قصة مشوّقة عن صراع «النصرة» و«داعش» حول «نفير النساء»اشتعل “تويتر” مرة اخرى، بواحدة من صولات وجولات المعارك، التي يشهدها موقع التواصل الاجتماعي هذا، بين “جبهة النصرة” من جهة وتنظيم “الدولة الاسلامية” من جهة ثانية. وموضوع الخلاف بين الطرفين، هذه المرة، هو “نفير” المسلمات الى سوريا. وكان قد بدأ بمناوشات على حسابات متفرقة، واشتد وتركز مع هاشتاغ #لا_لنفير_النساء الذي اطلقه مغرد من “النصرة”، استوحاه من سلسلة تغريدات لـ”ابو ماريا القحطاني الشرعي” في “النصرة”، تناول فيها هذا الموضوع تحت عنوان “نسف مذهب خرافة الشهوات”.
إهانة وتعذيب
وحين تدور مثل تلك المعارك، فان غبارها ينجلي عن قصص ووقائع، تنشر في الاصل لتقبيح صورة فريق من الفريقين.
وهكذا اطلعنا على قصة رجل صومالي تركت ابنتاه منزلهما الوالدي في النرويج، مع رسالة موجهة الى والدهما “انت علمتنا الجهاد النظري ونحن اليوم نطبقه عملياً”. سافر الوالد الى سوريا، بعد ان ورده اتصال بان ابنتيه في سوريا، وانهما في مكان خطر ويجب عليه ان يدفع مبلغا حتى يخرجا. هناك التقى الوالد في أطمة، راوي هذه القصة مجاهد جزراوي، الشرعي في “النصرة”، ورفاق له. فاخذت “الجبهة” على عاتقها استعادة الابنتين، وتفاوضت عبر رقم كانت قد اتصلت عبره واحدة من الاختين بوالدها باكية. وفي اليوم الذي اتفق عليه لتسليمهما في أطمة، حضر رجل نيجيري بسيارة ومعه الفتاتان، وحصلت مشادة بينه وبين عناصر “النصرة”، فرّ على اثرها بسيارته، فاطلقوا عليه النار. لجأ الرجل مع الفتاتين، التي اصيبت احداهما برجلها، الى حاجز لـ “الدولة الاسلامية” في أطمة مستنجداً بهم كونه من جنودها، وكاد ان يقع اشتباك بين عناصر “الجبهة” و”الدولة”، لينتهي الامر امام محكمة أطمة، قبل ان يجري تحويل القضية الى محكمة الدانة، حيث رفع الوالد دعوى. وهناك اخبروه بان الفتاة الكبرى تم تزويجها من احد جنود “الدولة” بعقد شرعي من المحكمة. وسجنوه 12 يوما، قضى 9 ايام منها في الانفرادي، بتهمة العمالة لتركيا، وتعرض للاهانة التعذيب والتهديد بالقتل. الى ان قضى مسؤول المحاكم من آل النجدي ببراءة الوالد واوصله الى أطمة مع نصيحة بالخروج من سوريا. فامتثل الوالد تاركاً ابنتيه في سوريا، موضحاً لراوي القصة، الذي حاول اقناعه بالبقاء وتأمين الحماية له والسعي لاخراج ابنتيه: “ما استطعت ان افعل لهما شيئاً، رفضوا حتى ان اجلس معهما”.
جدل الولاية
ويضيف الراوي بانه التقى زوج الابنة الكبرى وهو نيجيري ويسكن في كفر جوم، وحصل نقاش بينهما عن زواجه من فتاة بغير اذن وليها. فكان رد الزوج “ليس لابيها ولاية عليها، ولي امرها البغدادي وانا تزوجت بعقد شرعي من المحكمة”.
والجدل “التويتري” حول مسألة “نفير المسلمات”، ناقش ايضا في احد جوانبه، ان كان يصحّ شرعا ان تنفر المرأة من دون محرم، وتزوج من دون موافقة ولي امرها. فرأى مؤيد للنصرة بان “لا فرق بين من تطالب بالنفير وحدها، وبين من تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة”. فاتهمت الجبهة بانها تتبنى منطق العلمانيين، وشهر بوجهها امثلة عن نساء الصحابة، ورسالة لزوجة ايمن الظواهري الى المسلمات.
