الحريري يرفض نصيحة نصرالله بوقف «التذاكي» ويخوض مواجهة بخيارات «احلاها مر»

الحريري يرفض نصيحة نصرالله بوقف «التذاكي» ويخوض مواجهة بخيارات «احلاها مر»

ابراهيم ناصرالدين
لا يحتاج الظهور العلني للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مرتين خلال اقل من 15 ساعة الى الكثير من التحليل أو البحث في الاسباب والخلفيات السياسية والامنية، بكل بساطة القرار اتخذه السيد ولم يسمح هذه المرة بأي نقاش مع قيادة «الحماية» الامنية، «فالناس في الشارع منذ عشرة أيام رغم معرفتهم المسبقة ان مخاطر استهدافهم مرتفعة ولا تقل عن المخاطر المحيطة بالامين العام» ولذلك لا بد ان «نكون سويا في مواجهة المخاطر». نقطة انتهى.
هذا في الشكل، أما في المضمون فقد انتهى اليوم العاشر من محرم الى «معادلة» تفيد بان الافق السياسي في البلاد لا يزال مقفلا، والتطورات مفتوحة على جولة جديدة من «الكباش» المحلي والاقليمي، تبدو ضرورية لانضاج تسوية لم يحن وقتها بعد، فالرسائل السياسية العلنية المتبادلة بين السيد نصرالله ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، اظهرتا سلسلة مفارقات لا بد من التوقف عندها لفهم حقيقة اسباب عدم وجود قواسم مشتركة كان يمكن ان تؤدي الى اخراج لبنان من أزمته الراهنة.
أوساط سياسية في 8 آذار ترى ان المفارقة الاولى بين الرجلين هي ان الحريري ما يزال يحاول تسويق بضاعة «فاسدة» لم يعد يشتريها احد، عنوانها ان ما يحصل في سوريا ثورة ومواجهة مع نظام ديكتاتوري، فيما يحاول السيد نصرالله أفهامه أن وقت «التذاكي» انتهى ولم يعد بالامكان الاستمرار في هذا التجهيل المقصود للحقيقة.
فالنقطة الاولى التي تحدث عنها السيد نصرالله في سياق شرحه لمشاركة الحزب في المعارك في سوريا، ورفضه مقايضة الانسحاب من هناك بتشكيل الحكومة، بديهية لجهة عدم التماشي مع ما يحاول الطرف الآخر فرضه على الرأي العام من مصطلحات تضليلية. فحزب الله ليس قوة احتلال كما يحاول الطرف الاخر تصويره، بل هو جزء من منظومة قتالية دخلت سوريا بالتنسيق مع الدولة السورية، أما انتفاء الحاجة الى وجودها هناك، تقول الاوساط قرار مشترك يتخذه الرئيس السوري بشار الاسد والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولا يمكن باي حال من الاحوال ان يكون الحريري هو الطرف المقرر في هذا الموضوع، ليس انتقاصا من قدراته الشخصية، وانما انطلاقا من اسباب منطقية تجعله طرفا مهزوما لا يمتلك الصفة التي تخوله فرض شروطه.
فحزب الله ذهب الى سوريا تضيف الاوساط في 8 اذار في حرب دفاعية لمواجهة مؤامرة كان الرئيس الحريري وتياره شريكان رئيسيان فيها، بعد سنتين ونيف نجح الحزب في اسقاط هذه الرهانات، الحقد مفهوم، والغيظ نتيجة طبيعية ومنطقية، ولكن ماذا بعد؟ هل لدى الحريري استراتيجية بديلة لتعويض الخسارة غير «العناد» والتعطيل؟ لا يبدو ذلك. أما الخطة «العبقرية» للمواجهة فيبدو انها تتلخص في عدم تغطية الحزب او اعطائه «الشرعية» لسلاحه ولتدخله في سوريا. قال السيد صراحة لا نريد شرعيتكم ولا نريد مقايضة الحكومة بالانسحاب من سوريا. اذا ولدت الاستراتيجية الجديدة «ميتة» ما هو البديل؟ لا جواب. الكرة في ملعب تيار المستقبل من جديد، لكن يبدو الانتظار دون أفق لان رد الحريري الثاني كان خاليا من أي استراتيجية ولم يحمل سوى توصيفات لكلام السيد «لا تغني ولا تثمن عن جوع».
من هذه التوصيفات «الغريبة» في الرد على كلام السيد تقول الاوساط كانت المقاربة التي بدأتها «الماكينة» الاعلامية والسياسية لقوى 14 اذار حين وجدت تطابقا في كلامه مع كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري حول ان بدليل الاتفاق بين ايران والغرب هو الحرب. طبعا هناك محاولة «خبيثة» للقول ان ثمة تماهيا مستجدا بين حزب الله «والشيطان الاكبر»، لكن ما فات الفريق الآخر، تقول تلك الاوساط، ان هذه «الترهات» لن تغير من الوقائع، وبينما هم منشغلون في نسج «الاوهام» ثمة حقيقة راسخة مفادها ان الغرب يهرول الى الإذعان أمام القيادة الإيرانية لأنه يخشى الدخول في حرب جديدة. ومحور المقاومة وعلى راسه ايران يعمل للاستفادة من «نقطة الضعف» هذه من دون أن يضطر لتقديم اي تنازلات جدية في المقابل. وسألت الاوساط أين «العار» اذا ما كنت تحصد انتصاراتك الميدانية على « طاولة المفاوضات»؟ ولماذا لا يملك الحريري الجرأة ليقول للرأي العام حقيقة وخلفيات الغضب السعودي من ايران، لماذا لا يصارح هؤلاء بأن الحلفاء في الغرب وعلى راسهم الولايات المتحدة اقتنعوا بعد سنوات من «العناد» بالتسليم بضرورة التفاهم مع طهران وليس مواجهتها، والترجمة العملية لهذا الامر هي الموافقة على الدور الإقليمي لإيران في افغانستان والعراق وسورية ولبنان وقد يمتد الى اليمن والبحرين. وهذا ما ترى فيه المملكة «خسارة» لدورها الاقليمي وخسارة لمشروعها الرامي للحد من النفوذ الايراني.
واذا كان الوقت تضيف الاوساط لم يسعف السيد نصرالله ليقوم بسرد مفصل لعدد المرات التي تخلت فيها اميركا عن حلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم قوى 14 آذار، يكفي ان يسأل الحريري نفسه عن سبب «هروبه» المستمر من البلاد وخوض معاركه السياسية على شبكة التواصل الاجتماعي «الافتراضية»، والباقي تفاصيل. أما «ثورته» السورية، فهل يرى ان كل شيء يسير على خير ما يرام؟ الا يعرف ان السؤال الآن لم يعد هل ينعقد «جنيف-2» أو لا ينعقد، وانما هل من داع لعقده؟ في ظل النكسات الكبرى التي قد تطيح المجموعات المسلحة في معركة حلب، بعد انحسار وجودها في حمص وريف دمشق. الا يدرك ان التذرع بدور حزب الله في حسم المعارك لم يعد يجدي في تبديل الوقائع؟ الا يشعر بالريبة ازاء «الصمت» الاميركي حيال تبدل موازين القوة على الارض؟ الا يشعر ان الادارة الاميركية تضع ضمن اولوياتها اليوم «الحرب على الارهاب» بعد أن تم الاتفاق على ملف السلاح الكيميائي، ولم تعد مهتمة بمصير المعارضة السورية «المعتدلة»، وتمارس الضغوط عليها لاقناعها الجلوس على «الطاولة» دون شروط مسبقة؟ ألم يخطر في باله السؤال عن مصير «حمدي» قطر؟ وعن اسباب «خفوت» صوت رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، وعن اهداف انفتاحه الاقليمي المفاجىء على العراق وايران؟
وتشير تلك الاوساط، الى ان هذه الوقائع لا تعني على الاطلاق ان الازمة السورية شارفت على نهاياتها، وقد يطول النزاع المسلح الى امد غير معروف، لكن مسألة الاطاحة بالنظام لم تعد على جدول الاعمال، وهذا يعني عدم حصول تغيير في المشهد السياسي السوري، ومن هنا يتحمل الرئيس الحريري وفريق 14 آذار مسؤولية كاملة عن عدم الاستفادة من فرصة تحييد لبنان عن التداعيات السورية المرتقبة، خصوصا اذا ما بدأت معركة القلمون. أما بالنسبة الى الخيارات فيبدو ان احلاها «مر» بالنسبة لهذا الفريق، فحزب الله مستمر في خياراته السورية ويراكم الانتصارات، ولا يبدو منزعجا من بقاء حكومة تصريف الاعمال، ويبقى على الرئيس نجبيب ميقاتي ان يتخذ قرارا جريئا في تفعيلها بعد ان وصلته «الرسالة» السعودية «القاسية» بعدم منحه «صك» «الغفران»، واذا ما حصل الفراغ في سدة الرئاسة ستتحول كامل صلاحيات السلطة التنفيذية الى «حكومة حزب الله»، أما اذا تم الاتفاق على التمديد للرئيس سليمان فان الوضع سيبقى على ما هو عليه، وفي حال نجحت الضغوط السعودية على الرئيس لتشكيل حكومة امر واقع قبل ان يترك سدة الرئاسة، فستكون البلاد أمام حكومتين تتنازعان الصلاحيات، وهذا المشهد يعني دخول البلاد في الفوضى، فهل يملك تيار المستقبل القدرات الذاتية أو الخارجية على تحمل هذه التداعيات؟ الجواب هو بالنفي. اذا لماذا «يعشق» هذا التيار هواية «الانتحار»! الجواب في السعودية.
الديار

الحريري يرفض نصيحة نصرالله بوقف «التذاكي» ويخوض مواجهة بخيارات «احلاها مر»

» السيد حسن نصرالله يرفض مقابلة أيمن نور ... وجهات لبنانية تتهم نور بزيارة لبنان للتجسس على مكان إقامة نصرالله لصالح إسرائيل
» نصرالله: مواجهة الإرهاب التكفيري تحتاج إلى إجراءات فعلية لا مسرحية
» البغدادي يضع المعارضة السورية امام اربع خيارات احلاها علقم... عبدالباري عطوان
» بين إطلالات نصرالله وعودة الحريري وتحولات المنطقة.. ما القادم في الميدان ؟
» خسائر المسلحين في الغوطة الشرقية ضخمة جداً.. نصرالله: الحريري وصقر متورطان بارسال المقاتلين الى سوريا