التاريخ يبقى أقوى من الجغرافيا.. تقارير تؤكد قرب سقوط «داعش» وتفككهابين الحين والآخر، تُصدر عن مراكز الدراسات تقارير وإحصاءات تشير إلى أن هناك مؤشرات على قرب سقوط الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتستند هذه التقارير إلى بعض المعلومات أو الدلائل التي قد تعجّل بسقوط خلافة “داعش” في المنطقة.
وبغض النظر عن مدى صدقية وجدية المحللين السياسيين، إلا أن هناك تشرذماً وتفككاً واضحا في صفوف المتشددين، الذين افتقدوا القدرة على القيام بعمليات منظمة، وذلك على الرغم من الضجة والفوضى الإعلامية التي رافقت أعمال هذا التنظيم.
وبحسب ما ينقل “الخبر برس” عن تقرير نشرته شبكة “إرم” الإخبارية تجلت هذه المبالغة في تصوير أعمال “داعش” على أنها تمثل الخلاص من القمع الذي يعيشه العالم العربي، باعتبار أن ذلك أولوية التنظيم منذ انشقاقه عن “القاعدة”.
ولكن هذه النظرية باءت بالفشل، حيث تمثل ذلك في كثرة الانقسامات “الحادة” في صفوف التنظيم من جهة، وبينه وقوى أخرى في المنطقة كـ “جبهة النصرة” و”الجيش السوري الحر” من جهة أخرى، وكذلك تفكك تحالفه مع قوى سياسية وقبلية عديدة، ولاسيما في تجربة العراق ومحاولة إسقاط رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.
وعليه، يرى مراقبون أن هناك مؤشرات عدة باتت قاب قوسين أو أدنى من قرب انهيار تنظيم داعش في العراق وسوريا، ولاسيما دراسات باحثين أمريكيين يقولون إن الأفكار غير الواقعية التي يطرحها التنظيم ستكون سبباً في نهايته الحتمية، فضلاً عن أنه يظهر نفسه على أنه القوة الوحيدة المسيطرة على الأحداث.
كما أن تحالفات عدة في العراق تخلت عن التنظيم، مثل “التحالف الذي يضم إلى جانب داعش البعثيين الذين كانوا فى حكومة صدام حسين، والقبائل اليائسة من سياسات المالكي، بالإضافة إلى الجيش الإسلامي للعراق، وجماعة أنصار السنة، وميليشيات تابعة لـ الحزب الإسلامي العراقي، وكل هؤلاء تختلف توجهاتهم وأفكارهم السياسية عن أفكار المتطرفين الإسلاميين”، بحسب خبير الشرق الأوسط في مؤسسة القرن الأمريكي التابع لمركز البحوث الأمريكي في واشنطن مايكل هانا.
وما فعله “داعش” هو أنه أبعد عن طريقه كافة المذاهب والطوائف ولم يترك له صديقاً إلا الدم والقتل، وهذا ما تؤكده نشرات الأخبار وبيانات التنظيم نفسه، التي لا تمت عملياته للسلمية بصلة، ما يفقدهم القدرة على تشكيل حاضنة شعبية ومجتمعية، لو كانت موجودة، ولاسيما في قبيلة الشعيطات السورية التي دفعت أكثر من 12 ألف من رجالها لداعش، ممن قتلوا على أيدي التنظيم المتطرف، ثم أُجبروا على مبايعة “أبو بكر البغدادي” والخلافة الإسلامية.
وإلى ذلك، تشير تقارير أمريكية أخرى إلى أن “داعش” غير حريص على مصلحة العراق ووحدته الوطنية، وإنما قاتل بعض العراقيين إلى جانبه في البداية لإسقاط المالكي فقط.
ويشير باحثون إلى مواجهات مسلحة وقعت بين “داعش” وجبهة النصرة في سوريا لكي يصبح القوة الوحيدة المسيطرة في المنطقة، رغم أن الاثنين كانا “تابعين لتنظيم القاعدة ويتفقان معاً في نفس الأفكار والسياسات”، بحسب المستشار السابق للقوات الأمريكية في العراق أوستن لونج.
ولذا، بدت علامات سقوط داعش وشيكة، فها هي منظمات تابعة لتنظيم القاعدة تصدر بيانات تتبرأ فيها من إعلان “أبو بكر البغدادي” زعيم تنظيم داعش، نفسه خليفة للمسلمين، ووصفها هذا التصرف بأنه غير شرعي، ودعت أنصارها إلى عدم الاعتراف به، خاصة بعد أن كان قد وجه بيانا لأعضاء هذه المنظمات بمبايعته خليفة للمسلمين.
وكذلك، أصدرت صحيفة بريطانية دراسة تكذّب فيها مزاعم الدولة الإسلامية في إصدار جوازات سفر خاصة بالدولة، وبأن الأمر عار عن الصحة.
ولعل الجغرافيا الواسعة التي احتلتها الدولة الإسلامية لن تشفع لهم على المدى القريب، كون التاريخ يبقى أقوى من الجغرافيا، وكذلك الوجود القدسم نفسه، علماً أن أكبر أخطاء التنظيم هو في شعاره “باقية وتتمدد”، كون التمدد يستلزم قيادة محنكة وأعداداً ضخمة من الجنود، ما استدعى لجوء المسلحين إلى عمليات الخطف والقتل والإعدامات وما شابه من وسائل تصفية مرعبة.