لحود يكشف: الأسد رفض العرض الأميركيالمنطقة في طور التشكُّل من جديد، وكذلك النظام العالمي الجديد.. الحرب على الإرهاب تتطلّب وجود إرهابيين أشرار وخوفاً هستيري.. المسؤولية مزدوجة هنا، وهي من جهة تقع طبعاً على العقول المخططة في الغرف السوداء وكواليسها المظلمة، ومن جهة أخرى على الذين باعوا وأجّروا عقولهم لهذا المشروع..
عن شجون لبنان والمنطقة وتحوّلاتها حاورت جريدة “الثبات” النائب السابق إميل إميل لحود، وإليكم أبرز ما جاء فيه:
لتفسير المشهد المأزوم حالياً يستعرض النائب الأسبق إميل لحود المواقف منذ بدايتها، لأن الأحداث مترابطة وتداعياتها مستمرة، سواء كانت سلبية أم إيجابية. برأيه، الوضع الأمني المتفلّت في عرسال وبعض المناطق يعود إلى تشابك المصالح الإقليمية والدولية وانعكاسها على سورية ولبنان، يقول: “قضية اللاجئين السوريين في لبنان منذ البداية تُركت متفلتة، بمعنى أنه استغلّ بعض السياسيين معاناتهم للاستفادة مادياً وتوجيههم سياسياً انطلاقاً من الانقسام السياسي الحاد في البلد، وكان المطلوب الوقوف إلى جانب الشعب السوري انطلاقاً من الناحية المبدئية والإنسانية والوطنية، كون سورية وقفت إلى جانب لبنان وشعبه، أقله في حرب تموز 2006″. يضيف لحود: سياسة النأي بالنفس عن أحداث سورية استُخدمت حجة لدى “المستقبل” لتسهيل دخول الإرهابيين إلى سورية، إلى أن أصبحت بعض المناطق اللبنانية “سائبة” بالكامل، ما أدى إلى وجود بيئة حاضنة للمسلحين، واليوم وصلنا إلى حالة أن عصابة إرهابية تخطف عناصر من جيشنا الوطني، ونحن أمام معادلة سيّئة ركنها مفاوضة هذه العصابة والدول التي ترعاهم، وهذا المنهاج يدلّ على تورُّط فرقاء سياسيين لبنانيين، لاسيما في اختيار أسماء قطع رؤوس العسكريين، إلى أن أصبح الجيش اللبناني ضيفاً في عرسال بدل أن يفرض القانون.
برأي لحود “أفضل الحلول مذاقه مُرّ؛ تفاوض الإرهابيين بالمباشر أو من خلال الدول التي ترعاهم، السيناريو المذل حالياً يظهر في تفاوض الدولة اللبنانية مع دول أجنبية لإنقاذ عسكريين مخطوفين، وذلك بعد بعثرة نقاط القوة شيئاً فشيئاً، واليوم بصيص الأمل في هذا الموضوع تحرُّك مدير عام الأمن العام وجود اللواء عباس ابراهيم بمناقبيته العالية، علّه ينزع عنا صوتَي البهدلة والذل عن لبنان”.
يعتبر لحود أن تباكي البعض على الجيش اللبناني اليوم من قبَل بعض السياسيين يكشف دناءتهم، يقول: مع تغيير المزاج الدولي وإعلان أميركا حربها على “داعش” بدأت اذنابهم هنا في بيروت تدّعي حرصها على الدولة والجيش، “لعل أصدقهم هم النواب (معين المرعبي وخالد الضاهر ومحمد كبارة) المتورطون مع هذه التنظيمات الإرهابية، لأنهم يكشفون نواياهم الحقيقية ولا يواربون”.
