الجيش الحر قواته في الداخل و "قادة" لا يقودون في الخارج

1-لم يتوقع أحد من الدول الداعمة للثورة السورية أن يصمد النظام السوري طيلة هذه الفترة، ما هي برأيك العوامل التي ساعدت الحكومة على الصمود رغم العقوبات التي فرضتها الدول الأوروبية، وأميركا على شخصيات بارزة في سورية؟

- أولاً أترحم على شهداء ثورتنا المباركة وأسال الله الشفاء العاجل للجرحى والحرية للمعتقلين والعودة للمهجرين ..

أعتقد أن مصطلح الدول الداعمة يثير كثير من التساؤلات أهمها هل فعلا يوجد دول داعمة بالمعنى الحقيقي للكلمة أم أنها تقوم بمناورات سياسية متماشية مع الاستعصاء السياسي الحاصل حول سورية في الساحة الدولية ومتماشية مع التصادم الحقيقي بين الموقفين الروسي والأمريكي في مجلس الأمن .لأننا كناشطين وثوار على الأرض لم نلمس دعم حقيقي على المستوى السياسي أو على المستوى العسكري والمستويات الأخرى فبعد أكثر من سنة ونصف وبعد عشرات المجازر لم نجد سوى دعم من بعض الدول الإقليمة ولاأستطيع أن أشبهه إلا بمحاولة سد رمق فكإنهم يريدونك أن تستمر ولا تنتصر .فكيف لهم أن يستغربوا من صمود النظام حتى هذا الوقت ..وكي لا ننسى هناك فرق كبير بين الدول الخجولة في دعمها للثورة وبين الدول التي تدعم النظام فالأخيرة تجاهر بدعمه وتقوم بتوفير السلاح والمال وحتى الرجال لكي يحفظ هذا النظام مصالحها في سورية والحديث هنا يدور حول روسيا وإيران والصين وبعض التشكيلات السياسية والعسكرية في المنطقة .وصراحة لا قيمة للعقوبات التي فرضت على أزلام النظام كون معظمهم قام بتهريب أمواله مسبقا إلى روسيا ..

2-لماذا لم تستطع المعارضة السورية جذب المواطنين السوريين ممن يوالون النظام، أو على الأقل من يقف منهم على الحياد؟ ففي لغة الأرقام يتبين أن النظام يحظى بتعاطف اكثر من نصف الشعب السوري، وهذا ما كان يظهر جليا في المسيرات التي نظمت في ساحات حلب، ودمشق والمحافظات الأخرى؟ هل ترى أن فشل المعارضة في كسب هذه الفئة يكمن في تشتتها، أم في عجزها على إقناع السوريين بمطالبها؟

- أولاً جميعنا يعترف بتقصير المعارضة التقليدية في هذا المجال ولهذا التقصير أسباب عديدة كموضوع التواصل والقبضة الأمنية الشديدة ولإبعادها لفترات طويلة خارج البلد ,ولكن ما ميز ثورتنا أنها لم تقوم ولم تعتمد على هذه المعارضة بالأساس ولا حتى تنتهج طريقة تفكيرها إنما قام بها شباب يؤمن بالحرية وبأحقية قضيته لذلك لاحظنا منذ الأيام الأولى للثورة وعي سياسي وقدرة على التنسيق ونضج في التعامل مع مكونات المجتمع السوري تجاوز بأشواط أساليب المعارضة التقليدية وهذا ما انعكس بأسماء الجمع التي حاول النشطاء جذب مكونات المجتمع التي تخشى من الثورة كجمعة الشيخ صالح العلي والجمعة العظيمة وسلطان باشا الاطرش وغيرها وبقينا لأشهر طويلة وإلى الآن نقول الشعب السوري واحد ..ولا أعتقد أن تشتت المعارضة هو السبب في عدم قدرتها على جذب الفئات الأخرى فلا يوجد دولة في العالم معارضتها موحدة وفكرها موحد وأظن أن هذا الأمر طبيعي ,ولكن ماليس طبيعي أن يتم استغلال هذه النقطة لتكون شماعة لتأخير الدعم الدولي ..وبصراحة الحرية لا تحتاج لإقناع وإذا بقيت أقلية صامته تضحي بالحرية من أجل الأمن فهي فعلا لا تستحق كلاهما .وإذا كنت تتحدث على المسيرات المؤيدة التي خرجت بالإكراه في شوارع دمشق وحلب فالآن شوارع دمشق و حلب تصدح بقذائف المدفعية وصواريخ الميغ وصيحات الثوار ..

