خيانة، طلاق وإنتحار.. الدراما التركية وتأثيراتها على المجتمعات العربية

خيانة، طلاق وإنتحار.. الدراما التركية وتأثيراتها على المجتمعات العربية

صابرين العلاق – خاص الخبر برس

من الملاحظ بروز الدراما التركية وانتشارها على القنوات الفضائية العربية بدرجة تثير الجدل وتدعي الى التفكير وتحليل هذه الظاهرة ونتائجها على العالم العربي مما يطرح أسئلة كثيرة أهمها: ما مدى تأثير الدراما التركية على الوطن العربي؟… ولماذا أصبح العرب يقبلون على كل ما هو تركي؟… ماذا عن حالات الطلاق، الخيانة والانتحار التي سببتها تبعات الدراما التركية؟ ماذا عن الإقبال عن تعلم اللغة التركية؟… كيف رفعت المسلسلات التركية من نسبة الإقبال على الملابس التركية؟ هل أصبح العرب عامة والجزائريون خاصة يطلقون أسماء أبطال المسلسلات التركية كمهند ولميس نور ويحي على أبنائهم؟ هي مجموعة من الأسئلة ضمن أخرى حاولنا الإلمام بها والإجابة عنها من خلال تحقيق قمنا عن طريقه بدراسة حالة المجتمع الجزائري وتأثره بالدراما التركية.

يحي يثير الفتن والطلاق: بمجرد ظهور أول عمل تركي مدبلج حتى بدأت أخبار الخلافات وحالات الطلاق التي تسبب فيها تنتشر هنا وهناك وفي كامل الدول العربية حتى أصبحت أكثر شهرة من أخبار نجوم المسلسل نفسه وطبعا الجزائر لم تكن في منأى عن ذلك، فيكفي أن نعلم انه ضمن 53 حالة طلاق في الوطن العربي تسببت فيها مسلسلات “نور” ،” سنوات الضياع” و “وادي الذئاب” فإن 14 حالة سجلت في الجزائر لوحدها والغريب في الأمر أن الأسباب التي وقفت خلف حالات الطلاق كانت واهية وتافهة في شكلها عميقة في مضمونها خاصة عندما يتعلق الموضوع بضرب رجولة الزوج في الصميم، و لعل خير مثال على ذلك ما حدث في إحدى مدن الغرب الجزائري أين ظهر أغلب أبطال المسلسل سنوات الضياع عكس سابقه مسلسل نور ب الشوارب، الأمر الذي جعل إحدى السيدات المتزوجات تتغزل ببطل المسلسل في حضرة زوجها وتقول هكذا يكون الرجل الحقيقي وهي العبارة التي سمعها الزوج لكنه تظاهر بعدم سماعها لكن الزوجة ظلت تكرر هذه العبارة أكثر من مرة كلما ظهر يحي بطل المسلسل مما أثار حفيظة الزوج الذي شعر بالإهانة وبطعن في رجولته، الأمر الذي جعله في لحظة غضب يقذف زوجته بمطفأة السجائر ذات الزجاج السميك، ما تسبب في شبح رأسها وحصولها على شهادة طبية تثبت عجزا طبيا لمدة شهر لتقوم بعدها برفع دعوى قضائية ضد زوجها خصوصا أنها وزيادة على إصابتها تكون حسب الشهادة الطبية التي عرضتها قد عانت من حالة إجهاض لجنينها الأول بعد صدمة ما حدث، لتحكم المحكمة بالطلاق وبسجن الزوج 4 سنوات نافذة وعليه فقد تفكك البيت الأسري الذي كان سيشهد ولادة أول طفل من وراء يحي بطل المسلسل التركي.

وعلى نقيض الحالة السابقة فإن زوجة أخرى وجدت نفسها دون سابق إنذار أمام قاضي الحالات المدنية وقد رفع ضدها زوجها قضية طلاق غيابي لسبب اقل ما يقال عنه تافه، فالزوج لم يعد يحتمل شكل زوجته التي تضاعف وزنها بعد وضعها لمولودها الثاني وهو ما اعتبره الزوج سببا كاف للانفصال عنها، لكن بيت القصيد هو ان تصرفات الزوج أصبحت فضة وتغيرت كثيرا بعد ظهور نجمة مسلسل سنوات الضياع بقوامها الممشوق وقدمها المياس وأصبح الزوج يعقد مقارنة ظالمة بينها وبين زوجته ليقرر تطليقها غيابيا.

