سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: لعبة الأمير بندر الأحد مارس 30, 2014 2:39 am | |
| لعبة الأمير بندرلعبة الأمير بندر 14/03/29
وكالة أوقات الشام الإخبارية - سيمور هيرش اعتمد جهد الإدارة الرامي إلى تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بشكل رئيسي على المملكة السعودية والأمير بندر, مستشار الأمن القومي السعودي. كان بندر سفيراً لدى الولايات المتحدة طوال 22 عاماً, حتى سنة 2005, وكانت تربطه علاقة صداقة مع الرئيس بوش ونائب الرئيس تشيني. وبعد تسلمه منصبه الجديد لايزال يلتقي بهما بشكل سري. كما أن العديد من مسؤولي البيت الأبيض الرفيعين قد قاموا بزيارات عديدة مؤخراً إلى المملكة السعودية كان بعضها سرياً. في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي, طار تشيني إلى المملكة السعودية لعقد لقاء مفاجىء مع الملك عبد الله وبندر. وقد نقلت صحيفة “التايمز” أن الملك حذرَ تشيني قائلاً إن السعودية ستدعم السنة في العراق في حال انسحاب الولايات المتحدة. أخبرني مسؤول استخباراتي أوروبي أن الاجتماع تركز أيضاً على مخاوف السعودية من “صعود الشيعة”. وكرد على ذلك, “بدأ السعوديون يستخدمون قوتهم – المال.” في عائلة ملكية تضج بالمنافسة, تمكن بندر على مدى سنوات من بناء قاعدة نفوذ تعتمد بشكل كبير على علاقته الوثيقة بالولايات المتحدة, التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى السعوديين. خلفَ بندر, كسفير, الأمير تركي الفيصل الذي استقال بعد 18 شهراً ليحلَ محله عادل الجبير, وهو بيروقراطي كان يعمل مع بندر. وقد أخبرني دبلوماسي سعودي سابق أنه أثناء عمل تركي كسفير اكتشف أن بندر يلتقي سراً بمسؤولين رفيعين في البيت الأبيض, من بينهم تشيني وإيبرامز. وقد قال الدبلوماسي السعودي, “أعتقد أن تركي لم يكن سعيداً بذلك”. لكنه أضاف, “لا أعتقد أن بندر يتصرف لوحده”. وقال إنه بالرغم من أن تركي لا يحب بندر, إلا أنه يشاركه هدفه الرامي إلى مواجهة توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. يعود الانقسام بين الشيعة والسنة إلى انشقاق مرير, حدث في القرن السابع, حول خلافة النبي محمد. هيمن السنة على الخلافة القروسطية والإمبراطورية العثمانية, مع النظرة التقليدية إلى الشيعة بصفتهم غرباءَ دخيلين. يشكل السنة في كافة أنحاء العالم 90% من المسلمين, لكن الشيعة يمثلون الأغلبية الساحقة في إيران والعراق والبحرين, كما يشكلون المجموعة الإسلامية الأكبر في لبنان. وقد ولدَ تمركزهم في منطقة غنية بالنفط وغير مستقرة نوعاً من القلق لدى الغرب وبين السنة فيما يخص نشوء “هلال شيعي” – وخاصة مع تنامي وزن إيران الجيوسياسي. قال لي فريدريك هوف, وهو ضابط متقاعد متخصص في الشرق الأوسط, “لا يزال السعوديون يرون العالم من خلال الإمبراطورية العثمانية, عندما كان المسلمون السنة يحكمون المنطقة وكان الشيعة يشكلون الطبقة الدنيا.” وأضاف, إذا كان ينظر إلى بندر على أنه يعمل على تحقيق نقلة في السياسة الأمريكية لمصلحة السنة, فإن من شأن ذلك أن يعزز موقفه داخل العائلة الملكية. يخشى السعوديون من قدرة إيران على تغيير ميزان القوى ليس في المنطقة فقط بل داخل المملكة نفسها. فهناك في المملكة أقلية شيعية هامة في “المحافظة الشرقية” الغنية بحقول النفط؛ كما أن التوتر الطائفي يهيمن على هذه المحافظة. وتعتقد العائلة