عمليـة الشهيـد ‘حيـدر’.. تثبيـت لمعادلـة أم تغييـر في السياسـة؟..

عمليـة الشهيـد ‘حيـدر’.. تثبيـت لمعادلـة أم تغييـر في السياسـة؟..

Wednesday , 8 October 2014 - بانوراما الشرق الأوسط

أحمد الشرقاوي

الفرق بين حزب الله والجيش اللبناني من جهة، وتيار 14 عميل و”داعش” وأخواتها من جهة أخرى، هو أن الثنائي الأول أثبت خلال محطات عديدة أنه روح وطنية مخلصة في جسدين، إذا أصاب أحدهما مكروه تداعى له الثاني بالحماية والدفاع..
وكان على اللبنانيين أن يفهموا أن إهانة المؤسسة العسكرية وتحميلها من النقد ما لا يحتمل هو تدمير لهذه المعادلة المقدسة، التي لولاها، لما كان للبنان ومن يتصدرون المشهد السياسي اليوم بعهر ونفاق.. من وجود.
ونفس الأمر يمكن أن يقال بالنسبة للثنائي الثاني، لكن في الإتجاه المعاكس، لما نراه من عشق وتوق وشوق وصل حد وصف ‘الإرهابيين’ الذين قتلوا وخطفوا الجنود اللبنانيين في عرسال بـ”الثوار”، والتمني بأن تلتقي الداعشية المسلحة مع الداعشية السياسية في بيروت لغزو الجنوب إنطلاقا من الضاحية، للقضاء على حزب الله وطرده من لبنان ليحل السلام والإزدهار في ظل عصر اليهود.
وبدل الوقوف خلف المؤسسة العسكرية ودعمها سياسيا، وذلك أضعف الإيمان، إستلوا خناجرهم وبدأوا كعادتهم رقصة الطعن في ظهر القلعة الوحيدة الباقية في ما كان يسمى مجازا بـ”دولة لبنان”.
ووصلت بهم الخسة والوقاحة والوضاعة أن شنوا حملة مسعورة على حزب الله بسبب مواجهته للإرهابيين الصهاينة في “غزوة بريتال”، والذي لم يكن مهاجما خارج الأراضي اللبنانية، بل مدافعا عن لبنان وعن جميع اللبنانيين، بمن فيهم “الفنيقيين” الذي تبين أنهم عرب من أصل يمني بشهادة إبن خلدون، لكنهم تنكروا لعروبتهم، وطالبوا الجيش الذي أهانوه عندما حرموه من المبادرة الميدانية، ولم يسلحوه حتى لا يوجه هذا السلاح لصدر الحلفاء اليهود.. طالبوه بربط غرفة عمليات بينه وبين تحالف كافور الإخشيلي وزبانيته لمحاربة الإرهاب.. ليتأكد أن سياسة النأي بالنفس ترفع كفيتو فقط عندما يتعلق الأمر بحزب الله.
والفرق بين تدخلهم الإجرامي والتخريبي في سورية لقتل الشعب السوري خدمة للأمريكي والإسرائيلي، وتدخل حزب الله دفاعا عن لبنان وسورية والمنطقة وما تبقى من شرفاء في هذه الأمة، أوجزه البطريرك الراعي بجملة مفيدة تقول: “لولا حزب الله لكانت (داعش) اليوم في جونيه”، ونحن نضيف لما قاله البطريرك الشجاع: “لولا وجود حزب الله لأصبح اليهود في غرف نومنا يضاجعون حريمنا ويشربون الأنخاب، كما يفعلون في قصور أمراء العهر في الخليج”، بشهادة المخابرات الروسية.
والحقيقة أن ما قاله البطريرك الراعي، يعكس بصدق ما يشعر به الجميع في لبنان، باختلاف عقيدتهم وطوائفهم ومذاهبهم ومشاربهم الفكرية، باستثناء من رضعوا حليب الحقد والكراهية من ثدي الوهابية السعودية وارتموا في أحضان الصهيونية، وعلى رأسهم المراهق السعودي الذي نصب نفسه بغير حق ولا تقوى ولا إقتدار، زعيما للسنة في لبنان والسنة من عمالته وفساده الذي تزول من هوله الجبال براء.. خصوصا بعد ما شاهده الجميع بأم العين، من إرتكابات يشيب لها الولدان لـ”داعش” في العراق وسورية ضد المسيحيين والإيزيديين، والأكراد والسنة المخالفين، ناهيك عن الشيعة، وأثبت المقاومة جدارتها في مواجهة الإرهاب العابر للحدود والقارات.