3- المعارضة تطالب بإسقاط النظام، لكن ماذا بعد إسقاط النظام، كيف ستحكم المعارضة، وما هو برنامجها؟، وتسري أحاديث بين السوريين مفادها، إذا كانت المعارضة عاجزة عن توحيد صفوفها فكيف ستتمكن من حكم بلد كسورية، وهل سينقل المعارضون السورييون خلافاتهم معهم ساعة تطأ أقدامهم كراسي الحكم؟

- المعارضة بكل أطيافها باستثناء المصطنعة متفقة على هدف واحد وهو اسقاط النظام بكل رموزه وقد تختلف بالأساليب وهذا ليس بالأمر السيئ ومن ثم كل أطياف المعارضة التي على الأرض أو في الخارج أبدت رغبتها بإقامة دولة ديمقراطية يحكمها القانون يتساوى بها المواطن ولا تميز بين أطياف المجتمع وهذه الأمور أساسية لبناء دولة المستقبل أما بالنسبة لموضوع طرح برنامج حكم وما إلى ذلك فأعتقد أن الوقت غير مناسب ولو فعل أي طرف من المعارضة ذلك لكنت سألتني لماذا هذا الطرف مشغول ببرنامج حكم والثورة لم تنتهي ولكان ساد انطباع عام بأن المعارضة لايهمها سوا الوصول للسلطة .ولا أعرف ما علاقة توحيد المعارضة بالحكم هل في أمريكا الديمقراطيون والجمهوريون متحدون وهل يوجد دولة في العالم يوجد فيها معارضة متحدة إنما يوجد تنافس يضمن تقديم كل طرف لأفضل ما عنده .

4- لماذا لا تذهب المعارضة السورية إلى الحوار دون قيد أو شرط، خصوصا وان النظام كان قد عبر عن رغبته في محاورة اقطاب المعارضة؟ هل هذا بسبب عدم رغبتها في إظهار تشتتها؟ ما قد يؤدي إلى إضعاف موقفها امام النظام، والدول الداعمة لها، أم أن لها حسابات أخرى؟

- عن أية حوار تتحدث بعد كل هذه المجازر والدمار ومن ثم هل طرح النظام للحوار هو طرح جدي سيكون له نتائج ترضي أهالي الشهداء وتعيد الحال كما كان وتحاسب القتلى وهل سيرضى النظام بتواجد كل أطراف المعارضة في الحوار ..أعتقد أن هذا الطرح غير واقعي وهو محاولة للنظام ليطيل بعمره وليظهر أمام الدول الداعمة له أنه يقوم بخطوات إصلاحية .ومن يتحاور مع مجرم وقاتل يمنحه شهادة قتل جديدة. وربطك توحيد المعارضة بكل شيء امر غريب فعلا ..

5- في حال تحققت أهدافكم، كيف ستتعاملون مع السوريين ممن يوالون النظام، وفي هذه الحالة من سيمثلهم، وبالتالي سيكونون شركائكم في الحكم؟ هل ستفرضون عليهم من يمثلهم عنوة، وأنتم المطالبين بالحرية، والديمقراطية، أم ستتركون الحكم لصناديق الإقتراع، وإذا ذهبتم إلى الخيار الأخير فلماذا لا تساهمون في حقن دماء السوريين منذ اليوم وتذهبون إلى حوار يؤدي إلى إنتخابات مبكرة قد بإشراف دولي؟

- أولاً هذه ليست أهدافنا كمعارضة فقط إنما حلم شعب كامل ببناء دولة الحرية والديمقراطية والقانون دولة لا يتميز فيها المواطن على أساس عرقه أو طائفته كما في نظام الأسد فبتالي جميع أطياف المجتمع السوري تندرج تحت هذه المبادئ سواء الأغلبية المعارضة لنظام الأسد أو القلة القلية التي بقيت تؤيده طبعا بعد محاكمة من تلطخت يده بالدماء. وستكون العملية الديمقراطية هي الضامنة لتمثيل جميع الأطراف .

6- نلاحظ خفوت الصوت العلماني في المعارضة السورية بينما يعلو الصوت الإسلامي، و تحديدا السلفي( الشيخ عدنان العرعور)، ألا تعتقدون ان هذه الأمور تساهم في جعل الأقليات المتواجدة في سورية تنظر بحذر إلى الثورة؟

- الخلفية الفكرية للثورة لم تكن تنتمي إلى أي تيار سياسي علماني أو إسلامي إنما هي ثورة شعبية تضم كل التيارات الفكرية والسياسية والمكان الوحيد الذي يمكن للسوريين أن يجتمعوا به هو المسجد لذلك تخرج المظاهرات منه ولو كان يوجد مكان آخر يستطيعون التجمع فيه لخرجوا منه ومن ثم الساحة مفتوحة لجميع لمن يريد أن يقدم شيء للثورة .والمجلس الوطني الذي يضم معظم أطياف المعارضة فيه العلماني والإسلامي والماركسي والليبرالي والعلوي والدرزي والمسيحي وكل مكونات المجتمع الفكرية والسياسية والطائفية فالباب مفتوح للجميع ..