المالكة أن العملاء الإيرانيين, الذين يعملون مع الشيعة في المنطقة, كانوا وراء العديد من الهجمات الإرهابية داخل المملكة, تبعاً لفالي نصر. “اليوم, الجيش الوحيد القادر على احتواء إيران” – الجيش العراقي – “قد دُمرَ على يد الولايات المتحدة. أنت الآن تتعامل مع إيران التي يمكن أن تمتلك الطاقة النووية ولديها جيش قوامه أربعمائة وخمسين ألف جندياً.” (يتكون الجيش السعودي من خمسة وسبعين ألف جندي.) تابع نصر قائلاً, “لدى السعوديين موارد مالية ضخمة, ويتمتعون بعلاقات عميقة مع الإخوان المسلمين والسلفيين” – المتطرفون السنة الذين ينظرون إلى الشيعة بصفتهم كفرة. “في آخر مرة شكل فيها الإيرانيون تهديداً, تمكن السعوديون من تحريك أسوأ نوع من المتطرفين الإسلامويين. وحالما تخرجهم من الصندوق فلن تستطيع إعادتهم إليه.” كانت العائلة المالكة السعودية, بدورها, راعياً وهدفاً للمتطرفين السنة الذين يعترضون على الفساد والانحطاط المستشريين بين أمراء العائلة الكثيرين. ويقامر هؤلاء الأمراء على بقائهم طالما استمروا في دعم المدارس والجمعيات الخيرية الدينية المرتبطة بالمتطرفين. وتعتمد إستراتيجية الإدارة الجديدة على هذا الرهان بشكل كبير. قارن نصر الوضع الراهن بالفترة التي ظهرت فيها القاعدة. ففي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي, عرضت الحكومة السعودية تقديم الدعم لحرب الوكالة السرية التي تشنها “سي آي إيه” ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان. ذهب المئات من الشبان السعوديين إلى المناطق الحدودية لباكستان حيث أقاموا مدارسَ دينية وقواعدَ تدريب ومنشآت لتجنيد المقاتلين. وفي ذلك الوقت, كما هو الحال الآن, كان الكثير من العملاء الممولين من السعودية من السلفيين. وكان من بينهم, بالطبع, أسامة بن لادن وأتباعه الذين أسسوا “القاعدة” في سنة 1988. هذه المرة, كما قال لي المستشار الحكومي الأمريكي, أكد بندر ومسؤولون سعوديون آخرون للبيت الأبيض أنهم “سيراقبون الأصوليين الدينيين عن كثب. فقد كانت رسالتهم لنا ‘لقد خلقنا هذه الحركة وبمقدورنا أن نسيطر عليها.’ المسألة ليست هي أننا لا نريد لهؤلاء السلفيين أن يرموا القنابل؛ المهم في الأمر هو على من سيرمونها – حزب الله, وحركة مقتدى الصدر, وإيران, والسوريين, إذا استمروا في التعاطي مع حزب الله وإيران.” قال السعودي إن بلاده, من وجهة نظرها, تجازف سياسياً بانضمامها إلى الولايات المتحدة في مواجهة إيران: إذ يتم النظر إلى بندر في العالم العربي كشخص مقرب جداً من إدارة بوش. قال لي الدبلوماسي السابق, “لدينا كابوسان: امتلاك إيران للقنبلة, ومهاجمة الولايات المتحدة لإيران. أنا أفضل أن يقوم الإسرائيليون بقصف الإيرانيين بحيث يمكننا أن نلومهم. أما إذا قامت أمريكا بذلك, فسوف يتم إلقاء اللوم علينا نحن.” في السنة الفائتة, توصلَ السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى تفاهم غير رسمي حول توجههم الإستراتيجي الجديد. وقد شمل ذلك أربعة عناصر على الأقل, كما قال لي المستشار الحكومي الأمريكي. أولاً, طمأنة إسرائيل بأن أمنها أولوية كبرى وأن واشنطن والمملكة السعودية والدول السنية الأخرى تشاطرها قلقها حول إيران. ثانياً, يحث السعوديون “حماس”, الحزب الفلسطيني الإسلاموي الذي يتلقى الدعم من إيران, على وقف اعتداءاته على إسرائيل والبدء بمحادثات جدية حول تقاسم