امبراطورية الارهاب .......نبيه البرجي

امبراطورية الارهاب .......نبيه البرجي

.هذا الكلام منذ نحو تسعة اشهر لوزير الخارجية الفرنسي الاسبق اوبير فيدرين» تسألني من سيكون المنتصر في سوريا بعد ان ينجلي كل هذا الغبار، وكل هذا الدم، اقول لك: الموت، ثم الموت، ثم الموت»!

بالرغم من كل ذلك لا يزال هناك، وكل على قياسه، من يحاول تفجير جنيف-2، مع ان هذا المؤتمر، وان لن يأتي بالمعجزة، لكنه قد يضع اطاراً للتسوية، او على الاقل يضع الازمة في سياق اخر، اي في سياقها الديبلوماسي لان الجميع وصلوا الى اللحظة الاخيرة من ...اللهاث.

لم يعد مجدياً لاحد ذلك اللعب العبثي، او السريالي، مع الموت. ولم يعد باستطاعة سوريا، وهي المثقلة بالخراب والمثقلة بالكراهية، ان تضطلع بأي دور جيوسياسي. مرة اخرى قال الاخضر الابراهيمي «هنا صومال الشرق الاوسط». الديبلوماسي العتيق يرى بوضوح ماذا سيحل بالعراق، وماذا سيحل بلبنان، وربما ماذا سيحل بتركيا، اذا ما تفككت سوريا وتواصلت حرب الالف عام...
توماس فريدمان هو الذي تحدث عن حرب الالف عام، وقال إن الشرق الاوسط هو، حقا، منطقة العجائب، اذ كيف للصراع العربي- الاسرائيلي الذي يكاد يبلغ المائة عام والذي استوطن في اللاوعي الجمعي لمئات ملايين العرب ان يتلاشى هكذا او ان يذهب في اتجاه آخر، وبعدما اصبح عدو عدوي، اي اسرائيل، هو الخيار الاستراتيجي في هذه الايام...

بطبيعة الحال، يتفادى فريدمان القول ان هذا الوضع يدفع الفتنة الكبرى الى حدودها القصوى. ولطالما قلنا انها رقصة التانغو مع العدم. الرقصة التي يتقنها العرب منذ ايام المتوكل. ولندع محمد الماغوط يقول من العالم الآخر انه ينتظر في احد المقاهي يوم القيامة لان هذا اليوم قد يكون اليوم المنتظر لقيامة العرب. حتما بعد فوات الاوان.

الامير بندر بن سلطان ذهب الى موسكو. بكل بساطة طالب بـ «رأس الاسد». لا شيء الآن سوى «رأس الاسد». هل هي المصادفة حقا ان يصدر في اليوم نفسه للزيارة، كلام مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي بأن الرئيس السوري بشار الاسد شارك في جرائم الحرب ويفترض ان يحال الملف الى المحكمة الجنائية الدولية، "تم نفيه لاحقا"" . لم تقل هذا عندما وصل رقم الضحايا، الرقم الافتراضي بطبيعة الحال، الى المائة الف. انه الرقم الذي يثير الهلع دون شك.
انتظرت حتى اصبح الرقم مائة وستة و عشرين الفاً لكي تكتشف ما اكتشفته. دائما، دعونا نبحث عن...لعبة الاشباح!

لا ندري ماذا قال الروس للامير السعودي الذي يمسك بالملف السوري والذي بات رهانه الشخصي، ورهانه الاستراتيجي، ازاحة الرئيس الاسد، لكننا علمنا ما قالوه لبعض المعارضين السوريين الذين زاروا موسكو في الآونة الاخيرة، فالرئيس فلاديمير بوتين يرى ان المسألة لم تعد مسألة بقاء الرئيس السوري او رحيله. المسألة هي بقاء سوريا او رحيلها لان ثلاث سنوات من ذلك الفالس الدموي الذي اتخذ كل الاشكال، ادى، وبكل معنى الكلمة، الى تفكيك سوريا..

