حسام الصباغ «أمير النصرة الشمالي»؟، لغز الخلفية والغياب!

حسام الصباغ «أمير النصرة الشمالي»؟، لغز الخلفية والغياب!

يفتقد المقاتلون في باب التبانة هذه الأيام، لحضور ودور «الأمير» حسام الصباغ، المبتعد عن محاور القتال في المدة الاخيرة، نتيجة المراوحة القاتلة، بنظره، حيث ينقل عنه من إلتقاه مؤخراً إحباطه الشديد في ظل عدم الحسم مع جبل محسن.
الأمير الأقرب شمالياً (وربما لبنانياً)، لجبهة النصرة في سوريا، والمعتكف عن القتال، منشغلٌ بما هو أبعد من طرابلس، لديه من الدروب البعيدة خارج الأزقة الضيقة، الكثير، وساحات الجهاد العالمي تعرفه جيداً. من وزيرستان في باكستان الى اوستراليا والعراق وصولاً إلى عمق سوريا قبلة التكفيريين الان، فمن هو هذا الرجل-اللغز؟ .
دوره يتخطى جغرافية طرابلس، فقد ورد إسمه في السنوات الاخيرة ضمن برقية أمنية، مصدرها وزيرستان لصالح جهاز أمني غربي تفيد بأن «مجموعة من اهم كوادر القاعدة في العالم إلتقوا في المدينة الباكستانية قبل أن يغادروا على عجل عبرممرات التهريب الى تركيا ومن هناك تفرقوا الى سلسلة بلدان»، هو السلفي المتطرف الحائز على الجنسية الأوسترالية او الهارب و الصادر بحقه مذكرة توقيف هناك، المتورط في خلايا شارع المئتين في نيسان 2007، الشرارة التي أدت لإنطلاق معارك نهر البارد للقضاء على فتح الاسلام ، والرمز الجهادي الذي له إحترامه بنظر المقاتلين في محاور باب التبانة منذ إندلاع القتال وإن كان إعتكف مؤخراً، والمعروف بتأثيره الامني البالغ إمتداداً الى بر الشام والعراق و الورقة المستترة من تنظيمات القاعدة التكفيرية، تبدو سيرته الذاتية حافلة بالالغاز حيث لا يوجد رابط لها سوى فكرة واحدة هي الجهاد والابتعاد عن الاعلام قدر الامكان.
ربما ليس غريباً ما يجري تداوله في لبنان من أن حسام الصباغ مطلوب دولياً بعدة مذكرات صادرة عن الانتربول بتهم تنفيذ عمليات إرهابية والانتساب لتنظيم القاعدة، بدأ نجمه يسطع عمليا في العراق فهو من ضمن ألاف المقاتلين اللبنانيين و الفلسطنيين كما العرب الذين ذهبوا للجهاد تحت راية القاعدة بعد سقوط بغداد ويشار الى أهميته هناك كرمز مستتر و لكن فعال للغاية في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بأمرة أبو مصعب الزرقاوي .
لعلها الأزمة السورية وانعكاساتها على طرابلس، التي دفعت بحسام الصباغ إلى ساحة القتال مجددا وإلا لكان تابع حياته دون ضجيج وهو برز كواحد من المشاركين في إجتماعات التنسيق بين المجموعات المقاتلة في التبانة والأمنيين في منزل النائب كبارة و من ثم في حادثة إستهداف الوزير فيصل كرامي في طرابلس عندما حاول انصاره إعتراض موكب الوزير كون أميرهم يمر ولا بد من فتح الطريق ولو بالقوة ولولا العناية الالهية التي أنقذت الوزير كرامي لكانت الحادثة قد أودت بحياته بعد تفجير عدة قنابل في سيارات موكبه، سبق ذلك دوره في مخطط إعلان الإمارة الإسلامية في نيسان 2007 في طرابلس، وتضمن عمل الصباغ من ضمن الخلايا النائمة التي إتخذت من شقق شارع المئتين الحي الراقي في طرابلس إستهداف ثكنات الجيش والمراكز الأمنية وتفجير نفق شكا لفصل طرابلس عن لبنان وإعلانها إمارة إسلامية سلفية على غرار قندهار في أفغانستان أو الفلّوجة في العراق أو غيرها.
«أبو الحسن» له مكانته و إحترامه كأمير للقتال في التبانة ، هو رجل خمسيني يحمل الجنسية الأوسترالية، له آراء حادة جدا و متطرفة على غرار كل رجال القاعدة. صدّ كل المحاولات الإعلامية للظهور والتحدّث طالما أن الأحاديث المتناقلة تفيد بأنه القائد اللبناني الابرز لجبهة النصرة والجهاد في سوريا و الذي يتولى عمليات التجنيد والتسليح والتهريب وتحديداً في المناطق السورية المتاخمة لشمال لبنان و تحديدا مناطق تلكلخ وقلعة الحصن.