لذلك، فالهزيمة الكبيرة والسريعة والمذلة التي لحقت بـ”الإرهاب الثوري” الصهيوني – الأطلسي في “غزوة “بريتال” الأحد الماضي، جعلت اللبنانيين يزدادون ثقة بقوة وقدرة حزب الله على حماية لبنان واللبنانيين من التكفيريين ومن “إسرائيل”، وأن ما كان يسوقه اللبنانيون عن وجود قرار دولي لحماية لبنان، هو مجرد حشيش مضروب لطمأنة المغفلين.. لأن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه اليوم هو: – كيف يمكن للأمريكي الذي أتى للمنطقة على ظهر “داعش” لتغيير أنظمة، وتفتيت جيوش، وتهجير شعوب، وإقامات كانتونات طائفية ومذهبية تدور في فلك تركيا وإسرائيل أن يوفر لبنان فيحرص على أمنه وإستقراره إلا من باب الخديعة؟..
وإلا، فما صحة الحديث الذي يدور عن إجتماعات سرية تمت بعيدا عن لبنان لدراسة مشروع فدرالية الكانتونات الطائفية والمذهبية المستقلة على النموذج السويسري، وعرضه على الأمريكي لإنجازه في إطار الحرب القائمة ضد محور المقاومة في المنطقة، والتي يبشرنا الخبراء في الغرب بأنها ستدوم لأكثر من 20 سنة، وفق تقديرات وزير الحرب الأمريكي السابق ‘بانيتا’ الثلاثاء.. وهل في لبنان ما يمكن تقسيمه عمليا وتكون له كل مقومات العيش والنهوض؟.. أليس هذا إنتحار وتفكير سياسي داعشي يريد أن يغرق المركب بمن فيه؟..
يبدو، أن تيار 14 سمسار وأسياده في المنطقة والغرب، لم يفهموا أن تغييرهم لقواعد اللعبة يترتب عنه حتما تغيير حزب الله لسياسته، وخروجه من موقف الصبر والتحمل والدفاع إلى موقف أخذ المبادرة والهجوم لإحباط أوهام الحالمين، بل وتغيير وجه المنطقة إن واقتضى الحال.
حتى الأغبياء في “إسرائيل” لم ينجحوا في معرفة إن كانت عملية الشهيد ‘حيدر’ في مزارع شبعا هي محاولة من حزب الله لإثبات معادلة أم تغيير في السياسة؟..
ولو كانوا فهموا فحوى تصريح الحزب بعد زيارة السيد ‘شمخاني’ للبنان الأسبوع الماضي، وعرضه مساعدات لوجستية لتسليح الجيش اللبناني بما يؤهله للقيام بمسؤولياته الوطنية، دون قيد تقني أو شرط سياسي بالمطلق، حيث أعلن الحزب بالناسبة، أن سياسته للمرحلة المقبلة ستكون حماية لبنان من التكفيريين ومن “إسرائيل”..
هذا الكلام البسيط والمعبر لا يحتاج لخبير في فك شيفرة الخطاب، لأن حماية لبنان من التكفيريين و”إسرائيل” يتطلب من حزب الله أن يكون حيث يجب أن يكون، وأن يواجه على أكثر من جبهة، لأن فائض القوة الذي يتمتع به يسمح له أن يلعب بثقة وينتصر.
لبنان ليس قطعة من السماء معزولة عن جغرافية الصراع الدائر بالمنطقة والعالم، هناك تداخل وترابط عضوي بين ما يحدث في أوكرانيا وهونغ كونك وتركيا والعراق وسورية واليمن وما يحدث في لبنان برغم أنف سياسة النأي بالنفس التي يراد منها عزل المكونات لأكل الثور الأبيض أولا ثم بقية القطيع تاليا.
لذلك، فما حدث في لبنان هو إعلان واضح عن تغيير في السياسة لدى حزب الله، لأن طبيعة الحرب تغيرت، وأصبح المستهدف هو “الوجود و المصير”.. لذلك، كان لزاما أن يبدأ العزف على إيقاع طبول الهجوم بدل الصبر والتحمل.. لأن الله أذن اليوم لمن يقاتلون التكفيريين والإرهابيين الصهاينة بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير.
