أين سيذهب الإرهاب بعد سوريا ؟

أين سيذهب الإرهاب بعد سوريا ؟

الخميس , 8 ايار / مايو 2014

أحمد الحباسى تونس
لن يستقر الإرهاب في سوريا ، فالشام كما العراق هي مجرد محطة ترانزيت ظرفية للفكر و المجموعات التكفيرية السلفية الوهابية ، فالذين يمارسون تنفيذ ” المناهج التعليمية ” للمؤسسة الدينية السعودية في سوريا أو في العراق لا يملكون وسائل الاستقرار و لا يبحثون على الحكم ، و نصب بعض محاكم التفتيش و الأحكام الجائرة في بعض المناطق السورية أو اغتصاب الجباية من المواطن السوري و فرض نوع من السلوك اليومي بداعي التقيد بالتعاليم الإسلامية هذا في مجمله لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمثل حالة حكم لدولة مثل سوريا و لا يمكن أن يرضى الشعب السوري المتعود على العلم و الحداثة و الطموح إلى التطور ، و الغزاة في التاريخ مهما مارسوا من خطايا و فضائع لم يستطيعوا أبدا فرض “قناعاتهم ” على الدول المحتلة و كانت نهايتهم الانكسار و العودة من حيث أتوا.
سوريا إذن محطة ترانزيت وقتية للجماعات الإرهابية السعودية ، ولان محطة الانطلاق ليست الشام فانه من الطبيعي أن يعود الإرهاب إلى محطة الانطلاق أو ينتقل إلى محطات ترانزيت أخرى ، و سفر هذه الجماعات و الفكر التكفيري من السعودية أو من بعض الأدغال الأفغانية و بعض الدول الأخرى هو سفر “سياحة” دموية ظرفية تعودت عليه هذه الجماعات منذ نشأة الفكر الأصولي المتطرف على يد دعاة الخليج ، والفكر التكفيري كما الجماعات الذي تمارسه يشبه في كثير من التفاصيل مقاولات الأشغال العامة التي تنفذ بنود عقد “أشغال” لفائدة صاحب الشغل و بمجرد الانتهاء و “قبول” تلك الأشغال تذهب إلى أماكن عمل أخرى ، لذلك يمكن القول أن هذا ” المسافر” سيخرج من سوريا قريبا بعد أن مارس تنفيذ جزء مهم من “المقاولة” الصهيونية المتمثلة في تدمير البنية التحتية السورية في عنوانها العريض و إنهاك الجيش السوري حتى لا يفكر في مواصلة توجيه البوصلة نحو استرجاع الأراضي المحتلة .
يدرك المتابعون أن شيئا خطيرا يحدث في منطقة المغرب العربي منذ بداية حكم حركة النهضة في تونس و استيلاء الجماعات الإرهابية التكفيرية على مفاصل الدولة في ليبيا ، و بعملية جمع و طرح سياسية يتبين أن الحديث عن تواجد أمريكي عسكري في تونس قد أصبح أمرا حتميا فرضته مصلحة الشعب التونسي و مصالح الدول الغربية و على رأسها طبعا الولايات المتحدة الأمريكية ، و لا يمكن أن نفهم زيارة رئيس الأركان الأمريكية الأخيرة الجنرال ديمبسى إلى من خلال هذا السياق ، و لعل الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة التونسية إلى الجزائر تأتى في إطار “التشاور” حول الكيفية التي سيتم بمقتضاها السماح بتواجد القوات الأمريكية في جنوب الصحراء التونسية الليبية لمواجهة تمدد الجماعات الإرهابية و لما لا القيام بعمل عسكري ثلاثي أو رباعي استباقي بمشاركة القوات المصرية ضد التواجد و الخطر الإرهابي في ليبيا .
