سوريا ، ما الذي يجب أن يتغير ؟

سوريا ، ما الذي يجب أن يتغير ؟

الاربعاء , 5 شباط / فبراير 2014

سوريا ، ما الذي يجب أن يتغير ؟ Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvbWVwYW5vcmFtYTUxMzQ1LmpwZw%3D%3D

أحمد الحباسى تونس
من الصعب الحديث عن سوريا و ما يجرى فيها دون التعرض إلى حزب البعث و دوره في صد المؤامرة ، و من الصعب أيضا الحديث عن حزب البعث دون الحديث عما يساور المواطن السوري من هواجس إزاء هذا الحزب ، و من الصعب أخيرا أن نرسم ملامح سوريا بعد نهاية المؤامرة دون الحديث عن دور حزب البعث مستقبلا خاصة في ظل تطلعات الشعب السوري إلى التغيير و معانقة حرية التعبير بشكل أكبر ، لكن من المهم أيضا أن لا نغفل على أن الشعب السوري لم يعد يقبل بالحزب الواحد أو لنقل بكامل الوضوح أن الشعوب اليوم لم تعد تقبل بهيمنة حزب واحد مهما كانت إيديولوجيته ساحرة و مهما كانت خطبه و مشاريعه رنانة في الوجدان .
حزب البعث السوري ترهل بعض الشيء ، و لم يعد قادرا بطبيعة الحياة و التغيير ر الحاصل في العالم على حمل أعباء المستقبل السوري بمفرده ، و ما كان صالحا لفترة معينة لا يمكن بالضرورة أن يكون صالحا لكل الأزمنة ، و من العاجل أن ينتبه الحزب إلى نفسه و أن يعيد صياغة خطابه و مشروعه و توجهاته للمرحلة القادمة المليئة بالتحديات الداخلية و الخارجية على أكثر من صعيد ، لكن يبقى السؤال الملح هل يقدر الحزب على زرع شيء من الانتعاشة اللازمة داخله و من هي الأطراف القادرة على إعطاء جسم الحزب جرعات متزايدة و مدروسة حتى يتغير من الداخل و يقدر على قراءة كف المستقبل بما يتوفر من الحنكة و الموضوعية و الإرادة خاصة و أن معدل الأعمار في القيادة لا يشجع على التفاؤل باعتبار أن العقول التي مارست النشاط السياسي طيلة عقود سابقة قد حصل لها شيء من الترهل و لا يمكنها تحت أي عنوان أن تكون صالحة لكل المراحل و التحولات التي تمر بها سوريا و التي تفرض على أكبر هرم في قيادة حزب البعث أن يضخ دماء جديدة بإمكانها إحداث نقلة نوعية مطلوبة تساير النجاحات الأخرى التي حصلت على الصعيد السياسي و العسكري.
لقد قدم الشباب السوري في هذه المرحلة التاريخية المهمة التي عانت منها سوريا درسا للعالم في حب الوطن و في مواجهة المؤامرة القذرة التي كادت أن تحول سوريا إلى بلد من أكوام الحجارة المدمرة ، و عندما تستمر الدراسة و يصر الطالب السوري على مواصلة الدراسة رغم القصف اليومي و الدمار الذي يراه فانه من واجب القيادة السورية أن تعيد النظر في كامل خطة الطريق السياسية المتبعة طيلة رئاسة الرئيس بشار الأسد حتى توفر لهذا الشباب كل ما يستحقه من مساحات واسعة للتعبير و الدخول و المشاركة في الحياة السياسية ليقدم بدائل مهمة يمكن الاستئناس بها لتقرير المخططات التي بإمكانها أن تحدث نقلة نوعية في وجدان الشباب السوري بحيث تذكى فيه روح المواطنة و تدفعه إلى التشبث يقيمه التاريخية و الدينية و الحضارية التي يستهدفها التطرف الخليجي و الفكر الوهابي الشمولي .
في حقيقة الأمر كانت المؤامرة تستهدف العقل السوري قبل أي شيء ، و العقل الذي نتحدث عنه ليس عقل الرئيس الأسد فقط ، بل العقل السوري الذي يفكر و يفهم و يحلل و يقدم النصائح و البدائل ، و هذا العقل موجود في كل القطاعات التي استهدفها العدوان و المؤامرة الخبيثة على الشام ، و عندما “يذبح” أو يهدم بصورة أدق الإرهاب عقول الآثار التي تخلد أعلام التاريخ و الشعر السوري ، فهذه إشارات معبرة عن حقد دول الإرهاب الخليجية تجاه ما يقدمه العقل السوري لسوريا كدولة و كتاريخ و كحضارة ، و حتى نفهم أن الأمر