داعش في خدمة الجيش السوري - لماذا الان ؟

لا يمكن للجيش السوري اولا و لا للنظام السياسي بقيادة الرئيس الاسد ثانيا اخفاء او غض النظر عن مدى ايجابية التاثير الذي فرضه الانقسام بين صفوف مسلحي المعارضة السورية و المسلحين الاجانب و العرب من النصرة و داعش و غيرهم على سير العمليات العسكرية في الميدان السوري ليس فقط في مكان الاشتباك و الانقسام بين الجيش الحر و داعش و باقي المجموعات المسلحة في الشمال انما امتد تاثيره على كافة مناطق الاشتباك و المحافظات فهذا الانقسام ليس انقسام في الراي بين المسلحين انما انقسام تحول الى اسلحة متقابلة ..

عسكريا : لا شك ان الاقتتال بين المجموعات المسلحة الاسلامية منها او التكفيرية و بين ما يقال عن مجموعات تابعة للجيش الحر التي تعارض مبدئ قيام دولة اسلامية في سوريا سيؤثر مباشرة على مستقبل هذه المجموعات جميعا دون استثناء , الكلام هنا عن تاثير معنوي بين انشقاقات و اختلافات و احباطات و عن التاثير المادي المباشر في توزيع التمويل و التسليح و ثقة الجهة الممولة على قدرة هذه المجموعة على تحقيق نتائج في المهمات المرجوة مما سيؤثر على تراجع في التمويل لجهة لحساب اخرى ما سيشعل الصراع عند كل استحقاق .
عندما تشتعل النيران المتقابلة بين العصابات التي توحدت حول هدف بداية و هو اسقاط النظام و باتت اليوم تصوب على القضاء على بعضها البعض تبداء الاسئلة و الاجوبة في صفوف اي عسكري على الارض " من احارب ؟و من اجل ماذا ؟ماذا يريدون و ماذا اريد ؟و ماذا انجزنا ؟ سيجيب بعد ان وقع في صفوف زملائه قتلى على يد مسلحين و ليس الجيش السوري هذه المرة : انه يحارب اجنبي شيشاني ليبي تونسي مصري اردني افغاني الخلاصة يحارب اجانب على ارضه هذا اذا كان سوري الجنسية من غير التكفيريين .
و المقاتل الاجنبي التكفيري سيجيب بدوره " احارب من يرفضون قيام الدولة الاسلامية في سوريا " اذا الحرب دامية بين الطرفين لتباين الهدف
هذه المقاربة تودي الى نتيجة غير مستبعدة و قد بدا التداول فيها و هي عدم استبعاد ان يجتمع الجيش الحر و الجيش السوري مجددا و كان للمعارض هيثم المناع كلام مشابه بغض النظر عن مدى قبول الشعب السوري او القيادة السورية ذلك - حفاظا على دماء الذين سقطوا -انما الخلاصة ان من هم بالجيش الحر سيجدون جندي الجيش السوري ابن نفس البلد اقرب بكثير من التكفيري الاجنبي و سياتي يوم يعرف انه لا مشتركات بينه و بين التكفيري و هذا سينعكس ايجابا على ارض الميدان لصالح الجيش السوري .هذا ما عبر عنه ايضا الصحافي البريطاني في الاندبندنت بعدما نشر عن ما قيل عن لقاء عقد قبل شهر ونصف في العاصمة السورية بين ممثلين عن الجيش السوري الحر ومسؤول رفيع في النظام و خلال اللقاء عرض وفد الجيش السوري الحر مبادرة استثنائية حول إمكانية حصول محادثات بين الحكومة السورية وضباط من الجيش الحر من "المؤمنين بحل' سوري" للحرب في الوقت الذي ارتفعت فيه أسهم التسوية السياسية في سورية وتم تحديد موعد مؤتمر جنيف 2 ..
الا ان المصادر العسكرية السورية الرسمية تعلق على موضوع لقاء ممثلين عن النظام و الجيش الحر بنفي هذه المعلومات جملة وتفصيلا وتقول ان الذي يحدث هو ان مجموعات منضوية في اطار ما يسمى بالجيش الحر اقاموا اتصلات موضعية مع قيادات سياسية وعكسرية من الدولة و طلبوا تسهيل انضمامهم للجيش او لمجموعات الدفاع الوطني او انسحابهم من القتال كليا وقد جرى معاملة كل حالة على حدة وفقا لمقتضياتها دون ان يكون هناك اي شيئ يصح وصفه باتصالات بين الجيش ومجموعات مسلحة منظمة
امكانات محدودة
عسكريا ايضا فان هذا الاقتتال سيضعف بالتاكيد قدرة المسلحين من الجيش الحر و غيرهم على القتال و تحقيق اي تقدم مما سيصب في خدمة الجيش السوري و يسهل وصوله اليهم بعد ان باتت امكاناتهم محدودة فقد اصبح هناك معاناة في التواصل بين عناصر الجيش الحر و فقدان الاتصال ببعضهم البعض اضافة الى قلة التنظيم بين صفوفهم و بداية فقدان عدد من كتائبه .

