المغـــرب.. مملكــة الـــــدم و الظـــلام

المغـــرب.. مملكــة الـــــدم و الظـــلام

الثلاثاء , 24 حزيران / يونيو 2014

أحمد الشرقاوي
المعلومات التي كشف عنها تقرير صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية مدعوما بوثائق ثبوتية أوائل هذا الشهر، وتداولته مواقع عربية ودولية، يعتبر بحق فضيحة غير مسبوقة، لكنها تحمل دلالة سياسية ظاهــرة، وأخرى إنتهازية خفيــة.
القراءة السطحية للخطوة الأمريكية إنطلاقا من المعطيات التي يفصح عنها التقرير، تقول، أنها المرة الأولى التي تفضح فيها الإدارة الأمريكية حلفائها وأصدقائها وأدواتها المخلصين من الأنظمة العربية العميلة، وعلى رأسها السعودية والمغرب، وهي محاولة من ‘أوباما’ لوضع مسافة بين بلاده والإرهاب قبل فوات الأوان، كما وضع مسافة بين إدارته والمعارضة السورية من خلال إعلانه أن “الحديث عن معارضة معتدلة قادرة على إسقاط الأسد أمر غير واقعي”.. فانتهى الوهم بعد هذا الإعتراف الرسمي بانتصار سورية.
وأن الإدارة الأمريكية أدركت متأخرة، أن مجاراتها الغبية لسياسات غير واقعية بقفازات ناعمة للدفاع عن مصالحها ومناطق نفوذها بالفوضى الخلاقة، أدت في النهاية إلى ظاهرة من انعدام الأمن والإستقرار غير مسبوقة في تاريخ العالم، بسبب إنتشار الإرهاب في المنطقة والتهديدات التي يحملها لدول شرق أوسطية بمن فيها السعودية والكيان الصهيوني في المدى القريب، في حال انفجر الأردن كما هو متوقع، ودول أوروبية وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا أيضا بسبب عولمة هذا الشر الذي أصبح يضرب من لبنان إلى بيكين. خصوصا بعد أن أصبح الوحش “داعش”، أقوى وأغنى منظمة إرهابية في العالم، بل والأحسن تنظيما وتدريبا في حروب العصابات، والأكثر إستقطابا للمقاتلين من كل أصقاع العالم، سواء منهم المحترفين عشاق الدم واللحم والمغانم، أو المغرر بهم المكبوتين البلهاء الموعودين بنكاح الحور العين من قبل فقهاء الفتنة والظلام، كالذين جاءت أسمائهم في التقرير الأمريكي الأخير.
وبالتالي، فالخلاصة المنطقية لمثل هذه القراءة الظاهرية تقول، أن هذه مؤشرات قوية توحي بأن إدارة ‘أوباما’ بصدد الإستدارة الكاملة للتموقع في الخط العقلاني المناهض للإرهاب من بعيد، وأن المعلومات الإستخباراتية والمعطيات العسكرية في الميدان لا تشجع الإدارة على مجاراة العهر الصهيوني والحرد السعودي الذي انفلت من عقاله ليصيب الأمة بشضايا فتنته وحقده وخسته ووضاعته، وأن على من خلقوا هذا الوحش في المنطقة أن يتعاملوا معه بمعرفتهم، لأن أمريكا هذه المرة ستكتفي بالفرجة والمتعة من بعيد، وليتقاتل السنة والشيعة ويذبحوا بعضهم بعضا، إلى أن يتضح المنتصر فتتحالف معه وهو في حالة إنهاك كامل واستنزاف كبير.. هذا يعني أن خيار التحالف مع إيران بالخديعة لا يزال قائما بقوة.
