يـا عُمر، المقتول ظلماً من ناصري السُنّة..!عبدالله قمح – الحدث نيوز
أنه عُمر، عُمر عبد القادر، الزميل الشهيد الذي أشعل بهدوئه الجبهات الملتهبة في دير الزور، الشاب العشيرني المرح، الذي لا يكاد يفوّت فرصة يمرّر فيها جملة لطيفة من هنا، او نكتة مجبولة بمرارة الأزمة من هناك.. أنه عُمر الذي تحوّل حدث اليوم.
لم نتوقّع أن يأتي اليوم لتتحول فيه أنت إلى عنوان الأخبار، وتحتل صورتك الشاشات، لم نتوقّع أن يأتي هذا اليوم في المدى القريب، نراك شهيداً مضرجاً بالدماء، نراك صورة دون أي كلام بإبتسامة مشرقة، يأتي هذا اليوم الأسود ليسلبنا منك الضحكة، والنكتة، والكلام الجميل، يأتي هذا اليوم أسوداً كسواد سماء سوريا، يوماً بات فيه الحرّ مقتولاً بسبب معتقده.
هو عُمر، ليس علي، أو الياس أو غيره، هو عُمر السوري السُنّي، الذي قُتل برصاص الغدر، تلك الرصاصة التي إستقرّت في رقبته من قبل من قال أنه أتى لسورية لنُصرة “أهل السنة”.. فهل عُمر سُنّي أم لا؟ عُمر، ودماء عُمر أسقطت بالدليل إدعاءات ومزاعم الداعشيون القتلة، أنها رصاصة الرحمة التي إطلقت، لكن ليس في رقبة عُمر الشريفة، بل على أسفل رأس “الدواعش” المجرمون التي إستقرّت في داخله لتفضح معها الإدعاءات الكاذية، والكفر المشار إليه.
عُمر، أتى عيد ملادك سيئاً هذا العام، أتينا لنعايدك بعيدك، فترانا نزفك شهيداً.. نعلم انّ المُحتفى به يُهدى من وحي المناسبة، لكن الشهيد ماذا يُهدى؟ ماذا يسعنى ان نُهديك؟ أنهديك كاميرة مضرّجة بدمائك، أم تقريراً مدوناً بحبر دمائك، أم نهديك علماً لوّنت ألوانه بلون دمك، أم نُهديك رصاصة لتضعها في قلب من اسقط الرصاصة في أحشائك..
ماذا نقول لذلك الوجه الملائكي، الذي غدى يعانق التراب، ماذا نقول وفي قلبنا غصّة الفراق، نحن اللذين عرفناك حقاً دون شرف اللقاء بك.. كان لنا حديث الأمس، ليلة ميلادك، وعدتنا أن نحتسي “المتّة”* في “الموحسن”* سوياً وقريباً، لنحتفل معاً في يوم النصر.. غداً عندما ننتصر بدمائك، كيف سنذهب لنحتسي “المتّة” بدونك؟..
أرشدنا إلى الطريق، كما كنت ترشدنا إلى أخبار “دير الزور”، أرشدنا إلى طريق “الموحسن”، أو طريق “الحميدية”، علّنا نجد قبرك يوماً، لنحتسي سوياً، كأس “متّة”، لا نعطش بعده أبداً..
مبارك شهادتك، مبارك ما صنعت، مبارك ما قدمت.. عزاؤنا لشقيقتك فاتن، لذويك، كونك وحيدهم، عزاؤنا للميادين، والخبر برس وأسرة الصحافة جمعاء.. علنا نصل لدرجة رقيك يوماً.
*الموحسن، مدينة في “دير الزور” إستراتيجية، تقع تحت سيطرة الارهابيين.
*المتّة، شراب من الأعشاب، مشهور في المناطق السورية.