سياسيا : هذا الاقتتال بين المعارضة المسلحة و فصائل القاعدة على اختلافها و ما يتداول الان عن ما يسمى " داعش " و هي - اختصار لتنظيم دولة العراق الاسلامية في بلاد الشام - سينعكس ايجابا على مسار التفاوض و مؤتمر جنيف لحل الازمة السورية و سيسهل تمثيل الافرقاء فيه و ربما على نتائجه .
قيادات الجيش الحر مثل رياض الاسعد و غيره بداو باتهام الغرب و الخارج للسعي الى تصفية الثورة حسبما يسمونها و بالتالي هذا يؤشر الى سوء العلاقة بين المعارضين و المشغلين الدوليين و الممولين و بالتالي الداعمين الدوليين الذين ايقنوا ان ما انفق على المعارضة السورية من اكلاف باهظة لم يستطع قلب المعادلة ولا حتى تفكيك الجيش السوري و اليوم بات الغرب امام معادلة اقتتال المعارضة فيما بينها و ربما يكون ذلك تصفية حسابات ..

لماذا الان ؟
السؤال البديهي اليوم هو عن "التوقيت" اي لماذا اندلعت المواجهات بين الحر و داعش في هذا التوقيت تحديدا ؟ - حتى مصطلح "داعش" ظهر مؤخرا - فلماذا الان ؟
صحيح انها حرب ميدان الا ان ممولي و مشغلي المسلحين يعملون وفق توقيت برنامج ساعة السياسة و مواقيتها و استحقاقاتها و ربما متغيراتها فقد تتغير و تتبدل الظروف و الاهداف على الارض بتغييرات سياسية اقليمية و دولية تمام كما يحصل اليوم .
ان هذا الاقتتال و الانقسام بين المقاتلين جاء مباشرة بعد الاتفاق على تفكيك الترسانة الكيميائية السورية اي بعد اتفاق روسي اميريكي فهل هو صفقة دولية ؟ - لم لا والمعروف انه منذ بدء الازمة السورية اللاعبون الدولييون هم ممولي الميدان في سوريا ؟- الجميع ينتظر و يتامل ان يكون هذا الاتفاق بوابة عبور امنة الى اتفاق اخر اكبر و اشمل للازمة السورية ككل و هو مؤتمر جنيف 2 المقرر انعقاده لحل الازمة سياسيا ..
لذلك و بعد الاتفاق الاميريكي الروسي حول الكيميائي و التعاون السوري الكامل مع منظمة الامم المتحدة تتصاعد احتمالات و حظوظ عقد اجتماع جنيف 2 النهائي . لا يهم ابدا متى سيكون تاريخه المحدد انما الاهم انه بات هناك دليل ملموس على ان الاميريكي و الروسي قادران على التوصل الى هكذا طاولة بعد ان استطاعا حل القضية الكيميائية السورية التي كانت حتى زمن قريب معضلة صعبة ...اذًا حظوظ جنيف 2 اكبر يعني التسويات اقرب و المفاوضون و الارض على تواصل فالمعارك على الارض هي نصف الطاولة .
تصفية الحساب
يقول البعض "لا مانع من ان يدعم الجيش السوري احد طرفي القتال في المعارضة و يوصل لهم السلاح للقضاء على بعضهم البعض و ربما هذا الكلام صحيح و هذا ما تتهم به جماعة "داعش "الجيش الحر رغم ان هناك امكانية كبيرة ان يكون هذا الاخير يتلقى الدعم هذا بطريقة غير مباشرة , و بما ان المفاوضات باتت اقرب و اكثر جدية فانه و كما في كل حرب و كل خطة يتم تنفيذها اللاعبون ياكلون بعضهم بعضا و يخبئون و يتخلصون من احدهم الاخر كون بعضهم عبئا على المرحلة المقبلة و لان بعض الادوار انتهت ! فيتصفى الحساب .

لذلك لا عجب اذا تم القضاء على عدد كبير من المقاتلين و القادة في صفوفهم بايعاز دولي لهذه الجماعات قبل بدء المفاوضات و من جهة اخرى و بالنسبة لداعش تحديدا فانه من الواضح ان هذه الجماعة المعروفة التمويل و التبعية بصفتها جزءا او فرعا من تنظيم القاعدة فانها تسعى باسرع وقت ممكن للعمل على طرد الجيش الحر من الشمال السوري لكي تتمكن من بناء الدولة الاسلامية المقصودة هناك فتكون الورقة الاقوى و الاصعب على الطاولة و ورقة ضغط ستصعب عملية التفاوض كثيرا و هي كفيلة بافشالها حتى حيث تسعى احدى دول الخليج الاقليمية الرئيسية و الغرب و تركيا ان تكون هذه الدولة المزعومة ورقتها على الطاولة حيث بات واضحا ان هناك من يسعى الى حصر القتال بيد داعش و القاعدة و تصريف و استنزاف ما تبقى من "الجيش الحر " الا ان المؤشرات لا تدل على ان الجيش السوري سيترك الامور تسير بهذا الاتجاه او المنحى لذلك فان معركة حلب باتت اقرب من اي وقت مضى و قد بدات بوادرها تلوح من الريف بعدما سيطر الجيش السوري على بلدة خناصر الاستراتيجية و القرى المحيطة اضافة الى السيطرة على احد اهم ممرات الامداد العسكري للجيش السوري نحو حلب و هي جبل البوز و منطقة الحميرة الاستراتيجية
المشهد سيكتمل قريبا ...

» لماذا استيراد مقاتلين من الخارج؟ اين نصف الجيش السوري المنشق ؟
» لماذا يتم استهداف حزب الله الان؟؟
» ما الذي انتظرة الجيش السوري حتى يبدأ الحسم؟ ولماذا الحسم الان؟
» استعجال تركي خليجي ..لماذا سوف يكرر الجيش السوري في حلب ما فعله في دمشق؟
» ما الذي انتظره الجيش السوري ليحسم ؟ ...لماذا الحسم الآن ؟ ...روزانا رمّال