البعث: الجربا لم يكن أكثر من حكواتي فاشل
اشارت “البعث” الى انه “لا جديد في مونترو، المدينة السويسرية التي احتضنت مؤتمر “جنيف 2″، ولعلّ كلمات وزير الخارجية الألماني كانت الأكثر منطقية وواقعية: برلين تتوقّع “خطوات صغيرة” من المؤتمر. فالوفد الرسمي السوري، والذي يحمل مشروعاً وطنياً مبنياً على الوحدة الوطنية وحماية السيادة الوطنية وحقن الدماء، حمل على عاتقه كل آلام سوريا لثلاث سنوات خلت، وكل آمال الشعب السوري للسنوات القادمة، وذهب إلى المؤتمر ليعيد الأطفال والأمهات إلى بيوت هجرهم الإرهاب منها، وليحمي مدنية الدولة وتحضّرها، وليوقف زحف التتار والمغول إلى المنطقة، فيما واصل داعمو الإرهاب تكرار خطاباتهم العدائية وكلامهم الممجوج، وسمع السوريون خطابات قديمة لا اختلاف فيها إلا مكان إلقائها، ولذلك فهي لا تستحق الرد عليها”.
اضافت الصحيفة السورية ان “الكباش الدولي” اختصر في مونترو، والذي يطول إلى سبعة أو عشرة أيام، فالصراع في المنطقة بات واضحاً أنه بين مشروعين: مشروع قومي عروبي يريد أن يحافظ على المنطقة وسيادتها وتاريخها وتراثها، ومشروع العدوان على سكان المنطقة وأصحابها الحقيقيين وعلى ثرواتها وسيادتها، والثاني يستخدم الإسلام كسلاح ديني. فيما معارضو الداخل اكتفوا بالتعليق على أعمال المؤتمر من خارج أسوار المدينة السويسرية، لأن “أصدقاء سورية” فرضوا تغييب صوت معارض خارج جناحهم”.
ولفتت الى ان “الوفد الرسمي السوري، ممثلاً للشعب والحكومة والدولة والمؤسسات والجيش والرئيس بشار الأسد، تكلّم باسم “الجمهورية”، المدنية التي حاول البعض إعادتها إلى القرون الوسطى، “العربية”، التي تعتز بعروبتها المتشبثة بها رغم ما فعله بها بعض العرب الذين من المفترض أن يكونوا أشقاء، “السورية”، المتغلغلة في التاريخ لسبعة آلاف عام، فيما ردد وفد “المعارضة” كالببغاء، والذين باعوا أنفسهم لإسرائيل ولمن يدفع أكثر في الخارج، وانقسموا سياسياً مئة مرة ولجأ قادتهم الميدانيون إلى أصقاع الأرض، ولم تترك “ثورتهم السورية المجيدة” موبقة واحدة على وجه الأرض إلا وفعلتها، كلمات أمليت عليهم من سادتهم الممولين، ولم يكن ممثل ائتلاف الدوحة “أحمد الجربا” أكثر من حكواتي فاشل استحضر كل ركاكته اللغوية المرتجفة ليقص على الحاضرين أوهاماً نقلتها إليه قناتا “العربية” و”الجزيرة”، لا ترتقي لجزء يسير مما يتعرض له السوريون من إرهاب، قتّل وشرد واغتصب وأحرق ودمّر كل ما وقع في طريقه وهدد كل ما لم يصل إليه، وواصل معسكر أعداء سوريا سياسته التي من شأنها إفشال المؤتمر عبر وضع شروط مسبقة وتصورات وأوهام تتعارض مع فكرة وجوهر المؤتمر القائم على التوافق بين السوريين دون أي شروط مسبقة”.
