الأسد مرتاح..
أحمد زين الدين – صحيفة الثبات
“مرتاح الرئيس بشار الأسد”..
هذه هي النتيجة التي يخرج بها زوار الرئيس السوري، وكان آخرهم في العام الذي ودّعنا تجمع العلماء المسلمين في لبنان، لدرجة أنه مستعد لمسامحة كل معارض لم يُسئ إلى وطنه وشعبه، ولم تتلوث يداه بدم الشعب السوري، فالعلماء الذين غُرِّر بهم ويريدون العودة إلى حضن سورية مرحَّب بهم شرط ألا يكونوا قد حرّضوا على القتل، ولا فبركوا أكاذيب أسهمت في سفك دماء السوريين.
ووفقاً للزوّار، فإن كثيرين يتْلون فعل الندامة، ولهذا تشكلت لجنة للمساعي الحميدة لتسجيل الأسماء التي تريد العودة إلى سورية..
أما بالنسبة إلى الضباط والجنود الذين غُرِّر بهم، فإن كثيرين منهم عادوا إلى دولتهم الوطنية، وأعلنوا التوبة بصدق كبير وعال، وهم الآن يقاتلون بقوة وشراسة مع زملائهم ورفاقهم في الجيش العربي السوري، وبعضهم استُشهد في المعارك بشجاعة وبسالة نادرتيْن.
وبشأن المعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري في وجه العصابات المسلحة، فإنه يحقق تقدّماً مستمراً، لكنه في الوقت نفسه يعمل لتفادي إراقة الدماء، ولن يمر وقت طويل حتى يسمع الجميع بانتصارات نوعية هامة ستحققها القوات المسلحة السورية، ومنها استعادة معبر باب الهوى، كما أن هناك اتصالات تجري لتسليم بعض المدن والبلدات والمواقع للجيش بلا قتال، بعد أن أيقن المسلحون أن من يدفعهم لمواجهة دولتهم الوطنية يتآمرون بدمائهم وبلدهم لحسابات تكفيرية وأميركية وصهيونية، وبالتالي ستكون هناك تسوية لأوضاع هؤلاء المسلحين، بعد أن يسلموا أسلحتهم وعتادهم وإعلان توبتهم (هذا الكلام قبل اتفاقي المعضمية وبرزة).
وبشأن لبنان، فإن هناك مودّة خاصة للرئيس إميل لحود، الذي لم يغدر ولم يتخلَّ عن نهجه الوطني والقومي، أما بشأن الرئيس ميشال سليمان فثمة غصة، لأنه تلقى كل الدعم من القيادة السورية من أجل أن يكون قادراً على قيادة مرحلة جديدة تحمي لبنان من الإرهاصات والتوترات الكبيرة التي كانت تلوح في المنطقة، لكنه مع الأسف الشديد أخلّ مع سورية.
بيد أن زوّار عاصمة الأمويين ينقلون عن القيادة السورية أنها غير قلقة من الوضع في لبنان، لأنه في أيد أمينة، وما تجتازه جبهة المقاومة في لبنان، وسورية معها، قادرة على إحاطته ومواجهته، ودمشق لا تريد إملاء رأي على أحد.
بشكل عام، المعركة اليوم هي بين خط المقاومة و”الاعتدال العربي” في مواجهة التطرف والوهابية التكفيرية اللذين يعيثان فساداً في سورية والعراق، ويهددان لبنان.. وشرورهما سيعودان بالضرر الكبير على العالم، وهذا ما بدأ الأوروبيون والغرب عموماً يلمسونه.
وبشأن جماعة “الإخوان المسلمين” الذين تلقوا الضربات والهزيمة في أكثر من مكان من سورية، بالإضافة إلى هزيمتهم الساحقة في مصر، وبعد أن وصل مشروعهم إلى الجدار السميك، يقول الزوار إن أمرهم للشعب السوري، الذي ذاق الويلات وأصابه الخراب والدمار جراء تآمرهم ضد البلاد.
