حكام العرب ، من أين يأتون ؟

حكام العرب ، من أين يأتون ؟

أحمد الحباسى تونس
حكام العرب ، من أين يأتون ؟ Ahmad-habasy

الديمقراطية ، الانتخابات ، قانون اللعبة ، الإرادة الشعبية ، هذه بعض المصطلحات الناعمة التي تأتى تباعا على لسان الحاكم العربي ، حتى أن المتابع يظن في بعض الأحيان من فرط حسن النية أو الغباوة إن صح التعبير أنه في مشهد ديمقراطي فيه كل مستلزمات الانتخابات الديمقراطية المؤدية إلى كرسي الحكم ، في حين أن العملية الانتخابية ” العربية” هي عبارة عن سيارات بالمصادح تجوب الشوارع ببعض الشعارات البراقة الخاوية من الدسم و بعض المعلقات ” الإشهارية” للمرشح و كثير من الطحين و الزيت و بعض المستلزمات الغذائية اليومية يتقبلها ” الناخب” رشوة معلنة و عربونا أو مقدما على صوته في الانتخابات .
لا تلعن الديمقراطية العربية ، و لا تلعن الفقر و الحاجة التي تجعل البائسين يتسولون رغيفا من الخبز مقابل “صوت” أو تأشيرة بالحبر الأزرق تزف هذا الحاكم العربي سواء إلى قبة مجلس الشعب أو إلى هرم السلطة حاكما مستفردا بالرأي و ديكتاتورا مبتدأ يحكم بقوة ما يسمى ” بالإرادة الشعبية” و تبعا لانتخابات “شفافة” لا يمكن الطعن فيها لان الطعن فيها هو ضلالة و طعن في إرادة ” الشعب ” ، لا تلعن الديمقراطية العربية لأنه لا توجد أصلا ديمقراطية عربية ، لكن من الممكن أن تلعن الفقر و من سبب هذا الفقر ، لان المعدة الخاوية و الفم الجائع بإمكانه أن يرتكب كل المعاصي و الخطايا فما بالك بما يراه أفضل الخطايا و أهون المعاصي و هو انتخاب رئيس يبشر علنا بالقضاء على الفقر و البطالة و الأمراض.
المواطن العربي هو الذي يختار ” مصيره” ، و هو الذي يختار بنفسه “ديكتاتوره”، نفس المواطن هو من يجعل من هذا الديكتاتور أسطورة ، و هو الذي يغنى في “أذنيه ” كما يقال حتى يتقوى و يصبح مثل التمساح بلا شفقة و لا رحمة ، و هو الذي يغمره بالألقاب أو بالنياشين مع أنه يعلم أن هذا الحاكم لم يخض معركة في حياته و لا يستحق أي لقب من تلك الألقاب البائسة المثيرة للسخرية ، هذا المواطن أو هكذا يسمى نفسه أو يظن ، هو من يقمع نفسه بنفسه من فرط الغباوة و الانبطاح ، فهو لا يفكر و لا يستعمل عقله و إنما يلجأ دائما إلى أخف الضررين عملا بالقاعدة الفاسدة ” ابعد عن الشر و غنيلو ” ، المشكلة أن هناك من يطبل للحاكم عن وعى و سالف تعمد و تدبير لأنه يظن أو هكذا يرى أن هذا الرئيس يريد الخير للشعب لكن هناك من يضع العصا فى العجلة ، من هنا نشأت العبارات و التوصيفات الشهيرة المكررة ، الأزلام ، قوى الردة ، الصائدين في الماء العكر ، العملاء ، حتى أصبح لكل نظام عربي أزلامه و قوى ردته و صائدي الماء العكرة و عملاءه .
