تركيا.. الخلافة الاسلامية المؤقتة في مواجهة أولوية القضية الفلسطينيةحمزة جمول – البديل
من المسلم به انه لا يمكن فصل ما يجري في العالم العربي خصوصاً في سوريا، مصر والعراق عما يجري وعما سيحدث مستقبلا ً في فلسطين .
تأتي هذه المقاربة في إطار الرصد المستمر للمخطط الصهيوني القائم على الاستيلاء على الاراضي العربية، تهويدها وإعلان قيام “دولة اسرائيل الكبرى”. يجري كل هذا في وتيرة متقدمة ومترابطة مع الاحتلال الصهيوني المستمر للاراضي الفلسطينية، تنامي الاستيطان وفي ظل التطورات المحلية الفلسطينية المتمثلة في انعدام امكانية التوصل الى اتفاق وطني شامل وغياب قيادة شرعية فلسطينية تأخذ على عاتقها مسؤولية القرارات المصيرية للشعب الفلسطيني .
في الاطار ذاته، لا تقل هذه المعطيات اهمية عن المتغيرات الإقليمية المتمثلة في سقوط حكم الإخوان في مصر وتلك الدولية المتمثلة في تنامي التنافس الروسي – الصيني الامريكي.
بالعودة الى القضية الفلسطينية، يدفع كل ما تقدم الى تاكيد النظرية القائلة انه لن يكتب النجاح لأي عملية تسوية في الشرق الاوسط خارج التفاهم الامريكي مع الثنائي الروسي – الصيني ومن دون رعاية الرباعية الاقليمية مصر، سوريا، إيران والمملكة العربية السعودية.
تخدم الصراعات القائمة في الشرق الاوسط المشروع الصهيوني من خلال إضعاف دور الدول العربية وتدمير جيوشها تمهيداً لتقسيمها الى دويلات طائفية ومذهبية. تسعى كل هذه الاحداث الى النيل من القضية الفلسطينية وتمرير مبادرات سلام من دون اي فيتو عربي وذلك من خلال تنصيب انظمة في سورية، مصر والعراق لا تعارض يهودية الدولة وتدفع باتجاه الوطن البديل كأساس للتسوية في الشرق الاوسط .
ضمن ذات الاطار، عملت “اسرائيل ” من خلال عدوانها على لبنان في العام ٢٠٠٦ وعلى غزة ٢٠١٤ الى إختبار جهوزية كل من حزب الله وحركة الجهاد الاسلامي وطبيعة السلاح الذي استلمته الاخيرة بعد حرب 2012 (اي في خضم الازمة السورية). هكذا كان العدوان على غزة بمثابة مناورة بالذخيرة الحية تحدد أفق الصراع العربي الاسرائيلي وتحدد طبيعة معركة الشرق الاوسط القادمة في حال فشل المشروع التقسيمي – الربيع العربي .
ان فشل المشروع الصهيوني في تدمير الدولة السورية، المصرية والعراقية عن طريق الثورات عزز من مكانة الدور الذي يجب ان تلعبه الجماعات الإرهابية ” المتأسلمة ” تماشياً مع ما كان يطرحه بريجنسكي في محاربة السوفيات؛ الاستعانة بالجهاديين الإسلاميين .
تلعب التيارات الاسلامية المتشددة والمنحدرة من حركة الاخوان المسلمين، دوراً مهماً في دعم المشروع التقسيمي وذلك اما من خلال المشاركة العسكرية ضد الدولة في سوريا واما من خلال تغذية الفتنة في مصر. تلعب تركيا دوراً أساسياً من خلال التمويل، الدعم والترويج لهذه الحركة كونها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يحقق الرئيس رجب طيب اردوغان خلافته الاسلامية.
تعمل تركيا على تنامي حالة اللاستقرار في مصر وعلى ألا تنطفئ نار حرب سوريا. لا تخدم هذه المعطيات الامة العربية اذ تساهم في إضعاف الدول العربية الرئيسية، تحول فلسطين الى قضية لا تتمتع بالأولوية وتقضي على كل ما تبقى من صورة إيجابية عن الاسلام.
بالمحصلة، تستمر تركيا وأدواتها في المنطقة في تفضيل مشروع التقسيم لتحقيق ما يمكن تعريفه ب ” الخلافة الاسلامية المؤقتة ” على حساب القضية الفلسطينية. ضمن هذا الاطار، لا تقل خطورة تركيا ومشروعها ” الاسلامي” عن خطورة ” اسرائيل ” ومشروعها الصهيوني.