لكن هناك دلالة عميقة تخفيها هذه اللعبة الجديدة، وتؤشر إلى نهاية مرحلة وبداية أخرى.. بمعنى، أن الإدارة الأمريكية بعد زرع الفوضى في المنطقة، ورفض السعودية التعايش مع تجربة الإخوان في مصر والمنطقة، لتوجسها من انعكاساتها على أمن وإستقرار الخليج وعودة نفوذ العثمانيين الجدد، وما تلى ذلك من إنقلاب في المحروسة ضد “الديمقراطية”، ونفس المشروع تموله السعودية وتدعمه مصر اليوم في ليبيا من خلال اللواء ‘خليفة حفتر’، وإمتداده إلى السودان بعد ذلك، ومحاولة السعودية إسقاط العراق بالإرهاب والفتنة لإعادة حكم فلول ‘صدام’، ومن ثم إسقاط سورية وتفجير إيران بمساعدة الأكراد و”مجاهدي خلق” و”داعش” و”إسرائيل” وبعد العشائر “السنية” في العراق التي تشكل حاضنة للإرهاب، ولا ننسى ما يحضر للبنان واليمن، حيث تحولت دول محور الممانعة والمقاومة إلى ساحة حرب شاملة… كل هذا يؤشر إلى عودة الديكتاتوريات و والحكومات البوليسية القمعية.
أمام هذا المشهد الذي يؤكد أن المنطقة دخلت فعلا عصر الظلام، وأن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأمور في حال حلت الكارثة ووقع الإنفجار الكبير بسبب جهل وحماسة الشعوب، قررت الإدارة الأمريكية مساعدة عملائها العرب بتنظيف سجلهم الإرهابي النتن، وتلبيس الجريمة لرجال دين وأكادميين وسياسيين وديبلوماسيين وغير ذلك، وهو ما سيعطي لهذه الأنظمة المجرمة، المبرر الشرعي للتخلص منهم ومن الجهات التي ينتمون إليها، وتقديم نفسها إلى شعوبها بأنها تحترب الإرهاب لتضمن لهم أمنهم وإستقرارهم وإزدهارهم، كما يفعل الديكتاتور ‘السيسي’ اليوم في مصر.
القائمة التي أفرجت عنها الخارجية الأمريكية وإن كانت تضم 131 إسما لأكادميين وناشطين ورجال دين ينتمون لـ 31 دولة من مختلف أنحاء العالم، يوفرون الدعم للحركات “الجهادية” والجماعات الإرهابية في سورية والعراق ومناطق أخرى، إلا أنه بالنسبة للمغرب، لا يتعلق الأمر بشخصيات عادية تشتغل بشكل مستقل بعيدا عن المخزن وعيون مخابراته، وهو الذي عودنا من باب در الرماد في العيون، القيام من حين لآخر باعتقال بعض الخلايا التي يقول أنها كانت تجند إرهابيين للقتال في سورية أو تحضر لعمليات إرهابية ضد الدولة في الداخل، ليتبين أن كل من اعتقل وأدين بتهمة الإرهاب لا علاقة له بالإرهاب، وأن المخابرات فبركت ملفه فأدانه القضاء وفق ما أفتت به تعليمات الحاكم الفعلي للمغرب، صديق الملك الحميم “فؤاد عالي الهمة”، المسؤول عن المخابرات والأمن، ورئيس حكومة الظل القابعة في دهاليز القصر، فيما حكومة الإخونجي ‘بنكيران’ هي حكومة ديكور في الواجهة، لا سلطة لها على شيىء. ويعتبر ‘الهمة’ رجل المخابرات الأمريكية والسعودية في المغرب، يكره الإسلاميين ويعتبر حماس وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي في غزة حركات إرهابية تقتل اليهود المساكين.
