لماذا إنتخبوا ؟

لماذا إنتخبوا ؟

الاثنين , 16 حزيران / يونيو 2014

سمير الفزاع
لو سألت أحدهم عن الإتجاهات وقام بإخبارك عنها ستكون ممنوناً ، وستشكره ، لقد ساعدك على الوصول إلى مبتغاك بأسرع ما يمكن . ولكن عندما تكون تائهاً في الصحراء أو في غابة فإن معرفة الإتجاهات ستشكل حدّاً فاصلاً بين الحياة والموت ، بين التيه واليقين . نحتاج دائماً للتذكير ببعض “الأشياء” على الرغم من بداهتها ووضوحها ، ليس لأنها خفيّة بسيطة الأثر ، ولكن لأنها واضحة وحيويّة ولكننا تعودنا وجودها ، كالشمس . نراها كلّ يوم ، نتمتع بدفئها ، نسير بضيائها ، نتجدد مع كلّ إشراقة لها … ولكننا نغفل عن عطاياها ، ونتجاهل إيثارها … بل وإمعاناً في التحدي ، تغنينا بالقمر ، الذي لا يشكل أكثر من إنعكاسا لبعض عطائها ، ويغيب عن عوالمنا أكثر مما يَظهر .
يوما الأربعاء 28/5/2014 والثلاثاء 3/6/2014 شكلا علامة فارقة في تاريخ سوريا ، ويستحقان الكثير الكثير من التأمل والتبصر والبحث . لماذا ؟ كيف ؟ متى ؟ أين … حتماً هناك من حاول ، ومن سيحاول الإجابة عن هذه التساؤلات الكبرى ، لأن ما حدث كان زلزالاً بشرياً هزّ الوجدان ، والمعرفة ، والسياسة ، والعلوم ، والأمن ، والتاريخ ، … سأحاول في هذه العجالة الإضاءة – قدر إستطاعتي وبأقصى ما يمكنني من الحياديّة العلمية – وعلى البُعد النفسي فقط لهذه الظاهرة المركبة والفريدة في آن ، وهو البعد الأهم برأيي لأنه يفسر لنا “لماذا فعلنا ما فعلنا ، وعلى النحو الذي فعلناه به” .
1 – خلال الأشهر الطويلة للحرب على سوريا ، حاول أعداء سوريا ضربها في الصميم لتفتيت هويتها ، وتمزيق أرضها ، وخطف شعبها … لكنّ هذا الشعب ، وخلال ذات فترة الهجوم الكاسح عليه ؛ بدأ يتعرف إلى نفسه وإلى وطنه ، وكأنها المرة الأولى التي يَعي فيها فرادته وخصوصيته الإنسانية والحضارية . لذلك ، عندما دقت ساعة الإختبار كان ردّ فعله يشبه الإنفجار ، تدفق هائل للناس في ظروف وتهديدات أمنية صعبة ، ردّ الفعل الإنساني “الطبيعي” حيالها هو الإحتماء من الأخطار وليس الخروج إليها وتحديها .
2 – خرجت هذه الجموع الغفيرة إلى الشوارع والساحات ومراكز الإقتراع … كنوع من الإعتذار الجمعي “اللاشعوري” عن غيرهم ، وعن أنفسهم ، على كلّ لحظة تقصير أو شكّ أو تردد أو حتى خيانة وتآمر على الوطن أولاً ، وعلى جيشه وقيادته ثانياً ، وعلى الشعب ثالثاً .
3 – لم يعش الشعب العربي السوري هذا المستوى العالي من الأمن والاستقرار في تاريخه المعاصر ، إلا خلال حكم الراحل العظيم حافظ الأسد والرئيس بشار حافظ الأسد ، وخلال فترة حكمهما تسارعت وتائر النمو والتطور في كافة مناحي الحياة ، وساد الإستقرار وعمّ الأمن سوريا . خلال سنوات الحرب على سوريا وعى شعبنا العظيم الأهمية الكبرى لهذا الأمن والإستقرار ، وأكتشف بالدم واللحم الحيّ الآثار الكارثية لفقدانه ، وسعياً منه للعودة “والنكوص” إلى ذلك العهد من الأمن والإستقرار كان هذا التصويت المكثف والجارف .