وبحسب ما نقل الينا فإن الرئيس بوتين يتفادى استخدام مصطلحات مثل «الصوملة» او «الافغنة» او «العرقنة». لكنه استخدم مصطلح «السورنة»، اي سورنة سوريا التي اصبحت، وبفعل التدخلات على انواعها، كل شيء ما عدا ان تكون سوريا..

ما نقل الينا ان الرئيس الروسي اعتبر ان الاولوية ينبغي ان تكون لاعادة توحيد سوريا، معتبرا انه اذا ما تمت ازاحة الرئيس الاسد بالطرق التي يتم طرحها فستكون لذلك تداعيات دراماتيكية تدفع بالوضع الى مزيد من التدهور والتمزق، فالذين سيجلسون الى طاولة المفاوضات هم شركاء في الحرب، والافضل ان يكون شريكاً في التسوية لانه يمثل ما يمثل، ولا مجال هنا لتبديد الوقت، ولتبديد الدم، في مواقف ثأرية او شخصية ( وكلمة شخصية هنا تعني ما تعنيه)..

والروس يعتبرون ان التسوية، وحيال الغرنيكا السورية، تحتاج الى الكثير من الحكمة و الحنكة وطول البال، والاهم الى تعاون جميع الاطراف الشريكة او المشاركة في الازمة، وبعدما بات جليا ان الحل العسكري مستحيل بالنظر للابعاد الاستراتيجية، ان على المستوى الاقليمي او على المستوى الدولي، التي اتخذتها الازمة..

لكن الذين التقوا رئيس «الائتلاف » احمد العاصي الجربا في الآونة الاخيرة يقولون ان الرجل واثق من ان المعارضة ستتمكن، في نهاية المطاف (ومتى نهاية المطاف؟) من اسقاط النظام وبالوسائل العسكرية، مع الحديث عن امكانات جديدة و«هائلة» ستوضع بتصرف بعض فصائل المعارضة، وهو ما سيظهر قبل حلول الذكرى الثالثة لـ«الثورة»، اي في 11 اذار المقبل...
والواقع ان ترجمة لذلك حصلت في المعارك الاخيرة في الغوطة الشرقية حيث جحافل من المعارضة، بقيادة ضباط محترفين، وبوسائل اتصالات متطورة، وايضا بوسائل حديثة لتعطيل اتصالات "العدو"،باغتت قوات النظام، وكانت النتيجة معروفة، مع ان الذين وضعوا الخطة، وكرسوا تلك الامكانات، كانوا يراهنون على ان تفضي العملية الى اختراق العمق الدمشقي..

معارك الغوطة الشرقية بدت بمثابة تنبيه الى الطرف الآخر حول الاتجاه الذي ستأخذه المعارك المقبلة. وبطبيعة الحال، كانت هناك احتياطات واستعدادات مكثفة، ما يعني ان الدوامة العسكرية ستبقى على حالها ودون حصول اي تبدل عاصف في موازين القوى، ومع انحسار التغطية الدولية الفاعلة للمعارضة، فالاوروبيون مضوا بعيدا في الاتصال مع دمشق. وثمة وزير خارجية اوروبي اتصل بنظيره السوري وليد المعلم ليقول بالتعاون من اجل تقويض «امبراطورية الارهاب».

وحين يلاحظ الاوروبيون مدى التحول في الرؤية الاميركية، فيعقد خبراء وقادة منها مؤتمراً في امستردام بعنوان «قوة المستقبل» لبناء قوة تملأ الفراغ الذي يحدثه الانكفاء الاميركي حتى عن القارة العجوز، يتضح الكثير من ملامح الصورة...

ثمة من نصح العرب او بعضهم على الاقل بأن يصغوا الى ما يقوله الكرملين. ليست رقصة الدببة كما يقول فريدمان، بل رقصة الآلهة.

دمنا، ومالنا، يذهب هباء!

الديار

» نبيه البرجي: أشباح !!
» نبيه البرجي: عام المائة عام
» نبيه البرجي: انا الخليفة !
» نبيه البرجي: فانتازيا !!
» نبيه البرجي: الخليفة والجواري