رهان اردوغان

موضوع: رهان اردوغان الجمعة أكتوبر 03, 2014 2:29 am

رهان اردوغان

01 أكتوبر 2014

نبيه البرجي
امنيته الكبرى ان يدخل الى دمشق على حصان آبائه، ومثل آبائه لا يرى في العرب سوى حملة الخناجر. ثمة فارق هائل بين حملة الخناجر و حملة التاريخ. اكثر من ذلك رئيس وزرائه احمد داود اوغلو يعتبر ان العرب اثبتوا، وعلى مدى قرن من التجارب، انهم يصلحون فقط ان يكونوا مجرد قبائل تائهة في الصحراء مثلما هي تائهة في التاريخ. لا بد اذاً من عودة السلطان.
رجب طيب اردوغان الذي يقول الآن بالمناطق العازلة التي قد تتوسع تدريجا لتشمل حلب و الرقة و الحسكة، وغدا دمشق وحمص و اللاذقية، يعتبر ان هذه هي اللحظة التي يحقق فيها حلمه الذي كاد يجاهر به حال ان اندلعت الازمة في سوريا..
يدرك ان الغارات الجوية لا تفضي الى تفكيك تنظيم الدولة الاسلامية او ازالته. لا بد من الدبابات التي تدخل الى البيوت من ابوابها لا من السطوح ولا من النوافذ. تماما ما فعله آباؤه بالانكشارية التي بعدما قاموا بتصنيعها وتوظيفها عسكريا عمدوا الى تصفيتها فور ان انتهت مهمتها…
الاميركيون تواطأوا. غضوا الطرف عن ذلك الكونسورتيوم الاستخباراتي الذي جمع بين الاجهزة التركية والاجهزة العربية في غرفة واحدة، وفي هدف واحد، هو اسقاط النظام في سوريا. لم يدفع الاتراك دولاراً واحداً، لا بل خزائنهم امتلأت بمئات ملايين الدولارات. استضافوا كل «المجاهدين» من اصقاع الدنيا. لهم رجالهم في ما يصفونه بالعالم التركي العابر لكل تلك السهوب الآسيوية وصولا الى القوقاز.
المصريون هم الذين حذروا دولاً عربية ذهبت بعيدا في اللعبة من السيناريو التركي، وفيه الكثير من اللمسات الاسرائيلية، والذي يتوخى السيطرة على سوريا في الساعة التي يكتشف فيه التحالف، بكل ابعاده الفولكلورية، ألا مجال البتة للقضاء على «داعش» بالقاذفات، ولا بد من الدبابات. مرة اخرى انه صهيل الخيول الذي مازال في اذني رجب طيب اردوغان..
الرئيس التركي يعتبر ان روسيا التي انهكتها العقوبات الاقتصادية والمالية قد تقبل بالتضحية بسوريا، فيما الايرانيون الذين صدمتهم هشاشة الجيش العراقي، وبداوته ايضا، منشغلون في بلاد الرافدين و بعدما لامس رجال «داعش» حدود بلادهم. هم منشغلون ايضا في اليمن وفي وصول الحوثيين الى ميناء الحديدة، مع حديث في الاروقة الخلفية عن امكانية حصول تدخل اميركي لتعديل بعض تفاصيل المشهد اليمني..
يضحك اردوغان وهو يتابع الكرنفال الجوي فوق سوريا. يطرب لوصف بعض المعلقين لما يجري بـ«رقصة الفيلة». آخرون يقولون انها «رقصة السلاحف»، ويعتقد ان الاميركيين لا بد ان يدقوا بابه، باب الباب العالي، ذات يوم: انقذنا يا رجل..
البعض في تركيا يعتبرون انه لن يتخلى عن «داعش» بل قد يقنع الاميركيين بالتفاوض معها كما حاولوا التفاوض مع «طالبان» (ورفضت لانها تريد كل السلطة لا جزءاً منها). هذا البعض يراهن على البراغماتية الاميركية التي تعني ان يعمل افلاطون نادلاً في مطاعم ماكدونالدز..
من لا يرى كيف تدغدغ الطائرات الاميركية «داعش». لا ضربة نوعية حتى الآن. كوباني الكردية تحت الحصار. الداعشيون على بعد كيلو مترات منها. مئات المقاتلين بعرباتهم المكشوفة، المكشوفة جدا، وحتى الان لم تسجل اي غارة جوية على المهاجمين الذين يمكن سحقهم خلال ساعة واحدة. لماذا التركيز على المراكز الخالية وعلى مصافي النفط البدائية؟
انها اميركا. ريتشارد هاس الذين لا يكنّ اي ود للنظام في سوريا، وكان مسؤول شؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي، ينصح بالتنسيق مع النظام لانه يظل اقل سوءاً من قبائل ياجوج وماجوج. هو الذي لاحظ انه بالرغم من كل الاموال الهائلة والضغوط الهائلة التي مورست، لم تحدث فيه انشقاقات ديبلوماسية او عسكرية او سياسية كبرى. يضحك «كان بامكان تلك المليارات ان تحمل حتى الملائكة على الانشقاق»!
يلاحظ، وفي ضوء تقارير استخباراتية انه اذا سقط النظام في سياق «السيرك الجوي» الجاري حاليا، لا بد ان تتحول كل قبيلة، كل مدينة، كل قرية، في سوريا الى دولة، ساخراً من رهان اردوغان على انه الرجل الذي يستطيع لملمة سوريا ووضعها في قبضته. في نهاية المطاف لن يجد في قبضته سوى حفنة من الرمل او من الدم..
لكن السلطان العثماني الذي يحتفظ باعضاء الائتلاف في الثلاجة( ألا يشبهون الاسماك الهرمة و المجلدة؟) جاهز لنفض الجليد عنهم و تشكيل حكومة منهم. حكومة التماثيل الرخامية. هل هذا ما اراده اصحاب الصرخات العارية حين تظاهروا من اجل العدالة و الحرية و الكرامة؟
لا افق لذلك التحالف العجيب. المشهد السوري اكثر تعقيدا من المشهد العراقي. لا مجال لايفاد بول بريمر آخر يضع الخريطة الجديدة لسوريا، وبعدما تحدث نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون عن وجود اكثر من 1200 فصيل مسلح هناك.وينقل ديبلوماسي عربي ان المندوب الصيني في الامم المتحدة تكلم اخيرا ونصح زميلته الاميركية سامنتا باور بالتنسيق مع النظام «لان النيران السورية التي تأكل البلدان المجاورة، بما فيها تركيا، قد تأكلكم انتم ايضا».
الاميركي ديفيد ماكوفسكي الذي يسخر من خطة اعداد آلاف المعارضين لقتال «داعش» والنظام معا، يختزل الرؤية الاميركية بالآتي: لندع الهياكل العظمية تحطم بعضها البعض. لن يكون هناك من يجمع الاشلاء، ولو من اجل…التاريخ!
الديار

» وسقط رهان العرب "الطيبين"..!!
» «براغماتية» قطر: رهان مستمر على الإسلاميين
» «رهان خطير على الثوار السوريين»
» هل وصل اردوغان الى نهاية الطريق؟
» اردوغان,كفى تطاولا على شعوبنا