تسقط اللاذقية … تسقط دمشق
Ads by Media ViewAd Options
نبيه البرجي – صحيفة الديار
على جدار في مدينة الرقة، كتب الآتي «هل تريدالذهاب الى الجنة رغما عنك؟ اذاً، قبّل حذاء ابي بكر البغدادي»
على جدار في مدينة حلب، كتب الآتي «هل تريد العودة جثة الى النير العثماني؟ اذاً، تغزل بالمشنقة كما لو انك تتغزل بالوردة»
هنا، ما الفارق بين الديناصور والسلطان، بين السلطان والديناصور؟ أحدهما، كما رددنا، اّت من ليل الايديولوجيا. الاّخر اّت من ليل التاريخ.
في سوريا، هذا هو الخيار، اما ان تقف بين يدي ابي بكر البغدادي او ان تقف بين يدي رجب الطيب اردوغان. كل الباقي تفاصيل، وبعد ما بات جلياُ ان الإسلام السياسي، انما يختزل شكلاَ من اشكال الداعشية.
هنا الديكتاتور هو الوجه الاّخر للديناصور. العكس صحيح أيضاَ…
لن ندخل في الجدل الفقهي وفي الجدل التاريخي، ليس هناك من نظام توتاليتاري في العالم العربي والعالم الاسلامي (مع رفضنا القطعي لمصطلح العالم الاسلامي) سوى في سوريا.
كل البلدان الاخرى تتراقص بين جمهورية افلاطون ومدينة الفارابي ,حتى لو تعاملت الأنظمة مع شعوبها على انها رهائن او غنائم حرب، او دمى، او قطعان من القردة.
يبقى مقعد سوريا شاغراَ في القمة العربية لان النظام فيها خرج على النظام (والانتظام العربي العام، حيث صناديق الاقتراع هي التي تأتي بالسلطة، وحيث اولياء الامر ليسوا اولياء الله) و(واولياء الدم)، وحيث الاساطيل تجوب بحارنا ورؤوسنا، من اجل ان تنقل تلك النماذج الغراءالى اصقاع الدنيا..
من مثل رجب الطيب اردوغان اتقن لعبة المهرج. قال بالاسلام الذي يتفاعل ثقافيا مع ايف سان لوران ونينا ريتشيي، وقال انه المخلص للعرب والمسلمين من تلك الليلة الفرويدية الطويلة.
الاّن، نسأل انفسنا: كم كنا قصيري النظر!
ولكن متى لم تقم سياساتنا، ورؤيتنا، وطرق تفكيرنا، وطرق ادائنا، على ذلك التماهي الفذ مع الفضيحة؟ المهرج حاول ان يمتطي ظهورنا تحت رايات الاسلام، ظل عضوا في حلف شمال الاطلسي (في وجه من؟)، وضحك على ذقوننا ولحانا حين قال انه هو من سيقارع اسرائيل بعدما تنحت جانبا تلك السيوف، وتلك الوجوه,العربية الصدئة، لا بل انه استدعى الدرع الصاروخية من البنتاغون من اجل استخدامها وبتلك المراوغة لوضع اليد على المشرق العربي.
هل يدرك ان الاباطرة رسموا حدودا ابدية للسلطنة؟
نحن اليائسون، المحطمون، الضائعون، صدقنا الرجل، هل بلغ بنا العمى ذلك الحد حين كان وزير خارجيته احمد داود اوغلو يطلق نظرية النيوعثمانية وحين اطلق هو صرخته الشهيرة «نحن احفاد العثمانيين والسلاجقة»، وحين اعترض على ذلك المسلسل الذي اظهر السلطان سليمان عاشقا للنساء، مع انه ظل ثلاثين عاما على ظهر حصانه. هل من تناقض بين ان يكون المرء عاشقاً للتاريخ وعاشقاً للمرأة في اّن؟
دون اي وعي بمسار التاريخ، وبمسار الجغرافيا، وبمسار الايديولوجيا ,في المنطقة، راهن اردوغان على هشاشة العرب، او على غيبوبة العرب. ها هو يفكك العراق، وبموازرة تلك الايدي العربية البيضاء، قطعة قطعة، دون تبرئة من ولغوا في الفساد، وفي المذهبية، داخل السلطة في بغداد، وها هويحيي ذلك السيناريو الذي اعده في بداية الازمة السورية من اجل عودة الخيول العثمانية الى دمشق وحلب واللاذقية والقامشلي ودير الزور…:
الاّن حدث تعديل تكتيكي في السيناريو، وفي ظل اللحظة الاوكرانية,وحيث الغرب المنهمك والحائر، يريد الاقتصاص من فلاديمير بوتين بوقف تصدير سراويل الجينز واغنيات الهيب هوب الى بلاده، يسعى اردوغان لاسقاط اللاذقية ما يعني، تلقائياً، سقوط دمشق لا العكس..
السادة العرب، والسادة الاسرائيليون، الذين التقوا على الارض الاردنية، جاهزون لاستكمال خطة الشمال بخطة الجنوب، فماذا يستطيع الروس، الغارقون في البحر الاسود؟ وماذا يستطيع الايرانيون الغارقون في مفاوضات المتاهة ان يفعلوا لحماية حليفهم بشار الاسد.
ليس اللحظة الاكرونية فحسب، بل انها اللحظة العثمانية، واللحظة الاسرائيلية، واللحظة العربية، بكل ابعدها القبلية، لتقويض النظام الديكتاتوري الوحيد في المنطقة.
ودون اي محاولة لتبرئة النظام، نسأل اعضاء الائتلاف الوطني الذين في اسطنبول :حين تنددون بالتدخل الروسي او بالتدخل الايراني، كيف لكم ان تتحملوا اذا كنتم تحتفظون بذرة من الدم السوري، تدخل السلطان العثماني، وبذلك التعالي القاتل، ضد الجيش السوري الذي ليس جيش النظام، بل جيش يوسف العظمة والذي وصل الى جسر بنات يعقوب في عام 1973، وكاد يصل الى ما هوابعد من طبرية لولا صفقة انور السادات مع هنري كيسنجر؟
اكثر من اي وقت مضى نشعر الاّن بالسقوط كما لو انه لم يحن الوقت لتلك الدمى التي تتدحرج بين اروقة الفنادق ان تصرخ: هي سوريا التي فوق كل نظام و وفوق كل خلاق، وفوق كل سلطان…
لكنها ايضا… غيبوبة الدمى!!