كيف أسهم المسلحون في انتصارات الجيش السوري؟احمد زين الدين – صحيفة الثبات
ثمة تغيير كبير ومذهل في التطورات السورية، فالميدان أخذ يشهد تبدّلاً نوعياً لمصلحة الجيش والقوات المسلحة السورية، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية ونيف، اكتسب هذا الجيش خبرات نوعية مذهلة في تكتيكات الحرب ومناوراتها، خصوصاً على مستوى حرب العصابات، بالإضافة إلى تفعيل دور الاستخبارات، التي نجحت في اختراق المجموعات الإرهابية المسلّحة، حيث يذهب أحدهم إلى القول إنها تمكّنت من أن تحصي أنفاس المجموعات المسلحة، وأن ترصد وتحقق انتصارات كبرى كان آخرها في رنكوس في القلمون حركة قيادات المجموعات المسلحة بأدق التفاصيل.
وتجزم المعلومات المتوافرة في هذا المجال أن المعلومات حول المسلحين لم تقتصر على أعداد المسلحين وجنسياتهم، بل كانت ترد تفاصيل عن الخطط والمعارك التي يحضّرون لها، وأماكن وجود هذه المجموعات وقياداتها، من “جبهة النصرة” و”داعش” و”الجبهة الإسلامية” و”الجيش الحر”.. وبهذا وجّه الجيش السوري ضربات قاتلة للمسلحين وقيادييهم في أكثر من مكان وموقع، كما كانت هناك العديد من الكمائن المُحكَمة التي قضت على آلاف المسلحين مع قيادييهم، واعتقال المئات منهم.
وبرأي الخبراء هنا، فإن الجيش السوري استفاد من كل التجارب والوقائع التي مرّ بها طوال الفترات الماضية، فهو استفاد من تجربة “حزب الله” في القتال غير الكلاسيكي، ونشّط عمل الاستخبارات، واخترق صفوف المجموعات المسلحة، واستفاد من خلافات المجموعات المسلحة وتنوّع المعارضات وصراعاتها واقتتالها على الغنائم، بالإضافة إلى أن المسلح السوري ملَّ من تزعّم المسلحين الأجانب وأعمال القتل والتنكيل التي يمارسونها بحقهم وبحق غيرهم من السوريين في أماكن وجودهم، حتى بحق أخصامهم من المجموعات المسلحة الأخرى، ما جعل آلاف المسلحين السوريين يعودون إلى دولتهم الوطنية، وهو ما أسهم في تعرية المجموعات المسلحة ومن يدعمها بشكل كبير، وصارت الكثير من البؤر الحاضنة تتخلى عن هذه المهمة.
هذه الوقائع عرّت رعاة الإرهاب وكشفتهم أمام الرأي العام السوري والعربي والعالمي، لا سيما مع اتساع المعلومات والأخبار عن أعداد القتلى والمعتقلين من المسلحين الأجانب، خصوصاً من الخليج والمغرب العربي والغرب، وهو ما بدأ يثير ضجة كبرى في هذه الدول، فبدأت المواقف الرافضة للعدوان الدولي على سورية تتسع في المغرب العربي، وفي كثير من الدول العربية، في وقت أخذت وسائل الإعلام تلقي الضوء عن التورط الغربي، خصوصاً الفرنسي والأميركي في العدوان على سورية، وعودة آلاف المسلحين من حيث أتوا، وهو ما أخذ يثير المخاوف الكبيرة.
ومع اتضاح الكذبة الأميركية بشأن السلاح الكيميائي واستعماله في الغوطة، تماماً على طريقة كذبة بوش – باول عن سلاح الدمار الشامل في العراق، حيث كشف الصحافي الأميركي المعروف سيمور هيرش أن من استعمل هذا السلاح هم المسلحون أنفسهم، وأن من زوّدهم به ودربهم عليه ونقله هي الحكومة التركية واستخباراتها بالاضافة إلى الـ”C.I.A” بهدف استجلاب العدوان الأميركي والأطلسي ضد بلاد الأمويين، ثمة حقائق وأمور كثيرة أخذت تتكشف، وقد تطال بشظاياها القاتلة رجب طيب أردوغان، وواشنطن وباريس، لكن الأحداث والتفاعلات السورية ستصيب مملكة الرمال السعودية، التي أخذ القلق يتضاعف فيها، وبدأت أصوات في الغرب تسأل حكوماتها عن معنى “الديمقراطية” في السعودية ومشيخات الخليج، في وقت أخذ القلق يتضاعف داخل الأسرة الحاكمة جراء فشل الحرب على سورية، واتضاح القدرة الأميركية على التدخل المباشر، حيث لم يعد بإمكان الجيوش الأميركية تكرار تجارب العراق وأفغانستان، علماً أن الكثير من الدراسات والمعلومات أخذت تبثّ في كل مكان عن دور السعودية في تغذية الإرهاب والتطرف من خلال انتشار المدارس والكليات التي تخرّج الآلاف سنوياً من المعبَّئين بثقافة التكفير وإباحة استعمال العنف ضد من يخالف الوهابية الرأي والمعتقد.. ما صار يوجب وضع حد لذلك، في الوقت نفسه الذي صارت شيخوخة حكام السعودية تولّد الصراعات والأجنحة المتنافسة على الحكم والوراثة في نظام متحجر يعود إلى القرون الوسطى، وهو ما صار هموماً متزايدة أمام حكام الخليج، الذين يرون مجلسهم يتهاوى ويتشقق وأمام حماتهم في واشنطن، التي أخذت بشكل أو آخر تعيد دراسة حساباتها بشأن حمايتها للإرهاب الذي دعمته منذ عشرات السنين، وكان يرتدّ عليها في أكثر من مناسبة، مثل 11 أيلول، ومترو الأنفاق في لندن وغيرهما.. وهم الآن بدأوا يتحسسون الخطر، خصوصاً أن دمشق بدأت في انتصاراتها الكبرى، ولا بد من عودة ما بقي من إرهابيين، مهما طال السفر.