بصمت يطغى على ضجيج الغرب.. الاسد و بوتين يستعدان للنصرعلي مخلوف – عربي برس
يتصاعد الضجيج الصادر عن الحركة النشطة التي يقوم بها الأميركيون والإنجليز من أجل حشد كل الحلفاء لمحاربة الإرهاب، واشنطن تهيء الرأي العام لديها من أجل مشاركة الجيش الأميركي بضربات عسكرية جوية في كل من العراق وسورية، واستبعاد لكل من روسيا وإيران عن حفلة الحرب على الإرهاب، موسكو تشحذ منجلها “الشيوعي” القديم وتؤكد بأنّه لن يصيبه الصدأ،
فهي قد سبقت أميركا في الحرب ضد داعش بالتعاون مع الحليف السوري الذي يقوم عبر جيشه بضرب كل مناطق الإرهاب بصمت يخرق كل جعجعة التصريحات الغربية الكاذبة أما النظام السعودي فهو يسعى حالياً لوضع اليد على مصر، فيما يعيش الإنجليز أسوأ كوابيسهم في هذا العصر.
الجيش يسبق العالم بضرب الإرهاب
مع الضجة التي يثيرها الغرب وعلى رأسه أميركا من أجل مكافحة الإرهاب وإعداد الرأي العام الدولي لشن حرب عالمية عليه، يتابع الجيش العربي السوري حربه المقدسة ضد الإرهاب المسكوت عنه في سورية، بكل صمت يواصل الجيش عملياته العسكرية في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا والرقة ودير الزور التي كثف سلاح الجو فيها من استهدافه لتنظيم داعش وسط مخاوف من استخدام التنظيم للسلاح الكيميائي بريف حلب الشمالي. ففي جوبر يتقدم الجيش مع تغطية كثيفة لسلاحي الطيران والمدفعية، سيطرة واضحة على الأرض، وتدمير لأنفاق الإرهابيين بالجملة حيث بلغت أكثر من أربعين نفقاً، عداد الموت يرتفع حاصداً المئات من الإرهابيين هناك، وفي الغوطة الشرقية يستهدف الطيران بشكل مكثف تجمعات المسلحين في كل من زبدين وعين ترما وخان الشيخ ومزارع الحسينية, وفي القنيطرة كذلك يتواصل استهداف الجيش لأوكار المسلحين، والنتيجة قيام الجيش باستعادة الغالبية الساحقة لنقاطه في تلك المناطق. وفي حماة المراد بها كل سوء من قبل الإرهاب، يفرض الجيش العربي السوري وجوده بهيبته النارية، سيطرة على قرية أرزة فيما المناطق التي يتواجد بها المسلحون باتت تنتظر وصول الجيش إليها وهي تعاني حرباً نفسية بسبب الأخبار التي تصل الإرهابيين الموجودين فيها عن القوة النارية التي بات الجيش السوري يستخدمها. أما في شمال سورية فإنّ أبرز ما يتم الحديث عنه هو مخاوف من استخدام داعش لأسلحة كيماوية قد تحدث كارثة جديدة، ولن يكون المجتمع الدولي آنذاك مضموناً كي يتحدث عنها أو يفعل شيئاً حيالها، ما يجعل تلك المهمة الصعبة موكلة للجيش العربي السوري فقط في وقت تتاجر دول وأنظمة بمسألة مكافحة الإرهاب. وفي الجزيرة السورية حيث الوجود الأكبر لداعش يستمر سلاح الطيران بتنفيذ ضربات مركزة لاسيما في دير الزور (الموحسن) وفي الرقة موقعة العشرات من القتلى بينهم جنسيات غير سورية.
واشنطن أقنعت مواطنيها
تهيئة الرأي العام الأميركي إستراتيجية ليست بغريبة على الإدارة الأميركية، قبل احتلال العراق والتدخل في كل مكان، استندت واشنطن على العملية الإرهابية التي استهدفت برجي التجارة في عام 2001، والآن تستغل الحبكة الداعشية من أجل إعادة تدخلها في كل مكان بعد أن سئم الأميركيون إرسال أبنائهم للموت في بلدان لا يعرفون عنها شيئاً.
