عندما يصبح قتل السوريين وتدمير وطنهم جهاداً – من جعبة بوغدانوف

عندما يصبح قتل السوريين وتدمير وطنهم جهاداً – من جعبة بوغدانوف

17 ديسمبر 2014

لوحة: سبايا – فاضل فضة

د. فاضل فضة
مقال نشر في جريدة الأوسط، العدد المطبوع يوم الخميس 11 كانون الأول 2014

هي ايام اعياد الميلاد ورأس السنة، انها الأيام الأخيرة من رحلة عام 2014. عام اخر يمر على كندا، كيبيك بخير وسلام إلا بعض اثار اقتصادية اصابت الكثير من المحلات التجارية في اسواق متعددة.
على اوطان الأصل .. مازال الحزن مخيماً بشكل كبير على تلك البلاد منذ اول تظاهرة بما يسمّى الربيع العربي في تونس، إلى ليبيا ومصر وسورية، ودخول العراق مؤخراً بحمامات الدم اليومية، التي لم تفارقه بالأصل هذه الحمامات الدموية، منذ ان قرر الحرب على ايران عام 1980 وماتبعه من مأس لهذا الشعب إلى اليوم.
وكأنه من االمقرر ان يدفع العرب وبلاد الشام خصوصاً اليوم ثمن اثم تاريخهم الطويل، البعيد في الزمن. كأنه من المفروض دفع ثمن عدم نضوج معنى الوطن ودفع ثمن صفاتنا في الإنتماء، والفردية، والإنتهازية والخداع، ولتخلف الفكري، المدّعي، والغطرسة الجوفاء والعمياء المستمرة.
سقطت الشعوب العربية في امتحانات الديموقراطية، وقد تسقط بأمتحانات قيم العدالة والمساواة الإنسانية، لإنها لم تمر بفضائها التاريخي، من ينسى حكم الإنكشاريين او العثمانيين الذي احتلوا بلادنا لاربعة قرون كاملة، اربعة قرون غيب فيها العلم والأبداع والأختراع .
قد تكون تونس قادرة على النجاة مؤقتا من التيارات الدينية، مؤقتاً بسبب تأثير ”النهضة“ الذي سيبقى مهدداً الديموقراطية التونسية إلى ان يختفي وهذا شئ صعب في ثقافة العرب والمسلمين إلى اليوم، ومثال على ذلك نكسة تركيا الأردوغانية، حيث بعد قرابة مائة عام من علمانية دولة اتاتورك، نرى ان التاريخ يسقط من جديد في حبائل الشعارات الدينية للتحكم بالدولة ونسف اسس العلمانية والديموقراطية بالتدريج.
فالعرب وإلى اليوم خاصة هؤلاء الذين ردفوا الإنتفاضة السورية بالسلاح والمال كانت شروطهم لضخ الأموال التوجهات الدينية المتشددة، حيث جرّدوا السوريين من عقولهم عبر هذا المال، وحولوهم إلى ألات غرائزية بشعار تطبيق الشريعة الإسلامية ، لكي يصبح قتل السوريين وتشريدهم ودمار بلدهم بإسم هذه التوجهات جهاداً، نعم اصبح قتل المواطنن السوريين جهاداً في شعار النصرة وداعش وكل الجبهات الإسلامية المتطرفة في سورية
هؤلاء العرب وغير العرب، وعبر هذه اللعبة القذرة، استطاعوا وبإسم مساعدة الشعب السوري ان يهجروا 13 مليون سوري داخلياً وخارجياً، و700 الف يتيم، واكثر من 200 الف سوري قتيل، ومليون جريح او مقعد، وعشرات الألاف من السوريات اللواتي اغتصبن بإسم زواج السترة في المخيمات السورية، في الأردن ولبنان والعراق وتركيا.
العرب الذين اغرقوا المركب السوري في الطائفية عبر دعم النصرة والجبهات الإسلامية المتعددة وداعش، والذين مازالوا يدّعون انهم يقدمون للشعب السوري المساعدات، لم يقدموا أية اعانات تذكر بقدر ماتم تدميره. فهم لم يفتحوا ابواب الهجرة اليهم ومساعداتهم المالية للمهجرين السوريين لا تساوي ثمن فنجان قهوة مقابل عشرات الملايين من دعمهم للمتطرفين والجهاديين لتدمير الشعب السوري وسورية، هم لكنهم ساعدوا على تشريدهم وقتلهم ومازالوا وإلى اليوم بكل بساطة، هم ساعدوا على اغتصاب بنات سورية عبر زواج للقاصرات بحفنات من الدولارات. هم يساعدون ومازالوا على تهجير الشعب السوري وافقاره، وعلى تهجير الأقليات اسلامية مسيحية او غيرها من الأديان والمذاهب.
العرب ودول الخليج وخاصة السعودية وقطر وتركيا اردوغان، كانوا السبب الأكبر في محنة الشعب السوري المستمرة إلى اليوم.
نحن في كيبيك … كل ميلاد وانتم بخير وعام جديد يسوده المحبة والأمل والسلام ..