في أزقة باب التبانة الفقيرة تربى وترعرع الصباغ، وخبرته العسكرية نشأت فيها لأنه كان ضمن مجموعة خليل عكاوي (أبوعربي) حتى العام 1985. يصفه من يعرفه بأنه رجل وهادىء وكتوم للغاية، ولكنهم يأخذون عليه تشدده المبالغ، خصوصاً وأن أشخاصاً علويين كانوا يقاتلون الى جانب مجموعات باب التبانة، اختفوا مؤخراً، أبرزهم فادي ضاحي، بعدما علموا بأن الصباغ لا يثق بالعلويين بل يكفّرهم.
يقول مقربون منه بأنه لا ينزع الحزام الناسف أبداً إلا عند نومه لا بل يستعمل مسدساً ملقماً وجاهزا لإطلاق النار، لإدراكه الدائم بأنه في خطردائم، أما منزله فمفتوح لكل ذي حاجة من فقراء التبانة عند شارع الحموي في الأزقة الضيقة وهو لا يرد صاحب حاجة إن كان قادراً على تلبية طلبه كما يتشبه بالنبي محمد (صلعم) في موهبة رعي الغنم في زيتون أبي سمراء وأحب الألقاب إلى قلبه (الأمير). متقشف للغاية في المأكل والملبس لدرجة مبالغ فيها ويصل ولعه باقتناء السلاح لحد الهوس.
كل هذه المعطيات، على خطورتها، لم تشكّل عائقاً أمام السياسيين وبعض الأمنيين لمقابلته ومحاورته و مفاوضته في كل جولات القتال السابقة كما يفيد كل من تابع ملف محاور طرابلس بأن للصباغ كان له الكلمة الفصل قبل أن ينكفىء منذ فترة و يبتعد عن الاضواء ولكن بعض المعلومات تؤكد بأن وراء هذا الإنكفاء «تغطية» على دوره الأخطر في تجنيد وتهريب المقاتلين لصالح تنظيم جبهة النصرة في حربه داخل سوريا، التي يعتبرها المعركة الاساس وهو يتنقل حاليا بين لبنان وسوريا على أنه لم يترك التبانة بشكل نهائي لقناعته بضرورة البقاء في البيئة الحاضنة ولكون أرض المعركة في سوريا متحركة .
أثار دور الصباغ حفيظة بعض القوى الإسلامية التي تعتبر نفسها صاحبة القرار والكلمة بين الأوساط الاسلامية في طرابلس، وتعتبره منافساً طالما أنها تزايد على بعضها البعض في الموضوع السوري، ولديها عقدة من كون الصباغ له اليد الطولى هناك، وهي تأخذ على الصباغ تشدده التكفيري من جهة، وتساهله مع بعض من يتعاطون حبوب الهلوسة من جهة أخرى لضرورات يعتبر أن ظروف القتال المرير، تفرضها، سواء في التبانة أو سوريا، الأمر الذي يُعدّ مخالفاً للشرع الاسلامي وتناقضاً كبيراً بين الممارسة والإيمان. بل أكثر من ذلك، يهمس أحد قادة العمل السلفي بين أترابه «كيف يمكن لصاحب علوم شرعية ضحلة، ولا يعمل بمبدأ المشورة، أن يصبح رمزاً إسلامياً وهو يستند في عمله إلى فتاوى كمال البستاني أو سالم الرافعي فقط ؟».
على غرار النماذج السلفية المتشددة في الشمال، أمثال بسام كنج (أبو عائشة) أو شاكر العبسي (أبو حسين)، فإن شهرة الصباغ كقائد ميداني على الساحة الإسلامية أتت من الخارج و ليس من لبنان . وفق عارفيه، فهو يدافع عن العقيدة الإسلامية والجهاد لنصرة المسلمين في العالم. هذا الأمر ليس مرضياً عند بعض السلفيين في طرابلس الذين يرون في الصباغ منافساً شرساً لأدوارهم. فهو قد ذاع صيته بالخارج وإنجازاته ليست علنية بالقدر الكافي ولكنها مؤثرة عند جمهور المتشددين المتحمسين للقتال وهذا ما خلق له شعورا بالكراهية عند عدد لا بأس به من سلفيي طرابلس، خصوصاً وأن لديه علاقات وطيدة مع قادة ونشطاء تنظيم القاعدة العالمي وهذه ميزة تفاضلية راهناً بعدما كانت تهمة شائنة في السابق . على أن ميزته أنه لم ينتقل من المغامرة الفاشلة في العراق إلى وهم الإمارة في طرابلس كما فعلت «فتح الاسلام» وزعيمها شاكر العبسي (أبو حسين)، تحديداً، بل فضّل الوصول إلى طرابلس في العام 2005 عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتخفّي بصفة بائع فول وحمّص في منطقة باب الرمل، إلى أن عاد الى نشاطه السابق مع بدء الاحداث في سوريا، وعلى رغم تورطه في قضية خلايا المئتين إلا أنه لم يذهب للقتال في مخيم البارد لأنه اعتبره خياراً خاسراً، وربما لأنه وجد باكراً، في الآرض السورية فرصته السانحة كي يصبح قائداً ورمزاً إسلامياً للجهاد.