خطر.. لا بيئة حاضنة
يشدد لحود على أن رغبة القوى التكفيرية تخريب الساحة اللبنانية ما زالت نفسها، ما يعيق تنفيذ مخططهم، يقول: “الشعب اللبناني، ونتيجة المشاهد السيئة التي كانت تصله عن سورية، سواء بقطع الأعناق أو غيرها من الصور المقززة، أنتجت مناعة ضد الإرهاب، ونحن كسياسيين نعرف جيداً مدى الجهد الكبير الذي بذل للتغطية على أحداث عرسال في معاركها الأولى، لكن مع أحداث عرسال الأخيرة ليس سهلاً تخبئة جرائم التكفيريين، وهذا الأمر على سيئاته يظهر حسنة وحيدة أنه لم يعد يوجد بيئة حاضنة لهؤلاء التكفيريين حتى ضمن الطائفة السُّنية، بالرغم من وجود خلايا لهم في بعض المناطق، وكلامنا هذا لا يعني على الإطلاق أن نيّتهم ليست سيئة، ولا يعني انتفاء خطرهم”.
عن أحداث سورية ومخططات تقسيم المنطقة، يشير لحود إلى أن “إسرائيل” وراء كل ما يصيب المشرق من ويلات، يقول: أميركا تنفّذ مخطط “إسرائيل” بكسر إرادة دول الممانعة لينتفي أي خطر عليها، لكن هذا التراجع الذي تعاني منه لحسن الحظ يتزايد مع الأيام، رغم السياسات التخريبية، ومنذ عام 2000 وما قبل وحتى اليوم “إسرائيل” تسير بخط انحداري، رغم إفساد المنطقة في ملهاة الصراع السُّني – الشيعي، وما يؤكد قولنا هذا هو رفض “داعش” والمنظمات التكفيرية من توجيه أيه رصاصة ضد مصالح أميركا و”إسرائيل”. يضيف: تعثُّر المشروع الغربي التكفيري في سورية، رغم فداحة الخسائر المادية والمعنوية، “فرمل” حفل الجنون المستطير، حتى بدت سورية الدولة الممانعة لأنها حصن منيح في وجه الفيروس الطائفي.
العرض الأميركي
يكشف لحود أنه من مصلحة “إسرائيل” إبقاء الوضع على حاله في سورية، بخلاف التوجه الأميركي المتجه إلى التنسيق أكثر فأكثر مع سورية وإيران، يقول: الإدارة الأميركية باتت مقتنعة أنه لا يمكن تجاوز سورية ولا إيران ولا حزب الله ولا قوى الممانعة على المستويين الإقليمي والدولي.. برأيي، الخطة المرسومة سلفاً سقطت، واليوم رغم استمرار الكباش بالمنطقة يتم تعديل الخطط، وأميركا تعمل المستحيل اليوم لتظهر أن سورية وإيران تريدان التنسيق معها لمواجهة الإرهاب.. ويتابع لحود: أُرسلت إشارات للتنسيق مع سورية، والأخيرة رفضت، لأن دمشق في الأصل تعاني من الإرهاب وتحاربه منذ 3 سنوات، فما الجديد الذي ستحصل عليه سورية في هذا التنسيق؟ أميركا كصيدلي يفتح صيدلية ويريد من الناس شراء الأدوية منه ليُظهر أهميته.. معلوماتي تؤكد بشكل أكيد أنه لا سورية ولا إيران في وارد إضفاء مصداقية لأميركا في معركتها في وجه الإرهاب.
ويعتبر لحود أن العرض الأميركي اليوم لا يلبّي حاجات سورية في هذه المرحلة: السوريون قدموا الغالي والنفيس للصمود في وجه أكبر “زعرنة” دولية، اليوم ليست في وارد تقديم شيء بالسياسة ما لم تخسره بالحرب، وليعرف الأميركي أن الجزرة الذي يقدمها لا تغري السوريين، والسخرية الكبيرة تكمن في وصول الأميركي بعد مضي 4 سنوات من الدعاية المغرضة ضد سورية إلى النتيجة عينها التي يستند عليها السوريون، وهي أنهم يجابهون الإرهاب.
الثبات