من الورق: من جعبة بوغدانوف
د. فاضل فضة
سيناريو او اكثر يتم تناقله بين الدول الأقليمية، بموافقة الكبرى على حلحلة المياه الراكدة في المستنقع السوري.
كان الهدف ومنذ بداية الأحداث تطويع الدور السوري في المنطقة، ومنعه من دور اكبر من جغرافيته واقتصاده.
سورية التي يصعب حكمها وبأية صيغة سياسية، اشتراكية ديكتاتورية ديموقراطية او حتى ملكية، لايمكن حل مشاكل شعبها بسهولة.
فنحن اهل بلاد الشام، كل فرد فينا عبقري زمانه، نرى الأمور بالمطلق، ولدينا قدرة هائلة على التأقلم امام مواجهة الحياة، والدليل الأكبر تاريخنا العظيم، الذي لم يحتل به السوريون زمام إدارة بلادهم، منذ عصر المدن الممالك، فمن الأشوريين إلى الحثيين إلى الفرس واليونان والرومان وابناء عمومة بعضنا العرب، والمماليك، والعثمانيين …
الم يقل شكري القوتلي لجمال عبد الناصر بما معناه عند التوقيع على ميثاق الوحدة مع مصر انك ستحكم بلداً فيه بعدد سكانه زعماء !!!
واليوم يقاتل السوريون بعضهم كمن يحارب نفسه في الهواء، لكن الفرق ان هذه الحرب تقتل وتدمر وتهجر وتشرد، يقتل السوريون بعضهم البعض يساندهم محاربين من الخارج، لكن الخلاف التاريخي السوري السوري، لم يكن موجوداً بعمق الثقافة السورية، لكنه وعبر المال الخليجي وبوابات تركيا تحول إلى أتون لينتحر به السوريون عبر قتالهم لبعضهم، وإن كانت وبشكل عام ثقافة السوريين مشهورة على المهادنة.
نعم إن الحرب اليوم بين السوريين انفسهم، كقتال بين الأخوة على طواحين الهواء، او انتحار لاتبرره اية اسباب، لكنه حدث وحصل، ولدول الخليج، قطر والسعودية وبعض اصحاب الأموال اصحاب العقائد الدينية المتطرفة لهم دور كبير في اذكاء هذا القتل المجاني، والتدمير الوحشي والتهجير اللا إنساني لكل هؤلاء السوريين.
تحول الخلاف السوري السوري، إلى خلاف بين دول التمويل والداعمة للصراع، الدول الكبرى والأقليمية، قطر السعودية تركيا ايران روسيا امريكا وبعض الدول الأوروبية.
ويقال اليوم ان بغدانوف الروسي وبموافقة امريكية وبقبول من الحكومة السورية الحالية، يطرح حلاً كما يلي:
تخفيض صلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب …
اعادة كتابة دستور جديد للبلاد
رئاسة وزراء انتقالية بزعامة المعارض معاذ الخطيب ..
وزارة الدفاع تبقى بيد الدول والسلطة الحاكمة …
وزارة الداخلية تذهب للمعارضة …
الأمن يبقى بيد الدولة ..
الوزارات الأخرى يتم تسوية امرها في المرحلة الإنتقالية ..
وكل ذلك يبدأ من هدنة توقف او تجميد القتال في مدينة حلب …
ماذا يعني ذلك؟
إذا كان الكلام جدّياً ولا نعتقد ذلك، وليس اضاعة اضافية للوقت على حساب الشعب السوري نتساءل:
هل نحن امام نظام عراقي ام نظام لبناني ام نظام سوري جديد مخفف ام ماذا؟
وماذا عن داعش؟
هل يرغب الغرب فعلاً باخمادها واعادة جغرافية العراق وسورية إلى حدودهما السابقة؟
لا احد يملك الجواب، حيث لم يتبلور الحل النهائي إلى الأن،
مافي جعبة العم سام اشياء كثيرة، غير معروفة.
هل هي هدنة بانتظار رئيس امريكي جديد بعد مغادرة اوباما؟؟
يبدو ان الخطوط المتقطعة لرسم خريطة القرن لم تنضج كلياً إلى هذا اليوم، وليس المحاولات الأخيرة في خفض سعر النفط عالمياً، إلا محاولة اخرى او اخيرة بعد احتدام المسألة الأوكرانية، في طريق رسم هذه الخريطة التي دفع الشعب السوري فيها والعراقي والليبي وغيرهم من الشعوب ثمناً كبيراً لها ..
اوباما تعب وقد يرغب في هدوء بأدوات سياسية لاترهق الجيش الأمريكي، … وبوغدانوف يفرغ مافي الجعبة مؤقتاً، بأنتظار الصيغة الممارسة من قبل امريكا وحلفائها للهيمنة على العالم او القبول بواقع الأقطاب وتقاسم المصالح ..!!!

الأوسط

» عندما يصبح قتل السوريين وتدمير وطنهم جهاداً – من جعبة بوغدانوف
» بين «داعش» و«القاعدة»: عندما يصبح التوحش استراتيجيا
» عندما يصبح سمير جعجع شريكاً لرستم غزالي!
» آن الاوان لعودة السوريين الى وطنهم ..تحرير : نوح عواضة
» مأساة السوريين تتخطى حدود وطنهم… فما قصة اعتقالهم في مصر؟