ووفق المعطيات التي لدينا، بالإضافة إلى ما كشفه هذا التقرير من معلومات بالغة الحساسية، نستطيع التأكيد، أن كل من يقول أنه يحارب الإرهاب مع الإدارة الأمريكية من الأنظمة العربية العميلة، هو منخرط من أخمص قدميه إلى قمة رأسه في جرائم الدم الوحشية التي يذهب ضحيتها كل يوم عشرات الأبرياء في وطننا العربي الحبيب. وأن هذه المبادرة الأمريكية، جائت تتويجا لما سبق وأن أعلنته السعودية من سن قانون جديد للإرهاب وغيرها من الإجراءات لتغسل بها وجهها القبيح من الدم العربي المغدور، واليوم ها هي الإدارة الأمريكية تنشر إسم 28 شخصية سعودية دينية وسياسية وغير ذلك متهمين بدعم الإرهاب، ما يتقاطع مع الخطاب السعودي الذي يقول أن الدولة لا تدعم الإرهاب بل تحاربه، وأن من يدعمونه هم أشخاص وردت أسمائهم بالتقرير وسنتعامل معهم وفق القانون. وللتذكير فقد سبق لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ‘هيلاري كلينتون’ أن أعلنت صراحة أن السعودية هي أكبر ممول للإرهاب في العالم، فقامت ضدها القيامة، برغم أنها صهيونية حتى العظم، لأنها أخطأت حين فرقت بين الصهيونية والوهابية، فاتهمت الأخيرة بما لا يليق، وهي التي أقيمت لنصرة الأولى ودعم وجودها وسيادتها ونفوذها في المنطقة.
هذا صك براءة للسعودية وأدوات أمريكا في المنطقة والعالم، بعد أن رفعت عديد التقارير من منظمات وهيئات سياسية ومجتمعية في أوروبا تطالب حكوماتها بإدانة إرهاب مملكة الشر والقهر الوهابية، والتعامل معها كدولة مارقة، لوقف هذا الخطر الذي تفرخه وتدعمه وتموله وتنشره في العالم.
الأسماء المغربية التي وردت بالتقرير ستشعل البلاد لا محالة، نقاشا وجدلا حول تورط حكومة الإخوانجي المتصهين ‘عبد الإله بن كيران’ في لعبة الدم الذي يراق في الوطن العربي على المذبح اليهودي، لأن رؤوس المؤامرة هذه المرة وكما كان الحال سابقا أيضا زمن تفجيرات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء و 11 مارس 2004 بقطارات مدريد، ينتمون لحزب دعوي “حركة التوحيد والإصلاح” الذي يمثل الوجه الدعوي لحزب العدالة والتنمية السياسي الذي يتواجد في السلطة اليوم.
وبالتالي، فالمستفيد الأول والأخير من هذا الكشف الأمريكي بالنسبة للمغرب، هو النظام “المخزني” الفاسد والمستبد، الذي سيتسنى له القول أن لا علاقة له ولمخابراته بالإرهاب، وأن هؤلاء تصرفوا كأشخاص مستقلين، يتحملون مسؤولية أفعالهم إن ثبتت. لكن وفي نفس الوقت ستدير المخابرات المغربية نقاشا واسعا في المواقع الإجتماعية والإلكترونية وعلى المستوى الوطني، ليحتد الصراع من جديد بين الخطاب العلماني والخطاب الإسلاموي، وهو ما سيمهد لسحق الإسلامويين في الإنتخابات البلدية المقبلة، فتنتهي لعبة الربيع العربي بنزول الأمريكي وركوب السعودي ثورات الشعوب في العالم العربي، وفي حال نجاحه، سيتوج قوة إقليمية لها نفوذ عربي وإسلامي من غير منازع بعد إحتواء إيران وأدرعها بالإرهاب ومحاصرتها وراء مياه الخليج.
التقرير الأمريكي تحدث عن 7 أسماء مغربية، على رأسها الدكتور أحمد الريسوني، عضو مؤسس ونائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه ‘القرضاوي’، كما يشغل كعضو المجلس التنفيذي للملتقى العالمي للعلماء المسلمين، برابطة العالم الإسلامي. وأمين عام سابق لجمعية خريجي الدراسات الإسلامية العليا. رئيس لرابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب والرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، والمدير المسؤول السابق لجريدة ” التجديد ” اليومية لسان حال حكومة الإخونجية الحالية. وعرف عنه تخصصه فيما أصبح يعرف بـ”فقــه المقاصــد” الذي تسمح قواعده وفوائده بالتلاعب بالدين من أجل تحقيق أهداف سياسية خبيثة.