4 – في دمشق الشام ، حصل أول “خروج” واسع وناجح على دولة الخلافة العربية الإسلامية ، ومع هذا الخروج السياسي والتنظيمي والإجتماعي … اصيب الوعي القيمي والإيماني والسياسي بحالة من “الفصام الحادّ” لخصتها العبارة الأشهر والأبلغ دلالة “قلوبنا معك وسيوفنا مع معاوية” ، وهذا موقف سياسي نفعي “براغماتي” لا علاقة له بالأديان والطوائف والمذاهب . اليوم ، وفي هذه الإنتخابات ، كأننا نقف شهود على عملية “تصحيح” كبرى للتاريخ العربي الإسلامي ، حيث راقبنا “إنزياح” الكتلة البشرية الأعظم “بقلوبها وسيوفها” إلى جهة واحدة من أطراف الصراع ، وهذا الظاهرة – كما غيرها – تحتاج إلى تدقيق خاص .
5 – أُصيب المواطن العربي السوري “بعطب” بالغ في وجدانه القومي ، وكرامته وسيادته الوطنية ، وشرفه الشخصي ، والمتتبع لتاريخ هذا الموطن – في تاريخه المعاصر على الأقل – يدرك مدى أهمية هذه المعاني في حياته وتكوينه النفسي والإنساني ، وإرثه الحضاري والتاريخي . مشهد تشرد الملايين من السوريين – نساء وأطفال ورجال – وطوابير العرايا ، وجموع السبايا ، وقتل الأطفال ، وسحل الرجال ، وهتك الحرمات في مناطق سيطرة المسلحين ومخيمات اللجوء ، وأسواق الرقيق والجواري فيها … كلّ ذلك ، أصاب المواطن بصدمة هائلة دفعته دفعاً ، ليكون أكثر إلتصاقاً بوطنه ، وإيماناً بجيشه ، وولائاً لقيادته .
6 – معاناة المواطن العربي السوري من أبشع حالات الجحود والنكران ، والإنقلاب التام على أواصر القربى ووشائج الصداقة … من محيطه العربي والإقليمي والدولي ، جعله يعي قدسية الإنتماء لوطنه وشعبه وجيشه وقيادته ، وأن هذه العناصر كانت ، وما زالت ، العناصر الذهبية لمعادلة عيشه الكريم ، والآمن المستقر . وأن وضع أي من عناصر هذه المعادلة في كفة ، وأي “مكسب” من أي نوع كان في هذا الكون في كفة أخرى جريمة لا تغتفر ، وخطيئة أكبر من أي مقدرة على الصفح ، وخسارة حتمية لكل شيء .
7 – خلال أعوام الأزمة ، ظهرت حالات من البطولة الخارقة لكل قوانين الطبيعة والإنسانية ، حالات تصاب أمامها بالذهول المطلق ، وهي أكثر من أن تُعدّ ، من مفرزة الأمن العسكري في جسر الشغور ، وصولاً إلى ملحمة سجن حلب المركزي ، والذي وقف فيه السجين كتف إلى كتف يدافع مع الجندي عن السجن في معركة مستحيلة ، ولأكثر من عام ، والعائلات المذهلة التي تقف خلف هذا المشهد الاسطوري . هذه الحالات وغيرها ، كانت المُلهم والقدوة لكل الشعب العربي السوري ، وحتى يكون في “مستواها” ، ووفياً لأبطالها الذين حموه من مصير أسود محتوم ، وشركياً لهم في معركة حماية الوطن والبقاء ؛ إغتنم الفرصة ، وكان صوته عالياً متدفقاً مفاجئاً مقاتلاً .

» رسالة الى السيد الرئيس بشار الأسد ..لماذا كل أولاد المسؤولين لديهم إعفاء من خدمة العلم ؟ لماذا كلهم هربوا من الخدمة بأيام اللولو ؟؟
» لماذا القلمون؟
» لماذا الآن ؟
» لماذا درعا ؟
» لماذا سوريا