كتب خليل الروسان - موسكو
الهدف الأطلسي منفصل إلى نوعين أساسهما هو احتلال سورية بنوعين من الإحتلال.
أولاً:
الإحتلال الديني عبر استبدال المذاهب الأربعة بمذهب خامس هو الوهابي المرتبط بالمخابرات السعودية التي تسيطر على المؤسسة الدينية في فرعيها الرسمي والمقاتل باسم الجهاد لمصلحة مصالح الإسرائيليين والأميركيين، و لو كان الأمر أحياناً بعلم زعماء الجهاد المنتحلين لصفة المجاهدين والمستغلين بصفتهم المخابراتية لغباء وطائفية وحقد "رعاع" يترك البر ويلتحق بالشر باسم الوهابية.
ثانياً:
إستبدال النظام والدولة بالفوضى والتقسيم والتفيت المذهبي الموصل برأيي الأطلسي إلى تقسيم جغرافي وديمغرافي للمنطقة بأسرها.
وفي حال الفشل في إسقاط النظام تهدف المؤامرة الأطلسية إلى إحتلال الإرادة السياسية للنخبة التي تحكم سورية لكي تخضع لمشروعها السياسي القاضي بتسليم السلطة أو مشاركتها في العالم العربي مع أقنعة صهيونية تحمل صفة الإسلام للنفوذ الأميركي الإسرائيلي وشبيهة بحزب أردوغان ذو الثوب الإسلامي والمضمون الصهيوني.
النخبة الحاكمة الحالية ليست سوى مزيج من النخبة الشامية والحلبية المتحالفة مع قيادة البلاد السياسية التي تعطي لحلفائها أدواراً أكثر بكثير من المعروف ومن المطلوب نشره على صعيد الصحافة الدولية.
والمطلوب تبديلها لتصبح خليطاً من أبناء السلطة الحالية الذين يقبلون المشاركة مع تنظيمات متصهينة في المضمون على رأسها الإخوان المسلمون
الأربعاء في الخامس من أيلول 2012 عبرت سيارة دفع رباعي تحمل لوحات سورية من لبنان إلى (منطقة مشاريع القاع التابعة لعرسال) إلى ريف دمشق وكان على متنها، أربعة رجال وسائق، وصلوا جميعا إلى العاصمة بعد ليلة قضوها في منطقة عين الخضرا، ثم تابعوا مع الفجر رحلتهم إلى العاصمة دمشق على متن سيارة مسروقة من الهلال الأحمر السوري نقلت امرأة مريضة ومعها الفريق الموسادي الذي ضم ثلاثة اسرائيليين يحملون جوازات سفر أوروبية وبطاقات تعريف ومعدات صحافية يرافقهم سوري واحد عرف من ساعدوه في الدخول الى لبنان ومنه إلى ريف دمشق باسم "سامر حمدون".
الفريق نزل إلى لبنان بالطائرة وعلى مسار عادي جداً، وأما انتقاله إلى دمشق فتم بمساعدة رجال الإستخبارات السعودية التي تسيطر على خطوط نقل سرية تمكنها من ايصال أي فريق استخباراتي مع أي معدات يحملها من مطار بيروت إلى داخل الأراضي السورية ويمكنها أيضاً تأمين سيارات تحمل لوحات نيابية لبنانية تنقل الفرق المخابراتية (الموسادية مثلاً) إلى البقاع أو إلى الشمال مع حماية مسلحة لصيقة ويمكنها تامين شقق وبيوت آمنة وعملاء رصد وأسلحة ومتفجرات من الأنواع داخل أي منطقة أو مدينة سورية.
في المقابل، يملك الموساد فرق أمنية متخصصة من المعاونيين الأمنيين المنتمين إلى المعارضة السورية وبعضهم ينتمى لصفوف الموالاة، وآخرون يخترقون مواقع حساسة تم كشف العشرات منهم خلال الأزمة وقبلها بأشهر. إذاً التعاون السعودي الإسرائيلي على الصعيد الأمني وثيق فماذا عن دور الأميركيين في هذا التعاون؟
كل ما يمكن للأميركيين تقديمه من دعم فني وتقني وإلكتروني ومن دعم تنفيذ يقدمونه لجهازي المملكة الوهابية ومملكة العبرانيين المحتلة لفلسطين، لكن في عملية اغتيال الرجل الخطير لم يتدخل الأميركيين إلا بطريقة واحدة هي الوسائل الفنية والمراقبة الجوية عبر الأقمار الصناعية.
لماذا استهداف الرجل " الخطير" ؟
يستهدف الأطلسيون والموساد والسعوديون أي كفائة سورية أكانت علمية أو سياسية أو شعبية أو صحافية أو طبية أو عسكرية أو أمنية أو دينية رافضة للوهابيين والإرهابيين، لذا من الطبيعي أن يستهدفوا رجال يقاتلهم على أرض المعركة وله دور في قتالهم خارجها في المستقبل.
