غارات محيط دمشق: واشنطن توكل «الإسرائيلي» بتخديم حلفائها ضد سوريةأخطأ وزير الداخلية... الجيش لم يخطئ
تسريب اعتقال الدليمي تم�' من بغداد... ومهمتها مالية ترتبط بأبي بكر البغدادي
غارات محيط دمشق: واشنطن توكل «الإسرائيلي» بتخديم حلفائها ضد سورية
كتب المحرر السياسي:
طغت الغارات التي نفذها الطيران «الإسرائيلي» في محيط دمشق مساء أمس على الحدث المحلي والإقليمي، باعتبارها تلخيصاً مكثفاً لتعقيدات المشهدين الإقليمي والدولي، في ظل�' التسليح الروسي للجيش السوري، والفشل الأميركي في الحصول على التغاضي السوري عن إقامة شريط حدودي رقيق على الحدود مع تركيا بدلاً من منطقة الحظر الجوي التي يطلبها الأتراك، وما منح الغارات أهمية استثنائية هو توقيتها، فتأتي الغارات في ظل�' زمن ضاغط على الحكومة «الإسرائيلية» عشية التحضير لانتخابات مبكرة لا يملك فيها المتنافسون أوراقاً طبيعية للقوة، فيصير تصنيع الأوراق الخيار الأوحد لحجز المقاعد في الكنيست المقبل، وفي المقابل وقت داهم على مسلحي جرود القلمون الذين يواجهون وضعاً سيئاً يتزايد كلما اقترب موسم الثلوج، بينما مواقعهم تتهاوى في ريف دمشق وغوطتيها.
وجدت أميركا مخرجها من خطر التصادم مع الجيش السوري وخطر خسارتها ورقة المعارضة السورية وخسارة تركيا المتمسكة بربط الحرب على «داعش» بالحرب على سورية، بإيكال مهمة تخديم الحرب على سورية إلى «إسرائيل» دعماً للمجموعات المسلحة، ووجد نتنياهو حملته الانتخابية، ووجد مسلحو القلمون والغوطة في ريف دمشق من يوفر لهم الإسناد الناري، ووجد مسلحو «النصرة» في لبنان من العرقوب إلى قوصايا أملاً بتدحرج كرة النار صوبهم لتكتمل معالم شريط حدودي جنوب لبنان وجنوب سورية، يحفظ أمن «إسرائيل» وينشئ إمارة لـ«النصرة» توازي إمارة «داعش» في الشمال الشرقي لسورية.
قبل الغارات وبعدها كان لبنان ولا يزال يعيش على إيقاع المواجهة المفتوحة مع الجماعات المسلحة لجبهة «النصرة» و»داعش»، وقد برز أمس ما يؤكد صحة تصرف الجيش اللبناني في التعامل مع ملف سجى الدليمي التي أكدت مصادر أمنية واسعة الإطلاع لـ«البناء» أنها شكلت الرابط المالي بين أبي بكر البغدادي وأبي بكر سليم الميقاتي، وأن�' نبأ اعتقالها وزوجة أبي علي الشيشاني قد ورد من الشيخ سالم الرافعي للبغدادي والشيشاني وجرى تسريب الخبرين للإعلام من هناك وليس من الجيش، الذي وجه له وزير الداخلية انتقاداً في غير مكانه على التسريب موفراً مادة دسمة استعملها الساعون إلى النيل من الجيش وتحميله مسؤولية استشهاد العسكري علي البزال، في حملة منظمة للربط بين إعدام العسكري الشهيد علي البزال واعتقال الدليمي وزوجة الشيشاني.
طغت جريمة قتل «جبهة النصرة» الرقيب في قوى الأمن الداخلي الشهيد علي البزال على الساحة اللبنانية في نهاية الأسبوع الماضي وهي مرشحة للتفاعل في الأسبوع الطالع بعد التهديدات التي أطلقها تنظيم «داعش» بقتل سائر العسكريين المحتجزين لديه و»النصرة» بإعدام اثنين. فيما برز تهديد مواز لأهالي العسكريين المخطوفين الذين بات عددهم 25، بأن ثأرهم سيكون في السراي الحكومي في حال قتل عسكري آخر.
أوراق القوة ضد الخاطفين
إلا أنه في المقابل، استغربت مصادر نيابية ملمة في الشأن العسكري لـ«البناء» عدم مبادرة الحكومة إلى استخدام أوراق القوة الكثيرة التي تمتلكها ضد الخاطفين، منها:
قطع التموين والمحروقات والطبابة عن الإرهابيين الموجودين في جرود عرسال، معتبرة أن هذه الخطوة سهلة جداً ومن شأنها «تركيع» الخاطفين.
تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين المحكوم عليهم قضائياً بهذه العقوبة، والثابت تورطهم في تنفيذ اعتداءات على أمن الدولة وقتلهم عشرات العسكريين والمدنيين.
استخدام القوة العسكرية، لا سيما أن عديد الجيش يتراوح بين 70 و80 ألف عسكري، وشن هجوم على المسلحين في جرود عرسال بعد تأمين سلامة العسكريين بأية وسائل متاحة. وأوضحت المصادر أن يمكن اعتماد خطة متدرجة في هذا المجال تبدأ بتنظيف المنطقة الجردية قطعة قطعة على غرار الخطة العسكرية التي اعتمدها الجيش السوري في القلمون وانتهت بتحريرها من الإرهابيين.
وإذ رأت المصادر أنه قد يتكبد الجيش كلفة عالية في المعركة، أشارت إلى أن لبنان هو الأقوى في ملف العسكريين، وعليه استعمال هذه القوة لإنهاء هذا الملف وتصفية الخاطفين للعسكريين الواحد تلو الآخر. إلا أن المصادر استدركت بالإشارة إلى أنه لا يوجد قرار سياسي في هذا الصدد، علماً أن الرئيس سعد الحريري أكد أنه مستعد لتغطية الحكومة في أي قرار تتخذه لتحرير العسكريين.
وبينما أعلنت خلية الأزمة بعد اجتماع استثنائي عقدته أول من أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، أنها اتخذت قرارات لم تفصح عن طبيعتها، أشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى «أن الحكومة مربكة في تعاطيها مع ملف العسكريين، وأن اجتماعات خلية الأزمة لم تتوصل منذ الاجتماع الأول إلى أي شيء، لافتة إلى «أن الوزراء الأعضاء غير متفقين اتجاه الأمور المتعلقة بالمقايضة».
وعلمت «البناء» أن وزير العمل سجعان قزي طالب بعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء للبحث في قضية العسكريين، خصوصاً أن الرئيس سلام سيتوجه الأربعاء إلى العاصمة الفرنسية، ولن تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء الخميس».
من جهته، أكد عضو «هيئة علماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي لـ«البناء» أن «ملف العسكريين يتجه إلى المزيد من التعقيد»، وأن «جبهة النصرة» أبلغت المعنيين بالملف «أنها لن تعود إلى المفاوضات، إلا بعد إطلاق طليقة أبو بكر البغدادي سجى الدليمي وزوجة أبو علي الشيشاني علا العقيلي».
وعلق الغالي على تحميل الشيشاني رئيس «هيئة علماء المسلمين» الشيخ سالم الرافعي مسؤولية اعتقال الدليمي» بالقول: «إنها مسؤولية معنوية وليست جزائية أو قانونية»، سائلاً: «لا نفهم ما الذي تقوم به الحكومة في قضية العسكريين»؟ مشيراً إلى «أنها تتحمل مسؤولية ما يتعرض له المخطوفون».
وكانت الهيئة أطلقت ما وصفته بـ»المبادرة» لتهدئة الأجواء سم�'تها «مبادرة الكرامة والسلامة»، تدعو إلى إطلاق النساء والأطفال المحتجزين فوراً من جهة، وإلى الكف عن ترويع الأهالي وتهديدهم بقتل أبنائهم، والإفراج عنهم.
وعقد أهالي العسكريين المخطوفين الذين تقبلوا العزاء إلى جانب أهل الشهيد البزال في البزالية بالبقاع، مؤتمراً صحافياً دعوا فيه الدولة «إلى الكف عن الاستخفاف بدماء الأبطال الذين كانوا يدافعون عن هذا البلد ليحموه من الفتنة»، مؤكدين «أن ثأرهم سيكون في السراي الحكومي إذا استشهد أي عسكري آخر».
ودعوا الرئيس سلام إلى أخذ «الموقف الشجاع ورد لنا أولادنا في الأيام القليلة المقبلة».
وسألوا: «هل دور الوسيط أن يعمل للغير بدل العمل لإطلاق سراح أبنائنا؟».
