أمراء «جبهة النصرة» هاربون في تركياعبدالله سليمان علي – صحيفة السفير
تحتضن الأراضي التركية عدداً من «أمراء جبهة النصرة في الشرقية» ممن هربوا إليها بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» على المنطقة، ويتفرغ هؤلاء لإدارة أعمالهم وثرواتهم من دون أن يقطعوا علاقتهم «الجهادية» مع تنظيمهم الأم أو غيره، في الوقت الذي أطلقت فيه «جبهة ثوار سوريا» سراح أمير «الكتيبة الخضراء» السعودي عمر سيف، بعد فشل مفاوضات تسليمه إلى سلطات بلاده في مقابل مبلغ مالي.
(جبهة ثوار سوريا) تتاجر بقادة (الجهاد)
وبالرغم من أن عدداً من أمراء «جبهة النصرة»، وخصوصاً الأجانب منهم مثل أبي ماريا القحطاني وأبي الليث التبوكي وأبي حسن الكويتي، فضّلوا الانتقال إلى ريف درعا بعد اضطرارهم للهروب من دير الزور في أعقاب سيطرة «داعش» على معاقلهم فيها، إلا ان قياديين آخرين تحمل غالبيتهم الجنسية السورية، آثروا التوجه نحو تركيا بعدما تضاءلت فرص استلامهم مناصب مهمة تدر عليهم الأموال، كما كانت الحال في دير الزور حيث آبار النفط.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن ما لا يقلّ عن عشرة قياديين كانت تستلم مناصب مهمة داخل «جبهة النصرة في الشرقية»، تمكنوا من الهرب من ملاحقة عناصر «داعش» لهم، وعبور الحدود باتجاه الأراضي التركية حيث أقاموا في أماكن متفرقة، من دون أن تعترضهم أجهزة الأمن التركية إما لعدم امتلاكها معلومات كافية عن هوياتهم الحقيقية، أو استمراراً منها في سياسة غض الطرف عن نشاط المسلحين على حدودها.
وأكد مصدر كان على معرفة ببعض هذه القيادات لـ«السفير» أن عدداً من قادة «جبهة النصرة» الهاربين تمكن من الوصول إلى دول أوروبية لم يسمّها، حيث يقيمون هناك من دون أي ملاحقات أمنية تدل على معرفة أجهزة أمن تلك البلدان بهوياتهم أو طبيعة النشاط الذي كانوا يقومون به في سوريا.
أما بالنسبة إلى القيادات الهاربة إلى تركيا، فيؤكد المصدر أن بعضهم افتتح أعمالاً تجارية خاصة به من الأموال التي جمعها نتيجة تجارة النفط، مشيراً إلى أن أحد أبرز هؤلاء هو المدعو أبو سعد الجرذي، الذي كان يتولى منصب «مسؤول النفط والمصافي» في «جبهة النصرة»، والذي تقدر ثروته الشخصية بحوالي مئة مليون دولار، بالإضافة إلى أبي عبد الله الكترون «أمير الخط الشرقي في دير الزور»، وآخر ملقب باسم المجاهد الشامي «أمير الخط الغربي» والذي تجمعه علاقة قوية بالجرذي.
ومن غير الواضح ما إذا كان انتقال هؤلاء «الأمراء» إلى تركيا يعني قطعهم العلاقة مع «جبهة النصرة» وترك نشاطاتهم «الجهادية»، أم أنهم يتخذون التجارة والاستثمار عناوين وهمية لإخفاء حقيقة نشاطهم المتمثل بتأمين مصادر تمويل بديلة لـ«جبهة النصرة» بعدما خسرت حقول النفط وما كانت تدره عليها من أموال طائلة، وهو الأرجح.
من جهة ثانية، أكدت مصادر إعلامية مقربة من «جبهة أنصار الدين» أن «جبهة ثوار سوريا» بقيادة جمال معروف أطلقت سراح أمير «الكتيبة الخضراء» السعودي عمر سيف بعد اعتقاله لمدة عشرة أيام متواصلة مع عدد آخر من قيادات «جبهة أنصار الدين».
وأشارت هذه المصادر إلى أن جمال معروف اضطر إلى إطلاق سراح سيف بعد الضغوط الكبيرة التي مورست عليه من قبل عدد من الفصائل الإسلامية المتعاطفة مع الكتيبة، كما أنه فشل في التوصل إلى اتفاق مع السلطات السعودية لتسليمها عمر سيف في مقابل حصوله على مبلغ مالي مرتفع.
وكان عمر سيف تولى قيادة «الكتيبة الخضراء» بعد مقتل أميرها السابق فهد السناني العام الماضي. ومعروف أن «الكتيبة الخضراء» تأسست في ظل الخلاف بين «النصرة» و«داعش» حيث آثر السناني الوقوف على الحياد حينها.
وتتكوّن الكتيبة من انغماسيين وانتحاريين سعوديي الجنسية بمعظمهم ولا يتجاوز عددهم الـ400، وتلقت ضربات قاسية خلال الأشهر السابقة ولا سيما في القلمون، ما تسبب بضعف فعاليتها، وانضمت مؤخراً إلى «جبهة أنصار الدين» التي يقودها صلاح الدين الشيشاني قائد «جيش المهاجرين والأنصار».
وأعاد إطلاق سراح عمر سيف طرح تساؤلات جدية بخصوص مصير أحد أبرز القادة الجهاديين في سوريا وهو أبو عبد العزيز القطري (كان مع أبي ماريا القحطاني أول من صنفتهم واشنطن على قائمة الإرهاب في أواخر العام 2012)، الذي اتهم معروف بقتله أواخر العام الماضي، حيث تشكك مصادر مقربة من «الكتيبة الخضراء» بحقيقة مقتل القطري ولا تستبعد أن يكون معتقلاً في سجون جمال معروف أو أن الأخير قام بتسليمه إلى الولايات المتحدة في مقابل مكاسب خاصة له ولجبهته.