الجولاني وحقائق الميدان – خفايا خروج أمير «النصرة» من الميدانلا يستطيع أحد أن ينكر حالة الانهيار والهزائم التي تعيشها جبهة النصرة منذ خسارة معركة القصير امتداداً الى يبرود والقلمون مرور بالغوطة الشرقية وصولاً الى عاصمتهم في ريف حماة مورك، ما استدعى تدخل المدعو أبو محمد الجولاني زعيم النصرة مباشرة في محاولة منه لرفع معنويات مقاتليه واعادة تنظيم صفوف الجبهة .
نعم لقد خرج الجولاني عن صمته وتجرع مرارة هزائمه، وتكلم في تسجيل صوتي له بثته المنارة البيضاء، المكلفة بالإصدارات الإعلامية لـ”النصرة” تم بثه عبر الانترنت، وحمل هذا التسجيل العديد من التناقضات والانتصارات المزيفة الواهية، التي لا وجود لها إلا في خيال الجولاني واحلام اليقظة التي يعاني منها، مع رهاب واضح من حزب الله والمقاومة الاسلامية.
تحدث الجولاني المهزوم نفسياً وعلى الأرض عن “حساسية وصول المقاتلين الى الحدود مع اسرائيل” متناسياً ان كيان الاحتلال الاسرائيلي نفسه جاهر بالدعم الذي يقدمه لجبهة النصرة، فلم يعد خافياً على احد ما قاله قادة الكيان عن هذا التعاون غير المخفي، وان جزءا من المخطط هناك يقتضي وجود جبهة النصرة المرشحة لان تكون التوأم الحقيقي لجيش العميل انطوان لحد في جنوب لبنان. وربما كان يقصد بحساسية اكتشاف الجميع ان الكيان الاسرائيلي يقدم الدعم اللوجستي بالإضافة الى علاج جرحاه وفتح المعابر غير الشرعية مع الجولان السوري المحتل، بالإضافة الى نقل الاسلحة والعتاد القادم عبر الاردن والسعودية اليهم.
هذا المرور السريع على ما يحدث في القنيطرة، تبعه الحديث عن ما قال عنه تواجد لجبهة النصرة في الغوطة الشرقية لدمشق، وتحدث عن معركة المليحة، وكأنما المستمع له يعيش في كوكب اخر ويعلم كيف انهارت جبهة النصرة في المليحة وفرت هاربة امام ضربات الجيش السوري وحلفائه، وان الخلافات التي نشبت بين ما يسمى بجيش الاسلام وجبهة النصرة في المليحة، كانت تطفو على سطح الهزائم في ذلك المحور، وهذا الهراء الذي تحدث به لا يرتقي الى مستوى المعلومات الميدانية الدقيقة، كونه لا يستطيع ان يتحدث بمعلومات قد تؤثر اكثر واكثر على معنويات مقاتليه المنهارة اصلاً، بعد الفضائح التي كشفت عن اهم قادته وهو المدعو ابو مالك التلي، والذي تحدث عنه الجولاني على انه يقود المعارك في القلمون التي بات فيها عناصر النصرة بين دخول فصل الشتاء الذي سيجعلهم يتجمدون في مخابئهم وضربات وكمائن وانتشار الجيش السوري واللبناني والمقاومة الاسلامية على جانبي الحدود السورية ـ اللبنانية.وانتقل بعدها للتحدث عما اسماه “الاثر الاكبر” لجبهة النصرة في السيطرة على مدينة خان شيخون، بعد اضطراب في الاتجاهات كون تلك المنطقة تتبع لريف ادلب، ما يشكل مصداقاً عقلياً على عدم معرفته التامة بما يحدث حوله، وبالتأكيد اغفل تطهير مدينة مورك والقرى المحيطة فيها وفرار مقاتليه منها مخلفين خلفهم اسلحتهم وعتادهم، ولم يذكر ايضا انه اصبح وجودهم في ريف حماة الشمالي والغربي معدوماً، وان تلك المعركة شكلت ضربة حقيقية وخسارة فادحة لهم، لن تعوض بانجازات وهمية يسوق لها في هذا المحور او ذلك، وبالطبع يعلم جيداً الجولاني ان معارك خان شيخون اصبحت في مرحلة الحسم، وان ايامهم معدودة في تلك القرية.
الجولاني وحقائق الميدان
وفي خضم كل ذلك الغبار الذي اثاره حوله الجولاني، وهو يتحدث عن تلك الانتصارات لم ينس حلب، وفيها المعركة الكبرى، حيث لم يخبره مساعدوه ان الجيش السوري قد طهر ونظف منطقة حندرات منذ اسابيع وان الجيش استطاع قطع طرق امداده بعد سيطرته على المسلمية، وغطت جدران كهفه على اخبار الكاستلو والجندول، والعجيب في الامر ان الجميع استمع لرسائل التوسل التي وجهها مقاتلوه في حندرات ومحيط معمل الاسمنت ومعمل الزجاج وكيف انهاروا وفروا امام ضربات الجيش السوري.
وفي هذا السياق لم يذكر الجولاني عن أسرار تبوؤ الأردنيين، مراكز حساسة وقيادية في صفوف جبهة النصرة، والتي تأتي في الوقت الذي تمكنت فيه جبهة النصرة من طرد ما يسمى بجبهة ثوار سوريا من معظم مناطق ريف إدلب. لم يذكر الجولاني الدكتور سامي العريدي، كما ذكر ابو مالك التلي، بعد ان بات العريدي المفتي الشرعي العام لجبهة النصرة، بعد عزل ابو ماريا القحطاني الذي كان يعد الرجل الثاني في جبهة النصرة، ورفض القيادة الحالية للنصرة، اشتراكه في لجنة التحكيم ووقف النزاع بين النصرة وما يسمى بثوار سوريا، مطالبة باستبداله بالداعية السعودي عبد الله المحسيني. في الوقت الذي بات فيه قرار النصرة في ريف ادلب بيد المدعو ابو عكرمة الأردني، وابو قدامة، والأخير هو الذي اتخذ القرار بضرب جبهة جمال معروف وطرده من معقله في جبل الزاوية.
كما لم يذكر الجولاني القيادة العسكرية للجبهة في منطقة درعا على الحدود الاردنية، والتي سلم فيها القيادة إلى أحد الضباط السابقين في الإستخبارات العسكرية الأردنية، بينما تربع ابو خديجة الأردني على كرسي شرعي الجبهة في الغوطة الشرقية. إلى جانب هؤلاء، اخفى الجولاني دور “الداعية” إياد القنيبي، والدكتور أكرم حجازي، اللذين يفاخران بقربهما من الجبهة، علما بأنهما يزاولان نشاطهما تحت مرأى ومسمع الإستخبارات الأردنية.
فلماذا لم يتحدث عنهم الجولاني وعن تولي الأردنيين للمهام القيادية في جبهة النصرة، وهم المعروفون بانتمائهم للمخابرات الاردنية.
اما حديثه عن المعركة القادمة مع لبنان وانها لم تبدأ فسنتركه للمقال القادم وبالتفاصيل كيف بدأت عناصره مع بداية الحرب في سورية قبل اكثر من ثلاث سنوات بتهجير وطرد اهالي القرى من غرب العاصي ومن قرى القصير وهم اللبنانيون المقيمون داخل الاراضي السورية.
العهد