قائد «سرايا المقاومة» يخرج عن صمته ويكشف: هذه هي أسرارنا!“سرايا المقاومة”، ذراع “حزب الله” المنتشرة في كل المناطق، تخرج عن صمتها. القائد الأعلى للسرايا يقول ان “مشروع الدفاع الوطني يعني كل مواطن لبناني، ونحن جزء من الاستراتيجية الدفاعية المستقبلية”.
رحلة التحرّي عن “سرايا المقاومة” معقدة ولا يمكنك، مهما حاولت، تجاوز واقع أنها جسم عسكري – أمني مرتبط مباشرة بأمن “حزب الله” السياسي. هذه المنظومة الدفاعية التي يعتبرها الحزب جزءاً من “المفاجآت” في أي حرب مقبلة مع اسرائيل، لها دور في الحرب على الارهاب أيضاً. تنظيم “السرايا”: من، كيف ولماذا؟
عام 1997، بعيد تقديم مجموعة شبان واجب العزاء بالشهيد هادي نصرالله، عرض بعضهم على الأمين العام لـ”حزب الله” أن يفتح المجال أمام من يريدون الالتحاق بالمقاومة من غير الشيعة. استجاب الحزب، وافُتتح عمل “السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي” في الرابع عشر من آذار 1997 بأول عملية ضد الاحتلال عند مواقع حداثا – برعشيت – السويداء. كرت سبحة العمليات ضد الاحتلال حتى وصلت الى ما يقارب 400 عملية. لكن المسألة لم تنته، وبقيت السرايا ناشطة على الساحتين الأمنية والعسكرية رغم التحرير عام 2000. وكان لها، في حرب تموز عام 2006، دور لوجيستي مباشر في الرصد والاستطلاع والمساعدة في نقل الصواريخ والأعتدة وحتى في المشاركة العسكرية في البقاع الغربي.
دور ثابت ومهمات متحركة
تغيرت نظرة “حزب الله” الى السرايا بعد حرب تموز، فكما قيّمت اسرائيل الحرب عبر لجنة “فينوغراد”، قيّم الحزب نقاط القوة والضعف. أظهر التقييم، بحسب قائدها الأعلى، حاجة ملحة الى زرع خلايا على امتداد الوطن. فكانت فكرة انشاء “وحدات مواجهة الانزال” للتصدي لأي عدوان في أي ساحة. وعلى سبيل المثال، اذا ما فكرت اسرائيل بانزال في منطقة جونية الواقعة بحسب التقسيم الجيوسياسي خارج مناطق نفوذ “حزب الله”، يتصدى لها عناصر “السرايا” الى حين وصول الجيش، والدعم المناسب. هنا يشدد القائد الأعلى على تنسيق تام مع كل الأجهزة الأمنية ومع الجيش اللبناني خصوصاً.
يجيب قائد “السرايا” عن الأسئلة ببرودة تامة. يحتسي الشاي محلّى بسكّر، ويستعين بالفنجان كلما احتاج الجواب الى المراجعة. في مكتبه، تلفتك البزة العسكرية ومحطة الأخبار غير اللبنانية التي يتابعها. يتوسط العلم اللبناني علم “حزب الله” لجهة اليمين وعلم “السرايا” لجهة اليسار فيما تعتلي صور قيادات الحزب وعماد مغنية الجدران. المشهدية غريبة بعض الشيء: فقبل دخولك المكتب، تلفتك كثرة عناصر الأمن، وبعد دخوله، من الصعب بل من المستحيل أن تسمع ولو همسة خارجة عن المطلوب، كما لو أنَّ الموجودين خارجه تبخروا، مما يؤكد أن الجدران عازلة للصوت.
في خضم المقابلة الخاصة، يردد “الحاج” – قائد السرايا المتحفَظ عن اسمه – كلمة “أولادنا” ويعني بها عناصر السرايا، ويؤكد أن للعمل العسكري طابعاً سرّياً لحماية جسم السرايا وهيكليتها من أي اختراق ولحماية كوادرها وعناصرها. ورغم أن طلبات الانتساب الى السرايا تعد بالآلاف من كل الطوائف والمذاهب، يؤكد “الحاج” أن أكثر الطلبات تعود الى شباب مسيحيين. “مجموعات دير الأحمر ورأس بعلبك في السرايا محض مسيحية، من العناصر الى القيادات، وهم بالمئات”، ويتابع: “ان المعركة مع التكفيريين لا يمكن أن تنحصر بطرف لبناني واحد بل هي مفروضة علينا جميعا”.
معركتا عبرا وعرسال ودور “السرايا”
الكل يعلم ما هو رصيد “السرايا” في معركة عبرا. فقد هاجم مسلحو الشيخ أحمد الأسير “السرايا” أكثر مما هاجم “حزب الله”. المفاجئ هو اعتراف قائد “السرايا” بالمشاركة الفعلية في المعركة. وفي التفاصيل أن عناصر منها تحركوا عند بدء المعارك بدون توجيهات القيادة لاسعاف عناصر الجيش، وتمكنوا من سحب خمسة شهداء للجيش وأحد عشر جريحاً اثر كمين تعرضوا له. ونظراً الى التنسيق العالي بين “السرايا” والجيش وواقع الأمر في صيدا، انتشر عدد كبير من عناصر “السرايا” في صيدا القديمة للتحذير من أي عمل قد تقوم به المجموعات السلفية من داخل مخيم عين الحلوة، وأمنوا مناطق صيدا القديمة (القياعة وشرق عبرا وغيرهما). وعلى ذمة “الحاج” الراوي أيضاً، اشتبكت “السرايا” مع مجموعة مؤيدة للأسير لدى خروجها من المخيم لمهاجمة الجيش وتمكنت من صدها.
أما عن دور “السرايا” في معركة عرسال، فيؤكد الحاج أن اليد كانت على الزناد، والعناصر كانوا في أعلى درجات الجهوزية، لكن الأمر لم يتطلب التدخل، فأفواج الجيش الخاصة لم تكن في حاجة الى المساعدة. ويضيف أن “العين كانت على العدو الارهابي ولم تزل وقمنا بمراقبة مسرح العمليات عن كثب. وأي هجوم على المناطق اللبنانية الحدودية سيواجهه أبناء السرايا المنتشرون في كل القرى والبلدات”.
بعضهم يعتبر أن “حزب الله” يحاول اختراق المجتمع “الآخَر” عبر “السرايا”، و”الحاج” يقول ان “حزب الله” يعمل على “نشر الفكر المقاوم وتعزيزه في كل المناطق مع الحفاظ على خصوصيات كل نسيج اجتماعي. ويذكر أن النائب فادي الأعور كان قائداً في السرايا” وشارك في العمل العسكري ضد الاحتلال، ليؤكد ان لا محاولة لاستدرار المشكلات أو لخلق حساسيات طائفية، لكن واقع الأمر يدعو الى مراجعة ما يقال هنا أو هناك، والسؤال مشروع: هل للحزب هدف وحيد هو حماية اللبنانيين أم أنه يسعى الى اختراق الساحات والمجتمعات المختلفة في لبنان بهدف إقامة بيئة حاضنة له؟
* النهار