القيادة مع “فتح”, المجموعة الفلسطينية الأكثر علمانية. (في شهر شباط/فبراير, أشرف السعوديون على صفقة في مكة بين الفصيلين. لكن إسرائيل والولايات المتحدة عبرتا عن رفضهما لشروط الاتفاق.) تمثلَ المكون الثالث في عمل إدارة بوش بشكل مباشر مع البلدان السنية لمواجهة الصعود الشيعي في المنطقة. رابعاً, تقدم الحكومة السعودية, بموافقة واشنطن, التمويلَ والدعمَ اللوجستي لإضعاف حكومة بشار الأسد في سوريا. يعتقد الإسرائيليون أن ممارسة هذا الضغط على حكومة الأسد سيجعلها أكثر تعاوناً وانفتاحاً على المفاوضات. تشكل سوريا قناة رئيسية لتمرير الأسلحة إلى حزب الله. كما أن الحكومة السعودية ليست على وفاق مع السوريين بسبب اغتيال رفيق الحريري, رئيس الوزراء اللبناني السابق, في بيروت في سنة 2005, الذي تحمل مسؤوليته لحكومة الأسد. كان الحريري, الملياردير السني, مقرباً جداً من النظام السعودي والأمير بندر. (أشار تحقيق الأمم المتحدة إلى ضلوع السوريين في عملية الاغتيال, دون تقديم أي دليل مباشر؛ وهناك خطط لإجراء تحقيق آخر تشرف عليه محكمة دولية.) وصف باتريك كلوسون, من “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”, التعاون السعودي مع البيت الأبيض على أنه نوع من الإنجاز الهام. فقد قال لي, “يعرف السعوديون أنهم إذا أرادوا أن تقدمَ الإدارة عرضاً سياسياً جيداً للفلسطينيين عليهم أن يقنعوا الدول العربية بتقديم عرض جيد للإسرائيليين.” وأضاف إن المقاربة الدبلوماسية الجديدة “تكشف عن قدر كبير من الجهد والحنكة بالإضافة إلى اللمسة البارعة ليست من سمات هذه الإدارة. فمن يجازف – نحن أم السعوديون؟ في الوقت الذي يترنح فيه موقفنا في الشرق الأوسط, يقوم السعوديون باحتضاننا وتقديم العون لنا. يجب أن نشكر الله على هذه النعم.” لكن مستشار البنتاغون قدمَ رأياً مغايراً. فقد قال إن الإدارة لجأت إلى بندر كنوع من “التراجع”, لأنها أدركت أن الحرب الفاشلة في العراق يمكن أن تترك الشرق الأوسط “عرضة للهيمنة”. جهاديون في لبنان تتركز العلاقة الأمريكية- السعودية, بعد إيران, على لبنان, حيث شارك السعوديون بقوة في جهود الإدارة المنصبة على دعم الحكومة اللبنانية. يكافح رئيس الوزراء فؤاد السنيورة للبقاء في السلطة ضد معارضة قوية يقودها حزب الله, المنظمة الشيعية, وقائدها الشيخ حسن نصر الله. يتمتع حزب الله ببنية تحتية كثيفة ومعقدة تتكون من حوالي 3000 مقاتل نشط بالإضافة إلى الآلاف من الأعضاء الإضافيين. أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية حزبَ الله على لائحة الإرهاب منذ سنة 1997. فقد تم اتهام هذه المنظمة بتفجير مقر المارينز في سنة 1983 في بيروت الذي أودى بحياة 241 عسكرياً. كما تم اتهامها بالاشتراك في اختطاف أمريكيين, بما في ذلك رئيس محطة “سي آي إيه” في بيروت الذي مات في الأسر, بالإضافة إلى ضابط مارينز كان يخدم في بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة تم قتله لاحقاً. (أنكر نصر الله ضلوع المنظمة في هذه الحوادث). ينظر العديد إلى نصر الله بصفته إرهابياً خطيراً قال إنه ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة لاحق لها في الوجود. لكن الكثيرين في العالم العربي, وخاصة الشيعة, ينظرون إليه بصفته قائداً مقاوماً وقف في وجه إسرائيل في حرب الثلاثة وثلاثين يوماً, كما ينظرون إلى السنيورة كسياسي هزيل يعتمد