بدأ الرعاة الخارجيون للمعارضة السورية، ترجمة "الخطة ب"، التي تم وضعها بعد فشل "الخطة أ".
الخطة الأولى كانت تدور حول دعم المجموعات المسلحة المشكّلة من خليط يضم "الجيش الحر"، و"جبهة النصرة" و"لواء التوحيد" التابع للإخوان المسلمين.
لم يكن هناك فرز بين مسلح وآخر، رغم التباين الشديد في العقيدة والانتماء.
كانت المجموعات تتشارك في قتال الجيش السوري، وتتقاسم "الغنائم" ومناطق النفوذ، وقد تجسد ذلك في أرياف حلب وإدلب ودمشق وفي دير الزور.
في الأشهر القليلة الماضية بات مطلب إسقاط النظام مستحيلاً، وأظهر تقدم الجيش السوري في عدد من المناطق ان المرحلة موزعة بإتجاهين: إما استعادة الدولة السيطرة التدريجية، إما ترسيخ "قواعد اشتباك" كما حصل في دير الزور وحلب على سبيل المثال.
لم تعترف المعارضة والدول الراعية لها بحقيقة معاناة السوريين جرّاء تصرفات "الإسلاميين المتشددين" طيلة أشهر الأزمة.
لم تقتصر الأمور عند حدود التكفير وفرض تطبيق شريعتهم في المحاكمات والإعدامات، بل وصلت إلى فظاعة ممارسات "الإمارات الإسلامية" التي يعبث القائمون عليها بكل المسلمات السورية الاجتماعية والوطنية.
أمام حسابات المعارضين في "المجلس" أو "الإئتلاف" لم يكن هناك مكان لتلك التجاوزات، المهم عندهم كان توظيف المسلحين لضرب أسس النظام السوري.
تصدّر في الآونة الأخيرة ملف "الجماعات الجهادية" بعد طرح الأميركيين أسئلة حول مسار التسليح، إلى ان جاء المشروع الخليجي بضرب "الجهاديين" وتعويم "الجيش الحر".
وُضعت "الخطة ب" التي قضت بإعادة ترتيب الأوضاع داخل "الإئتلاف" وانتخاب أحمد الجربا رئيساً بصفته مقرباً من السعودية، والانتقال عملياً إلى تصنيف المسلحين على الأرض ما بين متشدد ينتمي إلى "الإخوان" أو "النصرة"، وآخر ينتمي إلى "الجيش الحر".
القرار السعودي إتخذ بضرب "الإخوان المسلمين" بقوة المعارضين الموالين للمملكة.
تم تقليص النفوذ القطري ومحاولة الحد من الدور التركي، واستمالة العشائر في المناطق الشرقية السورية عبر ضخ الأموال والوعود.
"الخطة ب" تبدو حاسمة بالنسبة لرعاة المعارضة، وخصوصاً الغربيين الراغبين بخلق توازن ميداني يساهم في فرض الشروط الدولية في مؤتمر "جنيف 2".
يتحدث قادة مجموعات عن أن المطلوب بات فقط الحفاظ على المكتسبات الميدانية وخصوصاً في الشمال، وإزعاج النظام في ريف دمشق لإبقائه في حالة إنشغال دائم، ومحاولة خلق أرضية آمنة للمعارضين في الجنوب.
في أولويات "الخطة ب" تسليح المجموعات المنضوية تحت لواء "الجيش الحر"، لكن المسلحين لا تغريهم سوى الأموال التي توافرت بسيولة بعد تزايد حدة الأزمة الاقتصادية السورية.
بالموازاة طلبت العواصم الراعية للمعارضة البدء بحملة تظاهرات ضد "المتشددين" في ظل تغطية إعلامية لشيطنة المجموعات المتشددة في "مناطق المعارضة" والتركيز على ارتكابات "جبهة النصرة" و"القاعدة" بحق "الجيش الحر" والداعمين للمعارضة.
بالمقابل كانت دمشق تراقب عن كثب المباشرة بـ "الخطة ب" قبل انعقاد مؤتمر "جنيف 2"، دون أي تعديل في المسار العسكري لديها، باعتبار أن لا خيار بديلاً الآن.
لكن التعديل السوري حسب المعلومات سيدور حول خطة اقتصادية طارئة لمعالجة انخفاض سعر الليرة الناشئة عنها.
الأولوية معيشية ضمن رؤية تم وضعها لتأمين صمود المواطنين في آخر مراحل الأزمة، ولذلك ستجري تعيينات بدأت تلوح إشاراتها في سوريا، بعد تغيير قيادة حزب البعث وحديث الرئيس السوري بشار الأسد عن واجبات المسؤولين في محاربة الفساد والبقاء إلى جانب الشعب.
المعلومات تشير إلى مضي دمشق بثبات نحو تأليف حكومة ترفع شعار (الاقتصاد أولاً) وتضيف المعلومات حول إجراء تعيينات أولاً على صعيد نائب الرئيس السوري، ويُتوقع أن يحل وزير الخارجية الحالي وليد المعلم نائباً أولاً للرئيس ورئيس الحكومة وائل الحلقي نائباً ثانياً.
أما الحكومة، فتتحدث المعلومات عن توجه سوري لتكليف وزير الطاقة الحالي عادل خميس برئاستها، على ان يتولى فيصل المقداد وزارة الخارجية.
على هذا الأساس يتواصل الكباش على الأرض السورية، دون وجود إشارات حاسمة حول نتائج مؤتمر "جنيف 2"، لكن المسلم به أن لا قدرة على إسقاط النظام، ولا مسار واضحاً للحل بعد.
النشرة