المواجهة بدأت، وعلى إمتداد محور المقاومة، كل من موقعه، وحسب قدراته وإمكانياته، خدمة لذات الهدف الذي يقول.. أن من يصنع الخرائط اليوم في المنطقة هو محور المقاومة وحلفائه الدوليين، لا أمريكا والأطلسي وإسرائيل.. فإما طاولة حوار تتصدرها موسكو وطهران، أو لنكمل الحوار في الميادين حيث يفرض الواقع وجهة نظره للتاريخ، وليست أمريكا هي من تصنع الواقع وتغير العالم على هواها وتكتب التاريخ وفق رؤيتها الخاصة جدا..
لأن العالم كما قال المفكر وعالم اللسانيات اللامع، الأمريكي ‘نعوم تشومسكي’ في مقالة تضمنها كتابه الأخير (صناعة المستقبل) ونقلت قناة ‘المنار’ مقتطفات منه، وذلك ردا على مقولة شهيرة لماركس قال فيها: “لا تقتصر المهمة على فهم العالم بل على تغييره”، فكان رد ‘تشومشكي’ مثيرا ومستفزا للمحافظين الجدد والنيوليبراليين الذين قادوا إمبراطورية روما الجديدة نحو التراجع وبداية العد العكسي للأفول.. فقال لهم ‘تشومشكي': “لكن.. لا بد من التيقن أن تغيير العالم يحتاج حتما إلى فهمه”.. فوضع أصبعه على الجرح.
وهنا تكمن معضلة أمريكا الحقيقية، وسر فشلها في كل الحروب التي خاضتها في المنطقة والعالم، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي أصابتها بالغرور وجنون العظمة وفتحت شهيتها على إبتلاع الإمبراطوريات القديمة وبسط نفوذها على كل دول العالم.
وإذا كان حزب الله قد أوفى في “موقعة بريتال” بالشق الأول من التعهد الذي أعلن عنه خلال زيارة السيد ‘شمخاني’ للبنان، والمتعلق بمواجهة التكفيريين، وأثبت أنه يقف لهم بالمرصاد، وأن لبنان حصن حصين عصي على الإختراق، فها هو اليوم يوفي بالشق الثاني المتمثل بحماية لبنان ومؤسساته وشعبه من أي عدوان “إسرائيلي” محتمل، وذلك بتفجير عبوة في دورية صهيونية أدت إلى إصابة عسكريين بجروح، وهي العملية التي تحمل إسم الشهيد ‘علي حيدر’ الذي قدم روحه الطاهرة حماية للبنان وهو يفكك جهاز تجسس إسرائيلي تم تفجيره عن بعد.
كما وأن العملية اعتبرت أيضا، ردا على إستهداف الجيش الصهيوني الجبان لموقع للجيش اللبناني على الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، أدى إلى جرح أحد الجنود اللبنانيين بشكل طفيف.. وبهذا المعنى، جاءت العملية دعما معنويا كبيرا للجندي اللبناني الذي سربوا اليأس إلى نفسه عندما أذلوه أيما إذلال في عرسال.
ولعل الجديد في الأمر هذه المرة، أنها المرة الأولى منذ 2006، التي يتبنى فيها حزب الله عملية من هذا النوع داخل منطقة شبعة المحتلة، وكان كلما قام بعملية لتثبيت معادلات عسكرية أو تغيير أخرى، إلا وترك للصهاينة مهمة تحديد الجهة التي تقف وراءها، سواء من جهة لبنان أو الجولان.
وكان واضحا أن تفجير المقاومة للعبوة في منطقة ‘رويسة العلم’ بمرتفع شبعا، على بعد أمتار من موقع للمراقبة المتقدمة والمتطورة التي يستعملها الجيش الصهيوني لمراقبة البر والجو، برغم وجود رادارات وأجهزة رصد حرارية تكشف النملة السوداء في الليلة الظلماء، وتبنيها بتصريح رسمي، هو لبعث مجموعة من الرسائل لمن يهمهم الأمر…
الأولى، وتعني الداخل اللبناني، وتؤكد على أن دور لبنان كما حدده الحزب، هو حماية لبنان واللبنانيين من التكفيريين و”إسرائيل”.. قولا وفعلا، وحيث أن الأمر كذلك، فالحزب سيكون حيث يجب أن يكون، وسيأخذ المبادرة بيده، ولن ينتظر حتى تحرق القرية لتقوم أمريكا بعد ذلك بإنشائها من جديد.
