بقدر ما هو جازم وحازم صانع القرار الايراني الاول بان ما يسميه بجبهة المقاومة والجهاد ستنتصر على جبهة الاستكبار واذنابه الصغار في المنطقة على الساحة السورية، بقدر ما هو قلق من امكانية ان يدفع الغرب الاستعماري الجريح في هذه المعركة الى "حرب عالمية" مفتوحة انطلاقا مما هو آت او متبلور من معادلة ما بعد حلب!
فالمعلومات والوثائق والاوراق المتجمعة لدى الايرانيين والتي نقلها وناقشها رجل الامن القومي الاول في طهران سعيد جليلي مع السوريين بشكل تفصيلي تفيد بان
ثمة قرارا امريكيا اطلسيا يتجه لتحويل شمال سورية الى سد "قاعدي" بوجه النفوذين الروسي والصيني يشبه ايام القتال ضد النفوذ السوفياتي في افغانستان، ومعهما اذا ما تمكن فتح جبهة اخرى ضد النفوذ الايراني المتنامي على قاعدة تحولات ما تسميه طهران بالصحوة الاسلامية وما يسميه الغرب بـ'الربيع العربي' بعد ان فشلت كل محاولات التدخل الاجنبي المباشر ضد سورية!
وفي هذا السياق فان طهران التي تحاول المستحيل ديبلوماسيا والكثير مما تستطيع على مستويات اخرى مساعدة صانع القرار السوري ليخرج منتصرا من معركة حلب باقل الخسائر على مستوى الامن القومي، فانها حذرت وناقشت تفصيلا مع القادة السوريين من احتمالات اندفاعة غربية باتجاه اندلاع حرب اقليمية مفتوحة على مسرح التجاذبات الدولية يحضر لها الغرب على ان تكون بايد تركية تكون بمثابة 'فخ' ينصب لحكومة اردوغان الطامحة في التزعم على خلفية وذهنية هلع غربي مفبرك تحت عنوان ما يسمى بـ"الهلال الشيعي".
لم تعد الثقة المعهودة بين انقرة وطهران قائمة، وكل الدلائل تشير الى ان اردوغان بات يراوغ مع الايرانيين واقرب ما يكون الى لاعب اطلسي بوجه ما يسميه الغرب 'التمدد الايراني' في 'الجيوبوليتيك السني' الذي يفترض ان يرثه العثماني الجديد، الى كونه وسيطا بين جاره الايراني وحليفه الغربي كما كان يردد ايام الوساطة النووية!
صحيح ان طهران عقدت مؤتمرا تشاوريا حول سورية دعت اليه نحو ثلاثين دولة مختلطة الوانها بين صديق للنظام وواقف على الحياد ومساند للمعارضة، وهي جادة في احتضان مؤتمر حواري سوري سوري تقول ان اطيافا مهمة من المعارضة قد وافقت عليه مبدئيا وان الدولة السورية ابلغت بذلك واخذت موافقتها المبدئية عليه اثناء جولة جليلي الاقليمية، وان الدعوة قد وجهت للوزير علي حيدر وهو الوزير المعني سوريا بهذا الملف للتوجه الى طهران خلال ايام لمناقشة تفصيلات ذلك مع القادة الايرانيين، الا ان خشيتها كما استعدادها للوقوف بحزم ودون تردد تجاه اي مخطط للاطاحة بالرئيس الاسد او التلاعب بالامن القومي السوري كما ابلغ جليلي ذلك للاسد، ببساطة لان سقوط الدولة السورية في مستنقع 'الفوضى الخلاقة' الامريكية المتشحة بسواد 'قاعدة' الحرب على النفوذين الروسي والصيني يعني فيما يعني ويتطلب فيما يتطلب حسب قواعد اشتباك الاطلسي اسقاط محور المقاومة في حروب الفتنة الطائفية والمذهبية، وهو ما تعتبره طهران تهديدا مباشرا لامنها القومي وليس فقط خسارة حليف استراتيجي مقاوم!