نحن شعوب غبية ، أو قاصرة ، كل الأوصاف ” تليق ” بنا كشعوب عربية فعلا ، من عيوبنا المفرطة أننا نستيقظ متأخرين دائما بحيث لا نقدر على رد الفعل ، هذا إذا اعتبرنا بعض المظاهرات الباهتة ردة فعل ، و من عيوبنا أننا لا نتكلم إلا في الزوايا و الأماكن الخالية ، هذا إذا سلمنا جدلا أن الحاكم و أجهزة الأمن قد تركت مكانا خاليا من ” الآذان” المتصنتة ، بحيث أن القمع لا يأتي من الحاكم فقط ، فهذا مصير كل شعب جائع قايض صوته برغيف ، بل القمع يأتي من خوفنا المكبوت الذي يجعلنا نخاف الظل الذي يمشى بجانبنا ، ونخاف التفكير بصوت عال ، و نخاف أن يسمعنا المخبر لان الحيطان لها أوذنا و عيون ، نحن مرضى بالوهم المفرط الذي يجعلنا نظن أن هذا الحاكم الذي أتى بالرشوة لن نقدر على إسقاطه بدون رشوة ، فقط بشيء من الإرادة و التكتل يدا واحدة ، نظن أن “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ” هي مقولة تصلح لأقوام أخرى و لا تصلح لهذه الشعوب المغلوبة على أمرها .
هل أن الشعوب العربية لا تستحق الديمقراطية و حرية التعبير و كل مشتقات حقوق الإنسان فعلا ؟ مع الأسف و بكل الألم الجواب بنعم ، لان الشعوب الأخرى لم تنل قسطها من الحرية و الديمقراطية إلا بعد أن تراكمت و راكمت الانجازات في مجال المطلبية الشعبية و الانتفاضات الفكرية ، و بعد أن وضعت نصب أعينها أن بقاء الحاكم في الكرسي إلى الأبد هو ضرب من المستحيل و طعنة للإرادة الشعبية و لمبدأ التداول السلمي على السلطة ، أما في هذا العالم العربي فنتساءل أين دور الطبقة “الثقافية” فيما يحدث ؟ أين الدور الفعلي المتحرك لمنظمات ما يسمى بالمجتمع المدني ؟ نتساءل لماذا خذل جزء من الشعب البحريني الجزء الآخر ؟ نتساءل ، لو تمكنت الاحتجاجات الشعبية البحرينية من هذا الدكتاتور البحريني ، هل سينظم حينئذ من عارض أو صمت إلى قطار البحرين الحرة ؟ نتساءل كيف نبقى هذه الشعوب الخليجية هذه الأصنام الوثنية تنصب لها التماثيل ؟ نتساءل هل ما زلنا نعيش عصر اللات و العزى ؟ ألم يحن وقت قلع الأصنام و الأوهام و الفتاوى و كل شيء يرمز إلى الجاهلية الوهابية ؟ .
كما تكونون يولى عليكم ، هذا قدرنا ، نحن الشعوب العربية ، لذلك لا تتظاهروا ، لا تمانعوا ، لا تتكلموا ، لا تناقشوا ، فقط تلاهوا ، كلوا ، باشروا واجباتكم ” الزوجية ” ، لا تغمضوا جفونكم لكي لا تفوتكم رقصات هيفاء و ميساء ، انثروا الأموال على رؤوس الغواني ، اليوم خمر و غد أمر ، أبو نواس هو الديدن و الشعار و المشروع ، ناموا على أمل يوم أخر من العبث ، لماذا تتظاهرون ، لماذا تعارضون ، لماذا تغيرون ، لماذا تتغيرون ، لماذا تكتبون ، لماذا ترفضون، ثم عندما تجلسون في المجالس الغربية بعيدا عن أعين المخابرات الخليجية تحدثوا بلغة “المعارض” الرافض ، ثم عودوا إلى بلدانكم ، صامتين ، خائفين ، صائمين عن الكلام الدافع للتغيير، أصمتوا فالصمت سلاح العاجزين.

» صحف تركية: مسلحو داعش يأتون من تركيا
» دعوا الأطفال يأتون إليَّ...بقلم آرا سوفاليان
» يا حكام العرب …. اتقوا الله في شعوبكم وفلسطين
» حكام قطر ولعنة شعوب المنطقة
» من هم الجهاديون في سوريا .. ومن أين يأتون؟