تهكمت صحيفة لوفيغارو الفرنسية في مقال لها اليوم على المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين وطريقة تعاطيهم البسيطة والانفعالية مع الأزمة في سورية
منذ البداية إذ أنهم قدموا وصفات جاهزة وسريعة منذ عام2011 أثبتت الأيام أنها لم تكن صحيحة لكونها استندت لقراءة غير صحيحة للواقع تقوم على ما سمته الصحيفة ثنائية "المانوية السياسية والأوروبية المركزية".
وربطت الصحيفة في مقال للكاتب رونود جيرار حمل عنوان "لماذا أخطأنا إلى هذا الحد بالنسبة لسورية" الفشل الغربي في سورية بما وصفته بجهل الأوروبيين لحقيقة ما يجري في سورية والشرق عموما وقالت" إنه نتيجة لمزيج من الجهل التاريخي والمانوية السياسية والتمني الدبلوماسي بمعنى الأخذ بالتمنيات على أنها حقائق وجهلنا المعقد لبلاد الشام".
واعتبرت الصحيفة ان كل تلك العوامل أدت إلى ترك الغربيين يعتقدون أن الملف السوري يختصر بوصفه مشادة بين /الجدد والقدماء/ أو بالأحرى نضال بين /الديمقراطيين الشباب ضد المستبدين القدامى/ ويتجاهلون وجود خط كسر أكثر عمقا في سورية يقوم على الصراع بين العلمانيين المدنيين من كافة أطياف المجتمع السوري وتيار الاسلام السياسي المغلق على نفسه.
وسخر الكاتب من تصريحات آلان جوبيه وهيلاري كلينتون وديفيد كاميرون واصفا إياهم "بالأطباء الذين قدموا شهادات الوفاة للنظام السوري وواصلوا الإعلان عن هذه الوصفات طوال عامين إلا أن ما جرى في سورية كذب تخميناتهم واكد ان ما يجري في سورية يحصل بعكس اوامر وتمنيات القوى الكبرى في حلف الأطلسي وممالك الخليج.
ودلل الكاتب على هذه الحقيقة بالانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري وقال إن "هذا الجيش قبل يومين استعاد السيطرة على قلب مدينة حمص في حي الخالدية وضرب رمزية ما سماها الآخرون "معقل الثورة" وراهنوا عليها طوال اكثر من عامين مستعيدا ثالث أكبر مدينة سورية راهن عليها داعموا المعارضة كثيرا".
وأشار الكاتب إلى أن أحد اسباب تسرع الغرب في سورية وفشله الذريع هو المقارنة التي اجراها بينها وبين كل من تونس ومصر وليبيا التي وقف مذهولا أمام ما كانت تخبئه الأيام لها ولذلك سارع الغربيون للقول أن "النظام السوري لم يبق له إلا بضعة أسابيع" وسارع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "ليغلق سفارته في دمشق مقدرا بلا شك ، بانها ستعاود الفتح بعد عدة أشهر حيث تكون قد استقرت سلطات جديدة" لافتا إلى أن هذه الخطوة حرمت باريس "من أداة لاتضاهي للحصول على معلومات عن هذا البلد.
وقال الكاتب "إننا في الغرب نعيش حالة من العمى السياسي ونشرب بهناء حليب المانوية السياسية التي تقسم الناس إلى أخيار كما فعل رئيس الوزراء البريطاني بحديثه عن الأخيار والأشرار في سورية مثل افلام الوسترن ومغامرات رعاة البقر".
وتابع الكاتب أن "هذه المانوية الهوليودية للصحافة التلفزيونية شوشت المشاهدين في نهاية المطاف لان من سميناهم اخيارا في البداية هم الذين يعبرون عن إعجابهم بـ "أسامة بن لادن" و يذبحون البائعين في الطرق على اساس انهم لم يحترموا الدين ويأخذون الصحافيين كرهائن".
وقال الكاتب "إننا لم نعد نفهم شيئا عما يحدث في سورية لأن رؤيتنا للمجتمع الشرقي مصبوغة بالأوروبية المركزية ولم نكن نريد أن نرى المتمردين في البدء إلا كديمقراطيين حقيقيين يشبهون قليلا شبابنا الذين قتلوا من اجل الحرية خلال الأيام الثلاثة المجيدة عام 1830 ولم يدخل في الخطط الانقسامات العميقة داخل المعارضة والأعمال الوحشية ضد المسيحيين وضراوة "الكتائب الإسلامية" الأكثر فعالية على أرض الواقع فقد حجبناها لأطول فترة ممكنة".
وختم الكاتب بالقول ان الغرب خلط بين تجاربه في يوغسلافيا السابقة والعراق وليبيا واعتقد الغربيون انهم سيسقطون النظام في سورية مؤكدا ان ذلك فشل بسبب نجاح السلطات السورية في اللعبة الجيوسياسية عندما تعاملت بهدوء /وتركت العدو يكشف عن نفسه ليظهر /الوهابيون المتشددون والاصوليون على حقيقتهم وبعد ذلك يتم حشد الحلفاء والاصدقاء ومن ثم ينتقل للهجوم المضاد وهذا ما حصل فعلا.