من ثقب الباب لا من ثقب الأوزون

من ثقب الباب لا من ثقب الأوزون

05 نوفمبر 2014

نبيه البرجي
الحداد يليق بالجمهورية…
جمهورية الطوائف، والمذاهب، والقبائل، في ذلك الاربعاء الاسود الذي اعلّنا فيه البيعة لمولانا الخليفة. هل يختلف مفهوم الديمقراطية لدى اهل السياسة عندنا(راضخين ام رافضين) عن مفهوم الديمقراطية لدى ابي بكر البغدادي؟
نحن هكذا، جماهير الجماهيرية، جماهير البهورة( والهوارة) الذين نفاخر بأن آباءنا الفينيقيين ، ولم نعد نقول آباءنا العرب، سبقوا كريستوف كولومبس الى بلاد الالدورادو، كما نباهي بأننا سبقنا نيل ارمسترونغ الى القمر عندما غنت فيروز لسعيد عقل «نحنا والقمر جيران». نحن والعصر الحجري…جيران.
ليس اعتراضا على التمديد لان الانتخابات هي التمديد. ماذا يتغيّر اذا كان باستطاعة ملوك الطوائف ان يصنعوا من العصا، او من الدجاجة، او من الذي لا يستطيع ان يفك الحرف، نائباً…
نحن صناديق بشرية و نذهب الى صناديق الاقتراع. كم كان منظر المراقبين الدوليين مضحكاَ، وهم يتابعون فولكلورياً كيف نبصم بالحبر(حقا نبصم بالدم… دم العبيد)، ثم نظهر بوجوه ضاحكة امام الكاميرات التي تصطادنا مثلما يصطاد طبق الحلوى الذباب…
لسنا نحن الذين اخترعنا مصطلح «الذباب الديمقراطي». هو وول سوينكا، النيجيري الحائز نوبل في الآداب، الذي كتب عن يوم الاقتراع. تساءل بدهشة كيف يقترع الذباب. لم يقل ان الذباب يقترع للذئاب…
الاعتراض فقط لاننا نعامل، فعلا لا قولاً، مثل الذباب. الآن يصرخون بأعلى صوتهم. يريدون الانتخابات. اولئك الذين عجزوا عن انتاج قانون انتخابات يليق بالمخلوقات البشرية (ايها السادة نقبل بقانون يليق بابناء عمومتنا القردة). يقولون الآن بالانتخابات، وعلى اساس ذلك القانون الذي، كما كل قانون آخر، جعل منا قصاصات بشرية، او جراثيم بشرية تأكل بعضها البعض، فيما نتغنى بالتعددية والتنوع بل و بعبقرية التنوع…
على الاقل لو اتانا ابو بكر البغدادي، بلحيته المشغولة باتقان، او لو اتانا سراج الدين زريقات بلغته التي لا تختلف بأي حال عن لغة الضفادع (نحن الذين ارهقتنا لغة الضفادع وثقافة الضفادع)، لكان قطع رؤوسنا علناً، ولما غسل ادمغتنا كما تغسل الاطباق لكي تزداد بريقا ولو كان بريق الزجاج او تراه بريق الخزف…
حقاً، كيف يمكن لطبقة سياسية ان تضحك على الناس الى هذا الحد؟ المشكلة اننا كما اسنان المشط نصدق ونصفق، واحيانا نهزج لهذا الفريق او للفريق الآخر (لاحظوا كم تتكرر هذه العبارة في اليوم).
يطلقون شائعة حول المثالثة، يصدقونها وتنهال علينا التصريحات مثل السياط، كما لو اننا لا نمارس ما هو اسوأ بكثير من المثالثة بعدما نجح المسيحيون في تهميش انفسهم، ونجح الآخرون في الغائهم، حتى بدت صيحات الذين يدعون الى انتخاب رئيس للجمهورية كما لو انها صيحات المتسولين على الارصفة…
اي رئيس جمهورية حين يضعه دستور الجمهورية الثانية داخل قفص زجاجي، ودون ان ننحاز الى رأي او الى اقتراح احد؟ ليكن ذلك الرئيس الذي ينتخب من الشعب والذين نريده ديكتاتورا بما تعنيه الكلمة لاننا بحاجة الى من يعيد تجميعنا ولو بالعصا، اعادتنا الى الوعي ولو بالعصا، غسل وجوهنا ولو بالعصا بعدما تحولنا الى كائنات صدئة، ومترهلة. ولقد كتبنا ذات يوم عن «جمهورية الباريزيانا». ذلك المقهى الذي كان اصحاب الطرابيش (والاراكيل) فيه يصفقون لمغنية او لراقصة من الدرجة الثالثة..
لا نريد رئيسا من الدرجة الثالثة، بل نريد رئيسا يتعهد بتفكيك جمهورية الباريزيانا، ويكون بحجم كونراد اديناور وشارل ديغول وونستون تشرشل، ليعيد، بالقامة العالية و بالمسؤولية العالية، صياغتنا من جديد لاننا حجارة محطمة على رقعة الشطرنج. ساستنا كذلك..
المفكر السياسي الفرنسي الشهير موريس دوفرجيه هو من قال ان قانون الانتخاب يكاد يفوق، في احيان كثيرة، الدستور في تعبئة الناس، وفي تحديث مفاهيمهم وجعلها اكثر قابلية للتفاعل مع الازمنة. أليس قانون الانتخاب عندنا اشبه ما يكون بمستودع للدمى؟
قد يسخر البعض لاننا اخذنا اديناور و ديغول وتشرشل. نقبل بنصف اديناور وبنصف ديغول و بنصف تشرشل. وليس صحيحا انه لا يوجد بيننا رجال بعيدون عن الشاشات، وعن تلك الببغائية القاتلة، وانهم اهل لقيادتنا في هذه الحقبة التي يتفكك بل يتفتت فيها الشرق الاوسط (لاحظوا اننا نعنى ببقاء الدول لا ببقاء الشعوب)..
لبنان في عين الاعصار. لنتجاوز، مرحليا، الاربعاء الاسود، ونقول ان هناك بارقة امل في استعادة الحوار، وفي تلقف اللبنانيين الحالة اللبنانية. نزيل «داعش» من صدورنا ليتسنى لنا ازالتها من اراضينا…
فرصة اخيرة للطبقة السياسية، وقبل ان يطبق عليها من يطبقون على المنطقة، لكي تنظر الى لبنان ولو من ثقب الباب لا من ثقب الاوزون. نعدكم بأننا لن نرفع المكانس. نستكين. لكننا خارج الغباء وخارج الغيبوبة، نقول لكم ان ساعة الضمير قد دقت. امس اعدتم عقارب الساعة الى الوراء. غداً يوم آخر…
الديار

» زيارة الباب ...بعين حزب الله
» أعداء سوريا أمام الباب المسدود
» هل يدخل الاردن الازمة السورية من الباب العريض ؟
» كيف سقطت مدينة الباب بيد داعش ؟ .. تفاصيل الايام الستة
» الهزائم تربك المعارضة: الجيش السوري على أبواب «الباب»