الرجل الثاني الذي ورد إسمه في التقرير هو المفتي المثير للجدل الشيخ ‘عبد البارئ الزمزمي’، وهو داعية إسلامي تخصص في فتاوى ‘السيكسولوجو’ أو (الجنس)، حيث أفتى بجواز مضاجعة الرجل لزوجته بعد موتها وهي جثة هامدة، فحول المسلم إلى حيوان بلا مشاعر، عقله وإحساسه وكل شغله في ذيله، فكانت مهزلة تحولت إلى نكتة يهزؤ بها العالم من المسلمين، وأفتى للنساء بمارسة الجنس بالفواكه والخضر كالبنان والجزر والخيار إذا تعذر وجود الأنيس الشرعي، وغيرها من المهازل كان أهمها تحريمه خروج الشباب على الحاكم والإحتجاج ضده، فناله من المخزن رخصتين (مأذونية) لحافلتي نقل بين المدن تذران عليه ملايين محترمة شهريا. وشغل منصب عضو في مجلس النواب المغربي، وكان النائب الوحيد المنتمي لحزب النهضة والفضيلة الذي هو أحد أدرع الإخونجية في المغرب، ومعروف عنه أنه كركوز يستخدمه النظام في الهجوم على العلمانيين والإشتراكيين لخلق نوع من التوازن السياسي وإشغال الشعب بصراعات تافهة لا تهمه ولا تخدم قضاياه، لكنه يمكن النظام من تطبيق سياسة “فرق تسد” التي أوصى بها ميكيافيلي الحكام.
وميزة الشيخ الزمزمي، أنه يستطيع رمي الحجر في المياه الراكدة فيحولها إلى أمواج وعواصف بمجرد أن يطالبه المخزن بذلك، لإلهاء المغاربة وتحويل إهتمامهم وإفشال كل محاولات توحدهم للمطالبة برحيل النظام. وقد تمرس على فن التضليل لمدة سنوات طوال كان المخزن المغربي يستعمله في “ركن الفتوى” للإجابة على أسئلة الناس البسطاء في مجال الدين والدنيا أيضا، وبفضل المال السعودي كان يقوم بجولات مكوكية إلى أوروبا لتدجين الجالية المغربية حتى لا تتمرد على سلطة “أمير المؤمنين” أو تخترق من قبل “الشيعة” كما كان يحذر دائما.
ولعل أخطر ما أفتى به هذا الحبر الصهيوني الدجال، هو عندما نفى الشهادة عن الزعيم الكبير “المهدي بنبركة” رحمه الله، والذي اغتاله المقبور الحسن الثاني في باريس يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1965، بمشاركة المخابرات الأمريكية والصهيونية، وتم تذويب جسده بالأسيد، ولا تزال قضيته مفتوحة أمام القضاء الفرنسي إلى اليوم.
ويعتبر هذا الكاهن المنافق المفتري المدعو بـ”الزمزمي”، من ألذ أعداء الشيعة في المغرب والمنطقة، حيث لا حديث له منذ أن انفجر الوضع في سورية وإلى اليوم إلا عن الخطر الإيراني وخطر التشيع في المغرب وأوروبا وما إلى ذلك، في خدمة مدفوعة الأجر من قبل السعودية ومخابرات المخزن لـ”إسرائيل”، حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة. وقد اشتغل على الجانب في موقع “إسلام أون لاين” الذي أسسه ‘القرضاوي’ بالمال القطري لإجراء عمليات غسيل مخ ممنهجة ضد شباب الأمة.
والغريب في الأمر أنه بمجرد ورود إسمه في التقرير خرج للإعلام ليقول، أنه يتعرض لمؤامرة مدبرة ضده من قبل إيران “الشيعية”. وكأن إيران هي من وضعت القائمة للإدارة الأمريكية.. فهل من غبي في هذا العالم يصدق مثل هذه الهرطقة؟.
