بماذا فكّرت المقاتلة الكردية باريفان ساسون التي حاصرها مسلحو «داعش»؟جوسلين حداد الدبس – موقع التيار
ما الذي كان يأسر تفكيرها في هذه اللحظات الاخيرة التي وجدت نفسها محاطة بالإرهابيين. افراد فرقتها العسكرية قتلن جميعاً. فهن يتنقلن بمجموعة من اربع او ست مقاتلات. فجأة وجدن انفسهن بمحاذاة العدو. وقعن في كمين محكم لسفّاحيه.
دافعهن حتى الرمق الاخير عن موقعهن، لكن العدو يفوقهن عدداً وعتاداً. الواحدة تلو الاخرى، سقطن الى جانب بعضهن. وهي بدأت تنفذ ذخيرتها.
اطلقت النار يميناً ويساراً حتى النهاية. حاولت الا تذهب رصاصاتها سدى. يجب ان تقتل كل واحدة منها ارهابي.
ارهابي قد يكون هاجم بلدتها الصغيرة. قد يكون قتل رفيقة لها، او طفلاً من عمر شقيقها الصغير. قد يكون اغتصب فتاة تشبه شقيقتها الوسطى. اسر اخرى واعتبرها من السبايا. باعها الى من يدفع اكثر من البرابرة امثاله.
في هذه اللحظة، لم تجد باريفان امام نظرها سوى جثث رفيقاتها الملقاة على الارض. عرفت انها، إن استسلمت ستجد ابشع المصائر. في احسن الاحوال سيبيعها البرابرة من بين السبايا، اما في اسوأ السيناريوهات، فاغتصاب جماعي ، تعذيب جسدي، وتمثيل في جثتها بعد قتلها.
أبت ان تستلسم لمصير محتم ّاسود، فتحت هذا الجيب الصغير الكائن الى جانب قلبها في قميصها العسكري. هناك تخبئ كل مقاتلة رصاصة اخيرة. رصاصة الرحمة التي ستجنبها مستقبلاً قاتماً.
بهدوء قاتل ، سحبتها. نظرت الى قطعة الحديد الصغيرة تلك التي تختصر حاضرها وستضع حداً لمستقبلها. ارفقتها بقبلة باردة كما اعصابها. وضعتها في بندقيتها. استذكرت طفولتها، يوم كان الفرح لا يزال موجوداً في حياتها. نظرت الى اولئك البرابرة الذين سلبوا البراءة من عينيها. هم على بعد امتار منها، ينتظرون اللحظة المناسبة للإنقضاض عليها.
فأطلقت النار على قلبها، حارمة اعدائها البرابرة من لذة تعذيبها وسماع صوتها يستغيث لو خانتها عزيمتها او جرأتها.
ضغطت على الزناد، فأنهت في لحظة حياة صبية، تنحني الرؤوس لشجاعة قتالها وبطولتها.