فضلاً عن أن لإسمه وقع خاص، يفوق المركز الذي يحتله ويكتسب أهميته من ولائه الأكيد للرئيس بشار الأسد، و الغير قابل للتحييد إلا بالقتل.
المشاركون؟
(يعتقد بأن المخابرات العسكرية هي التي تتولى ساحة المعركة في سورية ولكن الموساد يقدم جهوده تحت قيادة العمليات التابعة للمخابرات العسكرية).
تتولى عمليات الإغتيال والرصد والتنفيذ.
في الغالب الأعم يتولون تقديم اختراقاتهم البشرية داخل بعض المواقع الحساسة في سورية لصالح الإسرائيليين وعملياتهم في سورية فضلاً عن مشاركة السعوديين في تأمين الوسائل اللوجستية من الإنتقال الشبه آمن إلى الحماية داخل سورية إلى تأمين الشقق والبيوت الآمنة والمساعدة البشرية التي يقدمها المسلحون المرتزقة والوهابيون.
الدعم التقني من الأقمار التجسسية الصناعية التي ترصد الهدف من لحظة خروجه من مكتبه أو من منزله وتحدد بوسائل مسح حراري وجود الهدف من عدمه وفي أي سيارة من السيارات التي يضمها موكبه كما ترصد هواتفه وأجهزة الإتصال التي تربط سيارات الموكب ببعضها وتعطي الأمر لفريق التنفيذ على الأرض وتحدد له أي السيارات هي التي يجب أن يستهدفها ميدانياً.
نهار الجمعة الماضي السابع من ايلول 2012 ، دوى انفجار كبير إستهدف سيارة مصفحة كان يستقلها " الرجل الخطير" الذي لم يعرف العالم صورة له حتى ما قبل شهر حيث نشرت صوره مواقع الكترونية. ( فضلا انظر الصور الحصرية في الرابط تحت) . اصيبت السيارة المصفحة وخرج الرجل فوراً منها دون أن يتعرض لأي إصابة، وركب سيارة أخرى من موكبه وأكمل يومه بشكل اعتيادي. فهو ضابط استخبارات مسؤول عن محاربة الإرهاب في دمشق وريفها ضمن مجموعة موثوقة من محاربي الإرهاب السوريين الذين حققوا مع الجيش السوري انتصارات على غزوات الأطلسي المتتالية.
لم يفاجيء استهداف الرجل أحداً، فهو واحد من أكثر الضباط السوريين تعرضاً للحملات الإعلامية، ومع أنه واحد من أكثر الضباط بعداً عن الاضواء، ولكن شهرته مصدرها أعداء سورية الذين يلاحقونه بإشاعات وقصص مفبركة في الغرف السوداء الأميركية والإسرائيلية والسعودية.
كانت المواد المتفجرة التي حوتها العبوة الموجهة من النوع ذاته الذي قتل عماد مغنية، ولكن كميتها كانت أكبر بأضعاف ما يعني وجود رصد دقيق للسيارة التي يستقلها الرجل الخطير، وهي سيارة تتبدل يومياً كما الطريق التي يسلكها، وكانت العبوة مخبأة في سيارة ركنها ضباط الموساد الذين نفذوا العملية أمام المبنى المكتظ بالعديد من الشخصيات الإعلامية التي تسكنه.
المتفجرات شديدة الإنفجار وصّلت بجهاز تفجير عن بعد لا يمكن التحكم به أو إبطاله أو التشويش عليه إلا عبر مالكي أجهزة خاصة صنعتها الدولة التي صنعت ذاك النوع من المتفجرات ومن أجهزة التفجير الالكترونية، "إسرائيل".
كيف جرى رصد الطريق؟ وكيف عرف المنفذون بأن "الرجل الخطير" يقود تلك السيارة؟
تقول التحقيقات إن الفريق الذي نفذ عملية التفجير تلقى إشارة وصوراً فضائية تظهر الموكب متحركاً وقد وجهت الأقمار الصناعية عملية الإغتيال بطريقة هوليودية، فرصد الرجل ممكن إلكترونيا، بوسائل يملكها الأميركيون، وتصوير سيارته وهو يستقلها أسهل من تصوير بواطن على عمق ستين متراً من الكهوف وهو ما تستطيعه الأقمار الصناعية التجسسية الأميركية الحديثة.
في الساعة الثالثة وعشرون دقيقة من ذلك اليوم دوى الإنفجار أمام مبنى الصحافة في أوتستراد المزة، الموصل من اتجاه الغرب باتجاه ساحة الامويين وعلى مقربة مفرقين من مفرق مسجد الأكرم وليس بعيداً عن دار البعث شرقاً ومبنى الإتصالات غرباً.
