اعتبرت اذاعة "صوت روسيا" في تقرير، أنه و"منذ خريف العام الماضي، ومباشرة بعد التنكيل بمعمر القذافي، برزت سوريا مركزا جديدا تدور
حوله السياسة العالمية. وقبل حوالي الاسبوعين حين انتشر خبر مفاده ان الجيش السعودي ينوي شراء 800 دبابة المانية الصنع وبدات قطاعاته بتحركات بدأ الخبراء بالتحدث بانها انما تحضيرات لغزو سوريا. وكأن المنطقة ككل والمملكة العربية السعودية خالية من مشاكل اخرى".
وأشار الى ان "اليوم نسي الكثيرين ان بداية "الربيع العربي" لم يكن تونس ومصر فقط. ففي الوقت عينه خرجت الجماهير الى الشوارع في دول شبه الجزيرة العربية: في البحرين واليمن والمملكة العربية السعودية. حتى قال بعض العارفين في الاسرار ان الولايات المتحدة بدات بترويج الديمقراطية في ارجاء الشرق الاوسط وبالدرجة الاولى في سبيل اجراء ترتيبات داخل العائلة المالكة في السعودية. والسبب في ذلك هي الخلافات العشائرية التي بدات بعد وفاة الملك فهد عام 2005 ليخلفه على العرش عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والبالغ من العمر 80 سنة".
واعتبر انه "خلال السنوات السبع الماضية لم تتحسن صحة وقابلية الملك الجديد على العمل ولكن هذا لم يمنع السلطات السعودية من سحق بوادر "الربيع العربي" ليس فقط داخل البلد ولكن ايضا في دولة البحرين المجاورة. وبعد تنفس الصعداء لانتهاء عمليات التطهير عاد "الشيعة" في المحافظات الشرقية الى مطالبهم ولم يهدأوا فالمشاكل والمطالب لم تحل. كما ان عدم الرضا والانتفاضات ليست وليدة اللحظة ولم تبدأ قبل عام بل انها اقدم من ذلك.
وأوضحت انه في عام 2009 دعى الزعيم المعروف نمر النمر (والذي كان دائم الانتقاد للعائلة المالكة في السعودية لعلاقاتها مع واشنطن) الى تشكيل دولة "شيعية" تشمل المحافظات الشرقية من المملكة العربية السعودية ودولة البحرين (التي يمثل فيها الشيعة 75% من السكان). انه امر مستحيل التحقيق فالمناطق المذكورة هي مكامن الحقول النفطية الضخمة في المنطقة.
واعتبرت انه من الواضح ان النظام السعودي لو اراد القضاء على نمر النمر واغلاق فمه لما تاخر بذلك. ولكن هذا لم يحدث. انهم فقط يلقون القبض عليه ومن ثم يطلقون سراحه وهكذا لمرات عدة. لربما لتخوفهم من الهيجان الجماهيري او لان له من يسنده. من المحتمل انهم نفس الاشخاص الذين مارسوا الضغط لاجل شطب اسم زعيم "حركة الاصلاح الاسلامي في السعودية" سعد الفكيح من القائمة السوداء التي تضم اسماء مساعدي "القاعدة". والان هذا الارهابي السابق هو شخصية محترمة ويدعونه بالمنشق وكل هذا يحدث في ضوء الاحتجاجات التي يقوم بها مؤيدي بن لادن في مكة وسكاكا.
وقالت: على ساحة شبه الجزيرة العربية الكثير من اللاعبين والعامل "الشيعي" ليس بالقوة التي تمكنه من تهديم المملكة غير انه يمكنه لعب دور مصيري في حالة اشتداد المشاكل المتعلقة بانتقال السلطة داخل السلالة السعودية الطاعنة في السن. حتى الان تعتبر "عشيرة السديري" والتي تجمع اخوة المغفور له الملك فهد وعشيرة الملك الحالي عبد الله هما الاقوى. فالاولى معروفة بالتعاون مع الامريكان والثانية تعتبر من المحافظين. ولكن في داخل هتين العشيرتين العديد من التجمعات المتنازعة.
واضافت: هذه الحالة ينقذها ما يمكن تسميته "بالمكتب السياسي" والذي يعمل على ايجاد الحلول الوسط واتخاذ القرارات. هنا يتم الاتفاق على الامراء الورثة ولذلك نلاحظ ان اجتماعات هذا "المكتب السياسي" متعددة وكثيرة. فقبل شهر تقريبا توفي ولي العهد الامير نايف بن عبد العزيز آل سعود. وكان عمره 78 سنة. وبعد يوم اعلن الاخ الغير الشقيق للملك الامير سلمان بن عبد العزيز آل سعود وريثا. هذا القرار هيج قسم من العائلة المالكة. ولكن عمليا لم يبق الكثير ممن يمكن الانتخاب فالجالسين "على مصطبة الانتظار" من الجيل القديم يقل عددهم باستمرار، اما السماح بادارة الدولة من قبل "جيل الشباب" والذي في الخمسينيات من العمر من الابناء وابناء العموم فالحديث عن هذا لا يدور. والسبب اولا ان عددهم كبير يقرب من 300 شخص ويوجد خطر التخاصم بينهم. اضافة الى ان معظمهم درسوا في الغرب وغير مفهوم كيفية الاستفادة من معارفهم في مملكة محافظة. فجيل الشباب يريد تحديث الاقتصاد تحت شعار عدم الاعتماد على الواردات النفطية. هذه الآفاق تربك الكثيرين خاصة ان الخبراء وبنظرتهم لعدم وجود قاعدة فنية ومهنية يدعون هذا بالتهريج من "المملوكين الجدد" اما المحافظين فيرون فيهم الحفارين تحت دعامات المجتمع الاسلامي.