من هنا كان لابد من تحرك ديبلوماسية الامن القومي الايراني الاعلى باتجاه الاضلاع الطبيعية الاخرى التي باتت تشكل الى جانب طهران الرباعية الميدانية والعملانية القادرة على تغيير قواعد الاشتباك عند الضرورة، اي في حال انتقال مستوى المعارك الدائرة في حلب من مستوى 'حروب الشوارع' والاحزمة والمفخخات الى حروب النزاع على الاقاليم والساحات المفتوحة على جغرافية البحار والجيوبوليتيكا البشرية اي محاولة تغيير ديموغرافية المنطقة كما يحلم العدو الصهيوني كخطوة ردعية تمنع انتقال الحرب الى داخله!
وفي هذا السياق يعتقد الايراني جازما بان الاتراك هنا سيستخدمون مطية لتحقيق اهداف اسرائيلية امريكية، وهم يسعون جاهدين لاقناع الاتراك بالخروج مبكرا من هذه الشرنقة التي باتت تلتف حول عنقهم كلما ازدادوا تورطا بالملف السوري، ولكن هيهات كما يقول المثل!
فالرادار التركي الاطلسي بدأ بالعمل كما تقول المصادر التركية المعارضة والاغراءات الغربية كثيرة لاردوغان بانه سيصبح قائدا للعالم الاسلامي، ولذلك تراه يغرق مع كل يوم يمر بمخطط ما يسمى بالمناطق العازلة في سورية كما كشفت الصحافة التركية مؤخرا وتصاعدت لهجته ضد الاسد حتى اخرجه من الملة والدين وبدأ بتصعيد لهجته تجاه الايرانيين مطالبا اياهم بمراجعة مواقفهم تجاه سورية وكل ذلك وهو مطمأن الى كون العرب ومصر خاصة لا يحسب لهم حساب في موازين القوى في ظل فوضى 'الربيع العربي' كما يصور له الامريكيون والاطلسيون! لكن اردوغان نسي على ما يبدو ما قيل له في طهران كما في اسطنبول وهو ما ابلغ به القادة السوريين على لسان 'معدل صناعة القرار الايراني' اي سعيد جليلي الا وهو بان اي عدوان خارجي على اي طرف من اطراف محور المقاومة سيعتبر عدوانا على كل اطراف المحور مجتمعين وان المستوى الذي سيتم فيه العدوان سيرد عليه بنفس المستوى!
صحيح ان الرئيس بشار الاسد ابلغ كلا من القيادتين الايرانية والقوى اللبنانية وكذلك العراقية بانه قادر لوحده وبامكانات جيشه ان يطهر بلاده من 'القاعدات' الامريكية الاطلسية الاسرائيلية تحت اي عنوان حضرت او قاتلت في سوريا، لكن الامر اذا ما انتقل الى مستوى آخر من العدوان فان قواعد الاشتباك ستتغير بالتأكيد!
وفي هذا السياق ثمة امر عمليات واضح وشفاف وحازم وقاطع ولا يحتاج الى تفسير او تأويل ولا تتنصل منه القيادات المعنية! اما ما يسمع من سخافات هنا وهناك حول اكتشاف مقاتل من حزب الله هنا او مقاتل من الحرس الثوري هناك، فهذه ترهات يراد لها تبرير عمليات الخطف والقتل والترويع التي يمارسها ائتلاف الموساد والمخابرات الامريكية وبعض اذنابهما الصغار في المنطقة مع زوار وسائحين مدنيين انتقاما لسقوط مخططاتهم الواحد بعد الآخر!
والا بالله عليكم هل سمعتم بمقاتلين اذلوا اسرائيل وامريكا يختبئون بين زوار عتبات مقدسة وبثياب مدنية؟! وقياداتهم العليا تصرح ولا تستحي من ذلك ولا تخبئه وهي تؤكد يوميا بانها عند شعورها بالخطر على الامن القومي الاقليمي للمقاومة ستأتي للعدو من البر والبحر والجو وستخوض معه معركة مفتوحة ومكشوفة لن يبقى من جيشه احد يخبر الدنيا بنتائج مثل هذه المعركة!
هذا ما اخبره جليلي للرئيس بشار الاسد بلغة الامن القومي المقاوم!
سورية الان - العالم