الخدمية والسياسية، وما أدّى إليه الفساد المتفشي.

هذه الريح العاصفة لم تأت مصادفة… هي استكمال لما حدث من غزو أميركي استعماري للعراق، مع بعض التعديل وفق مقتضى الحال، فلم تعد أميركا قادرة على المزيد من فقد جنودها. ما قد يؤدّي إلى هياج الشارع فيها وبالتالي تفكّكها وانهيارها.

تغيّرت خطة تحطيم الأمة… فكان لا بدّ أن يكون بيدها لا بيد عمرو طبقاً للمثل السائد. استُغِلّ الفساد وسوء التقدير، والترهّل في أداء الخدمات للمواطنين. لتصبح مطية لتصدير شعارات كبيرة تترجم بعبثية تخريبية على الأرض.

صمود سورية أعيا صنّاع المؤامرة المستهدِفة للأمة… بانتظار تحطيمها عندما تنهار سورية… تلاشت كلّ الجداول الزمنية التي راهنت عليها جميع الأطراف للتخلص من الدولة السورية.

فشلوا في تفكيك نسيجها الاجتماعي واستهداف أقوى الأحزاب فيها، حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي تماسك أكثر منذ اللحظات الأولى للأزمة… ولم يطرأ عبر عمره الزمني الممتدّ لأكثر من ستة عقود أيّ انقسام بنيوي في نهجه أو عقيدة حملة فكره ولا بجموع أفراده.

تغيّرت أساليب التعامل مع سورية مرات عديدة وصولاً إلى حقن الإرهاب وأدواته فيها، ودعم الجماعات التخريبية المسلحة بمختلف مسمّياتها، وما زالت متماسكة قوية بجيشها وصمود أبنائها.

اللافت أنّ السياسة الأميركية ومن لفّ لفيفها في حياكة المؤامرة على سورية، غرباً وعرباً خونة ومتآمرين، جعلت مما حدث على الساحات العربية بنظرهم نماذج، حاولوا مرة بعد مرة إسقاطها على سورية، لكنها جميعاً كانت تنتهي بالفشل.

فلا ما دُعي زيفاً بثورة الياسمين في تونس، التي صُدم بنتائجها كلّ من عوّل عليها، وانتهت باكتشاف المؤامرة القذرة، وتخريب تونس لصالح «الإخوان»، الذين سقطت آخر ذيولهم في الانتخابات الأخيرة ـ على أمل أن تبرأ من كلّ التشوّهات التي أصابتها ـ فشلت الجهات المتآمرة من تطبيقه على الأرض السورية.

وفشل النموذج الليبي الذي جعل من ليبيا غابة محروقة، لا يستر أهلها فيء شجرة. بفعل قوات «الناتو» ودعم الحَمَديْن، والتي تشهد اليوم إحراق آبارها النفطية، لتحطيم اقتصادها. آخر منشأة يمكنها الإتكاء عليها لتتعافى.

ما حدث قبل هذه وتلك من تقسيم للسودان عبر ما يمكن أن يدعى بالضغوط الساخنة، وصولاً إلى الحرب المحلية بين الدولة والجنوب، فشل في سورية ووئد قبل أن يبدأ.

أما ذريعة الكيماوي فقد جاءت واسعة جداً، إلى درجة وصولها إلى مستوى الفضيحة المكشوفة… لكنها انتهت لصالح سورية. كما فشل مشروع لبننة سورية.

أما ما حدث في مصر فهو وحده حكاية… فبعد الهياج الشعبي، يَظهر غول «الإخوان» ليلتهم السلطة بالأغلبية، ويرفع رئيسه المعتوه علم تقسيم سورية، ويعود الشعب المصري ليملأ الشوارع.

يروّج لقائد الجيش رئيساً، وهنا يبدأ الريب لدى الكثير من الفئات السياسية، ماذا عن تخلّف الرجل وحده عن ركوب الطائرة، التي تقلّ ما ينوف عن خمسين ضابطاً مصرياً، أنهوا تدريباتهم العسكرية في أميركا… لتسقط في المياه المالحة بمن فيها، سؤال يستحق التبصّر؟

كلّ النماذج تستعصي لأنّ سورية لا يمكن إلا أن تكون سورية وسورية فقط.