وبشأن “حركة حماس” فإن الزوار ينقلون عن الرئيس الأسد أسفه من قلّة الوفاء، لأن سورية احتضنتهم في وقت تخلى عنهم الجميع، ووفرت لهم كل أسباب الحماية والقوة في سورية، وفي فلسطين، وتحديداً في غزة.. ويشدد زوار دمشق هنا أن على قيادة “حماس” كما أساءت في العلن إلى سورية، عليها أن تعتذر علناً من الشعب السوري، وأن تعود إلى مقاومة العدو “الإسرائيلي”، فهي إذا فعلت ذلك فدمشق مستعدة لاستقبالها من جديد.
ويؤكد زوار دمشق أن الدول الأوروبية بدأت تسعى جاهدة للاتصال بسورية، بعد أن باتوا مقتنعين أن الذهاب بجيوشهم لاحتلال البلدان الأخرى بات مكلفاً جداً، إضافة إلى ارتداداته السلبية والخطيرة عليهم، ولهذا يسعون بجدّ لفتح قنوات التواصل مع سورية، وقد بدأت فعلاً بأشكال دبلوماسية وسياسية واستخباراتية متعددة.
أما الدول العربية، وخصوصاً الخليجية منها، فإنها على تواصل مستمر مع دمشق، حيث يطلبون منها ألا تؤخذ تصريحات قادتها ومسؤوليها العلنية على أي محمل الجد، لأن الضغوطات السعودية عليها كبيرة جداً وفوق طاقتها، ومن هذه الدول على سبيل المثال لا الحصر دولة الكويت، التي أكدت أنها لا يمكن أن تبادل وفاء سورية معها بنكران الجميل، فهي لا تنسى بتاتاً مواقف الرئيس الراحل حافظ الأسد معها إبان احتلال صدام حسين.
ماذا بشأن جنيف؟ ثمة نوع من الحسم بأن “جنيف-2″ إذا عُقد في موعده أو بعد ذلك سيكون فيه اتفاق دولي على مواجهة ومحاربة الإرهاب انطلاقاً من سورية.
ينتهي هنا أبرز ما ينقل زوار دمشق، لتتكشف معطيات عن كيفية مواجهة الإرهاب الذي تغذيه السعودية، حيث يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تفجيرات فولغوغراد، أن مخططيها سيدفعون الثمن باهظاً، وهي لا تحتاج إلى التحقيقات لكشف من كان خلفها، إنها مشابهة لتفجيرات سورية والعراق ولبنان، مشدداً هنا على القول: “لن أُمهل الجناة وقتاً طويلاً، وردّنا سيغيّر خارطة الشرق الأوسط عن قريب، وهذا وعدٌ مني إلى أبناء روسيا العظمى”.
هل بدأت الاستعدادات لمحاسبة من يدعم ويموّل الإرهابيين؟
في وقت بدأت أطراف حكومة رجب طيب أردوغان ترتجف في تركيا وتفتش عن مخرج من مآزقها العميقة، كان لافتاً أن مدير الأمن الفيدرالي الروسي الكسندر بورتينكوف سلّم التقرير النهائي حول التحقيقات في تفجيرات فولغوغراد لبوتين حيث كشف فيه أن “أحد التفجيرات نفذها قيادي كان ينشط في جماعة مسلحة في سورية مدعومة من السعودية”، وهو ما ترجمه محلل سياسي روسي معروف؛ بأن خطوط التفجيرين اللذين وقعا في فولغوغراد لا تنتهي عند حدود الشيشان أو شمال القوقاز، إنما تصل إلى مملكة الرمال – السعودية.. فكيف ستواجه هذه المملكة النتائج المحتملة لـ”جنيف-2″، والتي قد يكون أبرز مقرراتها تجفيف مصادر التمويل ومحاسبة الممولين..؟ ثم هل ستقدم الشكوى الروسية إلى مجلس الأمن الدولي بشأن أن السعودية داعمة وممولة ومصدرة للإرهاب قبل “جنيف-2″ في 22 الجاري، أم بعده؟.. لننتظر..