على الدعم الأمريكي لكنه فشل في إقناع الرئيس بوش بوقف القصف الإسرائيلي للبنان. (تم رفع صور السنيورة وهو يقبل كوندوليزا رايس على خدها عند زيارتها للبنان أثناء الحرب في التظاهرات الاحتجاجية في بيروت.) وعدت إدارة بوش علناً بتقديم مليار دولاراً لحكومة السنيورة منذ الصيف الماضي. كما وعد مؤتمر المانحين الذي عقد في باريس, في شهر كانون الثاني/يناير, والذي ساهمت الولايات المتحدة في تنظيمه, بتقديم مساعدات بقيمة 8 مليارات أخرى, بالإضافة إلى وعد بتقديم أكثر من مليار من السعوديين. ويتضمن الوعد الأمريكي أكثر من 200 مليون دولاراً من المساعدات العسكرية, و 40 مليون دولاراً للأمن الداخلي. كذلك قدمت الولايات المتحدة الدعم السري لحكومة السنيورة, تبعاً للمسؤول الاستخباراتي الرفيع السابق والمستشار الحكومي الأمريكي. فقد قال المسؤول الاستخباراتي الرفيع السابق, “لدينا برنامج لتعزيز قدرات السنة لمواجهة النفوذ الشيعي, ونحن نوزع الأموال بقدر ما نستطيع.” وأضاف إن المشكلة هي أن هذا المال “دائماً يذهب إلى جيوب المسؤولين. في هذه العملية نقوم بتمويل العديد من الأشخاص السيئين مما يقود إلى عواقب خطيرة غير مقصودة. ليست لدينا القدرة على جمع تواقيع الأشخاص الذين نرغب في دعمهم وتجنب الأشخاص الذين لا نرغب في التعاطي معهم. إنها مجازفة محفوفة بالمخاطر.” قال لي مسؤولون أمريكيون وأوروبيون وعرب تحدثت إليهم إن حكومة السنيورة وحلفاءها سمحوا لبعض المساعدات بالذهاب إلى المجموعات المتطرفة السنية الناشئة في شمال لبنان ووادي البقاع وحول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب. يتم النظر إلى هذه المجموعات, على الرغم من صغرها, بمثابة عقبة أمام حزب الله؛ وفي الوقت نفسه, ترتبط هذه المجموعات إيديولوجياً بالقاعدة. في سياق حديثه معي، اتهم الدبلوماسي السعودي السابق نصر الله بمحاولة “اختطاف الدولة”، لكنه اعترض أيضاً على الرعاية اللبنانية والسعودية للجهاديين السنة في لبنان. فقد قال، “السلفيون مرضى وكريهون، وأنا ضد فكرة مغازلتهم. إنهم يكرهون الشيعة، لكنهم يكرهون الأمريكيين أكثر. وإذا حاولنا التذاكي عليهم فسوف يتذاكون عليناز ستكون الأمور في غاية القبح.” قال لي آليستير كروك – الذي عمل ثلاثين عاماً في “إم آي 6″، وكالة الاستخبارات البريطانية، والذي يعمل الآن في “منتدى النزاعات”، وهو خزان فكري في بيروت: “الحكومة اللبنانية تفسح المجال لهؤلاء الأشخاص للدخول. ويمكن لذلك أن يكون في عاية الخطورة.” قال كروك إن إحدى المجموعات السنية المتطرفة، “فتح الإسلام”، قد تشعبت من المجموعة الرئيسة المؤيدة لسوريا، “فتح الانتفاضة”، في مخيم نهر البارد في شمال لبنان. ولم يكن عدد أعضائها في ذلك الوقت يتجاوز المئتين. قال كروك: “قيل لي إنه خلال أربع وعشرين ساعة تم تقديم السلاح والأموال لهم من قبل أشخاص قدموا أنفسهم بصفتهم ممثلين لمصالح الحكومة اللبنانية – وذلك بهدف مقاتلة حزب الله.” المجموعة الأكبر، “عصبة الأنصار”، متمركزة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. وقد تلقت “عصبة الأنصار” الأسلحة والمؤن من قوى وميليشيات الأمن الداخلي اللبناني المرتبطة بحكومة السنيورة. في سنة 2005، تبعاً لتقرير صادر عن “مجموعة الأزمات الدولية” المتمركزة في الولايات المتحدة، قام سعد الحريري – زعيم الأكثرية السنية في البرلمان اللبناني وابن رئيس