الثانية، وتهم 14 سمسار وأسيادهم في المنطقة والغرب، ومفادها، أن معادلة “الشعب والجيش والمقاومة” لا زالت قائمة وفاعلة على الأرض، وحمت لبنان ولا تزال، وأن ما يصيب الجيش يصيب الحزب والعكس صحيح أيضا، وأن لا مال السعودية ولا سلاح الغرب بقادرين على تغيير هذه العقيدة الوطنية الراسخة التي تجمع كل المنتسبين للمؤسسة العسكرية اللبنانية والمقاومة الشريفة، للدفاع المقدس عن الوطن، برغم غياب الدولة.
الثالثة، وتهم “إسرائيل”، وهي كما وردت في بيان حزب الله، ومفادها، أن حزب الله ليس ضعيفا، ولا عاجزا.. وأن إنشغاله في سورية، وإشغاله بغزوات الشتاء التي برمجها التكفيريون بمساعدة “إسرائيل” لزعزعة الإستقرار في لبنان، لن تثني الحزب عن فتح جبهة جديدة مع الجيش الصهيوني الإرهابي الجبان، والحزب اليوم يوجد في أوج جهوزيته، بل ويتحرق شوقا لخوض حرب “يوم الله” مع الكيان المحتل لفلسطين المقدسة، بالرغم من أنه لا يريد الحرب، في حين أن “إسرائيل” التي تريدها لا قدرة لها على خوضها، وبذلك سقطت معادلة الردع وانقلب ميزان القوة لصالح المقاومة.
والتفجير جاء أيضا ليؤكد للصهاينة، أن لعبة المنطقة العازلة في الجولان ولبنان لن تمر، وأن حزب الله سيقف لها بالمرصاد، وسيقلب الطاولة على الإسرائيلي، لأن الحرب ليست طائفية أو مذهبية كما تروج أمريكا وتتمنى إسرائيل ويعمل على إشعالها أدواتهم في المنطقة، بل حرب مقدسة ضد الإحتلال الصهيوني المجرم، أب الإرهاب وأمه في المنطقة.
كما وأن التفجير جاء أيضا بمثابة رد على الجنرال ‘بني غينس’ الذي قال، أنه في أية حرب ستنشب بين “إسرائيل” وحزب الله، “سنعيد لبنان 80 سنة إلى الوراء”، فجاء التفجير ليقول، أن حزب الله ينتظركم عند أول خطأ ترتكبونه، ليقتلع جذور إحتلالكم لـ 60 سنة وراء، وينهي وهمكم بالعيش بأمن وسلام وإزدهار في المنطقة، وأنتم السرطان ورأس البلاء والفتن وكل المحن التي عاشتها وتعيشها الأمة اليوم.. لأنه إذا كانت أمريكا وأزلامها يقولون أنهم يحاربون إرهاب “داعش”، فحزب الله والجيش اللبناني يحاربون إرهاب “داعش” وأخواتها على الأرض، وإرهاب “إسرائيل” في البر والبحر والجو.. ولكل إرهابه هو محاربه.
وبالتالي، كان على العميل الحريري أن يقلق على لبنان لا على إسرائيل، وكان عليه أن يسلح الجيش لا أن يعده فلا يعطيه وحتى إذا أعطاه فهو لن يكفيه.. بدل اتهام حزب الله باستعمال الحدود لبعث رسائل، واعتبار ذلك قفزة في الظلام، لأن من يقفز في الظلام هو من يتاجر بالدين في سوق السياسة فيدعم الإرهاب في سورية، ويبرره في لبنان، ويدافع عنه في عرسال، ويخدع الدولة.. وفي الباطن ينفذ تعليمات أسياده في مملكة الزيت والظلام وعواصم القرار في الغرب.
لكن.. لماذا هذه العملية الآن والإعلان عنها؟.. علما أنه سبق وأن وقعت مناوشات بين الصهاينة والجيش اللبناني من قبل، ولم يتدخل حزب الله بسبب حساسية الظروف آنذاك والحملة الشرسة التي كانت مقامة ضده وضد سلاحه من قبل فريق 14 سمسار، وكانوا يتهمونه بمحاولة جر لبنان إلى الخراب.
