سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: كيري و آخر رسائل الحلفاء الثلاثاء نوفمبر 05, 2013 3:23 am | |
|
كيري و آخر رسائل الحلفاء
د. عامر السبايله يعود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى جولاته المكوكية في المنطقة. زيارة كيري هذه لها طعم مختلف خصوصاً لدى محور حلفاء الولايات المتحدة التقليدي في المنطقة. فالولايات المتحدة التي أدخلت محور حلفاءها في أزمة مركبة نتيجة التحول الأخير في سياساتها مضطرة للتعامل مع هذه التركة الثقيلة ضمن استراتيجية جديدة مبنية على تطبيق مبدأ العقاب و الثواب. الحقيقة أنه لم يعد من الصعب رصد شكل الرغبة الدولية المتعلقة بشكل انهاء الصراع في سوريا. الجميع يرغب بانطلاق المفاوضات و الشروع في خارطة الطريق المؤدية الى الحل. الولايات المتحدة منذ اليوم الأول لم تنظر الى الأزمة السورية بصفتها أزمة ضمن الحدود الجغرافية السورية, بل نظرت اليها ببعدها الإقليمي, الأمر الذي يفسر سعي الولايات المتحدة على استثمار الأزمة السورية في اطار التسوية الإقليمية عبر تسريع فكرة التسوية الاقليمية تزامناً مع اندلاع الأزمة في سوريا. اهذا فمن الطبيعي اليوم ان يتقاطع الحل في سوريا -وفقاً لوجهة النظر الأمريكية- مع مجمل قضايا المنطقة و أهمها القضية الفلسطينية و تسويتها من خلال حل سياسي لا تاريخي. من هنا من الطبيعي ان تحمل زيارة كيري الى المنطقة رسالتين, الأولى: اظهار رغبة الولايات المتحدة في الحفاظ على معسكر حلفاءها. الثانية: ايصال رسائل واضحة ان الولايات المتحدة لن تقبل من حلفاءها العمل على افشال رؤيتها في شكل التسوية. على صعيد آخر, و في مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية الياباني أصر وزير الخارجية الروسي على وضع الولايات المتحدة في صف روسيا عندما استخدم عبارات واضحة تشير بصراحة الى دور تعطيل الحل في سوريا و اعتبره انه يعمل ضد رؤية الولايات المتحدة و روسيا. باختصار هذا الحراك السياسي الامريكي الروسي يضع الدول المعطلة للحل السياسي في سوريا امام استحقاقات حقيقية, أخطرها انها تضع أدوات التعطيل هذه في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي. الانفتاح الامريكي الاخير تجاه العراق و حصول المالكي على ضمانات امريكية خصوصاً المساعدة في مجال مكافحة الارهاب تعني ضمناً ان الدائرة بدأت تضيق مجدداً على المحور السعودي. فالامريكيون يعلمون حجم التوغل السعودي في العراق مما يعني ضمناً ان الولايات المتحدة لن تطلب من السعودية فقط عدم الاستمرار في تأزيم الوضع في سوريا بل ستطلب منها أيضاً كف يدها عن العراق, و بهذا تتعدد وسائل الضغط الأمريكية على السعودية. هذه التحولات الأمريكية بلا شك ستضع المحور الخليجي امام تحدي سياسي حقيقي يستدعي تبني حالة عالية من المرونة السياسية و الانفتاح. ضمن هذا السياق, من الطبيعي ان تسعى الدوحة التي تورطت في الأزمة السورية لتبني سياسة انسحاب سريعة. الدوحة أظهرت حالة عالية من اللياقة السياسية تجاه التعامل مع التطورات الأخيرة و الرسائل الايجابية المتعددة يمكن رصدها من صفقة الافراج عن مخطوفي أعزاز الى الرغبة في تحرير المطرانين المخطوفين. الامارات هي الأخرى تسعى الى استثمار حالة الحياد التي اتسمت بها سياساتها مؤخراً تجاه سوريا, هذا ما يفسر تحول الامارات لوجهة سياسية نشطة هذه الايام و من المتوقع أن تكون أبوظبي على موعد مع حراك سياسي مكثف في الايام القادمة. دول خليجية أخرى مثل عُمان و الكويت حافظت هي الأخرى على حالة الحياد مما يعني أنها غير مضطرة لدفع ثمن التحولات القادمة و انعكاساتها. هذا الوضع الخليجي يضع السعودية منطقياً في موقف محرج, فالدول الخليجية لا تستطيع مواكبة الأخ الأكبر السعودي في سياسته المتشددة و معاداته المجتمع الدولي و تأجيج الصراع في سوريا مما يرشح اتخاذ مواقف خليجية بعيدة عن هذه السياسة السعودية مستقبلاً, لهذا فالامتحانات امام اللاعب السعودي باتت متعددة من الداخل السعودي الى البيت الخليجي و صولاً الى تحديات التواجد الاقليمي. في المقابل يبدو أن الدولة السورية لم تعد مضطرة للجلوس “مرغمة” على طاولة جنيف كما راهن الكثيريون سابقاً. المعطيات على الارض تشير الى انجازات استراتيجية يحققها الجيش السوري, مما يعني ان “جنيف2″ قد يتحول ضمناً من عملية سياسية انتقالية الى عملية اختيار لشخوص و تعبيرات اركان الحل, خصوصاً ان الاسابيع القادمة قد تشهد تزايد في عدد الانشقاقات و الانسحابات. فالتحول في السياسات لن تقف عند الدول فقط بل ستصل بلا شك الى التنظيمات و تمثيلاتها بصورتيها السياسية و المسلحة.
| |
|