سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: تقسيم سوريا يتقلب على نار حامية السبت يوليو 26, 2014 6:56 am | |
| [rtl] تقسيم سوريا يتقلب على نار حامية[/rtl] [rtl] وكالة أوقات الشام الإخبارية[/rtl] [rtl] خاص الدكتور خيام محمد الزعبي-صحفي وكاتب أكاديمي في العلاقات الدولية
لم يعد سراً أن هناك محاولات مستمرة من بعض القوى الدولية والإقليمية في خلق مناخ يسوده التوتر والإحتقان ويشجع على إثارة الخلافات الاثنية وتصعيدها والعمل على تحويلها الى صراعات ملتهبة ومستمرة تهدد أمن سورية، فبعد أكثر من ثلاثة سنوات من عمر الأزمة السورية يقف الشعب أمام نفق مظلم، وما يجري الآن على أرض الواقع ليس سوى إستنزاف للإنسان السوري ودمار للبلد عن بكرة أبيها، واليوم كشفت التطورات السياسية الجارية في سوريا عن تداخل وتشابك أسباب إندلاعها بهذا الشكل المخيف، إذ أزاحت تلك التطورات الغطاء عن ماهية القوى والدول التي رسمت خطوط لكيانات منفصلة داخل حدود سوريا لتقسيمها بطريقة جغرافية ومذهبية، فإذا كان الربيع العربي مهد الطريق أو زرع النواة الأولى لمجتمع سوري منقسم بهدف تفتيته، فإن إسرائيل ووفق إستراتيجية المصالح المشتركة مع واشنطن عززت من هذا التوجه بل دافعت بكل ما تملك من وسائل مشروعة وغير مشروعة في تكريس هذا السيناريو. مع إزدياد قوة ونفوذ التنظيمات والجماعات الجهادية المتشددة في مناطق الشمال والشمال الشرقي من سوريا كجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وسعيها لإقامة دولة خاصة بها، فقد عاد الحديث عن التقسيم بقوة خاصة مع إعلان البغدادي لدولة الخلافة الإسلامية باسم تنظيم "داعش"، وقيامها بكسر الحدود بين العراق وسوريا، هذا مما أدى الى خلط الأوراق لتعيد رسم المنطقة من جديد، بين خطر التقسيم المذهبي من جهة وتغيير ميزان التفاوض بين الدول من جهة أخرى، فالذي يحدث الآن هو مخطط غربي مدروس بعناية لإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط من جديد من خلال مشروع الشرق الأوسط الموسع بالتحالف مع حلف الناتو، وهو ما يحدث حالياً من تدمير في سوريا ومصر وليبيا واليمن ومن قبلهم العراق ومحاولات تدمير القدرة العسكرية العربية. فالذي يجري الآن في سوريا حسب العقيدة الإستراتيجية الأمريكية، سيشتت جهود وقوة سوريا وإيران وحزب الله فيما يسمى بخط وجبهة الممانعة، ومن هنا يدخل التنظيم الجهادي على خط اللعبة الإقليمية بصفته القوة الأولى التي تقف في وجه النظامين العراقي والسوري وحزب الله، وإذا ما نُظر إلى "الدولة الإسلامية" التي تقيم حدودها بين المحافظات السورية الشمالية والشمالية الشرقية إمتداداً إلى محافظات الوسط العراقي، فإن حدود "داعش" تكسر المحور الإيراني العراقي السوري حزب الله، ولم تكن إزالة مقاتلي "داعش" للحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية إلا دلالة رمزية على ما يعتزم التنظيم المتشدد فعله لتوطيد أركان دولته. ولا شك في أن واشنطن مصرّة على تمزيق المنطقة واستغلال الجماعات الإسلامية في ذلك حتى تضرب