في هذا السياق أبدت غالبية كبرى من الأميركيين بلغت نحو (91%) تأييداً للضربات الجوية التي تشنها واشنطن ضد (داعش) في العراق وسورية بحسب استطلاع نشرت نتائجه صحيفة “واشنطن بوست” وشبكة “ايه بي سي نيوز”.، وهو توافق ظهر في دعوات برلمانيين من الحزبين إلى “القضاء” على هذا التنظيم، واللافت أنّ (65%) من الآراء أيدت تنفيذ ضربات جوية في سورية! ما يعني أنّ هناك نية فعلية لدى الإدارة الأميركية بتنفيذ ضربات في سورية أيضاً يعزز ذلك المخاوف التي أثارها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن تستغل واشنطن ذلك من أجل استهداف مواقع سورية تابعة للجيش السوري، كما إنّ المتابع لطريقة التعاطي الغربي مع موضوع الإرهاب يلاحظ ازدواجيةً في المعايير إذ يتم الحديث عن الإرهاب في كل مكان وضرورة مواجهته ويتم السكوت عنه في سورية، وهذا الأمر أيضاً يعزز المخاوف الروسية بوجود نوايا سيئة مبيتة لدى الغرب من أجل تغيير موازين القوى على الساحة السورية، في المقابل فإنّ الجيش العربي السوري يسابق الغرب في محاربة الإرهاب فالجيش السوري سبق العالم بخطوات في الحرب على الإرهاب، هذا من شأنه أن يقطع الطريق على أية محاولات أميركية من أجل استخدام ذريعة ضرب الإرهاب في سورية بغية تقوية جماعات مسلحة أخرى تقاتل داعش أيضاً، الروس والإيرانيون المستبعدون أميركياً من حفلة الحرب على الإرهاب يعلمون ذلك جيداً، الأمر الذي يجعلهم يدعمون الجيش السوري بكل الإمكانات المتاحة وسباق الجيش السوري مع الغرب في ضرب الإرهاب هو سباق لروسيا مع ذلك الغرب أيضاً.
المنجل الروسي في حصاد الإرهاب
واشنطن قررت استبعاد كل من روسيا وإيران وسورية من حفلة الحرب على الإرهاب، سياسة الكيدية التي تتبعها تتمثل في حشد ما أمكنها من حلفاء غربيين وعرب للقضاء على داعش، يترافق ذلك مع تصعيد سياسي أميركي تجاه موسكو فيما يتعلق بالملف الأوكراني، نتج عنه فرض عقوبات أوروبية على روسيا، وحشد لجنود الناتو على الأراضي الأوكرانية، والقطع البحرية الأوروبية في المياه السوداء.
الروس غاضبون ويعتبرون أنّ عقلية الحرب الباردة تحكم أميركا والأوروبيين، موسكو محترفة في لعب هذه الحرب، وتستطيع القيام برد فعل عن كل خطوة عدائية يتخذها الغرب. فيما يخص مكافحة الإرهاب، يعتبر الروس أنّ الأميركيين يتحدثون عن الإرهاب في كل مكان باستثناء سورية، ازدواجية المعايير هذه لن تفضي إلى مكافحة الإرهاب فعلياً، بل ستحصره في سورية وتجعله يتنامى كي يتم استنزاف هذا البلد من خلال تحويله إلى سجن في الهواء الطلق يتجمع فيه كل إرهابيي الدنيا القادمين من كل مكان.
المنجل الروسي لن يصيبه الصدأ، لأنّه فعلياً سيقوم بالمشاركة في حصاد الإرهاب سواءً رغبت أميركا بذلك أم لا، بطبيعة الحال فإنّ الروس قد بدؤوا فعلياً بمحاربة داعش على الأراضي السورية بالتعاون مع الحليف الإيراني، عبر المساعدات اللوجستية وغيرها المقدمة للحليف السوري، ولن توفر موسكو أي شيء يمكنها فعلياً من حماية حلفائها وتنفيذ حرب وقائية على الإرهاب الذي تسعى أميركا تصديره إلى دول الاتحاد السوفييتي السابق من أجل تحويلها إلى جبهات تُفتح على روسيا الصاعدة وتجعلها تعود إلى الوراء.
السعودية وحلم السيطرة على الكنانة
افتتح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل المقر الجديد لسفارة بلاده في القاهرة، حيث أكد على متانة العلاقات السعودية مع مصر، موضحاً أنّ السفارة هي الأكبر للمملكة على مستوى العالم وهي لا تضم فقط مكاتب السفارة بل كل المكاتب السعودية العاملة في مصر.
يُذكر أنّ النظام السعودي قد أظهر مباركته ودعمه المطلق للرئيس السيسي لدرجة أنّ الأخير بات يوصف بأنّه رجل السعودية في أرض الكنانة، وقبل وصوله قامت الرياض بتقديم مساعدات مالية لمصر، ثم مع وصول العسكر إلى سدة الحكم قامت الرياض بتدعيم بداية حكم السيسي بقروض وهبات ومساعدات ما يعني أنّها عززت من وجودها بقوة على الساحة المصرية، بعد إقصاء القطريين الذين كانوا يتولون دعم الأخوان المسلمين هناك، وأخيراً أتى افتتاح السفارة الضخمة لتكون دليلاً على مدى أهمية مصر بالنسبة للسعودية، فهل ستكون تلك السفارة بمثابة قلعة عمليات للتأكد من نشر السيطرة السعودية على مصر؟
الإنجليز وكابوس الإرهاب
كشفت صحيفة دايلي ستار البريطانية عن انتشار عناصر القوة الجوية الخاصة في مراكز التسوق وسط مخاوف من هجمات محتملة من قبل العائدين من سورية في ذكرى هجمات 11 أيلول، ونقلت الصحفية أنّ القادة العسكريين البريطانيين يتخوفون من تنفيذ هجمات وشيكة، كما تم نشر فرق تابعة لوحدة استخبارات الجيش السرية التي تراقب الإرهابيين المشتبه بهم، وفرقة سكوتلاند يارد المختصة في الأسلحة النارية وذلك بعد أن رفع المركز المشترك لتحليل الإرهاب حالة التأهب والخطر في المملكة المتحدة.