الوزراء المقتول الذي ورث 4 مليارات دولاراً بعد اغتيال أبيه – بدفع 48 ألف دولاراً بمثابة كفالة لأربعة أعضاء في مجموعة إسلاموية مسلحة من الضنية. كان الرجال الأربعة قد تعرضوا للاعتقال أثناء محاولتهم تأسيس دولة إسلامية صغيرة في شمال لبنان. وأشارت “مجموعة الأزمات” أن العديد من المتشددين قد “تدربوا في معسكرات القاعدة في أفغانستان”. تبعاً لتقرير “مجموعة الأزمات”، استخدم سعد الحريري أغلبيته البرلمانية لاحقاً للحصول على عفو عن 22 من إسلامويي الضنية، إضافة إلى 7 متطرفين إسلامويين مشتبه بهم في التخطيط لتفجير السفارتين الإيطالية والأوكرانية في بيروت في السنة الفائتة. (كما حصل على عفو عن سمير جعجع، زعيم الميليشيا الماروني، الذي تمت إدانته بارتكاب أربع جرائم سياسية، من بينها اغتيال رئيس الوزراء رشيد كرامي في سنة 1987.) وقد وصف الحريري ما قام به للمراسلين الصحفيين بأنه عمل إنساني. في مقابلة في بيروت، اعترف مسؤول رفيع في حكومة السنيورة بوجود مجاهدين سنة يعملون داخل لبنان. إذ قال، “لدينا موقف ليبرالي يسمح لأمثال القاعدة بالتواجد هنا.” وقد ربط ذلك بالقلق الناجم عن احتمال قيام إيران أو سوريا بتحويل لبنان إلى “مسرح للنزاع”. قال المسؤول إن حكومته كانت في موقع خاسر في جميع الحالات. فدون تسوية سياسية مع حزب الله، كما قال، يمكن للبنان أن “ينزلق في نزاع” يحارب فيه حزب الله علناً القوى السنية، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائجَ مرعبة. ولكن إذا وافق حزب الله على التسوية مع احتفاظه بجيش مستقل، متحالف مع إيران وسوريا، “يمكن أن يصبح لبنان هدفاً. وفي كلتا الحالتين سوف نصبح مستهدفين”. صورت إدارة بوش دعمَها لحكومة السنيورة كمثال على إيمان الرئيس بالديمقراطية ورغبته في منع القوى الأخرى من التدخل في لبنان. فعندما قاد حزب الله التظاهرات في شوارع بيروت في شهر كانون الأول/ديسمبر، أسماها جون بولتون، الذي كان سفير الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة آنذاك، “جزأ من الانقلاب الإيراني-السوري.” قالت ليزلي جيلب، رئيسة “هيئة العلاقات الخارجية” السابقة، إن سياسة الإدارة لم تكن مؤيدة للديمقراطية بقدر ما كانت “لصالح الأمن القومي الأمريكي. الحقيقة هي أن قيادة حزب الله للبنان ستكون في غاية الخطورة.” وسوف يتم النظر إلى سقوط حكومة السنيورة، كما قالت جيلب، “بمثابة إشارة في الشرق الأوسط إلى تراجع الولايات المتحدة وصعود خطر الإرهاب. ولذلك فإن على الولايات المتحدة أن تعارض أي تغيير في توزيع السلطة السياسية في لبنان – ولدينا المبررات لمساعدة أية أطراف غير شيعية تعمل على مواجهة هذا التغيير. وعلينا أن نقول ذلك علناً عوضاً عن التحدث عن الديمقراطية.” لكن مارتن إنديك، العامل في “مركز صابان”، قال إن الولايات المتحدة “لا تتمتع بنفوذ كاف لمنع المعتدلين في لبنان من التعاطي مع المتطرفين.” وأضاف، “إن الرئيس يرى المنطقة مقسمة بين المعتدلين والمتطرفين، لكن أصدقاءنا الإقليميين يرونها مقسمة بين السنة والشيعة. فالسنة الذين نعتبرهم متطرفين هم في نظر حلفائنا السنة مجرد سنة.” في شهر كانون الثاني/يناير، بعد موجة من العنف في بيروت بين مؤيدي حكومة السنيورة ومؤيدي حزب الله، طار الأمير بندر إلى طهران لمناقشة المأزق السياسي في لبنان والالتقاء بعلي لاريجاني، المفاوض الإيراني حول القضايا