هذا بالإضافة إلى أسماء أخرى معروفة مثل الشيخ ‘عبد الحي عمور’، داعية إسلامي- الدكتور ‘محمد الحبيب التجكاني’، أستاذ جامعي- الشيخ ‘محمد الروكي’، أستاذ جامعي- الشيخ ‘محمد يتيم’، كاتب إسلامي. لكن التقرير لم يذكر أسماء المسؤولين في المخابرات المغربية الذين يديرون خيوط لعبة الدم والظلام، بالإضافة لدعاة آخرين أخرجهم أمير المنافقين بعفو عام وتحوم حولهم شكوك لجهة انخراط بعضهم في إرسال المثاتلين إلى سورية، حيث بلغ عددهم حوالي 4.000 إرهابي كانوا يقاتلون في كسب وتحدثنا عنهم في مقالة سابقة منشورة على موقع بانوراما الشرق الأوسط تحت عنوان “الإرهاب معالجة دينية لظاهرة لا دين لها”.
*** / ***
وبالمناسبة، كان بودنا أن ننتقد الحكومة الإسلاموية افي المغرب، فنوجه لها مباشرة تهمة دعم الإرهاب في سورية والعراق من خلال إيفاد المقاتلين المغرر بهم بعد إثارة وازعهم الديني وتحريك حماستهم للدفاع عن “إسلام” وهابي مشوه لأقصى الحدود، ضد الإسلام السمح الجميل الذي بشر به القرآن.. وتمويل الوحوش البشرية التي تفتك ذبحا وتتفنن قتلا واعتصابا وخرابا في ساحات الحروب الأمريكية والصهيو – وهابية في المنطقة، من أموال خاصة سعودية وخليجية وأخرى محلية تجمع من الصدقات والتبرعات والزكاة..
لكن.. وبحكم أن ديمقراطية المغرب هي ديمقراطية المخزن لا الشعب ولا الأحزاب.. ونظرا إلى أن الدستور يجمع كل السلطات في يد حاكم بأمره مطلق، بعد أن فرض نفسه مالكا للبلاد ورقاب العباد بالوراثة.. وأميرا للمؤمنين به من الأعوان والأزلام، والفاسدين في الجيش، وذئاب المخابرات تجار الموت والجنس والمخدرات، وكلاب الأمن المتعيشين كالبرغوت يمتصون الدم من عروق الشعب الجافة من الفقر، والمنافقين من النواب وسماسرة الأحزاب والنقابات، وفق بيعة على شاكلة بيعة عصابات الإجرام والفساد في سيسيليا القديمة.. ورئيسا للدولة، يباشر كل شؤون الأمن والإقتصاد والقضاء، ويرسم سياسات البلاد الداخلية المؤسسة على القمع والفساد والمحسوبية والزبونية والنهب والسلب حتى استحق بذلك لقب “الملك المفترس” على مستوى العالم، وسياسات البلاد الخارجية القائمة على العمالة للأمريكي والصهيوني والفرنسي الذي حول المغرب إلى عاهرة قبيحة بلا كرامة، في خيانة واضحة لله والدين والوطن.
وإنطلاقا من مبدأ “المحاسبة على قدر المسؤولية”، فإنه لا يمكن التوجه في المغرب إلا إلى الفرعون الذي يحكم البلاد وفق ما يدعيه من شرعية تاريخية ودينية ودستورية وضعها على مقاسه ليحمي بها عرشه من غضب الشعب وثورته القادمة لا محالة، وفي المثل المغربي “من يضع نفسه مع نخالة القمح ينقبه الدجاج”، وبالتالي، نتوجه إليه اليوم بصفته الديك القائم على مزرعة الدجاج في المغرب، لا لنحاسبك على استبداده وفساده الذي سار بذكره الركبان، فهذا أمر تركناها لله رب العالمين، عسى أن يفرش له مقاما سحيقا بسبائك الذهب في أصل الجحيم، جزاء وفاقا بما نهبت يداه من عرق ودم الشعب المغربي الطيب والفقير.. بل نتوجه إليه لفضح نفاقه ونكشف عن زيف خطابه وخداعه وتواطىء رجال دولته وأجهزة مخابراته في مؤامرة الدم والظلام على سورية والعراق.