وخاطب الوفد الرسمي آل سعود وأردوغان وآل ثاني، ممن يغرقون بوحول السبي والوأد والجاهلية ويدعون أنهم يشعرون بالقلق على الوضع الإنساني والمعيشي في سورية، ودعاهم لرفع أيديهم عن الشعب السوري، وإيقاف ضخ السلاح ودعم الإرهابيين، والعودة إلى العقل وسياسة المنطق، وعندها سنكون بخير كما كنا دون قلقكم وخشيتكم الشديدة علينا، كما خاطب كيري بالقول: فليعلم الجميع أن لا أحد في العالم، والتجربة خير دليل، له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريون أنفسهم، هذا حقهم وواجبهم الدستوري، وما سيتم الاتفاق عليه هنا مهما كان سيخضع للاستفتاء الشعبي، ومن يرد أن يستمع لإرادة السوريين فلا ينصّب نفسه ناطقاً باسمهم، هم وحدهم لهم الحق بتقرير قيادتهم وحكومتهم وبرلمانهم ودستورهم، وكل ما عدا ذلك كلام لا محل له من الإعراب.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، دخل أروقة “جنيف2″ من الباب الضيق، وتجاوز الأسس الموضوعة للمؤتمر، واستبق أي عملية تفاوض لينتقل مباشرة لصياغة النتائج التي يريدها عبر التدخل في الشأن الداخلي السوري وتحديد ما يمكن قبوله من عدمه، متخذاً موقع الطرف في الأزمة وليس الراعي كما هو مفترض، واستغل ترتيب إلقاء الكلمات ليعطي أمر مهمة مباشرا لحشد أعداء الشعب السوري داخل المؤتمر بما يجب عليهم ترديده وراءه في كلماتهم من عبارات إقصائية لممثلي الشعب السوري الحقيقيين، والتدخل في شكل السلطة التي تناسب مصالح واشنطن وحلفائها.
وتبع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس كالعادة معلمه الأمريكي ليختصر المعاناة السورية بالقول: إن “الأمر لا يتطلب مناقشة عامة ولا إطلاق شعارات الدعاية أو أن نكرر عبارات “إرهاب.. إرهاب”، الأمر يتطلب الاهتداء إلى حل بما يتعلق بهيئة الحكم الانتقالية ذات الصلاحيات الكاملة”. ولم يضف وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ جديداً على بقية جوقة أعداء سورية عندما أصر على تفسير بيان جنيف على هواه، واعتبر أن تطبيقه يمثل الحل.
ولم يتوان أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي عن تسديد الخدمات للمشايخ والأمراء الذين وضعوه في منصبه، فتحدّث عن مبادراتهم ودعواتهم للحل وافرغ ذمتهم مما يجري في سورية بقدر ما افرغوا لهم من بترودولاراتهم، ليتوج كل ذلك بالحديث عن وجوب تطبيق بنود “بيان جنيف” وأهمها برأيه “تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة” ليعود بذلك إلى مربط الفرس الغربي الباحث عن مفاتيح بلاد الشام التي لم ولن يجدها أبداً.
وسرد أمير التكفير الإرهابي وزير خارجية مملكة الرمال “سعود الفيصل” سلسلة من الأكاذيب والأضاليل التي اعتاد على ترديدها والتي لا وجود لها إلا في أحلامه وخيالاته وهلوساته، ومما يدل على انفصال الأمير الهزاز عن الواقع، برر حضوره إلى جنيف بأن مملكته حصلت على “ضمانات وتأكيدات” بأن الهدف من مؤتمر جنيف2 هو التطبيق الكامل لـ “بيان جنيف”.
وبدا الأمير المتخم نفطياً ضليعاً في المحاضرة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان وهو يتحدّث عن سورية، متناسياً أن العالم كله بات مدركاً أنه ونظامه يعيشون خارج الحضارة والقانون الدولي وخارج أنظمة الحكم العصرية وينتمون إلى زمن الناقة والبعير لذلك يمنعون مواطنيهم حتى من قيادة السيارة ويعتبرونها مساً بطبيعة وتقاليد المجتمع.
وزير خارجية الإخوان المسلمين في تركيا احمد داوود أوغلو اجتر ما قاله كيري وفابيوس وسعود وهيغ، وباستخفاف واضح بمصير السوريين ومعاناتهم وصف أوغلو السوريين من المهجرين والمرضى بأنهم “إرهابيون”، ممازحاً الحضور بطريقة سمجة تعكس جلافته وقلة اكتراثه وعدم جديته في التعاطي مع مأساة إنسانية يريد استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية ليس إلا.
البعث