خيانة وانتحار وما خفي أعظم يبدو ان نجم الدراما التركية مهند أصبح مجرد ظهوره في عمل ما مرادفا للمشاكل فبعد عاصفة المشاكل التي تسبب فيها مسلسله الأول ” نور” والذي أفضى إلى العديد من حالات الطلاق في كامل الوطن العربي جاء دوره المثير للجدل في المسلسل ” العشق الممنوع ” الذي كان له نصيب هو الأخر في مشاكل عدة خصوصا انه خاض في موضوع الخيانة الزوجية و طابو ” زنا المحارم ” الذي خلق هاجسا من الخوف والتحفظات غير المبررة بين أفراد الأسرة الواحدة و نذكر هنا في هذا السياق على سبيل المثال لا الحصر حالة شاب جزائري في العشرين من عمره، تعرض للطرد من طرف والده الذي راوده شك رهيب في ان هناك علاقة حب تجمع بين الابن والزوجة الفاتنة الشابة التي تزوجها الأب بعد وفاة زوجته الأولى و أم ابنه، حيث أصبح الوالد مصاب بهاجس الوسواس من كل تصرف يصدر من ابنه او زوجة الأب أو أي جلسة تجمع الطرفين أو ضحكة ما أو أي تصرف مما أدى بالأب إلى طرد ابنه ليضع حدا للشك القاتل الذي كان يعيشه، كما أقدمت إحدى الفتيات وهي طالبة بالثانوية هي الأخرى على الانتحار بعد تناول جرعة زائدة من الأدوية بسبب تخلي صديقها عنها وتغييرها بفتاة أخرى تشبه بطلة مسلسل “فاطمة”.

هذه عينة من جملة عينات كثيرة تسببت فيها الدراما التركية. بعد كل ما قلناه عن تأثير الدراما التركية على البيوت العربية عامة والجزائرية خاصة بشكل اكبر نجد أنفسنا أمام مجموعة من أسئلة أخرى تطرح نفسها بنفسها ن ولعل أهم هذه الأسئلة هي ما الميزة التي تنفرد بها الدراما التركية عن غيرها ما جعلها الأكثر مشاهدة ن هل هي الحبكة الدرامية؟ ام البيئة التي تدور فيها الأحداث و التي تقترب في الكثير من تفاصيلها إلى البيئة العربية وخاصة الشامية منها؟ ام اللهجة الشامية نفسها التي قربت من تطابق الصورة المرئية مع المسموعة؟ فإذا قلنا الحبكة الدرامية، فماذا عن المسلسلات المكسيكية التي كانت في وقت مضى سيدة الشاشة أم أن دبلجة هذه الأخيرة بالعربية الفصحى و دبلجة نظيرتها التركية باللهجة السورية هو الذي صنع الفارق؟ ولو سلمنا بهذه النظرية نجد أنفسنا أمام سؤال أخر هو من خدم الأخر، المسلسلات التركية المدبلجة بالسورية رفعت الدراما السورية أم اللهجة السورية هي التي ساهمت في انتشار المسلسلات التركية؟ لكن و في كل الحالات فان الأمر المسلم به، هو ان الدراما التركية فعلت فعلتها في الوطن العربي عامة، وفي الجزائر خاصة، و أن انتشارها ة تأثيرها بالسلب أكثر من الإيجاب فهو تحصيل حاصل ودخولها البيوت العربية لم يأت من فراغ و إنما نتيجة لوضع أيديها على موضع الجرح فينا وإتقانها لفن اللعب على الوتر الحساس ولكنها في المقابل نجحت في كشف بعض عيوبها، كما تكشف زخات المطر الأولى عيوب السقف المخروم.

*مقالات الخبر برس

» الطائفية في المجتمعات العربية - الجزء الأول
» أمير قطر الجديد يؤكد أن بلاده ماضية في دعم تطلعات الشعوب العربية ويرفض تقسيم المجتمعات على أساس طائفي ومذهبي
» قناة "العربية " السعودية تنشر سيناريو جديد حول اسقاط الطائرة التركية فوق الاراضي السورية
» قناة "العربية" السعودية تنشر سيناريو جديد حول إسقاط الطائرة التركية فوق الأراضي السورية
» مالي : آخر الحروب الفرنسية في الخارج وتأثيراتها السورية.. نضال حمادة