الظاهره الخمينيه

الظاهره الخمينيه

الاثنين , 10 شباط / فبراير 2014

الشيخ جابر مسلماني
الظاهره الخمينيه Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvbWVwYW5vcmFtYTExMDU2MS5qcGc%3D

الظاهره الخمينيه Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvbWVwYW5vcmFtYTExMDU2MS5qcGc%3D

إنتصار الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الخميني أعظم حدث على الإطلاق في الربع الأخير من القرن الماضي،لما له من تداعيات ومزايا وأوصاف خلعت على أكتافها عباءة الفرادة كتلك التي كان يرتديها الإمام الخميني نفسه ،ما جعل منها استثناءً محيّرا ومدهشاَ،ما يفتح على الدوام موضوعة الشخصيّة الخمينية في مرافقها المتعددة وتجلياتها المشعّة والسيالة في اطار جمالي وجلالي واحد،انها شخصية ستبقى على الدوام كتابا مفتوحا أمام عيون عابري النهضات والغارفين من أعماق لججها حيثياتها ومدرسيتها ونداءاتها وطرائق تحققها وتصاعدها .
إننا بين يدي ذكرى تطاير عرش الطاووس بريشه الحديدي وألوانه المتشكلة من قزح أعرق معاقل الاستبداد والظلم والاضطهاد ومسح الهويات ومسخها واستبدالها بهويات مستعاده ولو برافعات العراقة وبعث مقولات العرقية في حدودها الفاصلة ومحدداتها المغلقة التي استهدفت تدمير البنى الاسلامية الوافدة وثقافاتها وعقائدها التي فتحت إيران على العالمين العربي والاسلامي بمنتهى الطبيعية والموضوعيه وبعفوية باذخه .
إنه انسداد كبير عمل عليه الشاه المخلوع الذي تم تدميره بعد ان تصنّم وشارف على تصنيم المدى الإيراني برمته بحجة العودة الى الماضي والحنين اليه كآليّة من آليات فرض الارتكاس وتعميمه على الاجتماع الايراني بكامل نسيجه ودوائره وانتماءاته ،محمد رضا بهلوي ستالين آخر واتاتورك إيراني أميركي صهيوني ذراه الأمام الخميني كالرماد في هواء المنطقة والعالم .
لا مثيل للثورة الايرانية على الاطلاق ،لا يمكنك مقارنة ما يحدث الآن على الأرض العربية بالثورة الايرانية ،كما لا يمكنك بملاحظاتٍ محايثه وبعديّة مقارنة الثورات كما الانقلابات السابقة عليها في مناطقها وجغرافياتها بها ،كثير منها ان لم يكن جميعها لم يرس دعائم وآليات استمرار وانتقال ،لم تتحول ثورات سائلة في بنية الدولة ،لم تتحكم بها عقلية المؤسسات وصياغة مدىً سياسي قائم على أصول ديمقراطية ومواثيقية داخلية عامة تتطابق مع الحراك المجتمعي المواطني والسياسي الداخلي فيها على اختلافه وتنوعه .
إن الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني انبثقت وتراكمت الى لحظة وصولها وانتصارها واستقرارها ضمن سياق منظومة النداء الديني وخطابه ،في لحظة كان الدين فيها بما يتجاوز الأحوال الشخصيه، مركونا وراء ظهور الكثير من المفكرين والمثقفين والمنظرين ،اولئك في كثير منهم كانوا قد وصلوا بسبب مسحٍ شامل وغسل كامل لقاع أدمغتهم أن الدين معطى تاريخي ،جاوز عمره الافتراضي وصلاحيته في تصدر المدى العام وقيادته ،مما ادى الى شبه اجماع على استعارة فهوماتٍ أخرى ومنظوماتٍ أخرى من خارج السياق التاريخي والجغرافي والحضاري للأمة العربية والاسلاميه،وتوظيفها بعد الانتماء اليها بالكامل معرفيا ومنهجيا وحضاريا،هنا يجتمع الكثير من عناصر انفكاك الذات عن محورها ،انها مركّبات نقص مكنونة متراصّة تخلّت عن ذاكرتها الحيّة ،عن صيغتها وصبغتها التي صاغتها ونحتتها ذات يوم قرءاني واسلامي .