الإسلام والمسلمين وحتى لا يبقى في المنطقة متماسكاً سوى إسرائيل، فإذا نجحت في حرب تقسيم العراق، ستصبح سوريا بين ثلاث كيانات صهيونية معادية، كيان في فلسطين المحتلة وآخر في أربيل المقتطعة وثالث في الأنبار والموصل، حينها سيكون تقسيم سوريا على نفس النهج مسألة وقت، ولن يكون لبنان والأردن استثناءً، وهذه النتائج والنكبات ليست خيالاً بل محض منطق، ويصبح الكيان الصهيوني أصل كل تلك الكيانات، وفي إطار ذلك تؤكد المؤشرات أن مخطط التقسيم وإعادة رسم خرائط المنطقة بما يضمن إنهاء الدولة العربية وتعزيز وجود دولة إسرائيل قد بدأ فعلياً منذ عقود تحت ستار السلام مع إسرائيل، وكانت واشنطن البطل في كل أحداث المنطقة من دون استثناء، وفي الإتجاه نفسه فهي التي حرضت على الحرب المدمرة بين إيران والعراق، كذلك كانت واشنطن وراء الغزو العراقي للكويت وما تبعه من دمار للعراق والمنطقة وتدمير الجيش العراقي، كما أن واشنطن تقف وراء المأساة الراهنة في سورية وتحاول الآن معاقبة سورية والمدن العراقية التي قاومت الغزو والإحتلال، كذلك إحتلت واشنطن العراق وأشرفت في شكل مباشر على دماره وتمزيقه، ولا ننسى مصر واليمن وليبيا التي تسعى الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من نشر الفوضى وعدم الإستقرار فيها. وفي سياق متصل فالحقيقة هي أن المجتمع الدولي" المحكوم منذ إنشائه بمطامع الغرب" لم يكن يوماً صادقاً في حل الأزمة السورية ولن يكون، كما أنه مسؤول عن دماء السوريين التي تراق, فكيف يمكن له أن يكون سببا في الحل ؟، إنها الحقيقة التي لا بد أن يعيها المسلمون جيداً إذا أرادوا لمأسينا أن تتوقف, فلا يمكن أن نتوقع من العدو أن يعمل على إيقاف جراحاتنا التي تنزف بشدة في كل مكان, ومن الواضح أن الغرب لا يريد لأي من طرفي النزاع أن يحسم الموقف - وهذا مطلب إسرائيلي- وأن عدم الحسم هذا إذا انتهى إلى تقسيم سوريا إلى عدة دويلات فإن الغرب لن ينزعج من ذلك, حتى لو كانت إحدى تلك الدويلات دويلة إسلامية على طريقة القاعدة, لأنه من الواضح أن هذه الدويلات ستبقى في حال تنافر وحرب مع الدويلات المجاورة لفترة قد تطول عشرات السنين، وهو أمر ترغب فيه إسرائيل التي ستكون بوضع يجعل الجميع يحاول تجنب مواجهتها, لأنه مشغول في معاركه مع جيرانه الجدد. وأخيراً بقي أن أقول إن الشعوب قادرة على إفشال مخططات التقسيم, وهناك براهين تاريخية كثيرة, وإن الشعب السوري - بعلوييه وسنته وأكراده ومختلف طوائفه وأقلياته- إستطاع أن يقف في وجه المخططات الفرنسية لتقسيم سوريا في بدايات القرن العشرين, وأنه مستعد اليوم أكثر من أي وقت مضى لإفشال المخططات الجديدة، التي تريد إعادة رسم الخارطة السورية، وهنا كلي أمل بعد هذه الفترة العصيبة أن يصبح الحوار ضرورة لا بد منها ولا شيء غير الحوار للخروج من الأزمة ونزع فتيل الإضطرابات وحقن الدماء، ومازال الأمل معقوداً على الحكماء والعقلاء للجلوس إلى طاولة الحوار، هذه الفرضيات تبقى فرضيات حل للجميع لإخراج سوريا من هذا المأزق الذي يدمرها يومياً.[/rtl] | |
|