وقد أظهرت التغريدات حول الموضوع، الأخطار التي تحدق بالنساء في سوريا، ونورد في الآتي نماذج عنها: “أصبحت المهاجرة، عند أدعياء الغيرة، تتزوج 4- 5 مرات ليس لاستشهاد زوجها بل لانه اذا انتقل لمنطقة اخرى طلقها ليتلقفها غيره”.”قال أخ مهاجر لي انه سعى لتزويج مهاجر. وبعد زواجه بفترة من اخت سورية رجع الى بلده!! ثم ماذا؟”، “ليس شخص واحد او اثنين او ثلاثة بل كثير ترك زوجته الانصارية، كالمعلقة لا هي متزوجة ولا مطلقة، وهرب. فكيف بك ايتها المهاجرة؟ من لك هنا وانت مهاجرة؟”، “داعش يحثون الفتيات على الهرب من اهلهن لارض ينتشر بها الاغتصاب، ويعلمون تعرضهن للاغتصاب من قبل الثوار، فيستبيحون دمائهم”، “ما الذي يريده الدواعش من نفير فتيات بعمر الزهور؟ الم يكفهم ما فعلوه من استغلال حالة الحرب وظلم الشاميات وبخس مهورهن؟”.
“دار حرب”
ونفير النساء هو وجه من اوجه الخلاف الاساسي بين “الدولة الاسلامية” الذي اعلن “دولة الخلافة” داعياً المسلمين للالتحاق بها، وبين “جبهة النصرة” التي تعتبر ارض الشام “دار حرب”، “فليس في الشام سلطان تام لاهل الاسلام”، “والمجاهدون في حرج وضيق على حرائر الشام ليأتي السفهاء، فيزيدون العبء بتشجيع نساء الخارج للقدوم”. وعن “خطر نفير المرأة للجهاد في الوقت الحالي”، جرى اعادة نشر ما كتبه عصام المعمر، عن “مأساة وجود نساء في ارض قتال ليست ارض قومها”، من تجربته الشخصية يوم سقطت افغانستان من يد طالبان، فاضحت نساء العرب وبناتهن غنائم، فيما وجدت نسوة الافغان قبائل تحميهن، مضيفاً “حصل ما حصل، ولم تستقر ارض كما استقرت افغانستان. لا تخاطروا باعراضنا ليس الآن”.
على طريقة هوليوود
هجوم “النصرة” على غريمها تنظيم “الدولة الاسلامية” كان قد سبقه ضربة اعلامية للاخير، على طريقة هوليوود، عندما جرى تحويل قصة شاعرة الدولة الاسلامية “حلم النصر” التي “نفرت” الى “ولاية الرقة” من بلادها السعودية، الى هاشتاغ #نفير_احلام_النصر، واصدار “الغرباء للاعلام” قصتها. تروي لنا فيها فصول محاولتها المتكررة “النفير”، الى ان وصلت الى الرقة، “ارض الخلافة”، ارض احلامها، حيث “الاطفال يلعبون بمرح وسعادة، باعواد الخشب، على انها اسلحة، سيقتلون بها الكفار والمرتدين يرددون “دولة الخلافة باقية”. والناس منصرفة الى اعمالها، فالقصف بالنسبة لها “يمكن اعتباره كحوادث السيارات في اي بلد في العالم”. تشاركنا سعادتها عندما كلفت بالطهي للمجاهدين. وتحدثنا عن لذة التسوق في “ارض الخلافة” حيث “اول متجر دخلته في ولاية الرقة كان متجر سلاح، يا للروعة”. فاهداها من معها “قنبلة صوتية وخنجراً، وطلقة دوشكا وراية الخلافة”. وتتابع الشاعرة التي تدربت على السلاح راوية ان من كان معها حين تدربت على الرماية قال لها “تخيّلي ان امامك زعماء تنظيمات الحلف الكافر”. فالسلاح بات لا يبارح كف الشاعرة التي حملت بندقية “روسية واميركية” سائلة “الله تعالى ان تفجر رأس كافر قريباً وتنحر علجاً مرتدا”.
ولتكتمل القصة، فان احلام النصر، وبعد وصولها مباشرة الى الرقة، عقدت قرانها على “ابو اسامة الغريب”، وهو إمام مغربي الاصل، نمساوي الجنسية، التحق هو الآخر بـ “الدولة الاسلامية”. وسبق ان نشرت له “الغرباء للاعلام” كتيباً بعنوان: “المحكم في هجرة المرأة من غير محرم”. فانهالت التهاني على الزوجين عبر هاشتاغ: #مبارك_زواج_ابو_اسامة_الغريب_واحلام_النصر.