في السياق ذاته سلطت صحيفة ( دايلي مايل) عن قيام فتاة بريطانية تنتمي إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” بتهديد رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون بقطع رأسه بعد “قراره المشاركة في الحرب على المسلمين” وقد دعت الفتاة عبر تغريدة لها على تويتر الشباب البريطانيين إلى “الجهاد” في سورية، كما سخرت من قرار لندن سحب الجنسية من المواطنين الذين يتوجهون إلى سورية من أجل القتال فيها. كما أنّ صورة ذبح شرطي بريطاني من قبل متطرفين في أحد شوارع لندن لم تغب عن أذهان البريطانيين، كل ذلك أجج مخاوف بريطانيا من الإرهاب وجعلها ترفع درجة التأهب وتسعى جاهدةً لحشد ما أمكن من الدول في حربها مع أميركا على الإرهاب، هذا وقد تم الحديث مؤخراً عن عزم بريطانيا تنفيذ ضربات جوية ضد “داعش” على الأراضي العراقية، بالتالي فإنّ الإنجليز يعلمون تماماً أنّ قرارهم بالمشاركة عبر الضربات الجوية سيكون له تبعات قد تتمثل بهجمات انتحارية تستهدف أنفاقاً أو منشآت حيوية أو مراكز تجارية.
…
المجهر السياسي
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تخوفه من أن تقوم الولايات المتحدة بقصف مواقع سورية في سياق سعيها لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” داعياً إلى عدم القيام بأية تدخلات خارجية إلا بعد الحصول على موافقة الحكومات المحلية، كما اعتبر أنّ التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي أعلن عنه في قمة الناتو الأخيرة لا يمكن أن يكون فعّالاً بسبب قيامه على أساس مصالح مجموعة معينة من الدول والسعي إلى تحييد الخطر في منطقة واحدة دون أخرى، مشيراً إلى أنّ الدول الغربية لم تهتم بمكافحة الإرهاب في سورية.
لم تأت مخاوف لافروف عن عبث، الروس معروفون ببرودتهم في السياسة، وهم نادراً ما يظهرون هواجسهم بهذا الشكل، ما يعني أنّ هناك معلومات مسبقة لدى موسكو بوجود نية أميركية لتنفيذ ضربات ضد مواقع سورية، كلام الوزير الروسي يعكس أيضاً حنق روسيا بسبب التحالف الدولي ضد الإرهاب والذي استثناها وحلفاءها، وبمعنى آخر فإنّ لافروف يعتبر ما تقوم به واشنطن وحلفاؤها ما هي إلا محاولات من أجل حصر وتجميع الإرهاب في سورية فقط من أجل أن لا يخرج عن حدودها لا من أجل محاربة فكرة الإرهاب بحد ذاتها، والدليل عدم الاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب في سورية دون غيرها.
…
وصل المبعوث الدولي الجديد إلى سورية ستافان دي ميستورا إلى دمشق في أول زيارة له منذ تكليفه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة محل الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الجديد ومساعده سيجريان مشاورات مع مسؤولين سوريين، وسيزوران بعد ذلك دولاً في المنطقة قبل التوجه إلى عواصم أخرى معنية بالأزمة السورية، والى جانب لقائه بالمسؤولين السوريين سيلتقي دي ميستورا وفوداً من المعارضة مثل “هيئة التنسيق ” و”هيئة العمل الوطني الديمقراطي” وغيرها.
بالتزامن من اشتعال الميدان السوري وتقدم الجيش العربي السوري في مناطق عدة يعود الحراك بحثاً عن حل سياسي، بعد فترة طويلة من وقف الحديث عنه بسبب الانشغال بالأحداث المتتالية السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة سواءً في غزة أو العراق أو اليمن أو لبنان فضلاً عن مكافحة الإرهاب مالئ الدنيا وشاغل الناس، فهل تحرك المعطيات الميدانية والسياسية الجديدة الرغبة الصادقة لدى المجتمع الدولي في التوصل إلى حل سياسي عبر دي ميستورا؟ وهل سيختلف تعاطيه عمن سبقه لاسيما أنّ كل المحاولات للبحث عن حل سياسي لم تكن جديةً من قبل المجتمع الدولي بل كانت مجرد كسب للوقت لا أكثر.