سقوط السلطان التركي!راجح الخوري – صحيفة النهار
ربح رجب طيب اردوغان الانتخابات البلدية ومن المؤكد انه سيفوز في الانتخابات الرئاسية، ولأنه هدد بانزال اشد العقوبات بمعارضيه الذين اتهموه بالفساد يتساءل البعض: ماذا سيفعل، هل سيلقي بمعارضيه من سطوح الابنية على ما فعل رفاقه “الاخوان المسلمون” في مصر، وخصوصاً بعدما وصفهم بالحشرات والخساسة؟
اردوغان المتربع على الحكم في تركيا منذ ١١ عاماً، بدا اخيراً كنسخة من الباب العالي العثماني، فهو يتصرف بفوقية السلاطين المفعمة باستعراضية نافرة، بما يناقض صورته السابقة التي اثارت الاعجاب في الغرب، وقدمته كنموذج جديد ومقنع عن اسلام سياسي حليق الذقن يضع رباط العنق ويسلك مساراً تصالحياً في ظل شعار “صفر مشاكل مع الجيران” الذي واكب صعوده في الحكم!
لقد انكشف زيف هذا الشعار، سواء في الداخل حيث لم يقدر على تحمّل انتقادات معارضيه فاعتبرهم من المأجورين، وسواء في الخارج حيث لا تبدو علاقاته مع الجيران مرتاحة، وخصوصاً بعد انهيار مشروع “أخونة” المنطقة الذي ظهرت حقائقه السلبية في مصر. ومن الغريب ان يكيل اردوغان الاتهامات لعبد الفتاح السيسي الذي لم يمنع “الاخوان” من التظاهر ولم يوقف “تويتر” و”يوتيوب”، كما فعل هو عندما منع الاتراك من التعبير عن آرائهم، الأمر الذي قدّم عنه صورة بشعة.
ربما يكون نجاحه في ترويض الجنرالات والمؤسسة العسكرية القوية المدججة بخلفيتها الاتاتوركية التي شكّلت دائماً ركائز الدولة العميقة في تركيا، هو الذي جعله يتصرف بعقلية السلاطين ويقترف اخطاءهم ايضاً، فمنذ احداث ساحة تقسيم الى اليوم ضاعف عدد مناوئيه واظهر ميلاً واضحاً الى التسلّط، وان كان لا يزال يملك شعبية واسعة كما اظهرت الانتخابات البلدية!
فوز اردوغان في الانتخابات لا يستحق الزهو لأن سمعته الخارجية في الحضيض، وخصوصاً بعد تسريب تقرير من ٣٠٠ صفحة وضعه الادعاء العام التركي، وفيه طوفان من الاتهامات التي تؤكد تورط حكومته في عمليات الفساد والتزوير وتبييض الأموال، وفق برنامج واسع ساعد ايران على الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها!
مجلة “فورين بوليسي” تقول انطلاقاً من هذا التقرير ان تركيا كانت البلد المفضّل عند ايران للالتفاف على العقوبات، وان شركات وهمية وسماسرة نافذين لدى الحكومة في انحاء تركيا شاركوا، بمساعدة كيانات مالية في دبي والصين، في تبييض عائدات النفط والغاز وتحويلها الى ايران انتهاكاً للعقوبات، وان “بنك خلق” التركي لعب دوراً بارزاً في هذا، كما ان تركيا اجرت صفقات مقايضة غير قانونية بالذهب قيمتها عشرات المليارات من الدولارات لمصلحة ايران، ولهذا قامت اميركا بادراج تركيا ضمن الدول التي تشكل خطراً على النظام المالي العالمي، وهذا كفيل بتدمير صورة اردوغان في الخارج والداخل!