لماذا اليوم تستفيق مصر؟ ملتفةً إلى سورية وهي في قطيعة رسمية معها. فتجمع ما دعته بفصائل المعارضة… أيّ فصائل هذه؟ المعارضة السورية ليست إلا أفراداً تناهت أصواتهم من معاناة شخصية… لا يمثلون إلا أنفسهم. من كانوا خارج الحدود أو داخلها… وكلٌّ له قصة، يحفظها السوريون جيداً.

هل وصلت الأوامر الأميركية إلى السعودية؟ أم إلى مصر؟ أم إلى بعض من دعوا أنفسهم معارضة سورية؟ والجميع يعرف تماماً مدى علاقة بعضهم مع فورد منفذ ورقة التآمر على سورية… السفير المطرود من أرضها… أوامر تدعو إلى جمع ائتلاف وتنسيقيات متصدّعة لأكثر من مرة في محاولة للملمتها.

المعارضة التي تعمل على بلورة أفكار خاصة لها، وأوراق تشخصنها لتجعل لذاتها هوية متفرّدة، هي الأحزاب التي رُخّصت وفق الدستور والقانون السوري وتُحترم.

السؤال: لماذا الآن؟ هل أعيت سورية أميركا ففشلت، حتى تواري سوءتها عبر تحركها من خلال مصر؟ أم هي محاولة اختراقٍ للجهود الروسية لجمع أطراف مهما كانت هشاشتها لحوار الدولة السورية القوية؟ أم لإبراز أنّ أميركا لا بدّ أن تكون جزءاً من الحلّ؟

هل تلقت مصر تغيّر موقف الحليف السعودي فتلطى خلفها لإبداء حسن النوايا… في عودة إلى الصواب بعد زمن من التخلي ؟ خاصة بعد محاولة جسر الهوة مع قطر.

أسئلة مبرّرة يضع النقاط على حروف أجوبتها الجيش السوري بإنجازاته على الأرض ضدّ الإرهاب… وإنجاز المصالحات الوطنية المحلية… وصمود الشعب.

أما الشعب العربي في الشارع العريض الذي يسجل في كلّ يوم كلمته الفصل في اكتشاف المتآمرين عليه… وسرّاق السلطة ولو بعد حين… والذي وعى حجم المؤامرة على الأمة، وسورية خاصة التي يقضّ وجودها وصمودها الكيان الصهيوني… هذا الشعب العربي هو النصير الحقيقي للشعب العربي السوري بكلّ مكوناته.

سورية وقائدها بشار الأسد المؤمن مع شعبه بأنّ الحلّ السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية ودحض المؤامرة. أطلق مبادرتها الشاملة كخيار جامع لا شرط فيه إلا حبّ سورية والحفاظ عليها.

المؤمنون بأنّ الحلّ لا بدّ إلا أن يكون سورياً، بعيداً عن أيّ ارتباط خارجي، ولا بدّ أن يكون بعيداً عن مؤثرات مبنى المفتتة العربية. التي أصبحت كأيّ عشوائية خليجية أداة أميركية، حيث المحرك الأساس للجميع العقل الصهيوني العدائي الأزلي.

كلّ عام وأمتنا أكثر تعافياً وشعبها أكثر عزة وحفظاً لهويته… كل عام وسورية أكثر انتصاراً… وأكثر قوة وعزة فهي ملاذ الأمة ورافعتها.

» ايام شامية ... برفقة نماذج من مقاتلي "النظام العلوي"
» 5 نماذج فتاكة للأسلحة الروسية يجب أن تلفت أنظار أمريكا
» نماذج من مئات القنابل الموقوته التابعة للقاعدة التي تعيش في لبنان
» ها قد دقت ساعة الزحف على بغداد - راسبوتين العرب ام هولاكو العرب؟
» الطريق إلى سجن حلب المركزي أصبح «مفتوحاً»