لا أريد أن أوغل في التحليل من دون معطيات، لكنني أعتقد أن الظروف تغيرت اليوم، ودخل محور الممانعة والمقاومة في أتون حرب وجود مصير كما سبق وعرفها سماحة السيد، وأن ما حدث هذه المرة له علاقة بالموضوع السوري أيضا لترابط المسار والمصير، كيف؟..
مع بدء تحضير “إسرائيل” لحزام ‘طيبة’ الآمن الجديد على إمتداد الحدود مع لبنان وسورية، كأمر واقع بمساعدة الخونة والإرهابيين من “الجيش الحر” والنصرة وأخواتها، إلى حادثة إسقاط الطائرة السورية، ذكر مصدر مقرب من حزب الله، أن المقاومة لن تسمح للكيان الصهيوني بتحقيق هذا المشروع على الأرض، وأنها ستواجه التكفيريين هناك حتى لو أدى الأمر إلى الصدام مع الجيش الصهيوني الجبان.
هذا الأمر، جعل “إسرائيل” ترمي مجموعة بالونات إختبار من خلال التصريحات والعمليات الميدانية الموضعية ضد الجيش السوري، إلى أن تمكنت جيوش الإرهابيين بمساعدة مباشرة من الأردن الذي سمح لحوالي 5 ألف تكفيري بالإنتقال من أراضيه تجاه الجولان المحتل، فاحتلوا الشريط الحدودي بالكامل تقريبا، باستثناء مواقع قليلة ومنها جبل الشيخ الذي لم يسقط بعد.
التفجير الذي قامت به المقاومة الإسلامية في شبعا، غير المعادلات، ليس مع إسرائيل فحسب، والتي أرعبتها الرسالة، وفي إنتظار معرفة إن كانت العملية هي لتثبيت معادلة الردع أم تغيير في السياسة، فضلت الهروب إلى الأمام من خلال القول، أنها ستحتفظ بالرد في الزمان والمكان المناسبين، في إستعارة نادرة لمقولة طالما رددها النظام السوري إثر كل إعتداء “إسرائيلي”، وكان الرد يأتي مؤلما، ومكلفا وبطرق ذكية وغير مباشرة من خلال المقاومة في لبنان وفلسطين..
وحيث أن “إسرائيل” عودت مواطنيها على الرد من باب العنجهية وإظهار القوة والقدرة لبعث الطمأنينة في قلوب الصهاينة المرعوبين من حزب الله وقدراته.. فإن الأمور مرشحة لكل الإحتمالات في المدى المنظور.
لكن وهذا غاية في الأهمية، فإن ما بدى أنه تغيير في سياسة حزب الله، قد يكون الحل الجذري للصراع الدائر اليوم في المنطقة، وذلك من خلال تحويل البوصلة، من سورية إلى “إسرائيل”.. ما سيحرج تركيا ويدخل أمريكا وحلف العربان في مأزق لن يكون في مقدورهم الخروج منه إلا بشروط محور المقاومة..
لأن الهدف هو إسقاط ورقة الفتنة الطائفية التي يحضرون لها لتحرق المسلمين لسنوات طويلة قادمة، ولا سبيل لتصحيح المسار إلا بتحويل بوصلة الصراع تجاه “إسرائيل”.. هذا هو الحل، لأن إسرائيل هي الداء وهي الدواء.. فداوني بالتي كانت هي الداء.. بعدها سيكون هناك متسع من الوقت للحديث في السياسة، وفي الميثاق الوطني الجديد الذي يضم كل الشرفاء في لبنان، باستثناء السماسرة والعملاء..
ولكـم فـي “غـزوة صنعـاء” العبـرة يـا أولـي الألبـاب في لبنان، لأن الخطر الأمني والعسكري الإسرائيلي مقدور عليه بوجود حزب الله والجيش واللبناني، لكن الخطر السياسي الداعشي السعودي هو ما يجب أن يتخلص منه الشعب باستعادة إرادته، ووضع قراره السيادي بعد ذلك في أيادي أمينة، بدل الإنتحار وانتظار النجدة من 14 سمسار.

» المسلحـون يطلقـون عمليـة لاسـترداد حـلب الجيــش الســوري يــردّ: اللعبــة انتــهت