مدبر بليل لقتل العقل السوري يمكن الاستدلال بما يحصل في العراق من استهداف للعقول العلمية المتميزة في كل المجالات و التي طالتها أيادي غدر المخابرات العربية و الصهيونية العالمية ، لذلك نقول أنه لم يعد مقبولا أن يستمر النظام السوري في كبح جماح الشباب السوري بالشكل الذي تعودنا عليه في فترات سابقة مع أن ذلك الأمر له مبرراته و دواعيه الأمنية ، لذلك نطالب الرئيس الأسد بإلحاح شديد أن يفسح المجال للشباب حتى يعطى لسوريا جيلا متمرسا يصلح لقيادتها مع المحافظة على العناوين السياسية المهمة و من بينها بالأخص المحافظة على سوريا كحضن للمقاومة و كرأس حربة ضد المشاريع الاستعمارية في المنطقة العربية.
لا أعتقد أن سوريا تحتاج لتفهم ما يجب عليها فعله لتذهب بعيدا ، فالحليف الإيراني يقدم يوميا للمنطقة و العالم دروسا في كل المجالات ، و الحظر الاقتصادي الذي يدوم أكثر من عشرين سنة الآن لم يزد القيادة الإيرانية و الشعب إلا إصرارا على التحديات و من يتحدث عن التحديات يعلم يقينا أنها الوحيدة القادرة على صنع المستحيل و أن الدول التي تقبل التحديات هي الدول التي لها ثقة في قدرة أبناءها على رفعها تحت أي ظروف و في ظل كل الضغوط الدولية المعادية ، و عندما يشاهد العالم الانجازات الإيرانية في كل المجالات ، فان الشعب السوري ليس أقلا شأنا أو طموحا لكن يكفى فقط أن تؤمن القيادة بطموحها و قدرة شبابها على رفع التحديات ليكون ذلك هو الدافع للوصول إلى المحطات المتقدمة في كل المجالات العلمية و العسكرية و الاقتصادية .
لقد شكل الإعلام السوري المفاجأة السارة و نقل المعركة الإعلامية إلى صدر و عقل العدو الخليجي و الصهيوني على حد سواء ، و إذا استطاعت جامعة الدول العربية أو ما يسمى بهذا الاسم القبيح أن تخرج البث السوري من مدار قمر عرب سات و نايل سات حتى تسهل عملية غسل الأدمغة السورية بواسطة صابون إعلام التضليل الخليجي فانه بات ملحا أن تفكر سوريا بالتعاون مع إيران و بعض الدول المعلومة الأخرى في طريقة تجنبها الخضوع مكرهة إلى بعض ” العرب ” مرة أخرى ، لأنه لا مجال اليوم و بعد الذي حدث ، الحديث عن تعاون مع الأقمار ” العربية” مهما كانت التعهدات و الاعتذارات ، أو تعاون مع مكاتب الجامعة أو أدواتها المتفرعة التي تخدم المصالح الصهيونية و تمثل في الحقيقة جزءا من الطابور الخامس الذي يقدم المعلومات الاقتصادية و السياسية و الأمنية للغرب و للمخابرات الصهيونية.
لقد شكل خطاب السيد ولليد المعلم لوحده خارطة طريق سياسية للمرحلة السورية القادمة ، المهم أن تنفذ بنود هذه الخارطة بحذافيرها على الأرض ، و عندما نتيقن أن الإدارة الأمريكية اليوم في أسوأ مراحلها خاصة بعد إنهاكها اقتصاديا في العراق فانه من الواجب أن تستثمر القيادة السورية هذه الكبوة الأمريكية لتعيد التقاط أنفاسها بعد أكثر من عشر سنوات من الصراع مع المشروع الأمريكي لإسقاط النظام ، و بالتالي فانه من المحتم أن تسعى سوريا مع حلفاءها في المنطقة إلى إسقاط المشروع الأمريكي بكل الوسائل حتى تكسر الإرادة الصهيونية الخليجية و تسهل بتلك العملية سقوط الأنظمة الخليجية المتآمرة على القضية الفلسطينية و على المقاومة في أسمى عناوينها المهمة ، فقط لتفكر سوريا في هذا الأمر المهم و ستنجح.

» بوغدانوف يرد: موقف روسيا من الأزمة السورية لم يتغير
» سيدا: الموقف الدولي لم يتغير تجاه النظام السوري ويجب ان يترجم على ارض الواقع
» ماذا بعد .. ما الذي بقي في جعبة أعداء سوريا الأن ؟
» قصة الممثل الايراني الذي قتل في سوريا !!
» بالفيديو: من هو «السامبتيك» الذي عاد من سوريا الى السعودية؟