وهذه لعبة قديمة خبرناها مع كلاب مخابرات السلطان وعملائه الإسلامويين في حرب أفغانستان زمن الإتحاد السوفياتي، وفضحناها من خلال عديد العمليات الإرهابية التي انخرطت فيها مخابرات النظام مع الموساد والأطلسي لإشاعة ثقافة الخوف في أوروبا زمن بوش الصغير، والتي تم الإعداد لها بتفجيرات 16 ماي بالدار البيضاء للقول أن المغرب يتعرض إلى الإرهاب ويكافحه، وهو ما مهد لتمرير مؤامرة تفجيرات قطارات مدريد صبيحة الحادي عشر من مارس 2004 والتي كشفنا عن أسرار انخراط الممخابرات المعربية زمن أن كان ‘فؤاد الهمة’ في الداخلية والجنرال ‘حميدو العنيكري’ مديرا للأمن ومسؤولا عن جهاز المخابرات الذي يعمل تحت إسم مديرية الدفاع عن التراب الوطني، والتي برعت في قتل الأبرياء الدنيين والتضحية بعملاء صغار ككبش فداء قتلوا ليحملوا الحقيقة معه إلى قبورهم في حالة تفجيرات مدريد، على سبيل المثال لا الحصر، من بين عمليات إرهابية عديدة في أوروبان فشلت معظمها، بفضل شرفاء مغاربة من قلب مخابرات الشلطان، كانوا يزودون المعارضة المغربية في المهجر بمعلومات حساسة عن ما تحضره في أقبيتها المظلمة من مؤامرات.
هذا ملف ضخم فتح اليوم في المغرب، والشرفاء في المهجر يتابعون تطوراته وتداعياته، وينتظرون ليروا إن كان القضاء سيفتح تحقيقا نزيها وشفاف في ما تم الكشف عنه من الأسماء ومعرفة مشغليها والأيادي التي تديرها من وراء الكواليس.
لأنه في حال تم التضحية بالحقيقة، فليعلم النظام أن شرفاء من مغاربة المهجر، سيرفعون دعاوى قضائية ضد الحكومة والنظام والملك أيضا واتهامهم بدعم الإرهاب، وفتح تحقيق قضائي أوروبي في الأمر، ومنع المشؤولين المعاربة من السفر إلى الخارج، وتنظيم تظاهرات ضد من يدعم قتل الأبرياء ويقف وراء الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية في العالم العربي وأوروبا التي لا زالت شعوبها تفكر بخلاف عقلية حكوماتها، ولا زال القضاء فيها يعمل باستقلالية عن السلطات التنفيذية.
وستكون لنا عودة لهذا الموضوع الخطير لمتابعة تطوراته ومعرفة مآلاته.. بعد أن من الله علينا وكشف المنافقين والكهنة تجار الدين وحكامنا المجرمين.. إنه حقا عصر الشعوب كما تنبأ به عالم المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة الذي وافته المنية الأسبوع الماضي، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه، وكنا كتبنا مقالا عنه قبل وفاته بقليل، بعنوان: “نحن أمة بلا كرامة”، تعيش في ذل وإهانة عظيمة بسبب عمالة وخيانة وفساد واستبداد حكامها..
فهل آن الأوان لنسترد كرامتنا المفقودة، ومعها إنسانيتنا التي غيبتها مخابرات الأنظمة ورجال الدين المنافقين؟.. كلمة السر تكمن في قلوب النـــاس، ومفتاحها بيد السماء تكشف عنها متى تشاء ويشاء الناس.