الحرب على سوريا هي حرب افتراضية تم التصدي لها بسلاح افتراضـي لتحقيق نصر واقعي.
- الحرب الأولى والثانية حسمتا والحرب الثالثة والرابعة في طريقهما للحسم.
- ملف الصـراع مع العدو الإسرائيلي في قلب التسوية الشاملة المراد تحقيقها.
- الدفع بالقـاعدة إلى سوريا ورقـة أخيرة لجـأت إليها الولايـات المتـحدة.
استهل قنديل حديثه بالإشارة إلى لقاء لافروف وكيري الأخير بشأن الملف السوري
واصفاً هذا اللقاء بأنه بمثابة إعلان نهاية الحرب المزمع شنها على سورية في وقت سابق ، ومن ثم الدخول في تسوية شاملة بعدما وصلت المنطقة إلى مفترق طرق إما الحرب الشاملة أو التسوية الشاملة، منوهاً أن ذلك لا يعني وقفاً لإطلاق النار في الداخل السوري، مشيراً أنه بالرغم من الاتفاق الروسي الأمريكي قد نشهد تصعيداً في المعارك الدائرة في سوريا إذا لم يتوقف الدعم المالي والعسكري للجماعات المقاتلة في سوريا.
وأكد قنديل أن الحرب على سوريا هي الحرب الأخطر في المنطقة وهي ليست كالحرب على العراق وليبيا ، فنحن في سوريا أمام مفترق طرق خطير بين مفهوم الإسلام المعتدل المتمثل بالدولة السورية و بين الإسلام الوهابي، وبين مفهوم الانبطاح للعدو الإسرائيلي ومفهوم المقاومة المتمثل بسوريا والمقاومة اللبنانية التي انتصرت على العدو الإسرائيلي بحرب 2006وسوريا كانت شريكة بهذا النصر.
وصنف قنديل الأزمة التي تعيشها المنطقة ككل و سوريا خاصة أنها تدور بفلك أربعة حروب قائلاً" أن الحرب الأولى الثانية قد حسمتا ومازالت الحرب الثالثة والرابعة في طريقهما للحسم".
الحرب الأولى : هي الصراع على تشكيل نظام عالمي جديد تكون فيه الولايات المتحدة الأمريكية قطباً مهيمناً كما كانت في فترة سابقة .وأشار قنديل أن سوريا هي عقدة الحرب التي ستشكل هذا النظام العالمي الجديد. وأكد قنديل أن هذه الحرب الأولى قد حسمت لصالح الروس والدول الصاعدة بوجه الغطرسة الأمريكية ومنها الصين و روسيا و دول البركس و أدركت الولايات المتحدة أنها لم تعد قوة وحيدة في العالم تنفرد بالقرار بأي منطقة من مناطق العالم، ونوه قنديل أن العقدة السورية هي التي صقلت وبلورت نتيجة هذه الحرب وخرج الروس منها كقوة عالمية صاحبة قرار تقف بوجه الهيمنة الأمريكية.
الحرب الثانية : هي حرب موارد الطاقة والصراع على مناطق النفوذ المليئة بالطاقة النفطية ،ويرى قنديل أن هذه الحرب أيضاً حسمت لصالح الدول المناهضة للهيمنة الأمريكية حيث أكد الروس أن البحر المتوسط لن يكون بحيرة أمريكية وثروات المتوسط لا يمكن أن تستأثر بها الولايات المتحدة منفردة كما سيطرت على نفط الخليج من قبل كذلك مضيق هرمز هو خط استراتيجي لإيران و روسيا
وهذه مناطق نفوذ لروسيا وإيران ولا يمكن للولايات المتحدة أن تقترب منها لا سيما أنها سيطرت سابقاً على نفط الخليج، وأدركت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع أن تتابع مسيرها في هذه المناطق وتسيطر عليها كما سيطرت على غيرها، إذاً حرب الطاقة حسمت وسلمت لسوريا سيادة ثروات المتوسط و لإيران موارد هرمز.