أعتقد أن انتصار الامام الخميني المركّب من شق الثورة وشق الدولة بعد الثورة دون ان تسقط شعارات الثورة من الدولة على طول الخط الى راهننا ولحظتنا هذه ،يكمن هنا وفي هذا الابداع الاستثنائي ،كل ما عداه بنى فوقية تستحق كل صنوف التبجيل والاحترام والامتداد، والتوليد والتعميم لو أمكن للمدى العربي ان ينعم بعدوى من هذا النوع الاستثنائي ،لو !
ان من الاستثنائيات العجيبة في اطار نجاح الثورة هو حدوثها في لحظة كانت دول العالم عامة وفي الاطار الاقليمي خاصّة موزعة الى مضائق جبرية تتوزع ثنائياً وبشكل صارم جامع مانع بين العملاقين الغربي والشرقي آنذاك ،ولكلٍ منهما مدرسته التي تعممت كنسخة لا تقبل التبديل ولا التغيير ولا المساومة وفي ظلٍ صراع بارد وساخن بين المدرستين انعكس انكماشاً على العالم ودوله وكياناته ،اتذكر هنا معادلة القرءان الكريم في كونه خطاً ثالثا بعد خطي الشعر والنثر ،ان الامام الخميني بثورته اعاد بكيمياء فلسفته الفكرية والسياسية الاسلامية قرءان الثورة بنكهتها الاسلامية المشبعه بعد ان كان العالم كله يزعم نهاية تاريخ الابتكارات او الاستدعاءات الاخرى خارج حدود ثنائيته وخطوط طولها وعرضها
ومن هنا وبمركّبات متعددة ومشروعة جدا تلتقي في مصب واحد ،استطاعت الجمهورية الاسلاميه موضعة ذاتها في السياق الاقليمي والدولي ، وابراز خطابها الخاص ،وسيادتها على ذاتها وذلك خط أحمر لا يمس في العقيدة السياسية والوطنية الايرانية ،ما زالت ايران ثورة في سياق الدولة ،أمّنت خطابها الداخلي ضمن منظومتها الخاصة على امتداد الاجتماع الوطني الايراني في مجمل تجلياته ،كما أعلنت منذ لحظة الانتصار الأولى ثوابت سياستها الخارجية ،الحضور الندي العريق والذكي مع مجمل الأسرة الدولية ،يبدو ذلك واضحاً في طاولتها وسجادتها النووية التي بسطتها امام عيون المجتمع الدولي السياسي وإصرارها المشروع على حقوقها الوطنية انجازا وانتزاعا وتحصينا ودفاعا .
كما انها أعلنت وبوضوح خطابها الاسلامي والانساني في صحراء المدى العربي والاسلامي ،لقد شكلت فلسطين المصادره أحد أهم أعمدة خطابها الاستراتيجي ،هي في كل لحظة قادرة على بيعها كما فعلت الانظمة العربية ،ولكنها لم ولن تفعل لأنها ببساطة تعتبر ان ذلك يتناقض مع مرتكزات عقيدتها وثوابت شريعتها ودينها وخطها وأخلاقياتها الانسانية والاسلامية ،في عقيدتها لافتة مكتوب عليها فلسطين ليست للبيع ،بل فلسطين برسم التحرير الواقعي لا الافتراضي ، عاجلا أو آجلا.
إن مساندة الجمهورية الاسلاميه لبنان في سياق تحرير أرضه عبر مقاومته وجيشه الوطني وشعبه اليقظ والحر قسط أول تم قبضه لبنانياً ،ما عادت اسرائيل في لبنان ،على أمل بالله والاحرار من كافة جبهات الرفض والصمود والاصرار في المنطقة أن نزور فلسطين وندخل المسجد الأقصى آمنين ،لا أمن للعرب من دون أمن فلسطين وشعب فلسطين .
ان انتصار الامام الخميني قلب الموازين لصالح المنطقة وشعوبها ،هنا مرتكزات استجدت ،وموازين ثقل قائمة على أصولها ،ما بعد إنتصار هذا الامام العظيم ليس كما قبله ،إنها الظاهرة الخمينيه.