وكتاكيد لهذه الهواجس اتت سلسلة من الفضائح بمشاركة الاميرات السعوديات. احداهن وهي مها السوديني حاولت الهروب من فندق في باريس وعدم دفع مبلغ 6 ملايين يورو. والاخرى سارة بنت طلال بن عبد العزيز والتي طلبت اللجوء السياسي في بريطانيا بعد ان شهرت بقاذورات عائلتها. كما تدور بين هذه السيدة واخيها الاكبر دعاوي بسبب ارث والدتهما كما انها اختلفت مع ابيها في خلاف عشائري حين انضمت الى الضد. في مجتمع قانونه لا يعترف بحقوق المراة فكان هذا كثيرا.
شهادة اخرى على الخصومات في النخبة السعودية هو خبر وفاة الملك عبد الله الذي شاع بداية الشهر. هذه المرة تعدى الامر على خير لكن في المملكة العربية السعودية لم ينسوا فعلة الملك فيصل والتي حدثت بعد نزاع عام 1973 بين الفلسطينيين والاسرائيليين حين اوقف بيع النفط السعودي مما احدث ازمة الطاقة في الدول الغربية وبعد سنتين قتله ابن اخيه.
منذ ذلك الحين اصبح الحكام السعوديين اكثر حكمة. فمع الجارة دولة قطر انشآ ثنائي عسكري نشط للتعاون مع واشنطن حيث ساهموا في الاطاحة بنظام القذافي والآن يديرون حربا تخريبية في سوريا ويتدخلون في امور دول آسيا الوسطى. في اعوام التسعينات وبداية الالفية الثانية قاموا بتمويل المقاتلين في الشيشان والآن يضيقون الخناق على الاقتصاد الروسي. ان محاولة المملكة العربية السعودية للحصول على اسعار "معقولة" للنفط ادت الى انخفاض سعره بنحو 20%. اما دولة قطر فهي تقوم بتنمية المشاريع الخاصة بالغاز والهادفة الى اخراج شركة "غاز بروم" الروسية من السوق الاوربية.
لكن وكما هو معلوم فان التعامل مع الشرق هو فن رفيع. فحين كان القطريين والسعوديين مجتمعين في باريس مع الآخرين من مايسمى "اصدقاء سوريا" كانت الجبهة الوطنية لتحرير فلسطين و"حزب الله" وايران قد اتفقوا على مساعدة "الاخوة السوريين" في حالة اي اعتداء خارجي ضد نظام الاسد. وفي نفس الوقت وفي شرق المملكة العربية السعودية بدات من جديد الاحتجاجات.... ففي 9 من تموز/يوليو بداوا بالمطالبة بحقوقهم وفي اليوم التالي طلبوا اطلاق سراح زعيمهم نمر النمر الذي القي القبض عليه مؤخرا. وفي 11 من تموز/يوليو وبعد مراسم دفن المناضل محمد الفلفل والذي قتل خلال التظاهرات للدفاع عن نمر النمر قاموا برمي الشرطة والمباني الحكومية بالحجارة. وبعد يوم بدات هجومات تلقائية ضد مقرات الشرطة.
وبالاجمال فان الصورة تظهر بداية "ثورة عربية" جديدة. فالبواعث والاسباب كافية: الاضطهاد على اسس دينية والذي تعاني منه مجاميع كبيرة (الشيعة الذين يمثلون حوالي 10% من السكان رسميا مقيدي الحقوق) والاعدامات واستبداد الشرطة واستخدام السلاح ضد المتظاهرين الامناء، التمييز والعنصرية ضد المراة ... الخ.
مع الاسف لم يتقدم احد بعد لتمويل "الربيع العربي" الجديد وفتح الاعتمادات المالية وتنظيم توريد السلاح ومجاميع الثوار. بالمناسبة وكما تؤكد بعض الجموع الحانقة من المراقبين فالقادم اكبر ولن يفلت احد من العقاب جزاء ما فعله في ليبيا.
المحاربين الرئيسيين برلسكوني وساركوزي اخرجوا من السلطة ويجرجرون بالمحاكم. العائلة المالكة السعودية ترتعش و سيساعد اما الاصدقاء الامريكان او الخصوم والذين هم ليسوا بالقلة على انهاء العملية بشكل عقلاني. بعده سياتي دور دولة قطر، القزم الحقود، والتي لها حساب خاص منذ ان كانت مقرا للقيادة العامة لقوات التحالف ضد العراق عام 2003 الى ملاعيب قناة "الجزيرة" وحتى توريد المقاتلين الى ليبيا وسوريا.