الحرب الثالثة: هي حرب على أمن إسرائيل وهذه الحرب يرى قنديل أنها لم تحسم بعد ومصيرها مازال مجهولاً، والسؤال المطروح كيف سيكون أمن إسرائيل في ظل صمود محور المقاومة؟ مشيراً أن بعد 2006 بدأت أسهم إسرائيل تنخفض كقوة مهيمنة على المنطقة وأصبحت محمية أمريكية لذا نجد أن التسوية الشاملة قد يأخذ ملف الصراع مع العدو الإسرائيلي جزء كبيراً منها ،وخاصة أن روسيا لا يمكن لها أن تضمن أمن إسرائيل إذا لم تكن الأخيرة جزء من منظومة سلام شاملة تعيد الحقوق لأصحابها. وكل ما تستطيع روسيا تقديمه بهذا الشأن هو دفع إسرائيل لشروط السلام تحت سقف القانون الدولي.
الحرب الرابعة : وهي الحرب على الإرهاب ويرى قنديل أن هذه الحرب لم تحسم بعد ومازالت رحاها تدور على الأرض السورية، مؤكداً أن لدى الغرب قناعة أن الحرب على الإرهاب عنوانها هو الدولة السورية وبقاء هذه الدولة، هو الحل الوحيد لموجهة خطر الإرهاب الذي ينتشر في المنطقة ككل .مشيراً أن الولايات المتحدة استخدمت الحرب على الإرهاب كورقة لتكسب من خلالها حروبها الثلاثة الأخرى.
و وصف قنديل علاقة روسيا بدول المنطقة قائلاً " أن روسيا تتعامل مع إيران و سوريا على أساس الجغرافية السياسية كمناطق نفوذ تربطها بها مصالح إستراتيجية
كدول صاحبة قرار مستقل وغير تابعة لدول آخري" لذا نجد أن المصالح الروسية والإيرانية والسورية متقاطعة على الرغم من عدم وجود بعد إيديولوجي للعلاقة بينهما، منوهاً أن علاقات روسيا مع دول المنطقة تبنى بهذا الشكل.
وأشار قنديل إلى مرحلة دقيقة في الصراع في سوريا، وهي تشير إلى إفلاس الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها ضد سوريا وهذه المرحلة تتجسد بالدفع بالقاعدة إلى سوريا ، كورقة أخيرة يمكن أن تلجأ إليها الولايات المتحدة بعد فشلها
منوهاً أن الانتقال من حمد بن جاسم في قطر إلى بندر في السعودية جاء في هذا السياق ليبدأ بعده تدفق مقاتلي القاعدة إلى الداخل السوري وكانت البداية في معركة جبال اللاذقية وهي ما شكلت صدمة لمشروعهم عندما استطاع الجيش السوري خوض حرب الجبال واسترداد (12) قرية من القرى التي دخل إليها هؤلاء المقاتلين.
و رأى قنديل أن في المبادرة الروسية وموافقة سوريا للانضمام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية انتصاراً سورياً بامتياز قائلاً " هي حرب افتراضية تم التصدي لها بسلاح افتراضي لتحقيق نصر واقعي"
وفي تفصيل ذلك أشار قنديل أن السلاح الكيميائي لم يكن يوماً للاستخدام لا في سوريا ولا في غيرها وهو سلاح ردع لرد العدوان و الحكومة السورية استخدمت ذلك بالوقت المناسب لرد عدوان كان سيشن على سيادتها، منوهاً أن المبادرة الروسية جاءت بتنسيق مع الجانب السوري وتعهدت روسيا لسوريا بكثير من النقاط قبل إعلان سوريا على الموافقة وهي
أن روسيا ضامنة لأمن سوريا من النووي الإسرائيلي، و روسيا ستعمل على الوقوف إزاء امتلاك أسلحة الدمار الشامل في المنطقة من قبل أي دولة للوصول إلى شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل وفي ذلك إشارة للسلاح النووي الإسرائيلي ، إضافة أن روسيا ستزود سوريا بأسلحة نوعية غير محرمة دولياً تستفيد منها سوريا أكثر من سلاحها الكيماوي المستبعد استخدامه.