يصفه المقاتلين الميدانيين، بأنه شخصية هادئة في جولات القتال و بعيد عن الحماس إجمالاً ولا يتمتع بقدرات تنظيمية خارقة و لكنه يقود مجموعاته ويسابق مقاتلية إلى الصفوف الامامية وهذا ما يصبغ عليه هالة من الاحترام بين مريديه ، ملتزم دينياً لدرجة التشدد المبالغ فيه ويواظب على الصلاة اثناء خوض المعارك، ويعتبر انصاره أن خروجه للجهاد في سبيل الله من باب كونه «فريضة عين واجبة على المؤمن الاسلامي ودافعه لذلك غيرته على نشر الدين و إعلاء كلمة الحق».
أما بنظر المقاتلين الآخرين فالصباغ ليس قائداً ميدانيا فذاً بقدر ما هو محرّك لمجموعات مقاتلة وقد أصابه مؤخراً «قاتل الرجال»، أي «الغرور» جراء دوره المتعاظم في سوريا، خاصة بعد تقرّب بعض التكفيريين منه والمحسوبين على الداعية المتشدد عمر بكري القادم من بريطانيا، والمقيم في طرابلس. لذلك قد تكون تجربته الحالية شبيهة بمغامرات من سبقه وتحديداً تنظيم التكفير والهجرة وتنظيم فتح الإسلام والتي لم تجلب لاصحابها سوى القبر والسجن.
على الرغم من الغموض الكثيف حول تحركات الصباغ الماضية، قبل صدور مذكرات توقيف لبنانية بحقه الى جانب نبيل رحيم في العام 2007 وبعض النشطاء الاسلاميين في طرابلس بتهم الانتماء الى تنظيم القاعدة وتشكيل مجموعات إرهابية، إلاأن سيرة الرجل مرت بمراحل ملتبسة تكاد لا تنتهي، ولكنها تجمع على صورة واضحة بانه تأثر بداية بالشيخ زهير عيسى (أبو حمزة) مرشد دار الحديث الذي يتصف بتشدده المبالغ فيه، والذي كان مقيماً في أوستراليا كما الصباغ قبل أن يغادرها الاخير حيث أبعدته السلطات الأوسترالية بتهمة الإنتساب الى تنظيم القاعدة.
ولعل الرابط بين رحيم والصباغ، على غرار كل المتشددين الإسلاميين الآخرين في طرابلس، هو أن الأحداث دفعتهم إلى الواجهة على أنّ لكل منهم طريقته. فالاول اختفى قبل أن يتم إلقاء القبض عليه ومحاكمته، مع أنه كما يصفه عارفوه، مقرّب من الكل وعلى تواصل مع معظم السياسيين والإعلاميين، فيما الآخر آثر الهروب وعدم تسليم نفسه للسلطات اللبنانية وهو حتى الآن لا يزال فاراً من وجه العدالة بنظر القانون.
يأخذ رحيم على الصباغ صمته، ويقول صراحةً بأنه يقترف نفس الأخطاء التي وقع هو فيها سابقاً عبر امتناعه عن الظهور الإعلامي و تبرئة نفسه من تهم قد يتم الصاقه بها.
رب قائل بأن الصباغ ليس سوى جزءاً من المشهد التكفيري الذي بدأ يملأ الفراغ السياسي الهائل في مدينة طرابلس كما يبحث عن دور فوق أشلاء الضحايا في سوريا؛ لكنه بالتأكيد يبدو متميزاً بأسلوب عمله فهو اختار مغامراته بالخفاء عن طريق الرهان على النجاح في سوريا بعد سيل الهزائم في افغنستان و الشيشان والعراق كما كل المغامرات الفاشلة في ميادين التشدد الاسلامي، ولكن جمهور هؤلاء في طرابلس كما غيرها لا يرى من سوريا الا حلماً موعوداً في رؤوسهم لبناء الامارة الاسلامية تمهيداً لإقامة الخلافة من جديد وبسط الشريعة الإسلامية علٌه يتحقق بنظرهم رغم كونها أضحت بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى .
سلاب نيوز

» من هو الشيخ حسام الصباغ؟
» تفاصيل ما جرى في طرابلس ليلاً: مقتل منذر الحسن واعتقال حسام الصباغ
» الجيش السوري في عملية نوعية قتل متزعم ’’جبهة النصرة’’ في مدينة "الباب" حسام الجاهل
» مقتل أمير النصرة في نوى بريف درعا إثر اشتباكات بين الجيش الحر وجبهة النصرة
» «النصرة» تتهاوى أمام «داعش» في ريف حلب الشمالي