تشير المعطيات الميدانية وتطور الأحداث في حلب وريفها الشمالي إلى أن «لواء التوحيد»، التنظيم المسلح الأكبر وواجهة جماعة الإخوان المسلمين السورية، غدا الهدف المقبل لتنظيم «الدولة الإسلامية في الشام والعراق» (داعش) الذي نجح في القضاء على «لواء عاصفة الشمال» في إعزاز أحد أهم تشكيلات المعارضة المسلحة والمحسوب على الحكومة التركية.
وتحولت الهدنة غير المعلنة بين «داعش» التابعة لتنظيم القاعدة و«التوحيد» الإخواني إلى صدام وحرب معلنة خلفت ضحايا من الطرفين في إعزاز وجبل برصايا بالقرب منها وفي العديد من بلدات الريف الشمالي إضافة إلى طرد الأولى لكتائب وألوية مسلحة متحالفة مع الأخير في بضعة أحياء في مدينة حلب تتبع لما يسمى «الجيش الحر». التطور اللافت في الأيام في الأيام الثلاثة الأخيرة بين الفصيلين المسلحين تمثل بمحاولة «التوحيد» اغتيال أبو أثير الأنصاري الذي عينته «دولة العراق والشام» والياً على حلب بالاعتداء على موكبه أثناء قدومه إلى إعزاز، وفق ما أعلن «أمير إعزاز» في الدولة أبو عبد الرحمن الكويتي، ما أثار النقمة في صفوف مقاتليه وأدى إلى شن هجمات متبادلة بين الطرفين واستنفار «التوحيد» في بلدات وقرى الريف الشمالي ووضع حواجز له على الطرقات الرئيسية ضيقت على تحركات عناصر «داعش» وأدت إلى وقوع صدامات بينهما. وأفادت مصادر مقربة من «لواء التوحيد» لـ«الوطن» أن «الدولة الإسلامية في العراق والشام» عمدت إلى ضرب مقرات للواء في إعزاز وجبل برصايا وأوقعت ضحايا في صفوفنا على الرغم من اتفاق بيننا يحدد مواقع تمركز كتائبنا ولكن يبدو أن الهدف هو التحرش بنا لجرنا إلى النزاع كهدف تال للواء عاصفة الشمال الذي فقد مقراته ومعسكرات تدريبه وهرب عدد كبير من مقاتليه إلى تركيا ولاسيما بعد سيطرة «داعش» على إعزاز وبشكل كامل على بوابة السلامة الحدودية مع تركيا فيها». ورجح خبراء عسكريون لـ«الوطن» أن المستهدف من استيلاء «داعش» على بوابة السلامة الحدودية في إعزاز ليس «عاصفة الشمال» فقط وإنما بالدرجة الأولى «التوحيد» بصفته المشرف الرئيسي على إدارة شؤون البوابة «وصفقات تهريب المسروقات والسلاح والمقاتلين العرب والأجانب، وخصوصاً التكفيريين منهم، التي تتم عبرها بالاتفاق مع الحكومة التركية التي تقدم الدعم اللوجستي المطلوب وتحرك لواء التوحيد كذراع عسكري لها كيفما تشأ وتدعمه بكل وسائل الدعم على أمل حجز موطأ قدم لقيادات الإخوان المسلمين المقيمين عندها في اسطنبول مستقبلاً»، وفق قول أحدهم. «التوحيد» جر إلى الحرب مع «داعش» مرغماً وسعى خلال فترة تصاعد نفوذها إلى الوقوف على الحياد في نزاعها مع لواء عاصفة الشمال وعمل وسيطاً بينهما تجنباً للوقوع في الفخ المنصوب له لجره كي يكون طرفاً في المعركة المقبلة بعدما أعلن أكثر من مرة بأنه ليس مع طرف ضد طرف آخر، وهو ما اعتبرته الفصائل المسلحة المتحالفة معه تخاذلاً وضعفاً أمام «دولة العراق والشام» والتي يبدو أنها عزمت أمرها على معاملة عناصره كـ«مجرمين» يجب القضاء عليهم أسوة بمقاتلي «عاصفة الشمال». ميدانياً، قضت وحدات من الجيش العربي السوري على مسلحين حاولوا الاعتداء على سجن حلب المركزي، كما دمرت مقرات للإرهابيين ومنصات إطلاق صواريخ ومدافع هاون في عدد من القرى والبلدات بريف حلب. وذكر مصدر عسكري لوكالة «سانا» للأنباء أن وحدات من الجيش اشتبكت مع مجموعات إرهابية مسلحة حاولت الاعتداء على سجن حلب المركزي وأوقعت جميع أفرادها قتلى ومصابين ودمرت آلياتهم وعتادهم. وأضاف المصدر أنه تم القضاء على تجمعات للإرهابيين في السفيرة والسكن الشبابي بالمعصرانية وشمال النيرب وتدمير منصات إطلاق صواريخ ومدافع هاون وأوكار الإرهابيين في تل ضنة وجديدة ورسم العبود وكويرس. وأشار إلى سقوط مجموعات إرهابية مسلحة بكامل أفرادها قتلى في عمليات نوعية لوحدات من الجيش ضد أوكارهم شرق مطار النيرب وعلى محور تل حاصل تل عرن جنوب حلب. (س.د) الوطن |