خطاب مرسي في إيران: انجازات ولكزات وطائفية عفوية
2012-08-30 11:34:53
بقلم: سارة عثمان
ما بين علاقات مصاهرة بين الأسرة “العلوية" في مصر و"البهلوية" في إيران مرورا بدعم مصر لرئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق ضد نظام الشاه وعلاقات عداء مباشر حينا وغير مباشر أحيانا اختتمت العلاقات المصرية الإيرانية فصلا جديدا انتهى بين قبر شاه واسم شارع ليبدأ اليوم فصلا جديدا ربما يكون مثيرا شأنه شأن كل شيء احتلت فيه الإثارة المشهد الشرق أوسطي .
جاء خطاب الرئيس المصري متوافقا مع تطلعات الكثير من المتعصبين والطائفيين آسفة أن أحطم توقعاتكم على صخرة رؤيتي المتواضعة -, فالترضي على صحابة رسول الله عليهم رضوان الله جميعا في مؤتمر- سياسي صرف - لا شان له من قريب أو بعيد بالدعوة أو بالأديان لم يكن أبدا بداية موفقة للسيد الرئيس, على الرغم من انخداع الكثيرين بـالافتتاحية العاطفية بأن يقوم رئيس عربي" سني" بالترضي على صحب رسول الله في معقل" الشيعة ", بدت لي الحركة على - ربما - عفويتها طفولية وساذجة أكثر من اللازم ولا ترقى سلوك صاحب منصب دولي رفيع بمقام رئيس جمهورية .
كان يتوجب على الرئيس أن يدرك أن مثل هذه الحركات ربما تأتي أكلها في ميدان ما وسط جموع متعطشة لأول خطاب سياسي من أول رئيس منتخب وفاتحا صدره في حركة درامية يؤكد لهم فيها عدم ارتدائه واق للرصاص , لكن الرئيس فاته أن لكل مقام مقال وأبى الخطيب المفوه إلا أن يقوم بحركة جديدة تجذب إليه جموع المريدين والمجاذيب مرة أخرى فكان ما كان .
وجدتني أسأل نفسي هل رأيت مثلا في إحدى قمم العشرين الكبار G20 مستشارة ألمانيا تقوم بذكر" حرب الثلاثين عاما" و هي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين 1618 و 1648 م وقعت بين البروتستانت والكاثوليك والدول المتحالفة معهم، وكلفت الأوربيين الملايين من الضحايا، وخصوصا في ألمانيا التي خسرت حوالي نصف سكانها، وكانت المجازر تشمل عمليات القتل والحرق والتهجير بين القرى المتجاورة، بل داخل البلدة الواحدة. وقد اشتركت في هذه الحرب الوحشية تباعا معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر فيما عدا روسيا وانجلترا , هل قامت ميركل مثلا بتذكير السويد التي دمر جيشها البروتستانتي لوحده أثناء تغلغله في المناطق الألمانية الكاثوليكية 2000 قلعة مع سكانها ، 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا؟
لم ولن يحدث هذا , ذلك لان هذه الدول قد تركت الخلافات المذهبية والطائفية جانبا وتفرغت لبناء نهضة ورفاهية شعوبها وتركت لنا نحن ارثا من الكراهية مصحوبا بثالوث الفقر والجهل والمرض تلك التركيبة التي لم نستطع التخلص منها أو من جزء بسيط فيها إلى يومنا هذا.
أتذكر جدي رحمه الله وأتذكر حكاياته لي عن الاحتلال الانجليزي وعن أمنا الغولة وحرب البسوس أتذكر حواديته لي وأنا صغيرة أتذكرها جيدا لكني لم أتوقف أمامها كثيرا حينما كنت طفلة ما لفت نظري فيها الآن أنني أبدا لم أسمع منه جملة يذكر فيها بأن هناك صنفان من المسلمين سنة وشيعة واعتقد ان الحال سواء في حكاوي أجدادكم أنتم ايضا .
لماذا يصر حكام العرب والمسلمين على توفير مواد" الهري " واللت والعجن بدلا من توفير فرص العمل واللقمة النظيفة والعيش الآدمي ؟ نفس ذات المنطق ضع شيئا مثيرا لكي ينشغل ويلهو به الجميع بعيدا عن مواطن الإخفاق وقد كان , ترك الجميع إخفاقات المائة يوم وقرض صندوق النقد الدولي وتذكروا فقط التحية العنترية المرسيه .
أبدا لم اكن من متصيدي الأخطاء وفي كثير من الأحيان أشفق على الرئيس من شديد النقد وكثيرا ما ادافع عنه حينما يزيد الكلام والنقد عن الحد و يتحولا إلى أشياء في نفس يعقوب وما أكثر اليعاقيب في بـلادنا الآن
أحسن السيد الرئيس وفعل خيرا حينما انتقد النظام السوري لكن ألم يكن في مقدور الرئيس التنديد بما يحدث في البحرين والسودان أيضا ؟ أم أن البحرين وثورتها والسودان وفورتها قد سقطتا سهوا من ارتجالات الرئيس ؟
أحسن الرئيس القول أيضا حين اقر بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره و استحسنت انتقاده قرار إسرائيل بمنع بعض وزراء حركة - عدم الانحياز- من دخول رام الله . وبرافو كبيرة لدعوته الى الحفاظ على حق دول المنطقة فى الاستخدام السلمي للطاقة النووية . وشابو عظيم لتعهده بدعم مصر لأي خطوة تتخذها فلسطين للعضوية الكاملة فى الامم المتحدة ودعم المصالحة .
اخيرا: هناك بعض الأصوات في ظل نشوتها بالخطاب نادت بضرورة الذهاب إلى مطار القاهرة لاستقبال الرئيس المظفر بعد خطابه المبهر المبهج استقبال السلاطين المنتصرين , وبناءا عليه أطالب الجميع الوقوف صباح مساء أمام كل مدرسة لتحية معلم شريف قام بواجبه وعلم طلابه وعلى الجميع ان يصطف أمام كل مستشفى قام فيها طبيب بإجراء عملية ناجحة أو عالج مريض فقير, وأمام كل مصنع استطاع عامل فيه أن ينتج المطلوب منه دون وقوع عيوب في المنتج النهائي ونملأ الدنيا أهازيج وأغاني.. و أن نقف بالأعلام لاستقبالهم جميعا كل أمام مقر عمله.
ما "قاله " مرسي هو ما يجب على أي موظف يتلقى كل آخر شهر راتب من ضرائب الشعب أن "يفعله".
مصر بالفعل هوليود الشرق لكنها هوليود برعت في صناعة نجوم من " الفراعنة “
البديل