النووية. وتبعاً لأحد السفراء شرق الأوسطيين فإن مهمة بندر – المدعومة، برأي السفير، من البيت الأبيض – كانت تهدف أيضاً “إلى خلق المشاكل بين الإيرانيين والسوريين”. إذ كان هناك شيء من التوتر بين البلدين بشأن المباحثات السورية مع إسرائيل، وكان الهدف السعودي التحريض على تأزيم العلاقة بين البلدين. لكن المهمة، حسب السفير، “لم تنجح. فسوريا وإيران لن يخون أحدهما الآخر. ومن غير المرجح أن تنجح مساعي بندر.” قام وليد جنبلاط، زعيم الأقلية الدرزية في لبنان ومؤيد قوي للسنيورة، بمهاجمة نصر الله بصفته عميلاً لسوريا، وصرح بشكل متكرر للصحفيين الأجانب بأن حزب الله تحت الهيمنة المباشرة للقيادة الدينية في إيران. وفي حديث معي في شهر كانون الأول/ديسمبر الفائت، وصف بشار الأسد، الرئيسَ السوري، بأنه “قاتل تسلسلي”. وقال إن نصر الله يتحمل “ذنباً أخلاقياً” في اغتيال رفيق الحريري وجريمة قتل بيير الجميل، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو عضو في حكومة السنيورة، بسبب دعمه للسوريين. قال لي جنبلاط حينها إنه التقى بنائب الرئيس تشيني في واشنطن الخريف الماضي لمناقشة احتمال تقويض الأسد، من بين أهداف أخرى. فقد نصح هو وزملاؤه تشيني بأنه في حال حاولت الولايات المتحدة التحرك ضد سوريا، فإن أعضاء الإخوان الإسلامويين “هم من يجب التحدث معهم”، كما قال جنبلاط. قام الإخوان الإسلامويون السوريون، وهم فرع من الحركة السنية المتطرفة التي تأسست في مصر في سنة 1928، بالاشتباك العنيف طيلة عقد كامل مع نظام حافظ الأسد، والد بشار الأسد. ففي سنة 1982، سيطر الإخوان الإسلامويون على مدينة حماة؛ لكن الأسد قام بقصف المدينة وقتل بين 6000 و 20,000 شخصاً. إن عضوية الإخوان الإسلامويين جريمة عقوبتها الموت في سوريا. كما أن الإخوان عدو شرس للولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، كما قال جنبلاط، “قلنا لتشيني إن الرابط الرئيس بين إيران ولبنان هي سوريا – ومن أجل إضعاف إيران عليكم أن تفتحوا البابَ أمام المعارضة السورية المؤثرة.” هناك دلائل تشير إلى أن استراتيجية إعادة التوجيه التي انتهجتها الإدارة قد أفادت الإخوان. حيث إن “جبهة الإنقاذ الوطني السورية” هي ائتلاف من المجموعات المعارضة التي يتشكل أعضاؤها الأساسيون من فصيل يقوده عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق الذي انشق عام 2005، والإخوان الإسلامويون. وقد قال لي مسؤول رفيع سابق في “سي آي إيه”، “قدم الأمريكيون الدعمَ السياسي والمالي. السعوديون يقدمون الدعم المالي، لكن الأمريكيين متورطون أيضاً.” قال إن خدام، الذي يعيش في باريس الآن، يتلقى المال من السعودية بمعرفة من البيت الأبيض. (في سنة 2005، التقى وفد من أعضاء “الجبهة” مسؤولين من “هيئة الأمن القومي”، تبعاً لتقاريرَ صحفية.) وقد قال لي مسؤول سابق في البيت الأبيض إن السعوديين زودوا أعضاء في “الجبهة” بوثائق سفر. قال جنبلاط إنه يفهم أن المسألة حساسة بالنسبة إلى البيت الأبيض. “قلت لتشيني إن بعض الأشخاص في العالم العربي، وخاصة المصريين” – الذين تقاتل قيادتهم السنية المعتدلة الإخوانَ الإسلامويين منذ عقود – “لن يعجبهم دعم الولايات المتحدة للإخوان. ولكن إن لم تهاجموا سوريا سنكون وجهاً لوجه في لبنان مع حزب الله في صراع طويل، وهي مواجهة من المحتمل ألا ننتصر فيها.” تُرجمة الجمل عن (“نيويوركر”) | |
|