تتحدث التسريبات الإعلامية و الرسمية في تونس و في بعض وسائل الإعلام العالمية على عودة أعداد مهمة من الإرهابيين من سوريا إلى تونس لأسباب مختلفة أهمها على الإطلاق حالة الاختلاف بين المجموعات الإرهابية نفسها ، بداية “عزوف” الغرب عن مواصلة مساندة ما يسمى بالجيش الحر السوري ، فشل الائتلاف السوري وآخره في قمة الكويت الأخيرة ، استرجاع الجيش السوري و تحريره لمناطق إستراتيجية مهمة آخرها في حمص ، انعكاس الصراع القطري السعودي على تمويل هذه الجماعات و في حصول خلافات “مبدئية” بينها ، بالمقابل ، تكشف التسريبات المنشورة على صحيفة “آخر خبر ” التونسية منذ يومين فقط بعض الحقائق المرعبة حول قيام حركة النهضة بتمويل الإرهاب في سوريا و في تونس و عن وجود ما لا يقل عن 7000 جمعية ” خيرية ” تم إنشاؤها و تمويلها من المال العام الحكومي في فترة حكم حركة النهضة منذ بداية 23 أكتوبر 2011 ، هذه الجمعيات هي من ترعى جزء من الإرهاب في سوريا و تسعى اليوم في “استقبال” هذه المجموعات العائدة من الشام لمواصلة تنفيذ مشروع الفوضى في بلاد المغرب العربي طبقا للتعليمات الصادرة عن الشيخ الظواهري في إطلالته ” المشفرة ” الأخيرة .
ماذا سيفعل الإخوان الفارون من مصر إلى ليبيا بأعداد هائلة ، لماذا تحدثت وزارة الداخلية التونسية بكثير من التخوف عن قرب حدوث ضربات إرهابية موجعة داخل التراب التونسي ، لماذا تسهل تركيا نزوح و عودة الجماعات الإرهابية من سوريا إلى ليبيا ، لماذا تتحدث وسائل الإعلام عن وجود قوات كومندوس غربية ، أمريكية بالأساس داخل ليبيا ، و ما هو الدور الموكول لها في العملية العسكرية المتوقعة ضد معسكرات التدريب الإرهابية ، هل أن فرض منطقة عسكرية عازلة على طول الحدود التونسية الجنوبية مع ليبيا هو مقدمة لضربة استباقية أو حالة من حالات مواجهة الخطر الإرهابي القادم من ليبيا ، ما هو الدور القذر الذي يقوم به الرئيس محمد المرزوقى و بعض قيادات النهضة و حزب التكتل في تعويم مسألة الإرهاب بافتعال حوادث سياسية متنقلة لإرباك الوضع الداخلي و تمكين الجماعات الإرهابية المتحصنة بالجبال من الهروب و التقاط الأنفاس ، ما هي التعليمات القطرية التركية لهؤلاء و ما طبيعة أدوارهم في المرحلة القادمة المتزامنة مع الانتخابات الرئاسية و التشريعية ، هل حان وقت المواجهة الفاصلة بين مفهوم هيبة الدولة و مفهوم الإرهاب.
لعل الغرب قد أحس الآن أن مساندة الإرهابيين في سوريا هو سلاح ذو حدين ، تقول السيدة هيلين بال المنسقة الوطنية البريطانية لمكافحة الإرهاب أن هناك قلق كبير من قرب عودة الإرهابيين الغربيين إلى بلدانهم الأصلية ، و بعد أن كانت سوريا مغناطيسا جاذبا للإرهاب كما يقول الكاتب صباح عزام في مقاله بعنوان “الإرهاب ضد سورية ، أرباح أمريكية إسرائيلية ” فان كل التقارير تتحدث عن هجرة إرهابية مضادة من سوريا إلى بلدان “المنشأ” و أن الغرب كما بعض الدول العربية قد بدأ باستشعار الخطر كما يقول السيد عبد الفتاح السيسى المرشح الأبرز للانتخابات الرئاسية المصرية ، لذلك يتفهم البعض الآن مغزى تصريح سماحة السيد حسن نصر الله عندما اختزل الأمر بأنالذين عادوا إلى تونس أذاقوا الشعب التونسي والمجتمع بعضا مما يذوقه الآن السوريّون من علميات قتل وإرهاب ؟ و عليه و كما يقول الشيخ حسين العبيدي إمام جامع الزيتونة التونسي أن مصيبة الأمة تكمن في تعليم أمثال هؤلاء “أيديولوجيا فاسدة ممولة من الصهيونية” داعياً إلى إعادة تأهيلهم بعد عودتهم من سوريا وتعهدهم بالتزام التوبة، لكن الأمر لن يحسم بالأمنيات لان قطار الإرهاب قد خرج عن نطاق السيطرة .

» سيذهب المتآمرون وتبقي سوريا...
» منصور: شكلنا الوفد الرسمي الذي سيذهب الى جنيف 2
» أحمد الجربا يعلن من إسطنبول أن الائتلاف سيذهب الى مؤتمر جنيف 2 دون مساومة على ثوابت «الثورة»
» حزب الله في سوريا ..الحرب على «الإرهاب»
» سوريا بين الإرهاب والثورة - نضال نعيسة