الطريق استراتيجي، والمباني المحيطة تضم واحدة من أكثر تجمعات الموالين خطورة من كل النواحي، و قربها من بساتين المزة بلد، وعدم وجود مسافة كبيرة تفصلها عن بساتين وصبارات شهدت قتالاً عنيفاً أثناء ما سمي من قبل الإستخبارات الأميركية بـ " بركان الشام وزلازل سورية " لا يعني أبداً أن منفذي العملية وجدوا صعوبة في إيجاد خط انسحاب بمساعدة مجموعات مرتزقة الأطلسي قبل أن تجري الإستخبارات السورية مسحاً للمباني وتعثر بمساعدة وسائل الكترونية متطورة (روسية في الأغلب) على كاميرات رصد وعلى أجهزة الكترونية لتلقي الإشارات القادمة من الأقمار الصناعية في شقة تطل على مكان العملية. إضافة إلى إعتقال معظم المشاركين في عمليات تأمين الشقق والنقليات للفريق الإسرائيلي الذي ضم سوريا واحداً كشفت كاميرات مراقبة شخصية وضعها أحد المسؤولين لمراقبة المبنى الذي يسكنه و حصلت المخابرات السورية عليه أظهرت أن الشخص السوري ليس سوى الجاسوس الإسرائيلي المقيم في الخارج أيمن عبد النور !!
تحقيقات سريعة أفضت إلى القبض على الرجل الذي ركن السيارة المفخخة، وعلى اكتشاف ثلاث شقق تتطل على أوتستراد المزة (من جهة طريق بيروت وصولاً حتى قصر العدل وتطل أيضاً من جهة الخلف على مطار المزة وعلى المحلق الجنوبي) كان يستخدمها فريق رصد تابع للإسرائيليين من عملائهم المحليين منذ العام الماضي! أي أن العملية كان مخططاً لها منذ شهر ديسمبر 2011.
الإستدلال على من استأجر الشقق أوقع بشبكة ترتبط بالإستخبارات السعودية، وأما فريق المراقبة الذي جرى القبض عليه ربطا بالكاميرات السرية المركبة على شرفات أكثر من مبنى في المنطقة أفضت إلى تحديد سيارات ووجوه أشخاص شاركوا في الرصد لأشهر سبقت العملية.
من ديسمبر – كانون الأول 2011 وحتى السابع من آب – اغسطس 2012 هي المدة التي واظب خلالها عملاء محليين وضباط مخابرات يعتقد أنهم من الموساد على التردد على تلك الشقق المستأجرة من قبل أشخاص مرتبطين بالإستخبارات السعودية.
كان بعض العملاء المحليين من أولئك، تحت الرصد والمتابعة، ولكن تورطهم في عملية الإغتيال تلك كان جزءاً من عملية أوسع تشمل تأمين دخول وخروج ضباط الموساد الإسرائيلي من وإلى سورية عبر أكثر من حدود برية ليس منها أي معبر شرعي.
هذه عملية نموذجية لتعاون الإستخبارات الإسرائيلية والسعودية مع الأميركيين على النيل من سورية وقد برهنت التحقيقات الأولية حتى الآن على ما يلي:
تساهم الأقمار الصناعية التابعة لوكالة أميركية متخصص مجلس الأمن القومي الأميركي بشكل فعال في الحرب على سورية وهي شبكة موجهة في الأصل إلى الحلف الشرقي (واسو) الذي انهار بداية التسيعينات، وأصبح الآن (لسخرية القدر) موجهاً فقط ضد سورية ويستخدم في عمليات اغتيال !!
ثانياً:
يستغل الموساد تسهيلات سعودية في لبنان وتسهيلات تركيا في تركيا وتسهيلات أردنية في الأردن للولوج إلى الأراضي السورية وللعودة.
ثالثاً:
ينفذ الموساد عملياته فقط عبر ضباط اسرائيليين لعدم ثقته بعملائه من الناحية التقنية لأنه يعتمد بشكل شبه كامل على الوسائل التقنية الحديثة.
رابعاً:
يلعب السعودي دور مختار المحلة مستغلاً وجود عشرات آلاف السوريين في الخليج لإستغلالهم لتجنيد أقاربهم بأكثر من وسيلة بعضها يتضمن التحريض المذهبي الوهابي وآخر يستخدم التهديد مع عدم نسيان الكرم الغير عادي الذي تمارسه المخابرات السعودية لتجنيد عملاء في مواقع حساسة لمرة ثم تستغلهم مجاناً تحت تهديد كشفهم وفضح عمالتهم.