7- شاهدنا منذ مدة قيام الجيش الحر بمحاصرة قرية ربلة الحمصية التي تسكنها اغلبية مسيحية، لماذا يستهدف المسيحييون في سورية؟ هل بسبب مواقفهم؟ ام بسبب جغرافية المناطق التي يقطنونها؟

- وشاهدنا منذ فترة أيضا قيام الجيش الحر بمحاصرة مدينة إعزاز والبوكمال وغيرها الكثير, وهي بلدات سنية ..(يعني سؤالك غريب) الجيش الحر يقوم بعلميات عسكرية تشمل كل الأراضي السورية وقد يضطر لمحاصرة أي قرية بغض النظر عن من يسكنها فعملية التحرير لا تشمل المدن والبلدات التي يسكنها فقط المسلمون أو السنة .ولكي يطمئن قلبك أكثر يوجد معنا في الجيش الحر بحلب عدد لا بأس به من الأخوة المسيحيين .

8- إذا كان النظام السوري يرتكب مجازر بحق المدنيين كما تقولون، كيف تفسرون إقدام الجيش الحر على قتل وجهاء ال بري في حلب، ورمي جثث موظفي البريد في مدينة الباب، الن تترك هذه الأفعال اثرا سلبيا على سمعة المعارضة التي تظهر على أنها تنهي عن خلق، وتأتي بمثله؟

- أولاً قد لا تكون على دراية بما حصل في معركة بيت بري فبعد اتفاقهم على هدنة مع الجيش الحر نقضوا الهدنة وقتلوا عدد من عناصر الجيش الحر, فقبل أن نحكم على الشيء علينا أن نعرف سببه ولكن بشكل عام قد يوجد أخطأ فردية يقوم بها بعض عناصر الجيش الحر أو ممن يدعون أنهم في الجيش الحر وهذا لا يؤثر على سمعة الجيش الحر فمن خرج لكي يدافع عن المدنيين وعن كرامتهم لا يمكن أن يقوم بعكس ذلك .وفي الآونة الأخيرة تم تشكيل عدة أجهزة في الجيش الحر لمتابعة الأخطأ الفردية التي مهما كبرت لا يمكن مقارنتها بأصغر مجزرة قام بها النظام .

9-في اواخر السبعينات، واوائل الثمانينات شهدت سورية أحداثا مشابهة لما يحدث اليوم، بل كانت المعارضة أقوى في تلك الفترة في ظل سيطرتها على اكثر من مدينة مهمة، الا تخشون من إنتصار جديد للنظام السوري على المعارضة؟

- أحداث الثمانينات تختلف تماما عما يحدث الآن في سورية من كل النواحي فهي لم تكن ثورة بالمعنى الحقيقي ولم تعم الأحداث كل سورية إنما في مدينتين أو ثلاث على الأكثر ومن ثم قام بها فصيل من المعارضة ولم تكن ثورة شعبية فعلى اي أساس متشابهة وعلى أي أساس كانت المعارضة أقوى .أما اليوم فهي ثورة شعبية لم يقم فيها تيار معارض وشملت كامل تراب سورية وإرادة الشعب لا تهزم .

10- عملت المعارضة على إنكار تواجد مقاتلين عرب في سورية، ولكن الوقائع أظهرت عكس ذلك، فكبريات الصحف العالمية تحدثت عن توافد الجهاديين إلى سورية بكثرة من مختلف دول العالم، وظهر أحد ضباط الجيش الحر ليقول بصراحة ان القيادي الليبي المهدي الحاراتي يقود المعارك في شمال سورية، كيف تفسرون هذا التضارب في المواقف؟

- نعم يوجد مقاتلين غير سوريين ..يوجد مقاتلين من حزب الله وميليشيات المهدي والحرس الثوري الإيراني وسفن روسية وطيارون كوريون يقاتلون مع النظام .وبالمقابل يوجد قلة قليلة من الأخوة العرب تعاطفت مع الشعب السوري وقدمت لسورية لتقف مع الثورة ولكن عددهم بكل سورية لا يتجاوز العشرات وبدون سلاح هذا إذا أردت المقارنة ..أما بالنسبة للشخص الليبي الذي ذكرته فأنا على تواصل مباشر مع الجيش الحر في الشمال ولم أسمع به ..فبعد أكثر من 35 ألف شهيد ومئات الألاف من المعتقلين والجرحى والمشردين ولا تريد أن يتعاطف معنا أحد أم أنه حرام علينا ومحلل للنظام ..