وأشار قنديل أنه بالرغم من المبادرة الروسية وموافقة سوريا عليها وقع المجتمع الدولي بمأزق، وأثبت عجزه عن آلية تنفيذها بما فيه الولايات المتحدة وفرنسا وهي من أكثر الدول التي أصرت على المبادرة ، فتكلفة التخلص من السلاح الكيميائي السوري لا أحد قادر على تحملها، والمدة الزمنية قد تأخذ سنوات ،إضافة إلى عدم قبول أي دولة حتى الآن آخذ هذا المخزون وتدميره. وأثبتت سوريا بالمقابل قدرتها على الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية وسلمت كل المعلومات المتعلقة بمخزونها الكيميائي .
وهذا التخبط بالمجتمع الدولي تجلى بصورة واضحة بعد تأجيل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية اجتماعها لأجل غير مسمى . وأشار قنديل أن مجلس الأمن لن ينعقد إلا بعد اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية واتخاذها القرار بكيفية التعامل مع السلاح الكيميائي السوري، وخلال هذه الفترة نحن نكون أمام وقت بدل ضائع قد نشهد فيه تهديد بالفصل السابع أو أن قرار الحرب ما زال على الطاولة مؤكداً أن هذا ليس إلا من قبيل الضغط في هذا الوقت بدل الضائع للتعبير عن أن الإرادة الغربية أنها مازالت قادرة على شن الحرب.
وأشار قنديل إلى فوارق شتى بين تجربة الولايات المتحدة بالحرب على العراق و ليبيا بمقابل شن عدوان على سوريا وذلك من حيث الفوارق العسكرية و أهمها أن الدفاع الجوي السوري قادر على جعل الضربة مكلفة جداً للولايات المتحدة وهذا ما لم نشهده بليبيا والعراق
ثانياً أن لسوريا منظومة صواريخ قادرة على التعامل مع صورايخ التوماهوك
ثالثاً منظومة الصواريخ السورية الأرض- أرض القادرة على مواجهة الباتريوت وبالتالي خرق أمن إسرائيل.
رابعاً الأرضية الشعبية المتماسكة والعابرة للطوائف التي تقف وراء قرار الرئيس بشار الأسد بصد أي عدوان
إضافة أن أمريكا اليوم هي ليست أمريكا في السابق فهي مهزومة في العراق
و أفغانستان، وقادمة إلى سورية وحيدة دون تحالف دولي بينما ذهبت إلى العراق بتحالف مع 90 دولة.
أيضاً روسيا اليوم ليست روسيا خلال الحرب على ليبيا ، فروسيا اليوم تقول صراحة سوريا حليفة لنا وسنزودها بكل الأسلحة القادرة على رد أي عدون
كذلك إيران التي تعد سوريا امتداداً لخط استراتيجي لها، فكل العوامل السابقة تؤكد أن سوريا ليست ليبيا وهو ما صرح به الرئيس أوباما.
وأشار قنديل إلى عامل مهم اسقط قرار الحرب على سوريا هو وحدة المشاعر بين شعوب العالم كافة مع الشعب والجيش السوري فالجيش السوري يقاتل متطرفين إرهابيين، و هو ما جعل الرأي العالم العالمي يرفض أي عدوان على سوريا بحجج وذرائع واهية حيث أشارت النسب أن 84% من الشعب الأمريكي رفضوا قرار الحرب على سوريا و 11% فقط من البريطانيين كانوا مع قرار تدخل بريطانية بعمل عسكري تجاه سوريا و 75% من الفرنسيين كانوا ضد قرار الحرب.
وفي ختام حديثه نوه قنديل أن في المنطقة دول لها وزنها جغرافياً وسياسياً ولا يمكن تجاهلها وأن كانت شريكة بشكل أو بآخر بصناعة الأزمة السورية وهي تركيا، التي أمامها فرصة لإعادة تدوير الزوايا ومن ثم الاتصال مع العالم العربي عبر البوابة السورية، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية قد تكون بحاجة لسيناريو شبيه بالسيناريو القطري وهو تولي وجه جديد قيادة المملكة يشكل صياغة جديدة في سياسة المملكة . وأمام هذه المستجدات توجه قنديل إلى جمهور 14 آذار في لبنان بالنصيحة أن يعيدوا حساباتهم قبل فوات الأوان، لتعود العلاقات إلى سياقها الصحيح بين سوريا ولبنان.
تحرير : نبيـل شــجاع