وكانت عائلة البزال طلبت أول من أمس إلى «الحكومة أن تباشر فوراً بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في حق إرهابيين في سجن روميه والقبض على مصطفى الحجيري «أبو طاقية» وكل من يؤازره من أبناء بلدة عرسال». وأكدت أنه «لن يسمح لأي جهة دولية أو محلية بالمرور في البلدة لإيصال أي مساعدات للسوريين الموجودين في عرسال باعتبارهم إرهابيين انقض�'وا على أبناء جيشنا الغالي عند أول فرصة».
وأكدت مصادر أمنية بقاعية «البناء» أن الأوضاع في البقاع هادئة ولم يسجل أي ظهور مسلح في أي منطقة باستثناء التوتر في جرود عرسال. وأفيد في هذا السياق أن الجيش اللبناني استهدف المسلحين في الجرود بالمدفعية وصواريخ جو أرض أطلقت بواسطة طائرة استطلاع.
سلام يبحث في باريس تسليح الجيش وملف النازحين
على صعيد آخر، وصل إلى بيروت مساء أمس الموفد الفرنسي الرئاسي جان فرنسوا جيرو قبل أن يتوجه الرئيس سلام إلى فرنسا بعد غد الأربعاء في زيارة رسمية تستمر حتى يوم السبت المقبل.
وأوضحت أوساط سلام لـ«البناء» أن رئيس الحكومة سيبحث مع المسؤولين الفرنسيين وفي طليعتهم الرئيس فرانسوا هولاند في موضوع تسليح الجيش من خلال الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين إلى لبنان وانعكاساتها الاقتصادية والأمنية السلبية عليه، إضافة إلى الاستحقاق الرئاسي.
بوغدانوف: لبنان يحتاج رئيساً في أسرع وقت
وأمس غادر الموفد الرئاسي الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف متوجهاً إلى تركيا، بعد زيارة إلى لبنان استمرت يومين، التقى خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين والفاعليات السياسية، على رأسهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حيث جرى التباحث في مختلف القضايا السياسية وتطورات المنطقة ولا سيما في لبنان وسورية.
وفي السياق، أكدت مصادر كتائبية لـ«البناء» أن الموفد الروسي تحدث خلال لقائه رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، عن ضرورة إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، وأن لبنان يجب أن يكون لديه رئيس في أسرع وقت». وأبدى بوغدانوف استعداد بلاده لمساعدة الأطراف اللبنانية على التلاقي، من دون التدخل في الشؤون الداخلية». وشدد على «أنهم مستعدون لدعم الجيش اللبناني لمكافحة الإرهاب».
وأشارت المصادر إلى «أن بوغدانوف أكد تأييد بلاده للنظام في سورية، وأن الأميركيين يرتكبون الأخطاء في هذا البلد».
وأبلغت مصادر تيار المستقبل «البناء» أن لقاء رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة مع بوغدانوف كان جيداً، وأن الطرفين أجمعا على ضرورة انتخاب رئيس توافقي، والنأي بالنفس عن الأزمة السورية، ومواجهة التطرف والإرهاب» لا سيما أن تيار المستقبل يمثل تيار الاعتدال ويشكل عامل استقرار للبنان».
وفي الشأن السوري، أكدت مصادر «المستقبل» أن «وجهات النظر كانت مختلفة ومتباينة، فالموفد الروسي، أكد «أن الرئيس السوري بشار الأسد هو رئيس شرعي وأن لا بديل عنه، وأن تنحيه يتم بالاتفاق الداخلي». وأكد أنه لا بد من الحوار بين المعارضة والدولة السورية، وأن بلاده تحضر لذلك،» مشدداً على «أن روسيا لن تقوم بتنفيذ طلبات الغرب بتنحي الأسد».
على صعيد الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل والاستحقاق الرئاسي، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «الجميع بات مقتنعاً بأنه لا يجوز ترك البلاد من دون رئيس، إلا أن لا مؤشرات في الأفق على انتخابه»، مشددة على أن الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله سيركز على الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب، والوضع الأمني، لا سيما أن الجميع متخوفون من تدهوره مع تنامي الإرهاب وتداعياته التي باتت هاجس الجميع».
إلى ذلك، وبعدما دعا رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الجميع للنزول إلى ساحة النجمة للاختيار بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، وج�'ه جعجع نداءً إلى عون خيره فيه بين أمرين: إما أن يتوجه نواب تكتل التغيير والإصلاح الأربعاء المقبل إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية وإما الجلوس سوياً للتفاهم على بعض الأسماء ونتوجه بهم إلى مجلس النواب».