11- ابو محمد الشامي قائد الهجوم على معبر باب الهوى، والذي يعتبر"رئيس مجلس شورى الدولة الإسلامية" قتل على أيدي عناصر الجيش الحر، ما قد ينبئ بمعارك قادمة بين المنشقين، وعناصر القاعدة الذين بدأوا يجدون حاضنة لهم في بعض المناطق، هل تعتقد أن دخول القاعدة إلى سورية جاء بسبب عجز الجيش الحر عن حسم المعركة، وعدم قدرته على الصمود؟

- حصل من فترة عند منفذ باب الهوى سوء فهم وقد حل في النهاية ورفع علم الثورة وجميع الخلافات التي تحدث بين كتائب الجيش الحر ليست خلاف على الهدف ولا ترتقي لتصبح صراع مسلح إنما قد يولدها سوء التنسيق وصعوبة الاتصال ..أما بالنسبة لوجود القاعدة في سورية فهو شماعة تلعب عليه الدول الغربية لتؤخر الدعم بحجة وجود قاعدة فكل جندي في الجيش الحر له لحية طويلة يتهم بالقاعدة وهذه اللعبة مكشوفة .ولكن عندما لا يتوفر دعم دولي وعربي حقيقي للجيش الحر ربما يضطر بعد عناصره للتعامل مع تنظيمات إقليمية لغاية الحصول على السلاح فقط فنستنتج من هذا التأخر في الدعم رغبة هذه الدول أن تتدخل القاعدة لسورية ..

12-لماذا لا تزال المعارضة السورية تعول على التدخل العسكري في سورية، أو إقامة مناطق عازلة، خصوصا وان الأميركيين، والأوروبيين أقروا بصعوبة القيام بعمل عسكري؟

- نحنا على الأرض لا نعول على أحد هم طلبوا تحرير جزء من المنطقة الحدودية ليفرضوا منطقة عازلة وقمنا بذلك ولم يوفوا بوعدهم .غايتنا تأمين اللاجئين فقط ولا نريد تدخل عسكري نريد فقط دعم حقيقي ونحن من سيحرر الأرض..

13- عملت المعارضة السورية على بث أخبار تتعلق بإنشقاق نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، ووصل الحد ببعض المعارضين إلى الإعلان ان الشرع أصبح بمكان آمن في إحدى الدول العربية، لكن سرعان ما ظهر الشرع إثر إستقباله وفدا إيرانيا؟ الا تعتقدون ان هذه الأخبار تساهم في فقدان المعارضة لمصداقيتها، أم ان هذا يندرج في إطار الحرب الإعلامية، والنفسية؟

- عندما يقوم شخص من المعارضة بنشر خبر غير صحيح أو غير متأكد منه فهذا أمر يخصه هو فقط ولا يمكن اتهام المعارضة بعدم المصداقية ..وبالمقابل يقوم النظام كل يوم بنشر أخبار كاذبة عن المعارك على الأرض وأنه يحقق انتصارات في كل مكان والواقع عكس ذلك فمن يقوم بحرب إعلامية غبية هو النظام وليس المعارضة ..

14- إجتماع الضباط المنشقين الذي عقد في تركيا ساهم اكثر في توسيع الشرخ مع المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام في الداخل، هل يسير الجيش الحر على خطى المجلس الوطني السوري الذي شهدت صفوفه عدة إنشقاقات في الفترة الماضية، والا تعتقد أنه من المجحف بمكان ان يقود المقاتلين ضابط يقطن في تركيا، وكيف سيكون شعور هؤلاء عندما يسمعون اخبار تتعلق بترقية أحد الضباط المتواجدين في الخارج، بينما هم يقاتلون ومعرضون للموت في كل لحظة، ومع ذلك لا أحد يلتفت إليهم؟

- نحنا نأمل دائما بتوحد الصفوف على المستوى السياسي أو العسكري ولكن تدخل بعض الدول بحجة دعمنا هو السبب الرئيسي للخلافات التي تحدث ..لا نستطيع أن نخفي غضب بعض قادة الجيش الحر على الأرض من الضباط المتواجدين بالمخيم وقمنا بدعوة العديد من الضباط بالدخول إلى سورية وقيادة العمليات العسكرية ولكن تحججوا بعدم قدرتهم على قيادة عقلية مدنية.وأعتقد إذا توفر دعم حقيقي للجيش الحر والضباط المنشقين سيكون لهم دور كبير في قيادة العمليات العسكرية ..